أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سامح سعيد عبود - التعاونيات كحل عملى لمشكلات الواقع الاجتماعى















المزيد.....



التعاونيات كحل عملى لمشكلات الواقع الاجتماعى


سامح سعيد عبود

الحوار المتمدن-العدد: 4835 - 2015 / 6 / 12 - 15:32
المحور: المجتمع المدني
    



التعاونيات حل عملى لمشكلات الواقع الاجتماعى والاقتصادى، بدلا من انتظار الإصلاح أو تلبية المطالب من الدولة، أو انتظار ثورة لا نعرف متى تأتى، وهو ممكن نجاحه واستمراره مع قدر من المقاومة للراغبين والمصرين على حل مشاكلهم فى الواقع الآن، وليس غدا، وبأنفسهم وليس بيد غيرهم، والتحرر والاستقلال الذاتى حتى ولو كان التحرر والاستقلال، نسبيان، وحتى لو محدودان، على أساس أن التحرر والاستقلال خيار شخصى ومسئولية شخصية، وانطلاقا من أهمية تحمل الفرد مسئولية نفسه، فى إطار حياة الناس القصيرة، أما أن نتحمل كل آلام البشر غير الراغبين فى الحرية والاستقلال، بل والمدافعين عن واقعهم البائس أحيانا، فتلك مثالية مدعاه، وعلى البشر فى النهاية تحمل مسئولية أنفسهم، وأن لا نفرض عليهم التحرر، لكن يمكنا فقط إرشادهم لو رغبوا.
إن النضال الاقتصادى من أجل تحسين شروط العمل والحياة للعمال المأجورين، والمتراكم عبر القرنين الماضيين، والمقتصر على رفع الأجور العينية والنقدية، لا التخلص من نظام العمل المأجور نفسه، ساعد على نشوء ونمو واستفحال ظاهرة التضخم النقدى، وزيادة الأسعار للسلع والخدمات، وذلك بعد قرار الدول الصناعية الكبرى بطبع النقود دون أى غطاء مادى من ثروة حقيقية بدءا من أول السبعينات من القرن العشرين فى العالم، ردا على أزمة الركود التضخمى التى اكتسحت العالم فى ذلك الوقت، والذى انتهى بالاقتصاد فى العالم من اقتصاد حقيقى قائم أساس على إنتاج السلع، والخدمات المتعلقة بإنتاج تلك السلع، لاقتصاد رمزى قائم على الديون والمضاربات على السلع والأوراق المالية المختلفة حاليا.
تقول الحكومات والرأسماليون لكم، تريدون زيادة فى الأجور، نعم سوف نلبى مطالبكم، وتطبع الحكومات نقودا تعطيها لكم، دون غطاء من إنتاج حقيقى، ومن ثم سوف ترتفع أسعار السلع والخدمات، لتأكل ما حصلتم عليه من زيادة فى الأجور، ولتستمر الدوامة واللعبة بيننا بلا نهاية، وسوف تستمرون خاضعين مأجورين لدينا، تلهثون وراء ارتفاع الأجور لتعوضوا ارتفاع الأسعار، وقد تحصلون على بعض اللحم والجبن على الرغيف فقط الذى اعترضتم عليه، ولكن ذلك أحيانا فى أوقات الرخاء، عندما يشتد ضغطكم علينا حتى لا ينفجر نظامنا، ولكنكم سرعان ما سوف تخسرون الجبن واللحم فى أوقات الكساد، وتطردون من سوق العمل للتهميش والبطالة، حين يخف ضغطكم علينا، ونأمن جانبكم، فلا تحصلون حتى على هذا الرغيف.

التعاونيات وارتفاع الأسعار :
من منتصف الخمسينات إلى منتصف السبعينات، كانت الدولة المصرية، تفرض على المزراعين أسعار جبرية لمنتجاتهم من حبوب وقصب سكر وقطن وكتان، وتبيعها للمستهلكين سواء فى شكلها الخام أو بعد تصنيعها كأغذية وملابس، فى ظل سياسة تسعير جبرى لمعظم السلع الأساسية بما فيها حتى تلك التى كانت تباع فى السوق الحر كالفواكة والخضروات والبقول، مما عمق الوعى لدى الناس أن الحكومة هى المسئول الأول والأخير عن أرتفاع وانخفاض الأسعار باعتبارها أكبر تاجرة يشترون منها احتياجاتهم، فضلا عن مسئوليتها عن ارتفاع وانخفاض الأجور باعتبارها أكبر صاحبة عمل توظف معظم العاملين بأجر، وهذا الوضع وإن كان صحيحا فيما مضى، إلا أنه قد تغير بدءا من الثمانينات بعد أن تخلت الحكومة عن دورها كصاحبة عمل وكتاجرة، لصالح قوى السوق، وهو أسم التدليل الذى يطلقه الإعلام على الرأسماليين، الذين أصبح بامكانهم وحدهم تحديد أسعار معظم السلع وأجور معظم العاملين بأجر بعيدا عن أى تحكم أو رقابة.
فإذ كانت الدولة مازالت توظف ربع قوة العمل المأجور إلا أن الباقين منهم يعملون فى القطاع الخاص، سواء فى القطاع الرسمى منه أو غير الرسمى. وإذا كانت الدولة مازلت تحدد أسعار بعض السلع كمنتجات البترول والغاز الطبيعى، فإن معظم السلع خرجت من سيطرتها، إلا أنها فى نفس الوقت يمكنها اتخاذ سياسات مالية معينة تكبح ارتفاع الأسعار، أو بالعكس تطلق لها العنان، إلا أنها إمكانية ليست مطلقة، لأن لها علاقة بتوازنات قوى اقتصادية وسياسية واجتماعية.
ومن هنا فنحن أمام واقع مختلف عما أعتاد عليه الناس قديما، ومازال راسخا فى وعيهم الجماعى، ففى ظل الوضع القديم كان العاملين بأجر يسعون لتحسين مستوى دخولهم فى الغالب بأحد طرق الحل الفردى، مثل ممارسة بعضهم العمل الآخر بجانب العمل الأصلى، وممارسة بعضهم للفساد الإدارى، وممارسة بعضهم الأعمال الحرة كالتجارة، ولجوء بعضهم للهجرة للخليج، وأما عن الحرفيين والمهنيين والمنتجين الصغار فيمكنهم غالبا رفع أسعار سلعهم وخدماتهم، وأحيانا ما كان يمارس العاملين بأجر النضال الجماعى بالاحتجاج والاعتصام والإضراب الذى كان موجها غالبا ضد الدولة باعتبارها صاحبة العمل الأولى والتاجرة الكبرى، وذلك إما لرفع الأجور وتحسين دخولهم وشروط عملهم أو خفض أسعار السلع والخدمات، وكان هذا يمارس أما على نطاق جزئى فى أحد مصانع القطاع العام، أو على نطاق جماهيرى واسع كما حدث فى انتفاضة 18و19 يناير 1977. وبرغم طبيعة هذا النضال الاقتصادي إلا أنه كان يقترن بمسحة من نضال سياسى باعتباره موجها ضد الدولة.
فى ظل الوضع الحالى مازال يمكن لبعض العاملين بأجر لدى الدولة والقطاع العام ممارسة النضال الاقتصادى فى مواجهتها لرفع أجورهم وتحسين شروط عملهم، إلا إن العاملين بأجر فى القطاع الخاص لا يملكون ترف ممارسة هذا النضال إلا باستثناء قطاع محدود منهم لا يتجاوز المليون، وهم العاملين فى منشئات كبيرة كثيفة العمالة، ليبقى معظم العاملين بأجر وخصوصا فى القطاع غير الرسمى عاجزين عن أى نضال اقتصادى، نظرا لأوضاعهم الوظيفية غير المستقرة، والجدير بالذكر أنه فى ظل الارتفاع المضطرد فى البطالة والركود الاقتصادى، يصعب للعاملين بأجر الضغط على أصحاب العمل لتحقيق مطالبهم بشكل عام، سواء أكان صاحب العمل الدولة أو القطاع الخاص، وسواء فى القطاع الرسمى أو غير الرسمى.
إذا كان هذا هو الوضع على جبهة رفع الأجور وتحسين شروط العمل، وهو ما لا يمكن أن يمارسه سوى قطاعات من العاملين بأجر بشروط محددة، فإن هناك جبهة أخرى هى جبهة خفض الأسعار، وهو ما يمكن أن يناضل من أجله المستهلكون الذين يشكل العاملين بأجر غالبيتهم العظمى. وهناك شكلين من أشكال النضال فى تلك الجبهة.
الأول هو تنظيم حملات مقاطعة للتجار، لإجبارهم على خفض الأسعار، وهذا يستلزم درجة عالية من الوعى والإرادة الجماعية والتصميم لدى غالبية المستهلكين، ودرجة عالية من التنظيم والقيادة الجماهيرية واسعة النفوذ وسط الغالبية الساحقة من الجماهير وهو ما لا تملكه أى قوى سياسية أو اجتماعية فى مجتمعنا، مع الأخذ فى الاعتبار أن الأسعار يمكن أن تعاود ارتفاعها بعد انتهاء المقاطعة.
الثانى هو تنظيم حركة تعاون استهلاكى، توفر احتياجات المستهلكين من السلع والخدمات المختلفة بأسعار تزيد قليلا عن التى يبيع بها المنتجون سلعهم وخدماتهم، وهو ما سوف يخفض من أسعار السلع والخدمات،لأن ما يحصل عليه سواء المستوردون أو تجار الجملة والتجزئة يرفع من أسعار السلع والخدمات أضعافا مضاعفة عن أسعار المنتجين، وخصوصا مع زيادة حلقات الوساطة فى مجتمع يفضل رأسماليوه الاستثمار فى التجارة والمضاربة عن الاستثمار فى الإنتاج. واذا علمنا أن دراسة حكومية للجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء , تقول أن ربح تجارة الجملة فى القطاع الخاص المصرى تحقق ربحا قدره 30 % , ناهيك عن ربح تاجر التجزئة , وكذلك ربح المصانع ,و التى يصل ربحها احيانا الى 40 % فى بعض الصناعات , اذا وضعنا ذلك كله فى الاعتبار , سنجد أن مجرد تعامل الجمعية مع المصانع مباشرة , سواء فى الداخل أو الخارج, سيحقق وفرا كبيرا نتيجة الاستغناء عن الوسطاء الذين يتربحون من الوساطة بين المصنع والمستهلك دون ان يحققوا قيمة مضافة تذكر.
كذلك فإن حصول الجمعيات على حصة مناسبة من سوق البيع سيجعلها قادرة على تحسين شروط التفاوض مع المصانع والشركات والمزارع, هذا يتوقف بالتأكيد على الحشد الذى تمثله الجمعيات
والجدير بالذكر أن هناك عقبات أمام هذا النوع من النضال إلا أنه من الممكن التغلب عليها، بنضال سياسى يحرر التعاون من سيطرة الدولة وقوانينها، وممارسة أشكال من التعاون الاستهلاكى واقعيا خارج الإطار القانونى والرسمى، كما أنه من الممكن ممارسته فى البداية على نطاق محدود لا يلبث أن ينتشر.
ولنرى ما هو الأكثر عملية فى مقاومة جشع الرأسمالية، يستطيع العمال أن يضربوا من أجل زيادة الأجور، والرأسماليون لن يمانعوا فهم يستطيعون رفع الأسعار، وما كان يشتريه العامل بجنيه أصبح لا يمكن شرائه بجنيهين، بعد رفع الأجور والأسعار، وفى النهاية وبرغم زيادة الأجور فالعامل مازال عبدا للأجر.. ومن ناحية أخرى يستطيع العمال أن ينشأوا جمعيات استهلاكية فيوفرون من أجورهم ما كان ينهبه المستورد وتاجر الجملة وتاجر التجزئة، ويصبح فى امكانهم بدل من شراء رغيف أن يشتروا رغيفين بنفس الأجر، ويستطيعون بما وفروه من نقود، أن ينشأوا تعاونيات إنتاجية، يتحررون فيها من عبودية العمل المأجور لدى الغير سواء الدولة أو الرأسماليين.

التعاونيات والحضانات والأم العاملة :
هناك فكرة تعاونية بسيطة ومبتكرة ممكن تطويرها، هى إن لو هناك ستة أمهات عاملات لديهم أطفال فى سن الحضانة، يمكنهم الاتفاق على إن إحداهن تتفرغ يوما فى الأسبوع للعناية بالأطفال وتعليمهم ومتابعتهم دارسيا، بشكل دورى، وفى هذه الحالة سوف يتم توفير تكلفة الحضانة، ويوفر ضمان الثقة فيمن يعتنى بالأطفال، فكلهن سوف يحرصن على عدم خيانة الثقة، وسوف يتعاملن مع الأطفال كأبنائهن.
الحضانة نفسها يمكن أن تبقى خاصة بسكان شارع أو مربع سكنى أو محل عمل، حيث يستطيع الأباء والأمهات تأجير شقة مناسبة، ويتوالى الجميع العناية بالأطفال وتعليمهم بشكل دورى، وويمكن لعدد الأطفال أن يزيد ومن ثم العبء يتوزع دوريا على مدى أطول، كما يمكن للكبار الذين لا أبناء لهم أن يتطوعوا بالاعتناء بالأطفال كل حسب قدرته.
و هذا سوف يؤدى لتقوية العلاقات الاجتماعية والإنسانية بين الجيران وزملاء العمل وبين الكبار والصغار، بدل النموذج الاجتماعى والإنسانى المستحدث فى العلاقة بين الجيران، هو بإن حدودك هى حدود شقتك، وقد لا تعرف حتى اسم الجار الملاصق لك.
وهى فكرة تعاونية بسيطة وسهلة ولا تحتاج قوانين ولا رؤوس أموال وسوف توفر على الأمهات العاملات الكثير من المال والجهد، لا تحتاج سوى أن يتخلص الناس من الفردية والأنانية، ومن قيم الصراع والتنافس، وأن يتعلموا إن الحياة سوف تصبح أفضل بالتعاون والجماعية.

التعاونيات والشباب المهاجر عبر البحر :
يغامر عشرات الألوف من شباب العاطلين المصريين سنويا ببيع بعض ممتلكاتهم أو ممتلكات ذويهم الصغيرة والقزمية ليدفعوها لعصابات الهجرة السرية لأوروبا حيث يتعرض هؤلاء الشباب إما إلى الموت فى عرض البحر أو الترحيل من على الشواطىء الأوروبية، هؤلاء الشباب يمكنهم الاستغناء عن تلك المغامرة بتنظيم أنفسهم فى جمعيات تعاونية إنتاجية يستثمرون فيها نقودهم القليلة ومهاراتهم المختلفة، ويضمنون عمل حر فى بلادهم بدلا من تلك المغامرة غير المأمونة.

التعاونيات ومشكلة التعليم :
يدفع أولياء الأمور المصريون حوالى 17مليار جنية سنويا على الدروس الخصوصية غير المصاريف الدراسية وفى نفس الوقت لا يتلقى أولادهم تعليما جيدا ،كما أن المدرسين أنفسهم يطحنون فى تلك العملية بعد اليوم الدراسى الرسمى الذى يحصلون مقابله على مرتبات متدنية، وبرغم ذلك تنتشر الأمية بكافة أشكالها فى أوساط الأطفال والصبية كما تنتشر بين الكبار،سواء المنتظمين فى المدارس، أو الذين تسربوا من التعليم، أو من لم يدخلوا المدارس أصلا، والحل هو تنظيم مدراس تعاونية يساهم فيها أولياء الأمور والمدرسين ليضمن أولياء الأمور خدمة تعليمية جيدة ورخيصة لأولادهم، ويضمن المدرسين عبرها فرص عمل مجزية ومريحة فى نفس الوقت.
ومن ناحية أخرى فتعاونيات الخدمات الثقافية التعليمية الشعبية الحرة والقائمة أيضا على مشاركة مقدمى الخدمة ومستهلكيها، ضرورة (يمكن تطبيقها على الخدمات الصحية أيضا)، وخصوصا أن أزمه التعليم وتدهوره حاضرة بقوه في كل بيت، فالتعليم الحكومي إن وجد لا يحقق جودة تعليمية وحتي لا يقدم أدني تعليم نظرى أو عملى، إلا في أضيق الأطر، وأيضا تتميز هذه الفكرة بقلة اعتمادها علي التمويل الخارجى، والبعد بشكل كبير عن برامج التمويل الدولية مما يضمن عدم التدخل في مسارها، وضمان عدم انحرافه، وإنها لا تمثل عبء كبير علي من يقومون بالعمل حيث إنه مع توزيع المهام سيقل الوقت والجهد المبذول بشكل كبير وأيضا لا يوجد تحمل لأعباء مالية كبيرة في التأسيس، وإنه مع نجاحها، وبدايه تحقيقها لأرباح مالية وجعلها تحقق الاكتفاء الذاتي في الموارد المالية، ومع تدريب كوادر من الأهالي مع الوقت يمكن ان يتم تحميل مسئولية الإدارة بالكامل الأهالي المشاركين من التعاونية.
هذا المشروع التعاوني يجمع بين مقدمى الخدمة أى المدرسين ومتلقى الخدمة من أولياء الأمور وأبنائهم ويمكن أن يبدأ بعدد صغير بشرط ان يفهموا شروط العمل التعاوني، وأن لا ينحرف المشروع للطريق التجارى الاستثماري، واستغلال حاجة الناس بالأساس، وألا يكون داخله أي نوع من أنواع العمل المأجور، وأن تتوفر فيها الشروط التعاونية.
وان يتم السماح لمتلقي الخدمة بالمشاركة في التعاونية، وحضور اجتماعات الجمعية العمومية، والانتخاب داخل الجمعية العمومية، بشرط ان يدفعوا قيمة مساهمتهم فى التعاونية، وأن يتم بمجرد طلبهم للعضوية وشراءهم للأسهم، تسليمهم مهام عمل ليتم فيها اختبارهم وتدريبهم ولضمان عدم انحراف التعاونية.
والخدمات التى يمكن أن تقدمها التعاونية هى محو الأمية للكبار، ومحو الأمية للأطفال والشباب المتسربين من التعليم مع برامج تثقيفية وتعليمية متنوعة، والاستفادة من الأنترنت من أجل التعليم المستمر والحر، وتقديم خدمات التعليم والتثقيف والتدريب للمنتظمين في التعليم المدرسي كبديل رخيص وأفضل، عن مجموعات التقوية، والدروس الخصوصية، مع محاولة الالتزام قدر الامكان بالمناهج الدراسية، وتعويض تخلفها بتنمية قدرات البحث والتفكير والتعليم الذاتي المستمر والحر لهم.و محاولة تنمية القدرات الفنيه والأدبية والعلمية للمستفيدين من الخدمة، وعقد دوري لندوات ثقافيه أو أدبية أو سياسية أو علمية.

التعاونيات والمهمشين :
تعمل غالبية قوة العمل المصرية باليومية فى القطاع غير المنظم من الاقتصاد فى الزراعة والبناء وتجارة الشوارع والمنشئات الصغيرة، ويعيشون يوما بيوم ولن ينفع معهم فرض حد أدنى أو أقصى للأجور، وهم معرضون لاستغلال مقاولى الأنفار والتجار وأصحاب المحلات وهم محرمون تماما من أى شكل من أشكال الضمان الاجتماعى، وتشتريهم القوى السياسية بالاحسانات، وينهب منهم رجال الإدارة الحكومية والبلطجية الأتاوات، وهؤلاء يمكن تنظيمهم فى عشرات الأشكال من التعاونيات الإنتاجية كتعاونيات اليد العاملة التى لاتحتاج لأى رأسمال أو رأسمال بسيط يحميهم من مقاولى الأنفار وبلطجية الشوارع ورجال الإدارة.
فالمهمشون أكتسبوا اسمهم لأنهم يعملون على هامش الاقتصاد، ويتواجدون على هامش الحياة، والمهمشون هم من لا يعلم لهم دخل محدد، ولا تعترف لهم الدولة بوضع قانوني؛ ومن ثم لا تمنحهم أي تأمين اجتماعي أو صحي. منهم الباعة الجائلين فى الشوارع والأسواق، وعمال التراحيل، والعمال فى القطاع العائلى، وعمال اليومية والمواسم، والعمالة غير الماهرة، وخدم المنازل ومن فى حكمهم من العمالة المعاونة، والعمال غير الثابتين فى المنشئات الكبيرة، والعمال الأطفال، فضلا عن الذين يحترفون حرفا ومهنا خدمية أو إنتاجية مختلفة، ولكنهم فى نفس الوقت لا يملكون منشئات يمارسون عبرها حرفهم ومهنهم، وقد يملكون بعض أدوات عملهم أو لا يمتلكونها، فهم يعملون بالقطعة أو اليومية أو بالساعة أو بالمهمة، أو فى المواسم، وقد يعملون فى منازلهم أو فى المنشئات الصغيرة، يضاف إلى كل هؤلاء المتعطلون عن العمل، وباختصار فأن المهمشون هو ذلك القطاع من الطبقة العاملة غير المنظم ولا المستقر، والذى يعمل غالبا فى القطاع غير الرسمى من الاقتصاد، وقد ينحدر بعضهم لعالم التسول والاعتماد على إحسانات الخيرين من الناس، أو التشرد، أو ارتكاب بعض الجرائم.
وجدير بالذكر أننا أمام حقيقة جلية هى أن الغالبية من السكان فى مصر مهمشين. وتبقى لنا ملاحظة مهمة، وهى أن قطاعا كبيرا من العاملين المستقرين والمنظمين بالحكومة والقطاعين العام والخاص، ونظرا لأجورهم المتدنية وأوضاعهم الوظيفية، يشاركون المهمشون أوضاعهم المعيشية والاجتماعية، وأعمالهم وطرق الحصول على دخولهم كنوع من الازدواج فى الوضع الاجتماعى.
هناك واقع جديد يتحقق أمام أنظارنا، وأسبابه لا تكمن فى سياسة الدولة القومية التى هى تعبير عن الضرورات الحاكمة فى الاقتصاد العالمى، وليست مجرد تعبير عن مصالح النخبة الحاكمة المحلية، كما يحاول أن يوهمنا البعض من الذين يصدرون خطابا غوغائيا لجذب تأييد الجماهير لهم، هؤلاء الذين يدعون بأنهم يملكون الحل الناجع للمشكلة عبر الدولة القومية، لو اتيحت لهم فرصة حكمها، وحل المشكلة فى النهاية لا يكمن فى سلطة الدولة أى دولة، حيث أن جذورها تمتد خارج نطاق الدولة.
تكمن أسباب الظاهرة فى تغيرات حدثت فى الواقع الاجتماعى الاقتصادى العالمى، يتجلى فى خضوع الحكومات لديكتاتورية سوق الأموال العالمية، وهى ديكتاتورية تغل يد الدولة عن مواجهة المشكلة التى تهدد وجودها ذاته، هذا الواقع يؤدى إلى تضخم التهميش فى العالم كله على نحو مضطرد، سواء أكان هذا بارتفاع نسب البطالة، أو ارتفاع نسب العمالة غير المستقرة ولا المنظمة بالنسبة للعمالة المستقرة والمنظمة، إلا أن المهمشون عموما تزداد نسبهم فى الريف عنهم فى المدن، وتزداد نسبهم فى البلاد المتخلفة عنهم فى البلاد المتقدمة.
ولعل من أهم أسباب تضخم التهميش هو الأتمته الصناعية التى أدت إلى الحد الكبير من العمالة المستقرة والمنظمة والماهرة، فالمصانع التى كانت تحتاج إلى الكثير من العمال أصبحت تعمل تماما وبقدرة وبدقة أعلى بكثير بعدد عمال يعد على الأصابع، ومن ثم تتقلص العمالة فى المنشئات الكبيرة التى تتطلب الانتظام والاستقرار لصالح تضخم العمالة فى المنشئات الصغيرة التى لا تتطلب الانتظام والاستقرار، ولا مجال بالطبع للعودة لتكنولوجيا أقل تطورا وأقل إنتاجية. لكى توفر فرص عمل لتشغيل المزيد من العمال، ولن يقبل الرأسماليون، ولن تتحمل مشاريعهم التى تعانى من الركود أصلا تقليل ساعات العمل للعامل لاتاحة الفرصة لتشغيل المزيد من العمال، بل أن ما يحدث فعليا هو استغلال الرأسماليين لظروف البطالة والتهميش المتصاعدة لتشغيل العمال المستقرين عدد ساعات عمل أكثر مما هو قانونى، وإلا فإن مصيرهم سوف يكون الطرد من العمل لو رفضوا، والرأسماليون ليسوا فى حاجة لتشغيل المهمشين بل أنهم يضخمون فى حجمهم باستمرار، وذلك بطرد المزيد من العمال المستقرين والمنظمين لديهم ودفعهم إلى عالم التهميش، والمهمشون فى نفس الوقت لا يستطيعون الضغط على هؤلاء الرأسماليين من تجار ومقاولين الذين قد يرتبطون بالعمل معهم على نحو مؤقت أو موسمى، من أجل تحسين ظروف حياتهم وعملهم لأنهم مجرد أفراد فاقدين للفاعلية، كونهم غير مترابطين أو لا موحدين وبلا أى تنظيم نقابى، ومن ثم فهم القطاع الأكثر بؤسا وضعفا فى الطبقة العاملة.
ومن ناحية أخرى فأن الظروف الاقتصادية الجديدة تحد من قدرة الدولة على تشغيلهم فى تكايا الحكومة ووسايا القطاع العام كبطالة مقنعة، حتى ولو ظلت متدنية الدخل، حيث أن لدي الدولة ما يكفيها منهم، وهو الحل الذى يطرحه أنصار رأسمالية الدولة أو أنصار اشتراكيتها فلا فرق واضح بينهما، هؤلاء الداعيين لتوسيع القطاع العام والدفاع عن وجوده فى مواجهة الخصخصة، هؤلاء المتيمين بفكرة الدولة القوية المتدخلة بقوة لصالح العناصر الضعيفة اجتماعيا، كى تستعبدهم على نحو جماعى فى النهاية، وتشترى ولائهم باعتمادهم عليها، وتفقدهم القدرة على الدفاع عن مصالحهم بأنفسهم، وفى نفس الوقت ولأن المهمشون غالبا ما يمارسون عملهم فى الاقتصاد غير الرسمى فأنهم أضعف من أن يضغطوا على الدولة أو على أصحاب العمل، من أجل فرص عمل وحياة كريمة، حيث لا يمكنهم أن يمارسوا الاضراب والاعتصام وشتى أشكال الضغط الجماعى المنظم، حيث لا توجد لديهم نقابات تدافع عن مصالحهم أو قادرة على تنظيمهم. وهذا يسقطهم فى شباك شراء ولائهم من قبل البرجوازية سياسيا واجتماعيا وثقافيا.
يشكل المهمشون بوجودهم المتضخم وضعا مفيدا للغاية للطبقتين الرأسمالية والبيروقراطية،وضار جدا بالطبقة العاملة المستقرة والمنظمة، فالمهمشون فضلا عن بؤسهم المدقع أحيانا، تعانى غالبيتهم الساحقة من تدنى مستويات تعليمهم التى تصل للأمية، وتخلف وعيهم الاجتماعى والسياسى، واعتماد بعضهم على احسانات الطبقات الأغنى، وهذا يضعف من احساسهم بالكرامة والأهمية، فضلا عن تفاهة معظم ما يمارسونه من أنشطة، وضعف ما يضيفونه من قيمة مضافة إلى الاقتصاد، وهذا يقلل من وعيهم بالقهر والاستغلال الواقع عليهم، ويعرقل ويشوه وعيهم الطبقى، ومن هنا يسهل على من يملك المال أو السلطة أن يشترى أصواتهم فى أى انتخابات، أو يرغمهم على اعطائه أصواتهم، أو يخدعهم ويجرهم وراءه ويستغلهم لتحقيق مصالحه، فيمكن لأى غوغائى فاشى معارض أو فى الحكم أن يحشدهم ورائه، شرط أن يغازل تحقيق أحلامهم ويجيد مخاطبة غرائزهم.
ومن هنا فالمهمشون يستخدمون فى مواجهة تحركات الطبقة العاملة المنظمة والمستقرة ككاسرى اضرابات أو مخربين فى الاحتجاجات العمالية والسياسية عموما، وأخيرا فإن وضعهم الاجتماعى يضعف أساسا من قدرة الطبقة العاملة المنظمة والمستقرة على المساومة الجماعية مع أصحاب العمل، فأمام التهديد بإحلال المهمشين بدلا منهم يضطر العمال المنظمين للقبول بشروط أسوء للعمل من حيث تخفيض الأجور الحقيقية، وزيادة عدد ساعات العمل وغيرها. ومن هنا لن تستعيد الطبقة العاملة قدرتها على النضال الاقتصادى،و قوتها السياسية،التى تآكلت فى ظل الظروف الجديدة، إلا بتخفيف ضغط المهمشون من على كاهلها.
يمكن للحركة التعاونية أن تحرر المهمشين من وضع تهميشهم المزرى، ومن عوزهم وضعفهم ،حيث يمكن أن تمنحهم القوة فى مواجهة الدولة ورأسالمال، وتحميهم من إهدار كرامتهم وحريتهم، وفى نفس الوقت يمكن أن تخفف من على كاهل الطبقة العاملة المستقرة والمنظمة ضغط تضخم حجم المهمشين على قدرتها النضالية.
ولابد أن تعتنى الحركة التعاونية بهذا الخصوص، برفع المستوى التعليمى والثقافى للمهمشين فتحررهم من الجهل، وتحول العمال غير مهرة منهم لحرفيين ومهنيين وعمال مهرة عبر برامج تعلمهم الحرف والمهن المختلفة، فضلا عن الارتقاء بالمستوى المهنى والحرفى للمهنيين والحرفيين منهم، كل هذا بالتوازى مع إيجاد فرص عمل منتج حقيقى لهم يغرسهم فى الاقتصاد الحقيقى، وينقلهم من هامش المجتمع إلى مركزه، وذلك عبر تعاونيات متكاملة الأنشطة حيث تقوم بإنتاج السلع وتقديم الخدمات المختلفة بأسعار أقل مما تبيعه المشروعات الرأسمالية لضمان التفوق فى المنافسة معها، فضلا عن أداءها فى نفس الوقت لأنشطة خدمية واستهلاكية وتأمينية وائتمانية وتعليمية واجتماعية وتثقيفية لأعضاءها على النحو المذكور فيما سلف.

التعاون بدلا من الإحسان :
بمناسبة انتعاش ظاهرة أعمال الخير لمساعدة الفقراء، وأساليب الإحسان والصدقات، فرديا أو جماعيا، سواء تم بواسطة الدولة، أو تحت ما يسمى بالدور الاجتماعى لرأسالمال، أو بواسطة الجمعيات الأهلية والمؤسسات الدينية، أو الأفراد الخيرين، فإنه يؤخذ عليها أن اليد التى تمنح تستطيع أن تمنع، ومن ثم فلليد العليا الحكم والسيطرة دائما، وما على اليد السفلى سوى الخضوع والذل والخنوع، والشعور بالامتنان الذى يمنع نقد صاحب اليد العليا مخافة اغضابه ومنع احسانه. والبر والإحسان والصدقات فى الحقيقة أسلوب لشراء الولاء والطاعة والخضوع. ومن ثم فالأفضل هو إنشاء صناديق ضمان اجتماعى تعاوني فى مواقع العمل والسكن، على أسس تعاونية، فى مواجهة الكوارث العاجلة واحتياجات الفقراء والمحتاجين الملحة، كخطوة مبدأية تتطور بالتدريج لتتحول لصناديق ضمان اجتماعى شامل أكثر تنظيما. ويمكن طبعا نظرا لظروف الضرورة الملحة أن يبادر الناس فرديا وجماعيا للمساعدة باعتبارنا بشر لابد وأن نشعر بالآخرين حتى نكون جديرين بإنسانيتنا، على أن لا نركن لذلك، وأن تتحول مبادرتنا الفردية والجماعية الخيرة نحو إنشاء مثل هذه الصناديق التعاونية التضامنية.

التعاونيات ومشكلة الإسكان :
ينتج التعاون الإسكانى سلعه العقارية المختلفة، أرضى، شقق، فيلات، محلات، باستخدام العمل المأجور المتمثل فى عمال البناء والتشييد، والعاملون غالبا فى شركات مقاولات مملوكة للرأسماليين، أو لدى مقاولين أفراد، ومن ثم لا تلتزم تلك الجمعيات بمبدأ الاستقلالية عن الرأسمالية والدولة، والموقف التعاونى الصحيح أن لا تتعامل جمعيات الإسكان التعاونية إلا مع جمعيات تعاونية إنتاجية للبناء والتشييد، أوجمعيات تعاونية لليد العاملة من عمال البناء والتشييد، وإن لم يكن هذا متاحا لها فعليها أن تساعد فى إنشاء تلك الجمعيات، أولا عبر الإتحاد الإسكانى التعاونى قبل أن تبدأ فى ممارسة نشاطها، أو تتحول هى لجمعيات تعاونية إنتاجية للبناء والتشييد.
تبيع الجمعيات التعاونية الإسكانية هذه السلع العقارية، أحيانا للأفراد بأسعار السوق الرأسمالى، أو تشتريها منها الدولة، بأسعار الجملة، لتبيعها بنفسها بأسعار مدعمة للمستهلكين، عبر الهيئة العامة للتعاونيات، وهى هيئة حكومية، وبأقساط طويلة الأجل يتم سدادها وفق نظام للقرض التعاونى.
من النقطة السابقة تحديدا، تتحول العقارات التعاونية المباعه، لسلع يتم المضاربة عليها من قبل المشترين الذين يشترون الوحدات، ويتركونها بدون استخدام لفترات متفاوتة، فترتفع أسعارها، ويبيعونها، أو يؤجرونها، وفق أسعار السوق الرأسمالى، وتتحول أحيانا لنوع من أنواع الإدخار، المحجوز من التداول والاستفادة منه لسنوات طويلة، ونتيجة لذلك أصبح لدينا 6 مليون وحدة عقارية بنسبة 20% من إجمالى عدد الوحدات، مغلقة ومعدة للمضاربة والادخار، (حسب احصائيات 2006) وتشكل الوحدات التعاونية الأصل نسبة كبيرة منها، بسبب رخص أسعار شراءها، والمكاسب الهائلة من المضاربة عليها، بمقارنتها بأسعار الوحدات الرأسمالية.
الوضع السابق مطابق تماما لما يحدث فى الوحدات السكنية المدعمة التى تنشئها الدولة لمحدودى الدخل، والتى يتم تمليكها لهم فور الشراء أو بعد فترة من سداد الأقساط، لكن حجز الوحدات وشراءها، والاستثمار فيها بالبيع أوالتأجير، نشاط استثمارى هائل، معفى من الضرائب، وأداة هامة لغسيل الأموال، وهو ينتمى للاقتصاد غير الرسمى.
نتيجة عشوائية الاستثمار الرأسمالى المضارب الصغير، ونتيجة كل من الثقافة الفردية التى لا تحترم مفهوم الملكية العامة، والتسيب والفساد الحكومى، يتم تشويه العقارات بأعمال فردية تغير من طبيعة استخدامها، وتعتدى على حقوق الملكية العامة ،مما يشوه من مظهرها الحضارى والصحى، ليحولها فى بعض الأحوال لعشوائيات.
الحل الأمثل لوقف هذه النتائج، هو التوقف تماما عن فكرة بيع الوحدات العقارية، على أن يتم تأجيرها للمستأجرين الذين ينتفعون من استخدامها فعليا، بعقود طويلة الأمد لمدد من أربعين إلى ستين عام، ومنعهم من تأجيرها من الباطن.
بعيدا عن هذا الشكل التعاونى الزائف والمشوه، يمكن للفكرة التعاونية ومع الإلتزام بمبادئها وقيمها، أن تحل مشكلة السكن لمحدودى الدخل، بعيدا عن الدولة والبقرطة والرسملة، إذ يمكن لمجموعة من الأفراد والأسر، أن ينتجوا لأنفسهم وحداتهم العقارية، وبهدف استخدامها الفعلى لسكنهم بعيدا عن فكرة الاستثمار سواء بالبيع أو التأجير.
و يمكن أن يستفيدوا من نموذج الإسكان الفندقى، الذى أصبحت تفضله قطاعات كبيرة من الطبقة البرجوازية العليا، لكن بدلا من الشقق الفندقية الفاخرة، يمكن أن يبنى محدودوا الدخل ما هو أرخص وأقل رفاهية، وهذا يعنى أن يتم تصميم العقار بحيث يوفر غرف وأجنحة بملحقاتها التى توفر الخصوصية للأفراد وللأسر وفق عدد أفرادها، على أن تكون كثير من الخدمات مشتركة فى العقار كالمطابخ والمغاسل والمطاعم وغيرها من الخدمات،على أن يتفق أعضاء التعاونية على تقسيم العمل المشترك لتوفير وتلبية تلك الخدمات، وهذا سوف يحقق وفر هائل لهم فى نفاقات تجهيز المساكن فلن يحتاج كل منهم لتجهيز مطابخ خاصة بكل ما تحتاجه من أجهزة كهربائية ومواقد وأدوات للطعام وذلك على سبيل المثال، كما أنه يمكنهم توفير احتياجتهم الاستهلاكية المختلفة وفق التعاون الاستهلاكى، وهذا يمكن أن يخفض للغاية من نفقات المعيشة بالنسبة لهم، بل وإنتاج بعض هذه الاحتياجات الاستهلاكية جماعيا خصوصا فيما يتعلق بالغذاء وذلك بشراءها من المنتجين المباشرين بسعر الجملة، وبالطبع لو كان مكان البناء بعيدا عن المدن حيث الأرض أرخص يمكن أن يضاف للعقار مزرعة صغيرة لتوفير الاحتياجات الغذائية لملاك التعاونية.
التعاون فى النهاية هو الحل الملائم لتوفير الحق فى السكن الصحى والملائم، ومن المؤكد أنه لا الدولة ولا بيروقراطيتها الفاسدة والطفيلية، ولا الرأسمالية باستغلالها للعمال والمستهلكين، يمكن أن يقدما حلولا لمحدودى الدخل طالما كان منطق الربح والسيطرة هو منطقهما، المشكلة الحقيقية التى تعوق تحقيق هذه الفكرة على أرض الواقع، هى فى العقليات المحافظة والثقافة الفردية السائدة.
العائق ليس فى التمويل، حيث يمكن توفير أرض رخيصة، والبناء بمواد رخيصة كالحجر الجيرى وبدون استخدام الخرسانة المسلحة.
بالطبع أن هذه المقترحات والحلول لا تغطى كل المشاكل الاجتماعية التى يمكن أن نتصدى لها، ولكن المهم هو المنهج نفسه الكامن وراء تلك المقترحات الذى يتجاوز الاعتماد على دولة الرعاية التى اصبحت غير راغبة فى الحل أو عاجزة عنه، كما تتجاوز نظرية الخدمة التبشيرية لشراء ولاء الناس ذات الطبيعة السلطوية التى لا تخفى على أحد، فالمطلوب هو مساعدة الناس فى تنظيم أنفسهم وحل مشكلاتهم بأنفسهم.



#سامح_سعيد_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاقتصاد التعاونى والتنمية
- تجارب ونماذج تعاونية
- أنواع التعاونيات
- نشوء وتاريخ الحركة التعاونية وتطورها
- كفاءة النظام التعاونى
- أثر الأيديولوجيات والأنظمة على التعاونيات
- اتجاهات الحركة التعاونية
- مبادىء التعاون وقيمه وأهدافه
- التعاونيات ومشاريع الدولة والمشاريع الرأسمالية
- الملكية (التعاونية والخاصة والعامة)
- التعاون والتنافس فى الكائنات الحية
- تعريف الجمعية التعاونية
- مقدمة كتاب التعاونيات أداة للتقدم والتحرر
- هل تحولنا لباعة جائلين هو قدرنا فى ظل الرأسمالية؟
- حول التعاونيات وقواعدها
- اقتراحات تعاونية لمشاكل واقعية
- كيف تنجح التعاونية فى الانتصار على الرأسمالية من داخل اقتصاد ...
- العمال والشيوعية والماركسية
- قضية من أجل التعاونية الثورية
- ملاحظات على مسودة دستور الاستبداد المطروح للاستفتاء


المزيد.....




- الخارجية الفلسطينية: تسييس المساعدات الإنسانية يعمق المجاعة ...
- الأمم المتحدة تندد باستخدام أوكرانيا الألغام المضادة للأفراد ...
- الأمم المتحدة توثق -تقارير مروعة- عن الانتهاكات بولاية الجزي ...
- الأونروا: 80 بالمئة من غزة مناطق عالية الخطورة
- هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست ...
- صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي ...
- الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
- -الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
- ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر ...
- الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سامح سعيد عبود - التعاونيات كحل عملى لمشكلات الواقع الاجتماعى