جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 4834 - 2015 / 6 / 11 - 21:22
المحور:
سيرة ذاتية
ماذا سيحدث لي حين تنكسرُ أصابع يدي؟ ماذا سيحدث لي حين يتلون وجهي بلون الطين؟ ماذا أقول لأحفادي حين تتوقف أصابع عن الكتابة وعيوني عن القراءة؟ كيف سيغدو منظري حين تتغير الشوارع والمدن والأزقة, لقد انكسر الناي بين أصابع يدي, ولم تعد الناس تطرب لصوتي كما كانت تطربُ في السابق, لم تعد قصائدي تغري الفاتنان بارتدائها, لم تعد الأمواج ترتطم بقاربي وتكسرت كل مجاديفي وها أنا أعرج في البحر بلا مجداف لكي أصل إلى الشاطئ بأمان, لم يعد الليل يخاف من قلمي ولم يعد النهار ينفجر من صوتي وشكواي, لم تعد الحياة كسابق عهدها, كانت قصائدي تُطرب الغادي والرائح وكان المطربون يغنون من ألحاني واليوم لم تعد ألحاني تُطربَ الناس, لم تعد الصبايا تقف خجلى وحبلى من كلماتي, كانت كلماتي تحملُ منها النساء وكان عطري يفوح من بين الياسمين الأموي, ولم تعد المرايا تخجل من إطلالة وجهي فيها, لم يعد المكان مستوحشا ومتوحشا ومشتاقا للجلوس معي, ولم يعد الديك الذي في حارتنا يستيقظ على صوت خطواتي, لم تعد البنات في المدارس كسابق عهدهن يخبئن قصائدي في ضفائرهن, لم تعد الأشياء هي الأشياء ولم تعد المسافات هي المسافات, كانت الرائحة أقوى بكثير من هذه الرائحة وكانت الشمس تلتف حولي وتلاحق ظلي وكان القمر يرجوني أن أغيب لكي يطلع هو, كنت قد أتعبتُ من ورائي جميع الفرسان وكنت قد نشرت رائحتي في كل مكان أذهب إليه فكانت الناس تعرفني من لوني ومن رائحتي.
كانت المسافات الطويلة تقصرُ كثيرا حين أمد قدمي وكان موج البحر يتقدم مني كلما مددت له ساعدي, لم يعد أحد يرغب بساعدي ولم تعد الرياح تتوقف عند حدود شفتي, لم يعد نهر الأردن حزينا جدا كلما لامس أصابع يدي, كان البحر الميت ينهض من بين الأموات إذا سمع بأسمي, وكانت مرتفعات عجلون في الأردن تسجد عند أصابع قدمي كلما مررت بها, كانت الدنيا كلها مجنونة بي ومنتي, كانت السماء تزداد صفاء كلما نظرتُ بها وكانت القوانين تتبدل وتتغير كلما شعرتْ برغبتي بالتغيير, كنتُ أحنو على الريح بيدي ولم أحنِ لها ظهري, كانت النجوم تشع أكثر كلما مرت من بين حروفي, كانت أشعة الشمس أكثر سطوعا وكنت أنا متوهجا أكثر منها.
كنتْ
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟