أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - كيتلي جلجامش














المزيد.....

كيتلي جلجامش


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4840 - 2015 / 6 / 17 - 12:12
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


كيتلي جلجامش
نعيم عبد مهلهل

سمعت بكلمة كيتلي عند المعدان وقبلها سمعتها في بيتنا وأنا اراه على منقلة الجمر في شتاءات الفقر الباردة ، وبعدها كنا في الجيش نحمله كضرورة قصوى من متاع تنقلات الوحدات بين الجبهات ، وحملتها معي في الغربة لأنها توفر لي متعة احتساء الماء النبيل ( الشاي ) .
والكيتلي كلمة انكليزية وهو الاناء المعدني الذي يعمل فيه الشاي وكان يستخدم في المقاهي لتسخين الماء فقط أما الشاي فيصنع على آنية أخرى مصنوعة من الخوف الصيني ويسمى القوري .
لكننا ايام الجندية كنا نعمل الشاي بالكيتلي لأن القوري سهل الكسر فيما الكيتلي من معدن ولايتأثر ، ومع مرور الزمن تطورت جماليات صناعة الكيتليات المعدنية وصار تخدير الشاي بها شائعا حتى في المقاهي ويكاد القوري أن ينقرض وصارت المقاهي العريقة تضعه ديكورا فوق الاماكن التي يصنعوا بها الشاي .
في غربتي وحتى اكون ملازما لتلك الايام الشرقية في القرية السومرية ( أم شعثه ) اشتريت كيتلياً تركياً لأن الدكاكين العربية هنا لا تبيعه ، ولهذا وانا اشم عطر الشاي السيلاني اتذكر شهية السلطان العثماني سليمان وهو يحتسيه لتمر امامه الجواري الحسان من كل مكان ومع كل رشفة شاي يختار واحدة تقضي معه متعة احتساء الشاي الذي يجلب للحاضرة السلطانية مجانا لأن الهند اصبحت من ممتلكات دولته.
انا مع كل رشفة أختار ذكرى للذي كان في أماسي سهرات الشاي في القرية التي تقع فيها مدرستي ، كان عندنا كتليا نسميه ( كيتلي جلجامش ) وتلك التسمية اطلقها احد المعلمين في اعتقاد منه أن جلجامش في رحلته الطويلة من اجل الحصول على عشبة الخلود اعطته أمه ( كتلياً ) وقالت : وقت ما تجد العشبة الخالدة ضعها في هذا الكيتلي وسخنهُ واشربه لتصبح في نشوة طعم الشراب تمتلك الروح والجسد الأبدي.
وكان يقول اجعلوا : السخام الاسود يكسوه من تحت فقد كان اناء جلجامش بسبب كثرة التخدير عليه في مسافة الطريق ممتلئ بالسخام ، ويوم تعذر عليه الحصول على العشبة الخالدة ، وضع دموعه بدلها في هذا الاناء وشربه ، وربما كانت الدموع اول شاي يحتسيه الانسان لينسى همهُ .!
المعلم أسطرَ لجلجامش حكاية أخرى من وحي خياله وهي اليوم تعيش في خاطر التذكر كلما اعمل شاياً لطقوس الكتابة او عندما يزورني الاصدقاء ، وربما بسبب كيتلي جلجامش عشت لحظة النشوة والتخيل وانا اضع مسودات رواياتي وقصائدي وبين لحظة واخرى اتذكر تلك الليالي التي كان فيها خيال ملك اوروك يطوف في نشوة رؤوسنا فنسمع صدى الحنين في حنجرة وردة وزهور حسين ووديع الصافي . فيقول المعلم مكتشف كيتلي جلجامش : لقد اصبح الملك السومري يسمع هذه الاغاني بفضل هذا الكيتلي حتى لو كان مصخما ومخسوفاً مثل السكراب.
ذهب طعم ذلك الشاي في ليل الاهوار ، ذهب عطر الهيل معه ومتعة سماع الاغاني بالراديو القديم ، ذهبت تلك السكرة الفاتنة ونحن ننتشي بأرتشاف الماء المتلون بين السواد والحمرة ، حيث تعدل رؤوسنا وحيث نسمع صدى تلك النشوة في بيوت المعدان وهم يحتسوه فقط ليطردوا تعب النهار وليس لديهم هموما مثلنا ليطردوه فحياتهم تكاد ان تكون خالية من الهموم.
وهم عرفوه مع مجيء الجنود الهنود في الحرب الكونية الاولى ، ومعه عرفوا الكيتلي الذي وجدوه في اسواق المدن الحضرية التي تقع على حافات الاهوار والقريبة منها .
لهذا يقول المعدان :الشاي والتتن دخل رؤوسنا قبل ان تدخل لها حروف الكتابة.
الآن بسبب العولمة وسقوط الطغاة دخل الى رؤوسهم كل شيء حتى الصحون اللاقطة ، ولكن الكيتلي الذي كنا نخدر عليه ليالي الشاي الاسطورية بقي دون أن ينقرض ويختفي من شوارع رؤوس المعدان ربما لآنه ارتبط بجمال مشاعره وغرامه وكتاباته بأسم ملك سومري اسمه جلجامش...!



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أجنحة حمام الدوح
- دربيل عفيفة اسكندر
- ثقافة الحاسوب
- قَدرُ دُخانُ السكائرَ
- مندائية بعطر الآس......!
- آدم وحواء في قريتنا
- بهارات فاسكو دي غاما
- معدان البيسبول
- بسكويت الجنة
- أقباط 24 قيراط
- هيرقليطس ، ديالكتيك الماء والسماء
- دوسلدورف و كرمة بني سعيد..!
- أيتماتوف وجميلة إبِحيدر
- مؤتمر السرياليون في الاهوار
- الحلقوم الاحمر
- داحس من دون الغبراء
- ذكريات مدرسة كمال جنبلاط
- غوايات الخبز الحافي
- عاشق جرمانا
- ليلة تشاجر السياب والبياتي


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - كيتلي جلجامش