أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد قنوت - الطاغية لم يمت بعد














المزيد.....

الطاغية لم يمت بعد


خالد قنوت

الحوار المتمدن-العدد: 4833 - 2015 / 6 / 10 - 22:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عام 2015, مع ذكرى رحيل الطاغية حافظ الأسد قبل خمسة عشر سنة, تستعيد ذاكرة كل سوري اللحظات الاولى لتناقل الخبر و قد لا تغيب أي من تفاصيل مشاعره و مشاهداته للجو العام المحيط بكل فرد منا.
عام 2000, لم تكن مكرمة بشار الأسد قد حلت علينا بعد بوجود الهواتف الجوالة بأيدينا لأتصل بزوجتي التي أخذت الاولاد إلى حديقة السبكي (في حين أن الهواتف الجوالة كانت بأيدي اللبنانيين قبل سنوات). كنت في الجمعية المعلوماتية الكائن مبناها داخل حديقة تشرين, عندما دخل المسؤول الفظ على قاعة التدريس و طلب من المحاضر التوقف دون أن يفصح عن السبب. حاول المحاضر بلطف أن يستأذن الموظف الفظ ببضعة دقائق حتى ينهي فكرته, لكن الوجه الحيواني أمره بأن يتوقف دون أي تأخير ليخبر الجميع أن السيد الرئيس قد مات. شهقت الأنسة التي كانت بجانبي بينما خطر ببالي أن هذه إحدى ألاعيب الطاغية في اكتشاف خصومه و حتى رفاقه الطامحين للسلطة من بعده ليطيح بهم دفعة واحدة كما فعل مع شقيقه رفعت الأسد ثم رئيس اركانه العماد حكمت الشهابي ثم قائد قواته الخاصة اللواء علي حيدر ثم رئيس جهاز أمنه العسكري العماد علي دوبا. كان على استعداد أن يسحق الجميع حتى تبقى الطريق ممهدة لابنه المدلل بشار الأسد بعد أن قتل بكره باسل الأسد في حادث سيارة و كان على استعداد أن يمهد الطريق لابنه المعتوه مجد الأسد إذا مات بشار.
مع جدية الخبر أدركت أنها الثالثة الثباتة, لقد رحل الطاغية حافظ الأسد. خرجت من مبنى الجمعية و في حلقي صرخة مكبوتة لم استطع التعبير عنها سوى أن وجدت رجل على باب الحديقة و امامه بسطة و عادة هؤلاء عناصر من الأمن أو الحرس الجمهوري الذين يراقبون منطقة القصر الجمهوري في الربوة, سالته: (كيف لك أن تجلس هنا؟؟ ألم تسمع بالخبر؟؟) جاوبني بدهشة (أي خبر؟؟) قلت له: (الرئيس مات) قفز الرجل من وراء البسطة و ركض بعيداً. لم استطع أن اكبت ضحكتي و ركضت بالاتجاه المعاكس.
عندما مررت بجانب جسر الرئيس, كان هناك عناصر منتشرة للحرس الجمهوري كقطيع من الذئاب الجائعة و كان أحد الضباط يحاول السيطرة عليهم و إعادتهم لداخل الثكنة التي كانت حديقة نلعب فيها ايام الطفولة. كانوا من الضخامة و الشراسة ما جعل الضابط ليحمل كبل كهرباء و يبدأ بضربهم كما يفعل رجل السيرك في ترويض الحيوانات المفترسة, عندها قلت في نفسي: (سيدمرون دمشق.. سيدمرون سورية).
عام 2005, و قبل أن اغادر سورية إلى بلد الاغتراب, جلست قبالة تمثال الطاغية حافظ الأسد في ساحة عرنوس و كنت أتأمل ذاك القبح الفني قبل القبح الحقيقي للطاغية. كم راودتني احلام أن اشارك في تحطيم هذا الثمثال و سحل رأسه الضخم من حي الصالحية و حتى الجسر الأبيض امام عشرات السوريين الذين يبصقون عليه و ينهالون عليه بالأحذية. لم يكن يساورني أدنى شك أن الطاغية لم يمت و أنه مازال يحكمنا بالحديد و النار حتى و لو بصورة ولده المختل. كان إحساسي أن الطاغية صار ورم خبيث في اعماق كل سوري و أن اجتثاث هذا الورم سيكلف الكثير من الدم و الألم و العذاب لكن حيادية الناس من حولي إلى حد التخدير جعلني أجزم أن الهاوية قادمة و أن هذه الهاوية ستكون عميقة.
في 2011, فاجأتني ثورة السوريين و خروجهم بوجه نظام الطاغية و تفانيهم في تلاحمهم و في سلميتهم و شعاراتهم الوطنية, ندمت كثيراً أني لم أكن بينهم فهذا هو مكاني و موقعي الطبيعي. احسست بأني خنت ما آمنت به طوال أكثر من عشرين عاماً من أن الثورة ضرورة وطنية لاستعادة انسانيتنا التي سحقت من أجهزة الطاغية.
بعد اربع سنوات و نيف, و رغم كل ما حصل و يحصل فإن الطاغية حافظ الأسد لم يمت بعد, فمازال الورم الخبيث لم يستأصل بعد من أعماقنا و لا يتوانى ذاك الورم عن إلامنا و تعذيبنا و تخريب ذواتنا, كل يوم.
الطاغية حافظ الأسد لم يمت بعد, فمازالت تماثيله هناك في ساحة عرنوس و في مدخل دار الثقافة و المكتبة الوطنية بساحة الامويين و على مشارف مدينة دير عطية و على الطريق العام لمدينة بانياس. لن يستأصل الورم الأسدي من أعماقنا ما لم تحطم كل تماثل الطاغية على كامل تراب سورية و تعقبها تحطيم كل اشكال الاستبداد و كل الأصنام و التماثيل الجديدة لطغاة جدد أضحى ورم الأسدية في عقولهم و نفوسهم, حالة مستعصية .



#خالد_قنوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سقوط سجن تدمر
- العرس بسورية و المؤتمر بالرياض
- خاين يلي بيخطف ثائر
- تحليل في خطاب الشيخ زهران علوش
- ثورة تحت الرماد
- امتحان إدلب الصعب
- ائتلاف, بلا عطارين
- البعد الوطني و صراع الاحلاف
- المزاودة, تبرر شلال الدم السوري
- كرة الثلج الارهابية
- من الثورة السورية الكبرى 1925 إلى الثورة السورية 2011
- إلياس مرقص, من أجل الانسان الفرد و الحرية.
- متى نتعلم من جوهر الاسلام؟
- تونس تمد لسانها لشهداء سورية
- خراب لعبة الأمم
- شهادة وفاة
- تركيا, دروس في السياسة
- بيضة القبان
- من أورشليم إلى دمشق
- من فكرة الأصفار إلى مبدأ المعادلات


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد قنوت - الطاغية لم يمت بعد