فرياد إبراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 4841 - 2015 / 6 / 18 - 23:46
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
آلصِّيام عَادَة أو عِبَادَة ؟
بقلم– فرياد ابراهيم
قبل الافطار بثلاث ساعات يجف حلقه ويذهب الى ابيه متوسلا:
" بابا الله يخليك بس قطعة بسكويت وجرعة ماء، اشعر بجوع وعطش شديدين."
الأب : (ابني تحمل –يربت على ظهره- انت كبرت ، أنت بطل ، لم يبق سوى ساعة-يرمش لزوجته- وحينها تفطر معنا، امك حضرت لك اشهى الطعام واحلى الشراب."
يسيل لعاب الطفل ويلوي عنقه خائبا ويدفن رأسه في صدر امه ويبكي: "امي انا أموت. لا استطيع الانتظار."
الأم متوسلة : " يا رجل، انه يموت ، الطفل يموت من العطش، النهار طويل هنا لا ينتهي ، دعه يفطر فأنا خائفة عليه."
الأب : "لن يموت . لم يمت احد من قبل، ولن يموت ابننا الشجاع ايضا، يا امرأة دعيه يتعلم، ثم أهو اقل صبرا وثباتا وشجاعة من ابن الجار؟ عيب علينا أن يصوم ابنهم وابننا لا يصوم ، انهم يصومون وعلينا ان نصوم نحن كذلك."
الأم تتمتم مع نفسها : " نحن.. نحن .." تذكرت فجأة ان زوجها لم يكن يصوم عندما كانوا يسكنون في حي آخر ولم تكن لهم صلة بأحد من ابناء قومهم ودينهم، ولم يكن لهم هناك اي جار من ابناء بلدهم في الغربة.
وبعد انتقالهم الى هذا الحي تجاوروا وتعارفوا على اناس من اهل بلدهم واقاربهم. فيحينها قال قولته : " الكل يصوم وعلينا ان نحذو حذوهم ، عار علينا ان لا نفعل كما يفعلون."
ابتكرت الأم في اليوم التالي بدعة : أيقضت ابنها بعد منتصف الليل كي تتناول الفطور معهم. وعندما خرج الأب الى العمل قدّم لإبنه الطعام والشراب، وقالت له منبها : "لا تأكل كثيرا ، وتظاهر بالجوع غدا أمام ابيك، ولا تنس ان تئحّ : احّ ..احّ .. احّ كي تبعد الشبهات عنك."
فانقذت ابنها من عذاب أليم أمده ثلاثون يوما .
الدين عادة ، والصوم عادة ، والصلاة أيضا عادة اكثر مما هي عبادة!
ولحسن حظ الأبن ان الأب لم يتفطّن الى حقيقة ان ابن الجار تناقص وزنه بشكل ملحوظ وزاد نحولا وخمولا وشحوبا ، اما ابنه فقد زاد وزنه بشكل ملحوظ وازداد صحة ونشاطا لأنه تناول وجبتين اثنتين إضافيتين يوميا وطوال شهر كامل.
فرياد
18-6 -2015
#فرياد_إبراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟