|
قراءة مختلفة لنتائج انتخابات تركيا
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 4843 - 2015 / 6 / 20 - 14:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ربما يتساءل أي متابع لشؤون تركيا ألم يكن نجاح ( حزب الشعوب الديموقراطية – h d p ) في الانتخابات الأخيرة بولايات كردستان تركيا ومدينة استانبول ذات التواجد الكردي الواسع وتخطيه نسبة العشرة بالمئة والتفاف شعب كردستان تركيا حوله دعما غير مباشر لمشروع الرئيس التركي وخطوة نحو مد اتفاقية السلام بين " أوجلان – هاكان " المزيد من الدفع ؟ لقد راهن – أردوغان – منذ وقت طويل على الورقة الكردية – التركية لتثبيت أركان حكمه وتحقيق سبق ملامسة الحل السلمي عبر حزبه الاسلامي الى درجة أن خصومه من العسكر والمعارضة المدينة اتهموه مرارا بتجاوز الخطوط الحمر والتفريط بوحدة تركيا والاساءة لمبادىء باني تركيا القومية – كمال أتاتورك - ولاشك أن جزءا من اندفاعته كان انطلاقا من مصالح حزبه ومن يمثل من فئات اجتماعية خاصة من طبقة الرأسماليين ذات النفوذ الواسع والمؤثر في الحياة المدنية والادارة والاقتصاد والسلك الدبلوماسي ومن مصلحتها استتاب الأمن والاستقرار في البلاد وتنشيط الدورة الاقتصادية في المناطق الكردية الغنية بالموارد والأيدي العاملة لتعبيد الطريق الأسرع نحو عملية البناء والاستثمار في الاقليم الكردستاني العراقي المجاور الغني بالنفط والغاز والأحوج مايكون الى خبرات تركيا في مجال الاعمار واعادة البناء لمنطقة تعرضت الى الدمار خلال عقود خلت . أن نجاح أي طرف تركي سياسي في سدة الحكم وعلى رأس الحكومة اسلاميا كان أم علمانيا في وقف النزيف وايجاد حل سلمي للقضية الكردية سيحظى بتقبل الرأي العام على المدى القريب والبعيد وسيسجل له نصرا تاريخيا بعد قرون من الحروب والمواجهات تحت ظل الامبراطورية العثمانية سابقا والقمع والاضطهاد وسياسات التتريك والتهجير طيلة عقود في ظل النظام الجمهوري لاحقا كما سيكون ذلك بمثابة حسن سلوك لتخطي عتبة الباب الأوروبي المغلق أمام تركيا لسببي القضية الكردية بدرجة أولى وملف حقوق الانسان وفي هذا المجال فقد جاهر الرئيس – أردوغان - بموقف متقدم ( وليس كما هو مطلوب طبعا ) نسبة الى السياسات التركية التقليدية المتبعة تجاه الكردانطلاقا من الحل العسكري منذ عهود سلاطين الامبراطورية العثمانية ومرورا بنظام كمال أتاتورك وحكومات الجنرالات وحتى المواقف الشوفينية المتشددة لكل من حزبي المعارضة : الحركة القومية – m h p - والشعب الجمهوري – c h p - وسبق ذلك تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية والانفتاح مع اقليم كردستان العراق وبناء عليه وفي حساب الربح والخسارة بالمدى المنظور والأبعد فان حزب الرئيس انتصر ونال أسبقية حمل مفتاح حل القضية الكردية رغم أنه خسر بعض الأصوات الكردية ونال امتعاض الأوساط العسكرية . من السمات البارزة لأنظمة الحكم المتعاقبة في تركيا ازدواجية ظاهرة بين من يحكم مدنيا نتيجة صناديق الاقتراع ومن يتحكم فعليا من جنرالات من وراء الستار في بلد الدولة فيه تبقى علمانية بدستورها وشكلها العام حتى لو جاء حزب اسلامي عبر الانتخابات ليحكم لعدة سنوات ولمدد قصيرة أو طويلة كما هو حاصل الآن وبما أن تركيا تعتبر من الدول – العميقة – أيضا فهي عرضة لتنافس وصراعات مراكز قوى متعددة الأصول والميول مرئية وغير واضحة المعالم فقد تحكمت منظمة – أرغنكون – السرية على سبيل المثال ولسنوات عديدة بمصادر القرار العسكري والأمني وبادارة الصراع الداخلي على الطريقة المافيوزية وتصفية الناشطين من الكرد والديموقراطيين واليسار وضرب القوى ببعضها عبر منظمات وهمية تركية وكردية باسم الاسلام والقومية وكان لجناح من حزب – أوجلان – دور في تلك المنظمة كما دلت عليها الوثائق المعلنة لذلك من غير المستبعد وجود قوى موازية فاعلة داخل هذه الدولة العميقة تعمل بدون علم قيادة الحزب الحاكم أو بالتنسيق مع أجنحة منه باتجاه تغيير خارطة الصراع التقليدي من رؤية أنه حان وقت ايجاد حل ما للمسألة الكردية بصيغة توافقية يرضي السكان ويحافظ على وحدة البلاد قبل فوات الأوان وتجد في زعيم حزب العمال الكردستاني – أوجلان – ضالتها لتحقيق ماتصبو اليه وما نتائج الانتخابات الا جزء من استراتيجيتها المرسومة تعقبها خطوات أخرى على الطريق . مايحدث على الحدود الجنوبية لتركيا داخل الأراضي السورية وتحديدا في المناطق الكردية والمختلطة من انتشار التنظيمات الكردية السورية التابعة لحزب – أوجلان - عامل آخر له علاقة وثيقة بمايجري داخل تركيا وكما يظهر ( ولنترك جانبا التصريحات الاعلامية والمزايدات من هنا وهناك ) فان توسع انتشار تلك الجماعات لم يواجه بردود أفعال مناقضة من جانب الدولة التركية التي كان بمقدورها ( سياسيا وعسكريا وعمليا ) الحد منها على الأقل أو عرقلتها ان لم يكن وقفها مع الأخذ بعين الاعتبار توفر عوامل أخرى ولاعبين آخرين مثل النظام السوري وايران وروسيا وفصائل المعارضة السورية وقوى الثورة حيث نتائج الصراع لم تحسم بعد بانتظار ماسيؤول اليه الوضع على ضوء ماستتمخض عنه المفاوضات بين الغرب وايران والصفقات الاقليمية الجانبية المرتقبة خصوصا بين تركيا من جهة وايران والعراق من الجهة الثانية والحالة في اليمن ومآلات القضية السورية .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عودة الى القضية المركزية
-
في مؤتمر - الريحانية -
-
في التكامل بين اجتماع القاهرة ومفاجأة سليماني
-
السبيل لاعادة الثورة الى الأيدي الأمينة
-
المسألة أبعد من - كةلةشين -
-
ايران – البيشمركة – بغداد – أربيل
-
سجالات عقيمة على هامش الثورة
-
عشرة ملاحظات لناشطي مهاباد
-
قراءة في هبة مهاباد الدفاعية
-
ليس هكذا يعاد اعمار- كوباني -
-
سوريا مابعد - عاصفة الحزم -
-
حصل في الماضي ويحدث اليوم
-
صلاح بدرالدين كاتباً
-
الحقيقة الغائبة
-
برنامج الإنقاذ الوطني : مشروع للنقاش
-
من هنا وهناك
-
نحو تجيير - عاصفة الحزم - لصالح الثورة السورية
-
في العام الخامس للثورة : جردة حساب
-
في الذكرى الثانية عشر بعد المائة لميلاده استذكار اللقاء الأو
...
-
تعقيب على موقف – فورد – من القضية السورية
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|