أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - مريم وغبار الزقورات














المزيد.....

مريم وغبار الزقورات


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4841 - 2015 / 6 / 18 - 21:21
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



أن لم تكن الطفولة ، فماذا كان هناك قديما ولم يعد له وجود
سان جون بيرس
أرسلت أبنتي مريم 4 سنوات الى روضة الاطفال الألمانية التي لا تبعد عن بيتنا سوى عشرين مترا لأسجلها كأول يوم دراسي في غربتها ، كانت مريم داخل البيت لا تتعلم سوى العربية حتى انها لا تنصت الى اخوانها الكبار حين يتناقشون باللغة الالمانية التي يجيدونها تماما.
كانت تنتبه الى كلامي وكلام امها وهو ما نتبادله بالعربية فقط ، لهذا اكتسب لسانها جميع المفردات الجلفية التي نتكلم بها داخل البيت.
أول يوم لمريم في رياض الأطفال وكان الدوام في الساعة الثامنة ، أتصلت المديرة وقالت مريم بدأت تبكي لتجيء امها او ابيها ليقضيان معها بقية النهار حتى تتعود على الاطفال معها وكانوا من مختلف جنسيات العالم ، حتى لتشعر أن الطفل في المانيا الذي لا يحتاج ليذهب الى نيويورك ليدخل مبنى الامم المتحدة ليشاهد سفراء العالم كله ، فهنا يجلس الطفل الالماني الى جانب الصومالي والكوبي والسوري والايطالي والبولوني والأفغاني والطفل التاميلي الذي هجرت والديه الحرب الاهلية في سيرلانكا.
في اليوم الثاني بكت مريم في العاشرة ، اتصلت المديرة فذهبت انا لأجالسها حتى نهاية الدوام ، وفي اليوم الثالث بكت مريم في الثانية عشر ، فذهبت امها لتجالسها ، وفي اليوم الرابع لم تتصل المديرة وهذا يعني أن مريم لم تعد تستوحش الدوام في الروضة واصبحت لديها صديقة البانية مسلمة واخرى اوكرانية من كييف والثالثة اسمها ماريا من أثينا ، فيما صديقتها الرابعة هي لمياء من مزارع شبعا في الجنوب اللبناني.
وهكذا بعد شهر بدأت مريم تتهجى المفردة الالمانية بوعي ولم يمرعام حتى اصبحت تتحدث بطلاقة كل مفردة المانية تسمعها وتحفظها.
روضة مريم عبارة عن فردوس صغير حدائقه واراجيحه والعابه وغرف نوم الصغار لحظة يداهمهم النعاس هي من بعض تفاصيل حكايات الف ليلة ولكنها الان بشكل حقيقي ، فيما حنان المعلمات تشعره اكثر تطورا من حنان امهات الاطفال الحقيقيات بالرغم ان حنان الام يبقى الاجمل لأنها لا اتأخذ مقابله معاشا فيما حنان معلمات الروضة بمعاش شهري.
ذات يوم ذهبت انا وامها لحضور حفل تخرج مريم من الروضة لتذهب بعد عطلة الصف الى الصف الأول الابتدائي ، وأنا على بوابة الروضة حيث الاطفال بصفين وبثياب ملائكية بيض وبأجنحة .
تذكرت القراءة الخلدونية التي كانت تشعر تلاميذ ابناء المعدان في مدرستنا بفرح غريب عندما يبدأون تهجي حرف كلمة دار ، ويسألون عن معنى قزاز ، والذكي فيهم يسأل معلمه : لماذا يقف البعير على التل ولا تقف الجاموسة؟
تتجمع الدموع في العيون ، فالقراءات الخلدونية هناك تعاني من العطش ونقص الفيتامين في الجسد والتهجير وفرح القصابين لانهم عرفوا أن الفرات شح ماءه ولن يمنح الاهوار الماءَ وسيضطر المعدان بيع جواميسهم بسعر بخسٍ.
المفاجأة الثانية كانت قرب بوابة الروضة هي انهم اختاروا اقتراحي حين اجتمعوا بأولياء الأمور وارادوا من كل منا فكرة تجسد شيئا من بلده على ان نرسمها على كارتون مع شرح عنها . وحينها رسمتُ لمريم زقورة أور وتحتها شروحات تواريخها وغايتها ، فكانت المفاجأة ان الزقورة هي من اختيرت هذا العالم وكانوا قد صنعوا سلالمها من الخشب المغطى بالورد الحقيقي وشاهدت مصور جريدة المدينة يصورها باندهاش وتحتها كتبوا عبارة مطرزة بالورد ايضا وبخط مريم ابنتي وبالألمانية (Diese Zikkurat Ibrahim ) . وترجمتها (هذه زقورة أبراهيم).
مع الفرح والدموع وتصفيق الصغار لانهم عرفوا أن القادم هو من اختيرت فكرته تذكرت اطفال مدرستنا يوم اخذناهم بسفرة مدرسية وبالباص الفولفو الخشبي الى زقورة اور.
ابتهج الاطفال ، وصعدوا الزقورة وارادوا ان يلمسوا الغيوم من فرحهم .لكن في العودة التصق بثياب كل واحد منهم طن من التراب...!



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيتلي جلجامش
- أجنحة حمام الدوح
- دربيل عفيفة اسكندر
- ثقافة الحاسوب
- قَدرُ دُخانُ السكائرَ
- مندائية بعطر الآس......!
- آدم وحواء في قريتنا
- بهارات فاسكو دي غاما
- معدان البيسبول
- بسكويت الجنة
- أقباط 24 قيراط
- هيرقليطس ، ديالكتيك الماء والسماء
- دوسلدورف و كرمة بني سعيد..!
- أيتماتوف وجميلة إبِحيدر
- مؤتمر السرياليون في الاهوار
- الحلقوم الاحمر
- داحس من دون الغبراء
- ذكريات مدرسة كمال جنبلاط
- غوايات الخبز الحافي
- عاشق جرمانا


المزيد.....




- وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق ...
- جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
- فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم ...
- رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
- وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل ...
- برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية ...
- الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في ...
- الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر ...
- سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - مريم وغبار الزقورات