|
شخصية منمصر: دكتور فرج فودة
محفوظ أبو كيلة
الحوار المتمدن-العدد: 4826 - 2015 / 6 / 3 - 12:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
فرج فوده ( 20 أغسطس 1945 - 8 يونيو 1992 ) كاتب ومفكر وسياسى مصري. ولد في بلدة الزرقا بمحافظة دمياط، حصل على درجة البكالوريوس في الإقتصاد الزراعي من جامعة عين شمس في يونيو 1967، وفي الشهر نفسه استشهد شقيقه الملازم محيي الدين فودة - والذي كان يصغره بعام واحد - في حرب 5 يونيو 1967، ولم يتم العثور على جثمانه. شارك فرج فودة في مظاهرات الطلبة الغاضبة لعدم جدية محاسبة المسؤلين عن النكسة فى فبرايرعام 1968 واعتقل لعدة أيام. عمل معيدا بكلية الزراعة في جامعة عين شمس، وحصل على درجة الماجستير في الإقتصاد الزراعي عام 1975، ثم على درجة دكتوراه الفلسفة في الإقتصاد الزراعي من جامعة عين شمس في ديسمبر 1981، وكان عنوان رسالته : "اقتصاديات ترشيد استخدام مياه الري في مصر. عمل مدرسا بجامعة بغداد في العراق، ثم خبيرا اقتصاديا في بعض بيوت الخبرة العالمية، ثم أسس مجموعة فودة الإستشارية المتخصصة في دراسات تقييم المشروعات بالتوازى مع مهنة التدريس. غير أن الإضطرابات السياسية التي شهدتها تلك الفترة، و نمو الجماعات الإسلامية خلال السبعينيات - التى انتهت باغتيال الرئيس السادات في 6 أكتوبر 1981، وانتصار الثورة الإسلامية في إيران في 1979- خرجت به من مهنة التدريس الجامعي إلى العمل السياسي العام فى 1978.عند عودة التعددية الحزبية في عهد الرئيس السادات، ادرك فرج فودة أن القوي السياسية الوحيدة المنظمة في الساحة المصرية آنذاك هى قوى الإسلام السياسى بكافة إتجاهاته، وهي إتجاهات قد تتنافر في الأساليب، لكن يمكنها بتلقائية شديدة أن تتلاقى في هدف واحد يشمل الإخوان المسلمين والجهاديين. ودعى لمواجهة هذه القوى بتشكيل كيان سياسي، يؤمن بالديمقراطية، ويكون قادرا على اجتذاب جميع الإتجاهات الليبرالية في مصر، ليس فقط كفكر مجرد، بل كتجمع شعبى أكثر منه أيديولوجية سياسية، وانطلاقا من هذه الرؤية شارك فرج فودة في تأسيس حزب الوفد الجديد، لاعتقاده بالتقاء الخصائص السابقة فيه وفي تراثه التاريخي، واعتبر أن الصراع السياسى في مصرسيكون بين كل من الوفد وتيار الإسلام السياسي المتطرف. وسوف تكون لكل منهما قواعده الشعبية. وسوف يلتف حول الوفد جميع المؤمنين بالديمقراطية والوحدة الوطنية، أفرادا ومنظمات. وعلى ضوء هذا الصراع سوف تتحدد ملامح القوى السياسية: الإنتماء للمستقبل أم للماضي، الديمقراطية أم الإرهاب، الليبرالية أم القهر. وقد أورد أفكاره السياسية في كتابه الأول "الوفد والمستقبل" (1983). ولقد كانت أول وآخر معاركه داخل حزب الوفد الجديد هى التى خاضها لمنع تحالف الحزب مع الإخوان المسلمين في الإنتخابات البرلمانية في عام 1984. ولكنه فشل في منع هذا التحالف، وخاض الوفد الإنتخابات متحالفا مع الإخوان خاذلا أعضائه من التيار العلمانى الذى كان يعد عامودا أساسيا داخل الحزب، مما أدى إلى إستقالة أفراده فى يناير 1984. حاول تأسيس حزب سياسي أسماه "المستقبل" غير أن لجنة شئون الأحزاب في مجلس الشورى رفضته مرتين، خضوعا للحملة التى قادتها جبهة علماء الأزهر. خاض العديد من المعارك الفكرية والساسية دفاعا عن مبادئ الدولة المدنية من علمانية ووحدة وطنية و عن حق المواطنين فى حياة كريمة إنسانية حضارية. الّف خلال تلك الفترة عددا من كتبه الهامة ، منها "قبل السقوط" (1984)، و"الحقيقة الغائبة" (1984)، و"الملعوب" (1985)، و"الطائفية إلى أين؟" (1985) بالاشتراك مع يونان لبيب رزق وخليل عبد الكريم و"حوار حول العلمانية" (1987). ولاقت هذه الكتب إهتماما كبيرأ، وطبع منها العديد من الطبعات ودرس بعضها في الجامعات والمعاهد الأجنبية. كما كتب عددا كبيرا من المقالات في جرائد المعارضة ، وعددا أقل في الجرائد القومية،.. وفي يوليو 1991، بدأ فى كتابة مقال منتظم في مجلة أكتوبر، كما تمت استضافته فى حلقات دورية على التلفزيون التونسي. وشملت أنشطته بالإضافة إلى كتاباته الكثير من الندوات والمناظرات والمؤتمرات السياسية وخوض الإنتخابات البرلمانية. كتب فرج فودة كتابه النذيرعام 1988 محذرا من تغول التيار الإسلامي ، خلص فيه إلى أن التيار الإسلامي قد نجح بالفعل في تكوين دولة موازية لها إقتصادها المتمثل في بيوت توظيف الأموال وشركات التجارة والمقاولات الإسلامية، وجيشها المتمثل في الجماعات الإسلامية المسلحة، وكيانها السياسي المتمثل في تنظيم الإخوان المسلمين رغم حظره قانونيا. كذلك اخترق التيار الإسلامي المؤسسة الدينية الرسمية بالأزهر والأوقاف، وسيطر على جريدة اللواء الإسلامي التي يصدرها الحزب الوطني . كما اخترق أيضا جهاز الإعلام الحكومي. إلا أن فرج فوده كان موقنا من الإنتصار واثقا فى المستقبل، مشبها خسارته في الإنتخابات بسبب دفاعه عن العلمانية، بخسارة أحمد لطفي السيد أبو الليبرالية المصرية، الذى خسرالإنتخابات في العشرينيات من القرن الماضى بسبب دفاعه عن الديمقراطية مما عد مخالفا للإسلام آنذاك، موقنا بأن العلمانية ستصبح مقبولة في مصر كما أصبحت الديمقراطية مقبولة فى هذا الزمان. أثارت كتاباته ونشاطاته المنتشرة والمتفاعلة مع الحركة السياسية والثقافيىة جدلا واسعا بين المثقفين والمفكرين ورجال الدين، واختلفت حولها الآراء وتضاربت. شارك في مناظرة أولى حول الدولة المدنية والدولة الدينية فى اطار فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب فى يناير1992، ثم شارك في مناظرة ثانية في الإسكندرية في مارس من نفس العام. وعلى أثر تلك المناظرات التى سببت إحراجا فكريا وسياسيا للتيار الإسلامى على نطاق واسع فى أوساط المثقفين المصريين، تعرض فرج فودة إلى حملات شرسة إستهدفت شخصه وأسرته وعقيدته، منها على سبيل المثال، إدعاء الشيخ صلاح أبو إسماعيل أن فرج فودة قد دعا في كتابه "قبل السقوط" إلى إباحة الزنا، طالبا منه أن يأتي له بزوجته وأهله، فإذا فعل فلا كرامة له، وإذا لم يفعل فهو أناني، وهو ما لم يرد عليه فرج فودة. كذلك أشاع بعض أنصار التيار الإسلامي أن ابنته متزوجة من السفير الإسرائيلي، وأنه يقيم حفلات جنس جماعي أثناء ندواته في جمعية تضامن المرأة العربية، وهاجمته إحدى الصحف القومية بأن برنامجه السياسي يتلخص في "حماية الزناة والسكارى"، وادعت صحف الوفد والأحرار والشعب بأنه غير حاصل على شهادة الدكتوراه مما دفعه لنشر تكذيب في مجلة آخر ساعة موثقا بصورة شهادة الدكتوراه الصادرة من جامعة عين شمس. وفي 3 يونيو 1992، أصدرت جبهة علماء الأزهر بياناً بتكفيره نشر بجريدة النور. وبعدها بخمسة أيام في 8 يونيو 1992، قام مسلحان منتميان للجماعة الإسلامية باغتياله أمام الجمعية المصرية للتنويرالتى كان خارجا منها مع أبنه. اعتبر البعض أن المناظرة الشهيرة بين فودة و نائب المرشد العام مأمون الهضيبى، بمعرض الكتاب فى يناير كانت السبب الرئيسى فى صدور فتوى قتل واغتيال فرج فودة،. وفي مواجهة مع المتهيمن، سأل القاضي أحدهم، عن سبب قتله لفرج فودة وكانت إجابته "لأنه كافر"، وعندما سأله القاضي عن أي كتاب قرأ مايثبت كفرة ، فكان رد القاتل: "أنا لا أقرأ ولا أكتب". كان فرج فودة قد تنبا بخريطة مسقبل مصر، في كتاباته عما أسماه بـالدائرة المفزعة، والتي تقضى بأنه فى ظل غياب المعارضة المدنية، سوف يؤدي الحكم العسكري إلى السلطة الدينية، ولن ينتزع السلطة الدينية من مواقعها إلا إنقلاب عسكري، يسلم الأمور بدوره، إلى سلطة دينية جديدة، وسوف ينتج عن هذا الصراع بعد زمن يطول أو يقصر.... بلورة للقوى الليبرالية العلمانية الوطنية تتمكن من حسم الصراع لصالح بناء الدولة الوطنية الحديثة.
#محفوظ_أبو_كيلة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دكتور فرج فودة: شخصية من مصر
-
هيباتيا: شخصية من مصر
-
-;-كيف تشكلت دولة الجزائر
-
كيف تشكلت دولة تونس
-
كيف تشكلت دولة ليبيا
-
كيف تشكلت دولة السودان
-
كيف تشكلت دولة لبنان
-
كيف تشكلت دولة سوريا
-
كيف تشكلت دولة العراق
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|