أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - ماذا يريد منا الدين وماذا نريد منه ؟.ح2















المزيد.....


ماذا يريد منا الدين وماذا نريد منه ؟.ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4841 - 2015 / 6 / 18 - 08:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


العلمانية برزت من خلال التناقض الفكري بين أفراد الكنيسة الواحدة ولم تكن ولادتها خارج رحم الدين ,أذن العلمانية لن تكن صنيعة الفكر المدني بل هي نتيجة تأريخية لاختلاف القراءات حول الأهمية في الموضوع الأساسي الذي يتماس مع حاجات الإنسان التي عجز الدين الكنسي وفهمه للدور عن حمايتها وضبطها مقدمات الفكرة بالمقلوب ,بينما تدع الكنيسة أنها تعمل لخدمة الرب والدين وكأن الدين أصلا مسخرا لخدمة الإنسان وتلبية الضروري والأهم من حاجاته المباشرة .
ساهمت العلمانية بهذه الحركة التاريخية ان تعيد للدين شيء من روحيته ولكن الإصرار المدني على تحويل هذه الأفكار إلى أيديولوجيات سياسية أستخدمت للإجهاز على ما بقى للكنيسة من دور يؤشر أن وراء هذا السعي صراع أخر صراع من ذات النمط صراع على تحقير الدين المسيحي وإخراجه من دائرة التعامل من خلال تفريغ الساحة من مؤثراته وتأثيراته لبسط قيم دينية أخرى بثوب مدني .
الملاحظ أن عناصر القوة في الثورة الصناعية التي رافقت الروح القومية المتمردة على الكنيسة والتي تزعمت المد العلماني هي قوى توراتية متطرفة حاربت المسيحية من أول نشوئها ودخلت في حرب بكل الأنواع لتشويهها دون أن تتمكن من إقصائها بالتمام كما فعلت القومية العلمانية بالكنيسة المسيحية في أوربا.
لم يتوقف الصراع بين نظريات مادية صرفة وبين الكنيسة وأتباعها بل تعدى أكثر إلى كل المظاهر الروحية للشعوب ,نشأت قيم أخلاقية جديدة لا تهتم بقاعدة الأخلاق القديمة التي ومع قسوة الحكم الكنسي كانت هناك أحترام لمفهوم الرحمة والعيب والطيبة والخير والسلام الروحي لتحل محلها البرغماتية السياسية والاقتصادية لتؤسس هي أيضا إلى فكرة أوسع فكرة أن العالم يجب أن يكون محكوما بمركزية واحدة تتحكم بكل الحركة الوجودية للإنسان من خلال شعار العلمانية وهدفها المخفي هو إسقاط الرب من المعادلة وإخراج الإنسان من فطرته الطبيعية ليتحول إلى عالمية رقمية تجرده من الهوية وتسخره فقط لتحقيق مفهوم الأنا الواحدة المطلقة .
السرد التأريخي يكشف لنا عن تطور الفكرة وخروجها من إطارها الأول العملياتي إلى مجال تنظيري فكري لتتحول بعد فترة إلى فكر سياسي ينتشر في العالم مفاده أن الدين عامل تجميد وإحباط للسعي الإنساني ولا بعد من عزل المؤثرات الروحية عامة والدينية بالذات عن واقع التعامل البيني الاجتماعي والسياسي ثم حصر التعامل به في حدود المعبد على أن لا يمنح الدين أي سلطة تقديرية أو تقريرية بغض النظر عن أي أعتبار قيمي أو فكري أو حتى أخلاقي إنساني ,وإبدال القيم الدينية بقيم واقعية من مفردات العلم والعمل والتجربة المادية فقط .
هذا الفرض الذي لا قى نجاحا عمليا وقاد المجتمع الغربي عموما من واقع تنازع وتحجر وإفراط في ربط كل مفاصل الحياة بالكنيسة وليس بالدين من خلال دور الكنيسة التقريري في جميع مفاصل الحياة وما مارست من سطوة قهرية في محاربة العلم والمعرفة والفنون ليس فقط محاربة بل أوصلت الحد إلى التجديف والهرطقة والتحريم المؤدي للموت ,كانت العلمانية ردة فعل بنفس قوى وقدرة هذه السطوة بل زادت عليها في تفاصيل عندما جعلت من الدين عامل تهميش للعقل بدل أن تحارب منهج الكنيسة .
الدين الذي مارس دورا معرفيا عالميا وقاد جملة من المعارف وطور منظومة عقلية متكاملة من الروابط العلمية والمعرفية التي أسست لكل العلوم اليوم تحول نتيجة سياسة الكنيسة والمؤسسة الدينية المخترقة من قبل قادتها الذين تدفعهم ضواغط الأنا الذاتية الطامحة للسيطرة والتجبر وفرض الرؤى البشرية بدل الرؤية الإلهية حبرا ,تحول إلى ضحية لتصرفات حرفت الدين عن مفهوم وحقيقة التسخير الرباني له في خدمة الإنسان وجعلت العلاقة عكسية تماما بين الدين والإنسان أدت إلى حماقة أكبر عندما أعتبر الدين أفيون الشعوب بدل أن تكون الأنا المستبدة لثوبها الديني واستحقاقاتها وتسخيرها للدين لمصالح شخصية هو الأفيون الذي يساعدها على هتك كل القيم الإنسانية والدينية والأخلاقية .
إن مسألة فصل الدين عن المجتمع وحصره في زاوية العلاقة الإنسانية مع الرب هي مجرد وهم وخيال أستنتجه العلمانيون من نشوة السطو على مكانة الكنيسة وأعلانهم وفاة الرب والحقيقة أن الإنسان الذي هو أس المجتمع مهما تضخم وتعظم لا يمكن فصله عن الدين على أساس واقع ولا على أساس الأفتراض ,العلماني اليوم محكوم بجملة من المقدمات العقلية التي أساسها ديني ومنشأها أيضا من نصوص دينية يتعبدها من حيث أراد أو لم يشعر,قد يظن أنه يمارس بعض الحالات الفردية أو القليلة ويعتقد أنه نجح في خرق القواعد الدينية .
مثلا المجتمعات العلمانية الغربية اليوم في شكلها العام تتعامل مع الدين تفصيليا من زواج وطلاق ومواريث وقيم أخلاقية التي تدعو للسلام والمحبة والخير ووو الكثير من القيم الدينية التي هي ليست اختراعا علمانيا بقدر ما هي علاقات نشأت عليها المجتمعات واستقت أصولها من الدين من رغبة وتعاليم السلام .
حتى القائد العلماني الذي يتعامل مع المجتمع يتعامل فوق ما هو سياسي بما هو أخلاقي لا يمكنه التحرر من القيم الأخلاقية الأجتماعية ,مثلا لا يمكنه الكذب ولا يمكنه الاعتداء على الأخر الضعيف وغيرها الكثير من الأخلاقيات السائدة في المجتمع والتي تضخ له وتشاع عن طريق المؤسسة الدينية الكنيسة والمعبد ,بل أن الكثير من ما طرحته العلمانية هو في الحقيقة منهج الدين قبل أن يسرق من إطاره الحيوي ويوضع في قالب مخالف تماما لتوجهات الدين الأساسية .
كيف لي أن أجرد الإنسان وهو علماني من مثاليته الفطرية من إيمانه الطبيعي بالدين ,هل من المعقول أن تنفصم ذات الإنسان بين جهتين متباعدتين مرة يكون مدني ومرة يكون ديني ؟, هل يقبل العقل أن يعمل النقيض ونقيضه في آن واحد , العلماني عندما يتعامل مع العالم الخارجي وخاصة في الشأن العام عليه أن يستحضر كل ذاكرته وكل معرفته وكل مقدماته كي يصل لحل وتصرف مناسب ,هنا كيف نأمر العقل في هذه العملية أن يفصل الرصيد الذهني والذاكرة وكيف نسيطر على عدم تدفق الديني في حالة التفكر بالمدني .
من المعروف والبديهي أن الإنسان أبن بيئته وهذا ليس اختراعي بل من حقائق المنطق ,والبيئة هي الموجه والمدرسة الأكثر تأثيرا في صياغة الشخصية والبيئة ليست جغرافيا فقط بل هي كون كامل من العلاقات التي تمتد من مرحلة الجنين ولا تنتهي حتى بعد الفناء الشخصي إنها العالم الصائغ للوجود والكاشف عن تشابك وتعقد العلاقة الأجتماعية للإنسان ,روافدها متعددة أهمها العلم والدين والأخلاق وهي التي ترسم للإنسان الشخصية أي شخصية ولا يمكن أن يتحكم أو يحد من نوع من التأثيرات بإرادة منفردة فهناك الشعور اللا مباشر الذي يرسم الكثير من عوامل السلوك الفردي والجمعي وهذه من تأثيرات عالمي التربية والتنشئة وهما مما لا يمكن أن يتحسسهما ويتحسس مصادرهما بوعي خالص .
الدين الذي هو واحد من أساسيات المعرفة والسلوك الأخلاقي وواحد من أركان العلم بمعناه المجرد إن لم يكن الآن فهو المعين الأول الذي نشأت في ظله وزمنه كل العلوم أولا , لا يمكن أن يكون خارج الاعتبار العقلي بما ترسب منه في ذاكرة العقل العميقة (الوجدان الإنساني) وما يفرضه من تعامل واعي ولا مباشر في الغالب في صنع وصياغة خيارات الإنسان , تبدو المسألة صعبة الفهم كيف يمكننا أن نفصل الوجدان العقلي عن قضايا المجتمع وبالذات السياسة والإدارة ,أنها فكرة غير لائقة أن نصدق بصحة الفرض القاضي بفصل الدين عن المجتمع وقوانينه الكلية إنها خلاف حقيقة الأشياء .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجهول واللا معلوم بين الوعي والإدراك
- المجهول واللا معلوم بين الوعي والإدراك ح2
- الفهم الديني بين العقلانية والتجريبية
- عقلانية التجريب
- تكاملية ودقة النظام الكوني ونفي فكرة الحظ أو الفرصة
- الصراع الإنساني تنازع بين الدين والطبيعة ح6
- الصراع الإنساني تنازع بين الدين والطبيعة ح5
- الصراع الإنساني تنازع بين الدين والطبيعة ح4
- الصراع الإنساني تنازع بين الدين والطبيعة ح2
- الصراع الإنساني تنازع بين الدين والطبيعة ح3
- الصراع الإنساني تنازع بين الدين والطبيعة
- صور من ملامح الشخصية العراقية
- أنسنة الدين أم تخليق التدين ح4
- أنسنة الدين أم تخليق التدين ح2
- أنسنة الدين أم تخليق التدين ح3
- أنسنة الدين أم تخليق التدين ح1
- الدولة المدنية ..... الثابت والمتغير 3
- الدولة المدنية ..... الثابت والمتغير 2
- الدولة المدنية ..... الثابت والمتغير
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح14


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - ماذا يريد منا الدين وماذا نريد منه ؟.ح2