|
بوخارين..كوبا/الهرطوقي الرجيم والمفتش الاعظم!!!(2-12)
ماجد الشمري
الحوار المتمدن-العدد: 4830 - 2015 / 6 / 7 - 20:43
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
"ان التاريخ الروسي لم يطحن بعد الدقيق الذي سيخبز منه مع مضي الزمن رغيف الاشتراكية". بوخارين
غدا بوخارين بلشفيا قديما وهو في الثلاثين . واصبح واحدا من منظري الحزب البارزين القلائل . و لكن ميله العارم للحدة المذهبية ، و راديكاليته الفكرية " المدرسية" التي شخصها لينين لديه وانتقده كثيرا عليها . كما اشار اليها في رسالته الشهيرة الى الحزب . فقد كانت الصرامة المنطقية للقضايا النظرية تغريه و تجذبه اكثر من الوقائع الآنية والمشوشة . أضافة الى ذلك ومن الجانب الاخر كانت شخصية بوخارين الايجابية تتميز بحس الدعابة الفكه ، و لطف الطبع والسريرة ، والبساطة في السلوك ، و علاقته برفاقه فقد ظل - على سبيل المثال- العضو الوحيد في المكتب السياسي الذي استمر على علاقة وصداقة و طيدة مع تروتسكي ، منذ ان تعرف عليه في امريكا نهاية عام 1916. كانت تلك الصرامة الفكرية و التطرف التجريدي النظري يدفعانه دائما لاتخاذ مواقف متشنجة في حدتها و حديتها القصوى. فقد ثبت طيلة سنوات بعد الثورة الروسية على رأس " الشيوعيين اليساريين" ومنذ صلح " بريست ليتوفسك" المشؤوم . ولكنه انقلب جذريا الى اقصى النقيض! ليصبح زعيما لكتلة اليمين داخل قيادة الحزب بعد ان كان واقفا ضد الصلح " المخجل" ! وداعيا للحرب الثورية ، والتصلب اليساري . و خلال الحرب الاهلية كان ضد الانضباط والمركزية التنظيمية التي فرضها تروتسكي في تنظيم وادارة الجيش الاحمر الصائبة. و وقوفه ايضا الى جانب تروتسكي اثناء الجدل حول النقابات في المؤتمر العاشر . و تضامن ايضا معه في دفاعه عن حقوق القوميات غير الروسية ، وانتصر لحقوق الجورجيين " الانحرافيين" الذين اساء اليهم ستالين،واوريكيندزه.و ما كان يربطه بتروتسكي من علاقة ود و اعجاب صادقة ، لاشك فيه فقد بكى يوما على كتف تروتسكي قائلا : " ماذا يفعلون بالحزب ؟ كومة من الزبل "! سرعان ماتلاشى وحل البرود!، ليربط بوخارين مصيره بستالين فقد غير مساره الفكري 360درجة متحولا ال داعية ومنظر و أيديولوجي لليمين ! و أصبح في سنوات 1924-1925 مروجا لذلك الاتجاه اليميني الساعي للاعتدال و " الانتهازية " وكمدافع عن الكولاك اقتصاديا و سياسيا وايديولوجيا. وهذا التحول الكبير لدى بوخارين من اقصى اليسار الى اقصى اليمين داخل الحزب ليس تطورا طارئا حدث فجأة، او هو مجرد مزاجا عاطفيا عارضاً. فيسارية بوخارين المتشددة كانت تستمد النسغ و تعول على ثورة وشيكة في اوروبا وخاصة في المانيا . كحال اغلب البلاشفة الذين كانوا ينتظرون تلك الثورة الاوروبية بلهفة ، ويعتقدون بقرب حدوثها الى درجة اليقين ! - هذا ماكان عليه حال لينين و تروتسكي بشكل رئيسي !- تلك الثورة التي " لو " كانت حدثت لأخذت بيد روسيا المتخلفة الفلاحية الى افق الاشتراكية الواعد و الرحب . فطبقة عاملة روسية صغيرة و ضعيفة تسورها الملايين من الطبقة الفلاحية الضخمة ولكن المتخلفة و المتعلقة بالملكية الخاصة و أوهام الارثذوكسية المبلدة ! لايمكن أن تحقق أو تمضي في طريق الاشتراكية بدون تلك الثورة الاوربية المتلاحقة تباعا والمنتظرة وخاصة من المانيا . كان بوخارين واحدا من اكثر البلاشفة اقتناعا بذلك ، وأيمانا به . لكن بدأيشعر ان البلشفية باتت محاصرة و معزولة و وحيدة دون عون أمام جحافل الفلاحين الروس. لذا يجب ترك المبادرة لهم في تنمية و تطوير وزيادة الانتاج الزراعي . بعد فقدانه الامل نهائيا بقيام الثورة في اوربا المتطورة صناعيا و حليف البلاشفة في الثورة العالمية. لهذا وقف بوخارين الى جانب ستالين متبنيا بدعته عن " الاشتراكية في بلد واحد" ! . وأنقلب على عقبيه : من الايمان الحماسي بالثورة العمالية الاوربية ، والتوقع لانهيار وشيك للرأسمالية و قيام الثورة العمالية في الغرب ! الى الانكفاء والتراجع و القناعة ب" استقرارها" - الرأسمالية- و لحقبة طويلة قادمة . فقد كان يرى ذبول و اصلاحية الحركة العمالية في الغرب و مغادرة العمال لسوح النضال الطبقي الثوري كحلفاء و رفاق لمد الدعم للثورة الروسية الظافرة،ولكن العاجزة لوحدها للمضي قدما، هو الذي جعل البلاشفة مضطرين للتوجه صوب الموجيك الروسي ! والاعتراف بهم كأصدقائهم و حلفائهم الحقيقيون والوحيدون. وكان بوخارين يصبو لاقامة تحالف دائم و أستراتيجي ، و على أسس أوسع و أشمل وأكثر فاعلية مع طبقة الفلاحين ، و دون لعب الورقة القديمة التي لم تعد صالحة ، ورقة الفلاح الفقير ضد الفلاح الغني ! و أستخدام الورقة الجديدة الاكثر واقعية و سداداً، ورقة " الفلاحين الاغنياء" . ومن هنا رفعه لشعاره المبتكر " أغتنوا" ! لكن هذا كان يعني بلا لبس : ايقاف أو تجميد الصراع الطبقي في الريف ! هذا على الاقل مافهمه خصوم مشروعه- واحدهم ستالين-. كان هذا موقف بوخارين في المسألة الزراعية فقد عد تحالف البلاشفة. مع الفلاحين الفقراء ضد الاغنياء في اطار " النيب" لم يسفر عن اي نتائج ايجابية بأتجاه تنمية الريف و تطويره و رفع وتائر الانتاج الزراعي ، ولم يكن واردا في تصور اي بلشفي أن نزع الملكيات من ملايين الفلاحين اصبح أمرا ممكناً وشرعياً والذي كان في نفس الوقت يتعارض بل يتقاطع مع الماركسية - ذلك الاجراء الذي اعتمده و مضى في تنفيذه دون تردد او هوادة ستالين فيما بعد !-. كان بوخارين قد بات واقعيا في افكاره . وهذا ما لم يفهمه الجناح اليساري الداعي للتصنيع السريع، و فرض الكولخوزات قسريا لتشريك الريف - قسرية ستالين ، وكان عليها بعض التحفظ!- كان بوخارين على العكس من ذلك يرى أن يُترك الفلاحين لشأنهم ، و يدعوهم لان " يثروا " ! فهدف النيب " السياسة الاقتصادية الجديدة " الفعلي وحسب تصور لينين له، والذي هو مشروعه لمرحلة مابعد الحرب الاهلية ، ولحقبة زمنية تمتد لعقود ، وكان يتطلب استخدام المنشأت الزراعية الخاصة لاعادة بناء روسيا أقتصاديا ، ونحو مزيدا من التراكم . و كانت المصلحة العليا للافق "الاشتراكي" تتطلب التنمية للثروة القومية و لايمكن ان تتضرر تلك المصلحة فيما لو أن مجموعات أو افراد "اغتنوا" لانه في نفس الوقت كان اغتناءا للامة . فثرائهم هو ثراء الامة ، هكذا كان بوخارين يطرح رؤيته لافق التطور الروسي والتي دعته لاطلاق شعاره المعروف :" أغتنوا" . ولكن ما كان غافلا عنه بوخارين ،او لم يكن اولوية له ،هو أن الكولاك كانوا يغتنون على حساب الفلاحين الفقراء بشراء اراضيهم ! و يضعون اسعاراً باهضة لسلعهم الغذائية فيعجز سكان المدن من عمال و شرائح دنيا فقيرة عن شراءها ، وكان الكولاك يتملصون ايضا بخبث و مكر من الضريبة ، ليتحملها و ينوء بعبئها الفلاحون الفقراء وحدهم!. وقد جرت مساجلة حادة بين قطبي الشيوعية المتناقضين : بوخارين من جانب و بريو براجنسكي التروتسكي من الجانب الاخر. بين الموقف الشعبوي البوخاريني و بين الموقف العمالي اليساري و الداعي للتصنيع عبر التراكم البدائي القاسي، كما بينه بريو براجنسكي في كتابه :" الاقتصاد الجديد" . فبينما كان بوخارين يدعو للسير ببطء السلحفاة!، ولكن في الطريق الذي يعتقد بأنه يقود للغاية المرتجاة - ساحبين عربة الفلاحين الضخمة في دروب وعرة !. كان بريو براجنسكي يرى على العكس و الضد هو الطريق الصحيح و الوحيد للبناء الاشتراكي فهو يقول :" علينا ان نجتاز حقبة الانتقال بأسرع ما يمكن .. نحن خاضعون للقانون الجديد للتراكم البدائي الاولي ". كان من الصعب التوفيق بين هذين البرنامجين المتناقضين - برنامج السلحفاة و برنامج الارنب!- و نحن لانقف مع أو ضد أي من الطرفين و لانرمي لعرض كامل طروحات بوخارين ، ولكن لنبين اوجه الخلاف و تطور الصراعات التي حسمها ستالين بأراقة واهدار دم الرفاق!لالشيء سوى الاختلاف في الرؤى والافكار والتوجهات،والتي باتت بسلطة ستالين هرطقات ومروق عن تمامية اعتقاد المفتش الاعظم!!لذى يجب نصب المحارق للمشعوذين والكفرة!!!.... ........................................... وعلى الاخاء نلتقي...
#ماجد_الشمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بوخارين..كوبا/الهرطوقي الرجيم والمفتش الاعظم!!!(1-12)
-
تحرر المرأة...آفاق وخيارات...(3)
-
تحرر المرأة...آفاق وخيارات...(2)
-
تحرر المرأة...آفاق وخيارات...
-
شجون الفوات!!!(7-الاخير)
-
شجون الفوات!!!(6)
-
شجون الفوات!!!(5)
-
شجون الفوات!!!(4)
-
شجون الفوات!!!(3)
-
شجون الفوات!!!(2)
-
شجون الفوات!!!(1)
-
ايتها المضطهدات...ليكن يومكن المجيد كل الايام..
-
رد على تعليق السيد النمري!.(5-الاخير)
-
رد على تعليق السيد النمري!.(4)
-
رد على تعليق السيد النمري!.(3)
-
رد على تعليق السيد النمري!.(2)
-
رد لاطم على تعليق واهم للسيد فؤاد النمري!!!.
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(الاخير)
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(27)
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(26)
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|