صادق احمد
الحوار المتمدن-العدد: 1336 - 2005 / 10 / 3 - 12:04
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لم يكن عمر كارل ماركس قدى تعدى الخامسة والعشرون حينما وصف النظام القائم في وقته بما يلي"لقد اظهرت البرجوازية مالم يفعله أي نظام من قبل – مدى الطاقة الكامنة في النشاط البشري. واستطاعت ان تحقق عجائب لاتقل ضخامة عن عجائب الاهرام المصرية والجسور الرومانية, وعلى الرغم من انه لم يمض على تحكمها قرن واحد من الزمن فقد تمكنت ان تخلق قوى انتاجية تخطت بعددها وقوتها الهائلة كل ما تمكنت ان تحققه الاجيال السابقة مجتمعة))((1)).
هذا القرن الواحد الذي وصفه ماركس حينما كان شابا والذي في خلالها استطاعت البرجوازية ان تقوم بعمل الاجيال السابقة مجتمعة لايذكرنا الى بالقرن الذي امتد من 1848 وحتى 1948. فعام 1848 هو العام الذي اصدر فيها ماركس مع ا انجلز "البيان الشيوعي"((2)) الذي احتوى على خلاصة فلسفتهما الاجتماعية حيث حددا فيه الطابع الطبقي الاستغلالي للنظام الرأسمالي ودعا العمال الى الثورة, وكان البيان بمثابة برنامج لاول تنظيم للشيوعيين. اما عام 1948 فقد كانت مايقارب نصف الارض يؤمنون بالماركسية لاقامة مجتمع خالٍ من الاستغلال.
لقد كان ماركس صادقا حينما وصف البرجوازية بانها واحدة من عجائب الدنيا وما قامت به هذه الطبقة خلال قرن واحد, كان يوازي عمل الاجيال السابقة. واني لااذهب بعيدا عن الحقيقة حينما اقول ان ماقام به فكر رجل واحد فقط خلال قرن واحد كان يوازي ما قامت به طبقة تمتلك كل وسائل الدفاع والهجوم, طبقة كانت تمتلك وسائل الانتاج.
لقد كان ماركس عبقريا, موضوعيا, ثوريا, انسانيا الى ابعد الحدود باعتراف مؤيديه, ومعارضيه على السواء, درس التاريخ والاقتصاد والفلسفة والسياسة بطريقة جديدة وكانت نظرياته في كل هذه الفروع متكاملة الى ابعد الحدود, وكان نظرياته الى المجتمع نظرية كلية ارتبطت مكوناتها ببعضها ارتباطا متماسكا ليفضح بنظراته الثاقبة قوانين اكثر الانظمة تطورا, وبعد كل هذا كان ماركس "نبيا", تنبأ بمصير ذلك النظام وتنبأ لحلم الانسان في مجتمع خالٍ من الطبقات.
وحتى ندرس اليسار العراقي لابد من دراسة اليسار عامة فكرا وتطبيقا, وحتى ندرس اليسار لابد من دراسة ماركس نظريا وتطبيقاتها عمليا, ان انحسار اليسار في العالم في العشر السنوات الاخيرة متمثلة في اصطباغ في الولايات المتحدة وتحويل بعض الانظمة الشيوعية الى ديكتاتوريات غير قابلة للاهتزاز (الصين, كوبا, كوريا الشمالية), وسقوط بعضها الاخر وتحولها الى دول رأسمالية في دور النمو (روسيا) وانحسار دور الاحزاب الشيوعية في الدول النامية (الدول العربية, شمال افريقيا, امريكا اللاتينية), وما يقابل كل هذا التطور الصناعي والتكنولوجي الهائل في الدول الرأسمالية ومارافقها من تغيرات ديمقراطية متجذرة الى حدٍ ما, كل هذا يجعلها امام سؤال واحد وصريح: ما مدى امتداد الخطأ في تطبيق الفكر الماركسي, ام ان الخطأ تمتد عميقا في النظرية نفسها, وهل من الممكن اعادة قراءة الفكر الماركسي في اطار الماركسية نفسها ام ان النقد الهدام يجب ان يأتي من المعسكر الرأسمالي فقط؟
ليست هذه المقالة دراسة علمية بالمعنى الدقيق للكلمة, فبالاضافة الى انها مجموع ملاحظات اولية فأنني سوف لن اتطرق كثيرا الى الجزء النظري المعروف من النظرية الماركسية بل انني سوف احاول طرح مجموعة مواضيع اراها مهمة في المرحلة الحالية واترك بقية الموضوع للاختصاصيين في التنظير الماركسي لكي ينوروا لنا الطريق بسلبياتها وايجابياتها وراجين من هؤلاء ان يكونوا ماركسيين من الضمير قبل العقل (كما قال يوسف سلمان), فالجزء المقدس من اية نظرية يجر الانسان الى عاطفة يبررها العقل, عاطفة تشبه عاطفة الشعور بالانتماء القومي او الديني او الديني او الفكري حتى وما أبعد كل هذا عن الضمير الموضوعي, وما اقرب من النظرية الماركسية الى التقديس ومؤسسها نبي تنبأ بمصير الانسان والطبقات كلها.
والنقطة الثانية التي اود توضحيها ان هذه المقالة هي اعادة قراءة اليسار فكرا وتطبيقا أي انها دراسة نقدية تسند على اساس انه لايوجد فكر أو نظرية مطلقة تصلح لكل زمان ولكل مكان وكل نظرية قابلة للنقد والتغيير, والتطوير هي أكثر النظريات واقعية واكثرها علمية ولاثبات هذا الكلام لن استعين الا بكلمات انجلز نفسه ((ليس هنالك بالنسبة للفلسفة الديالكتيكية, شيء نهائي, شيء مطلق, مقدس, انها ترى حتمية الانهيار في كل شيء, ولايوجد شيء يستطيع الصمود في وجهها الا المجرى المستمر للنشوء والزوال, للصعود اللامتناهي من ادنى الى اعلى. وهي ليست الا انعكاس بسيط لهذا المجرى في الدماغ المفكر))((3)) واود ان أركز على الجملة الاخيرة من كلام انجلز لاستخلص منها بعض الاشياء المهمة, فعندما قال ((وهي ليست الا انعكاس بسيط لهذا المجرى في الدماغ المفكر)) لتلك التغييرات الهائلة التي تشهدها الواقع, والنقطة المهمة الثانية ان هذا الانعكاس الذي يحدث بهذه البساطة في الدماغ المفكر انما يحدث هكذا نتيجة قصور واضح في الدماغ المفكر, والا لما كان الانعكاس بهذه البساطة ولما ان جزء بسيطا من واقع اوسع واكبر, فدماغ الانسان ليس بذلك الجهاز المتكامل الذي يستطيع تصوير الحقيقة بكاملها, ففكر أي انسان يتأثر الى حد بعيد بمجموع معطيات نفسية واجتماعية وحضارية ومن المستحيل تجريد دماغ أي انسان من هذه العوامل ليفكر بصورة مطلقة ليصل الى حقائق مطلقة (وبالرغم من ان الماركسية نفسها لاتؤمن بالحقائق المطلقة فان الماركسيين من بعد ماركس اعتبروا ما جاءت بها النظرية هي حقائق مطلقة تصور مصير الانسان بوضوح ونقاء لا تشوبه شائبة)).
سوف احاول ان اطرح الجوانب السليبة من الفكر اليساري وتطبيقاتها لأننا بحاجة لمراجعة انفسنا في هذه المرلحة الحرجة, ولن اتطرق للجوانب الايجابة لهذا الفكر وذلك لسببين.. اولهما انني شخص ذو تربية اجتماعية ونفسية يسارية وانتمي شخصيا لهذه المدرسة, فلا داعي ان يمدح الانسان المدرسة الفكرية التي ينتمي اليها, وثانيهما ان ايجابيات الفكر اليساري متثملة في التضحيات الكثيرة التي قدمها هذا الفكر لاجل العدالة الاجتماعية. اقول ان هذه التضحيات واضحة جدا في التاريخ الحديث كوضوح الشمس في رابعة النهار ومهما تكلمنا عن سلبيات هذا الفكر فانه يبقى الفلسفة الواقعية المعاصرة, الفلسفة الماركسية التي هي فلسفة البشر الذين لايعرفون الانتماء الدين او القومي او الوطني الضيق, الفلسفة التي كانت وتبقى حلم الانسان.
النظرية
امتد كتابة النظرية الماركسية مايقارب الاربعة عقود أي من 1843 حينما كان عمر ماركس في الخامسة والعشرون وحتى 1883 سنة وفاته, وخلال هذه الفترة تكاملت النظرية حول كل فروع المعرفة تقريبا انذاك من علم التاريخ, الفلسفة, الاقتصاد, السياسة, وصولا بعلم الاجتماع, وكانت النظرية مترابطة في كل فروعها ترابطا عضويا بحيث لايمكن الحديث حول احدى فروعها دون التطرق للفروع الاخرى. ما يهمنا في هذه الدراسة هي الجزء المتعلق بتحليل النظام القائم انذاك (الرأسمالية) وكذلك الحلول او السبل التي حددها النظرية لتخطي هذا النظام الرأسمالي وبناء مجتمع خالٍ من الاستغلال والطبقات. بداية يجب ان نكون على بينة انه وحتى في العلوم الطبيعية التجريبية حينما تكون هناك دراسة لصفة واحدة في جانب واحد من احدى الفروع العلمية مع الاخذ بنظر الاعتبار ان تكون المواد الاولية والظروف المساعدة لهذه التجربة تحت السيطرة العامة, اقول وحتى في هذه الحالة فان هناك احتمالان فاما ان تكون النظرية الصحيحة حسب نتائج التجربة واو ان تكون غير صحيحة وايضا اعتمادا على النتائج.
اما اذا كانت نظرية ما تحاول تفسير نشاط انساني لها اصول اقتصادية وتاريخية وايديولوجية بل وتحاول ان تفسر التاريخ الماضي كلها وتضع صوب اعيننا الطريقة المثلى للوصول نحو مجتمع مثالي في القرون القادمة, اقول ان نظرية كهذه لابد لها ان تتعرض للخطأ والصواب كأساس منطقي لاعتبارها نظرية علمية, فالنظريات العلمية وحدها تكون فيها احتمالية الخطأ والصواب اما النظريات المثالية فهي مثالية ومتكاملة وغير قابلة للنقض من وجهة نظر واضعيها.
يقول ماركس ان المجتمع يكون ((رأسماليا)) حين يملك الافراد وسائل الانتاج فيه ويكون الانتاج فيه لمصلحة هؤلاء الافراد.
((والانتاج)) هو اساس كل نشاط اقتصادي فلا يمكن تبادل اية سلعة قبل انتاجها, والانتاج له طابع جماعي أي ان عملية ((الانتاج)) لايحدث الا باشتراك مجموعة من الافراد.
والطريقة التي يتم فيها انتاج السلع تسمى بأسلوب الانتاج, وفي النظام الرأسمالي يكون ((اسلوب انتاج رأسمالي)).
((واسلوب الانتاج)) يتكون من عنصرين اساسيين: قوى الانتاج وعلاقات الانتاج. ويتكون قوى الانتاج بدوره من ثلاثة عناصر اساسية هي:-
• ادوات الانتاج (المواد الاولي, المباني)
• الاشخاص الذي يستخدمون ادوات الانتاج
• كذلك الخبرة اللازمة للانتاج.((4)).
اما علاقات الانتاج, فيمكن تعريفه بانها العلاقات الاجتماعية التي تنشا بين الافراد بهدف الانتاج.
ويعتمد اسلوب الانتاج الرأسمالي على ثلاثة مكونات اساسية هي:-
• الملكية الفردية.
• السوق الحرة.
• الانتاج من اجل الربح.((5))
وحسب النظرية الماركسية فلا يوجد اسلوب انتاج ازلي لايتغير وبالنسبة لاسلوب الانتاج الرأسمالي فانه يحمل تناقضاته في صميمه والتناقض الاساسي فيه هو التناقض بين الملكية الفردية لوسائل الانتاج او ادوات الانتاج, والطابع الجماعي للانتاج. وان هذا التناقض سيؤدي بدوره الى تغير في اسلوب الانتاج وفق القانون الاتي:-
((ان قوى الانتاج هي التي تتغير اولا, وليست علاقات الانتاج))
اذ ان قوى الانتاج هي العنصر الثوري وقوى الانتاج كما اسلفنا تتكون من ثلاثة عناصر: -
1) ادوات الانتاج وهي التي تتغير اولا.
2) الاشخاص الذين يمكلون القوة والخبرة ويكون الاشخاص لهم الدور المهم في عملية تغيير اسلوب الانتاج.
وفي اسلوب الانتاج الرأسمالي يقوم مجموعة قليلة من الافراد باستخلاص فائض القيمة من مجموع الاشخاص الذين يكونون جزء مهم من قوى الانتاج.
تقوم الطبقة التي تتكون من افراد يملكون وسائل الانتاج (البورجوازية) باستغلال (أي استخلاص فائض القيمة) من الطبقة العاملة (الجزء المهم من قوى الانتاج, وبما ان قوى الانتاج هو الجزء الثوري من اسلوب الانتاج الرأسمالي فان الطبقة العاملة هي الجزء الثوري الذي يقع على عاتقه تغير اسلوب الانتاج الرأسمالي.
ويمكن اختصار السلسلة المستقبلية لهذه العملية بقول ماركس الشهير:
((كلما تتطور الرأسمالية فانها سوف تطور السلاح الذي سوف يقتل نفسه به)) فبالاضافة الى تناقضات النظام الرأسمالي فبتطوره يتطور معه ذل السلاح الذي يقتل نفسه به, ذلك الجزء الثوري من اسلوب الانتاج الراسمالي أي (الطبقة العاملة)).
ولكن الموضوع لا ينتهي بهذا الشكل فالطبقة العاملة ((بذاته)) لا تستطيع ان تلعب هذا الدور الخطير بل لابد ان يكون هناك تنظيم لهذه الطبقة, وتلعب الاحزاب الثورية الدور المنظم في هذه العملية متمثلة بالاحزاب الشيوعية التي تقود الطبقة العاملة الى الثورة وبناء المجتمع الشيوعي.
يمكن اختصار التفسير الماركسي للنظام الرأسمالي ومستقبله بما يلي:
1) النظام الرأسمالي تكونت ضمن اطار انتاج صناعي.
2) تمتلك مجموعة صغيرة من الافراد ادوات الانتاج بينما تكون قوة الانتاج جماعية.
3) وهذا يؤدي الى تناقض واضح في اسلوب الانتاج.
4) وتنيجة هذا التناقض فان الجزء الذي يتغير في هذا الاسلوب هو قوة الانتاج.
5) تلعب الطبقة العاملة الدور المهم في عملية التغيير.
6) كلما تطورت النظام الرأسمالي كلما يتطور ويكبر الطبقة العاملة.
7) ولذلك فان الطبقة البرجوازية هي التي تخلق هذا النظام وتكون الطبقة العاملة نتيجة هذا النظام.
8) لايمكن للطبقة العاملة القيام بعملية التغيير الا بوجود تنظيم شيوعي تقوده.
واعتمادا على ما ذكرناه اعلاه فقد توقع ماركس حدوث الثورات الاشتراكية في الدول الراسمالية المتطورة أي (بريطانيا, فرنسا, المانيا) وتأخرها في البلدان المتخلفة صناعيا لعدم نمو وتطور البرجوازية مما يؤدي الى عدم نمو الطبقة العاملة وتنظيماتها الشيوعية.
ماذا حصل في الواقع:
الذي حصل في الواقع انه لم يحدث اية ثورات في الدول الراسمالية المتطورة, ولم يتمكن الاحزاب الشيوعية في هذه الدول القيام بالدور التاريخي في قيادة الطبقة العاملة لبناء مجتمع خال من الطبقات, ففي هذه الدول تحول الرأسمال الذي كان يملكه افراد الى الجماعات الرأسمالية (الشركات) ومهد هذه الشركات بواسطة التركيز الشديد والاحتكارات والاتفاقات الدولية كل هذا ادى الى ظهور قوة ضخمة للتحكم في الانتاج والسوق والاستهلاك ثم اصبحت الرأسمالية عالميةً أي تملك الاموال وتفرض الصناعات عن طريق البنوك والاحتكارات. تلك هي المشكلة, تلك هي اللاتوافق بين النظرية والواقع تلك هي ((الكارثة)).
ان الامر لم ينتهي هنا بل امتد عكس توقعات ماركس الى حد بروز تنظيمات شيوعية قوية في دول مازال في بداية التطور الصناعي بل وحتى في دول فيها اسلوب انتاج اقطاعي تعتمد على الزراعة او حتى في دول متخلفة تعتمد في اقتصادها على الرعي والبداوة. اما الدول الرأسمالية المتطورة فقد اصبحت فيها الاحزاب اليسارية لاتعتمد على الثورة لتغيير الوضع الاستغلالي للمجتمع الرأسمالي بل بدأت تعتمد تدريجيا على اسلوب الديمقراطيات الليبرالية على النمط الغربي واصبح الوصول الى السلطة وشرعية السلطة تعني الانتخابات البرلمانية وليست الثورات العمالية, والاحزاب الشيوعية في الدول الغير المتطورة اقتصاديا أي الغير صناعية وفيه اسلوب انتاج اقطاعي او ما قبل الاقطاع فيمكن وصفها في محورين:-
المحور الاول: من ناحية البنية التحتية قامت هذه الاحزاب الشيوعية التي وصلت الى السلطة تلعب دور الطبقة البورجوازية وذلك بتصنيع الدولة و تحويلها الى النظام الرأسمالي (بشكل رأسمالية الدولة)و اصطبغت بجميع سلبيات ذلك الدور في بناء صناعة وطنية راسمالية.
المحور الثاني: من ناحية البنية الفوقية اصطبغت الاحزاب الشيوعية بالنزعة القومية عند قيامها ببناء الرأسمالية علىانقاض الاقطاع والصناعات الحرفية او حتى اصطبغت بالنزعة الدينية او الطائفية اعتمادا على مستوى تطور الدولة. ومن الناحية السياسية تحولت الاحزاب الشيوعية التي وصلت الى سدة الحكم الى انظمة دكتاتورية مغلقة ذات نظام الحزب الواحد وانتهت الحريات الفردية والسياسية والتي كانت موجودة الى حد بعيد في الدول الراسمالية.
الثورة الروسية
عندما تنبأ لينين بامكانية قيام الثورة الاشتراكية في دولة هي الاقل تطورا في تصنيف الدول الراسمالية وقال ان الاوضاع الثورية في روسيا قد نضجت كان يقود الثورة بعبقرية ثورية وفلسفية بأيمان صارم كان ذلك عام 1947 ]في ذلك العام كان مجموع نفوس روسيا يبلغ (150) مليون شخص بينما كان عدد العمال في المشروعات الخاضعة لمراقبة المصانع حوالي مليوني عامل (أي ان نسبة العمال كان اقل من 2% من مجموع السكان)[((6)).
ان هذه النسبة يدل على مدى تخلف الصناعة في روسيا سنة الثورة ولكن رقما اخراً يضعنا امام حقيقة اخرى, حقيقة ان لينين كان على حق حينما قرر الثورة في روسيا, الرقم الاخر يقول ان عدد المضربين عن العمل في سنة الثورة بلغ (575) الف أي حوالي (30%) من مجموع العمال وهذا يدل على مدى قوة التنظيم لدى صفوف العمال.
تعتبر الثورة الروسية نموذج واضح على ظهور التنظيمات الشيوعية القوية في الدول المتخلفة وقيامها بالثورة على الاقطاع لتبني صناعة وطنية وراسمالية دولة متميزة وتحويلها على يد ستالين الى ثورة تحمل سمات قومية روسية وتكوين نظام الحزب الواحد المغلق وبناء نظام دكتاتوري كانت تأتي في مقدمة الانظمة الاستبدادية في القرن العشرين.
اعادة قراءة اليسار العراقي
ورغم كل ذكرناه فان ماقاله ماركس كان صحيحا الى حد بعيد ((حينما تتغلغل النظرية في عقول الجماهير فانها تغدو قوة مادية)) أي ان البنية الفوقية في اية مجتمع قد تكون لها الدور الحاسم في اطوار معينة من التاريخ كما حدث في روسيا, قلنا في اطوار معينة, اما اذا اعيدت التجربة متستسخة نقسمها الى حد ما في بلدان كثيرة ولمدة اطول فانها قد تبدوا مناقضة لنظرية ماركس الاساس ((ان البنية الفوقية هي نتيجة البنية التحتية)).
كان تأثير الكومنترن ((الدولية الشيوعية الثالثة)) واضحا في ظهور بذور الماركسية في العراق, فمن مقر الكومنترن في موسكو الذي اسسه لينين تم مخاطبة اهل مابين النهرين للنهوض لمكافحة الاستعمار الانكليزي وكان هذا في (1920), وفي الفترة نفسها تأسس اول جماعة ماركسية متكاملة في بغداد باسم (جماعة الافكار الحرة) باشراف رائد الحركة الشيوعية الماركسية في العراق (حسين الرحال) حيث رفع جماعة الرحال اول تقرير عن الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في العراق الى لينين, ثم تشكل اول حلقة ماركسية في البصرة عام 1927 وكان من انشط اعضاءها (يوسف سلمان يوسف).
وفي عام 1929 اعاد جميع الماركسيين صفوفهم تحت اسم (لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار) ثم تشكيل الحزب الشيوعي العراقي في (1934) وتشكلت اول لجنة مركزية للحزب في 1935.((7))
لو عدنا مرة اخرى الى النظرية واستذكرنا اساسياتها نرى التنظيمات الماركسية الشيوعية ما هي الا تنظيمات الطبقة العاملة (الجزء الثوري والمتغير من قوى الانتاج) وان هذه الاحزاب تنظم وتقود الطبقة العاملة الى الثورة, ولو اننا عرفنا ان الطبقة العاملة هي الطبقة حديثة التكوين ظهرت كنتيجة اسلوب انتاج معين وواضح وهو الاسلوب الرأسمالي, وان اسلوب الانتاج الراسمالي لن يتباناها الا طبقة اخرى سبقت الطبقة العاملة في التكوين وهي الطبقة البرجوازية, فاننا نستنتج من كل هذا ان التنظيمات الشيوعية ما هي الى نتيجة ظهور الطبقة العاملة التي هي نتيجة البرجوازية هذه البرجوازية التي لن تنمو الا ضمن نمط الانتاج الرأسمالي.
وبعد كل هذا لابد لنا ان نسأل اين كانت الطبقة العاملة في فترة تكوين الحزب الشيوعي العراقي؟ وكم كان وزنها وثقلها بين الجماهير؟
وحتى نجيب على هذا السؤال لابد لنا ان نسأل عن الطبقة التي تسبق عادة نمو الطبقة العاملة, لابد لنا ان نسأل اين كانت الطبقة البرجوازية؟ وحتى نجعل السؤال اكثر شمولية ليشمل تاريخيا اوسع نقول اين الطبقة البرجوازية العراقية؟
اين الطبقة البرجوازية؟
لو اننا وضعنا جانبا التسميات العامة جدا والتي تستخدمها الاحزاب الشيوعية في العراق, فهي قد تسمي كل انسان ميسور الحال بـ(البرجوازي) وتسمي كل من يقف ضد الحركة الشيوعية من طبقة وسطى وحتى كادحة بـ(البرجوازي) كما وتسمي كل مثقف متعاطف مع الحركة بـ(الشيوعي) وكل من يعمل في التنظيمات الشيوعية بـ(الرفيق, او الكادح او حتى بالعامل), اقول لو وضعنا التسميات العامة جانبا ووضعنا امام اعيننا ان الطبقة البرجوازية هي الطبقة التي تمتلك وسائل الانتاج الصناعي وتقوم باستخلاص فائض القيمة من الطبقة العاملة, والطبقة البرجوازية هي طبقة متماسكة لها مصالح مشتركة في فترة التكوين, فانه من الخطأ التأريخي ان نقول انه كان هناك طبقة برجوازية في العراق في فترة تكوين الحزب الشيوعي العراقي.
في بداية القرن العشرين كان سكان العراق لايتجاوز المليون والربع, كان هناك ثلاثة فئات من السكان هي كالآتي:
1)القبائل البدوية وكانت تشكل 35% من السكان.
2)القبائل الريفية وكانت تشكل 41% من السكان.
3)اهل المدن وكانت تشكل 24% من السكان.((8))
وفي منتصف القرن العشرين, في احصائية 1947 كان عدد سكان العراق ما يقارب الاربع ملايين وخمسمائة الف نسمة, تشكل سكان الريف والقبائل البدوية اكثر من الثلاثة ملايين نسمة أي انها تشكل 75%, بينما تشكل سكان المدن 25% فقط من السكان.((9))
ان المدن كما هو معروف هي التي سوف تحتضن الطبقة البرجوازية التي سوف تتكون طبعا بتوفر العوامل الاقتصادية الاخرى أي وجود انتاج منظم تعتمد على الصناعة ووجود تجارة حرة مع حرية حركة رأس المال. وبالاضافة الى العامل السكاني الذي ذكرنها والذي كان سببا في عدم تكوين بذور الطبقة البرجوازية فانه وبرأينا هناك مجموعة اسباب اخرى ادى الى تشويه هذه الطبقة اثناء نموها نذكر منها: -
1) العامل الاقتصادي الداخلي, فلم تكن هناك صناعة متطورة تقودها طبقة واضحة.
2) العوامل الخارجية, فلم تكن من مصلحة الراسمالية العالمية متمثلة في بريطانيا, لم تكن من مصلحتها ان تنمو طبقة برجوازية تقود صناعة وطنية, فقد كانت سياسة بريطانيا هو دعم الاقطاع والاغوات ودعم الايديولوجية الاسلامية كحاجز امام اية حركة تقدمية.
3) العامل السياسي, ان التغييران السياسيان المهمان في نهاية المَلَكية العراقية هو ثورة قاسم 1958, ووصول البعث الى السلطة في 1963 وتكملتها في 1968, وهذان التغييران ساعدا في تشويه البرجوازية العراقية كما يلي:-
أ/ ان ثورة 1958 التي قادها مجموعة من ضباط الجيش لم تكن الا مجموعة تغييرات غير جذرية رافقها مجموعة اصلاحات سياسية واقتصادية غير متكاملة وكانت هناك اوضاع متردية في الريف العراقي مع بعض الانتعاش في المدن مما ادى الى هجرة من الريف الى المدينة, وهذه الهجرة ادى الى نقل الايديولوجية الاقطاعية والدينية الى المدينة مما شكل عائق فكري امام البرجوازية التي كانت في فترة الولادة الغير الكاملة في المدن, ففي سنوات الثورة الاولى (ازداد سكان بغداد والبصرة مثلا باعداد كبيرة وكان مايقارب 20% من سكان المدينتين من الريف العراقي).((10))
ب/ ان وصول البعث الى السلطة بايديوليوجيته الفاشية كان في الحقيقة عائقا امام نمو كل فكر وكل طبقة ليست مسخرة لخدمة البعث, فالانتعاش الذي حصل بسبب واردات النفط سخر لمجموعة صناعات كانت بايدي الحكم البعثي بقبضته الحديدية ولم تجرأ اية طبقة ان تنمو خلال فترة حكم البعث منها البرجوازية العراقية, بالاضافة الى عاملين اخرين اراهما مهمة في هذه الفترة وهي الحروب المستمرة في فترة البعث والتي خلخلت نمو اقتصاد مستقر, والسبب الآخر هو هدم آلاف القرى في شمال العراق وتجفيف الاهوار في الجنوب وكل ذلك يغذي المدن بأيديولوجية عشائرية نتيجة الهجرة الى المدن.
ورغم ان بعض النظريات التي تقول بعدم وجود طبقات ثابتة في المجتمعات العربية وعدم امكانية تطبيق التحليل الطبقي الماركسي في هذه المجتمعات, اقول بالرغم من عدم وجود امكانية الجزم في هذا الموضوع, الا ان هناك مجموعة عوامل كان سببا في عدم استقرار الطبقات وتكوينها الصحيح في النصف الاول من القرن العشرين وهذه العوامل هي (الشكل السريع لمؤسسات الدولة الملكية, الكساد الاقتصادي العالمي لعام 1929, النقص الشديد في التزويد السلعي والتضخم اللولبي خلال الحرب العالمية الثانية والهجرة الجماعية لليهود أواخر الأربعينات, والتدفق المفاجئ لاموال النفط بعد عام 1952, تضاعف عدد سكان بغداد اربعة مرات بين 1922 – 1957).((11))
اذاً اين اليسار
اذاً كيف يمكن لليسار ان ينمو في مجتمع غير صناعي, لابرجوازية واضحة المعالم ولاطبقة عاملة بقاعدة واسعة, لقد ولد في العراق يسار كان يمثل صوت المعارضة ضد الاوضاع المتردية في العراق, ضد الاستغلال, ضد الحكومة العميلة وكان قاعدتها من المثقفين والطبقات الفقيرة والوسطى والعمال, ووصل الاتساع الى درجة فاق عدد الشيوعيين في العراق عدد العمال, هكذا اصبح الحزب الشيوعي العراقي يمثل كل الناس ويمثل العدد القليل للعمال, وكان يقف ضد كل الاوضاع السيئة بينما كانت العدوة التقليدية شبه غائبة (البرجوازية العراقية المشوهة).
وفي قمة قوتها وانتشارها لم يستطع اليسار ان تستولي على السلطة مثلما حدث في روسيا, وبقيت تمثل دور ذلك الحزب الوطني الذي يسعى لبناء الديمقراطية والمجتمع المدني وتطرح حلولها للمسائل القومية كالفيدرالية وحق تقرير المصير أي انها كانت تمثل دور البرجوازية الغائبة وكان لابد لها ان تتلطخ بسلبيات ذلك الدور, وانني اعجب حقا لبعض طروحات الماركسيين العراقيين في الوقت الحاضر بان الحزب الشيوعي العراقي كان حزبا قوميا برجوازيا, (لو اننا عرفنا ان اعضاء اللجان المركزية لهذا الحزب وعلى طول تأريخها كان 95% منهم من الطبقة الوسطى)((12)), ليس من المعقول ان نسمي ذلك الحزب بالبرجوازي في مجتمع لم تكن للبرجوازية وجود واضح, وانما كان الحزب الشيوعي يقوم ببعض ادوار البرجوازية الغائبة وهو مظهر لذلك.
اليسار والديمقراطية:
ان المكونات الاساسية للديمقراطية الليبرالية الحديثة تتكون مما يلي:-
التعددية الحزبية.
الحقوق والحريات الاساسية (حرية الاعلام والتنقل).
انتخاب الحكومة عن طريق الانتخابات.
فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.
فصل السلطتين المدنية والعسكرية.
وجود مؤسسة مستقلة تراقب الحكومة وكذلك سيادة القانون.
ان هذه المكونات ورغم كونها خطورة مهمة للتخلص من الانظمة الرجعية الاقطاعية والعسكرية الدكتاتوري الا انها وبالتأكيد غير كاملة وقد وجه اليسار انتقاداتها الواضحة لمثل هذه الديمقراطية كالآتي: -
1) ان الطبقة المسيطرة في الدولة هي التي تخضع الديمقراطية لصالحها.
2) الديمقراطية في الرأسمالية انما هي مساواة الرأسمالييين للسيطرة على الدولة.
3) ان النظام الرأسمالي تسمح بالديمقراطية فقط في حالة نموها وازدهارها اما اذا تعرضت لامة ما فانها تسحب تلك الحقوق القليلة من الشعب وقد تستخدم القوة لاسترجاعها كا حدث في تشكيل النظام النازي والفاشي اعقاب ازمة 1930.
برأيي ان هذه الانتقادات صحيحة الى ابعد الحدود, ولكن ما هو البديل؟
يقول لينين ((ان الدولة البروليتارية هي وحدها الدولة الديمقراطية وانها الشكل الكيفي الجديد للديمقراطية في اعلى مراحلها)).
والدولة البروليتارية حتى تقف على قدمها لابد لها من ان تمر بمرحلة دكتاتورية البروليتاريا والتي هي شكل تنظيم الدولة السياسي للانتقال الى الاشتراكية ولدكتاتورية البروليتاريا ثلاثة مظاهر:-
استخدام القوة من حق البروليتاريا لقمع المستغلين من الرأسماليي.
الحق في استخدام القوة في تنظيم الاشتراكية والغاء الطبقات.
واخيرا حق البروليتاريا لاستخدام القوة في اعادة تعليم وتثقيف الجماهير الكادحة وفصلها فكريا عن البرجوازية.
ويقول لينين ((ستصل الامم كلها الى الاشتراكية هذا شيء حتمي, ولكن بطرق مختلفة وتتبنى كل امة شيء جديد من الديمقراطية أي انواع مختلفة من دكتاتورية البروليتاريا)).
لو اننا اخذنا الموضوع من وجهة النظر الماركسي الكلاسيكي فان الموضوع جميل جدا في ان يكون بديلا للديمقراطية الليبرالية على يد البروليتاريا ودكتاتوريتها ولكننا لو عدنا قليلا الى الواقع وتفحصنا الامر بدقة فان هناك ملاحظات يجب ان نقف عندها:
1/ أ ليس من الممكن ان تتحول الحقوق المعطاة الى البروليتاريا للقيام بدوره التاريخي للقضاء على البرجوازية ان تتحول الى حقوق مستمرة لقمع كل المعارضين للسلطة البروليتارية.
2/ اليس من الممكن ان لاتنتهي الفترة الانتقالية الى الاشتراكية وتطول لثلاثين سنة مثلا هل يكون من حق البروليتاريا قمع جميع المعارضين بحجة قمع البرجوازية.
3/ ام ان البروليتاريا هو طبقة منزهة من الصميم وغير قابل للفساد كحتمية تأريخية وبسبب كونها كانت طبقة مظلومة فانها لو وصلت الى الحكم لن تظلم احد.
4/ لااعرف بالتحديد متى انتهى بناء المجتمع الاشتراكي في روسيا ولكن المعروف جيدا ان دكتاتورية البروليتاريا الذي بدأها لينين تحول بيد ستالين الى دكتاتورية اصيلة مستمرة ونظام الحزب الواحد استمر لسبعين سنة, ولااعرف هل هناك ضرورة تأريخية لاستمرار الدكتاتورية لسبعين سنة.
5/ أ ليس ما حدث في روسيا دليل على كلامنا لو انك اعطيت الحق لقيام نوع من الدكتاتورية فانها قد يستمر لقمع كل المعارضين.
6/ هل يمكن الاعتماد على الافراد فقط لوضع التوازن بين طرفي المعادلة الغير المتوازنة على ان يعطى الحق لقيام نوع من الدكتاتورية ثم ينتهي بانتهاء دورها التأريخي, اقصد بذلك ان الشيوعيين يقولون لو ان لينين لم يمت في تلك الفترة الحرجة لما تحول السلطة السوفيتية الى ديكتاتورية مستمرة وانا بدوري اقول: -
أ/ هل كان لينين حقا يؤمن بالتعددية الحزبية, أ لم يكن يحارب الاشتراكيين نفسهم واصفا اياهم بالخياليين او البرجوازيين, ألم يختلف مع كاوتسكي حينما قال الاخير ان وظيفة الثورة هو بناء ديمقراطية كاملة وليس ديكتاتورية بروليتاريا.
ب/ لماذا تحول جميع الثورات الشيوعية الى دكتاتوريات مستنسخة بدأت من دكتاتورية البروليتاريا ولم تنتهي لحد الآن.
ج/ ألم يكن (كاسترو) احد قادة الثورة الكوبية, وبالتأكيد فان كاسترو لم يحث في المرحلة الحرجة لبناء الاشتراكية وهو يعيش لحد الان ويعيش معه الديكتاتورية معافاً متكامل الصحة.
الخاتمة:
لقد كانت المقالة مجموعة ملاحظات اولية حول بعض جوانب اليسار وقد يكون الملاحظات تحمل في طياتها ماهو صحيح وماهو خطأ, هدفي منها طرحها امام الماركسيين في الوقت الحرج الذي يمر بها العراق, راجين منهم وضع النقاط فوق الحروف وتحديد موقف اليسار من القضايا العالمية والداخلية واتمنى ان يتخلى اليسار من تصوراتهم النهائية والمطلقة حول كثير من المواضيع وان حتمياتهم التأريخية دائما قريبة من (100%) والواقع عادة في وادي آخر.
سوف احاول في الجزء الثاني من المقالة طرح موضوع اليسار وعلاقتها بالدين والقومية لما يشهده الواقع العراقي من غليان ديني وقومي لم يشهده دولة اخرى ونعيش في صراع لم ولن نحسد عليه.
المصادر:
1/ الرأسمالية - جاك جرمين.
2/ البيان الشيوعي – ماركس - انجلز.
3/ فيورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الالمانية - انجلز.
4/ القوانين الاساسية للاقصاد الرأسمالي - جان بابي.
5/ رأس المال - ماركس.
6/ تأريخ الثورة الروسية - تروتسكي.
7/ صفحات من تأريخ العراق السياسي الحديث - صلاح الخرسان.
8/ دراسة في طبيعة المجتمع العراقي - د. علي الوردي.
9/ العراق - حنا بطاطو - الجزء الاول.
10/ المصدر السابق.
11/ المصدر السابق.
12/ العراق - حنا بطاطو - الجزء الثاني.
#صادق_احمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟