أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود السلمان - الحدود في الاسلام (1)















المزيد.....

الحدود في الاسلام (1)


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 4820 - 2015 / 5 / 28 - 15:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مقدمة :
من اللافت للنظر إن هناك العديد من القضايا التي نصت عليها الشريعة الاسلامية ، وارتأت تطبيقها على المجتمع الاسلامي عنوة ، ومن هذه القضايا ما يخالف حقوق الانسان ، مخالفة صريحة ، وبعضها لا ينسجم مع الواقع والظرف الحالي : من تقدم وتطور ، ولأن كل شعب او دولة لها ظرفها وبيئتها ووضعها الخاص ، فمثلا : ان اليمن هي ليست كتونس ، والسعودية ليست كإيران ، والعراق ليس كالجزائر ، وهكذا . واليوم تنظيم داعش الارهابي يستند على نصوص وقضايا كان الإسلام الاول قد عمل بها وطبقها ، ولاتزال هذه النصوص موجودة في الفقه الاسلامي ، وفي كتب الفقهاء ، وهي عديدة جدا ومعروفة . فمثلا : قطع اليد موجود بالإسلام ، الا انه لا يطبق حتى في الدول الاسلامية ، وانا لا ادعو الى تطبيقه طبعا . واذا كان هذا كذلك ، نقول : ان قوانين الشريعة وضعت قبل اكثر من الف واربعمائة سنة ، يعني بزمان غير زماننا ، وعصر غير عصرنا ، ومجتمع غير مجتمعنا ، فكيف يريدون تطبيقها علينا اليوم ؟!، في عصر العلم والطب والتكنولوجية والتطور الحضاري والانساني الذي يشهده العالم اليوم. وعليه صار الغرب ينظر الى الاسلام على انه دين ارهاب . فعلى فقهاء المسلمين اليوم ان يبدلوا ويغيروا كثير من القضايا والاحكام الاسلامية ، بقوانين اكثر انسانية ، وحضارية .
*تعريف :
الحدود جمع حد ، ولغويا يعني المنع ، وفي الشريعة الاسلامية يعنون بها العقوبات المنصوص عليه في القرآن والسنة في جرائم اعتداء .
والعقوبة لا تأتي الا بعد ارتكاب جريمة ، كجريمة القتل أو غيرها ، وهي بالقانون الوضعي ((كل فعل أو امتناع عن فعل صادر من شخص ويقرر له القانون عقابا جنائيا )). والجريمة عند فقهاء المسلمين تعني ((محظورات شرعية زجر الله عنها بحد أو تعزير)).

*الجرائم وحدودها:
هنالك عدة امور اعتبرها فقهاء المسلمين جرائم يجب أن تقام احكاما بحق مرتكبيها ، لردع الناس عن ارتكابها ، لأن الذي يشاهد أو يسمع بعقوبة مرتكب الجريمة لا يفكر بارتكابها .
يقول الدكتور عبد الكريم زيدان : ((الجرائم على اختلاف انواعها يجمعها جامع واحد هو انها محظورات شرعية معاقب عليها . وقد قسمها الفقهاء الى ثلاثة اقسام بالنظر الى نوع عقوبتها . وهذه الاقسام هي : جرائم الحدود ، وجرائم القصاص والديات ، وجرائم التعزير )).
اولاً : الزنى
وعقوبة الزاني الرجم (الضرب بالحجارة) حتى الموت اذا كان الفاعل محصنا ، اي متزوجا ، والجلد اذا كانت غير محصنا ونفي عام . وهتين العقوبتين لا تطبقان حتى في معظم الدول الاسلامية اليوم . ما يعني أن الاحكام الاسلامية حبرا على ورق ، لأنها لا تنسجم ومتطلبات العصر والواقع المُعاش. وهي قسوة شديدة .
تقول الآية : {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً }. الاسراء /(32) . وتقول آية اخرى :{ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ}. /الأنعام: آية 151.
ورووا : ((إِنَّ رَجُلاً مِنَ الأَعْرَابِ أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلاَّ قَضَيْتَ لِي بِكِتَابِ اللهِ ، فَقَالَ الْخَصْمُ الآخَرُ : وَهُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ نَعَمْ ، فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللهِ وَأْذَنْ لِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ ، قَالَ : إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا ، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ ، وَإِنِّي أُخْبِرْتُ أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِئَةِ شَاةٍ وَوَلِيدَةٍ ، فَسَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ ، فَأَخْبَرُونِي أَنَّمَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِئَةٍ ، وَتَغْرِيبُ عَامٍ ، وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللهِ ، الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ رَدٌّ ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِئَةٍ ، وَتَغْرِيبُ عَامٍ ، وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا ، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا)).
ورووا ايضا:((أَتَى رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ ، فَنَادَاهُ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنِّي زَنَيْتُ ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ ، فَتَنَحَّى تِلْقَاءَ وَجْهِهِ ، فَقَالَ لَهُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنِّي زَنَيْتُ ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ ، حَتَّى ثَنَى ذَلِكَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ دَعَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : أَبِكَ جُنُونٌ ؟ قَالَ : لاَ ، قَالَ : فَهَلْ أَحْصَنْتَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ )) .
و((قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ ، فَكَانَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ ، قَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا ، فَرَجَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ : مَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللهِ فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ ، وَإِنَّ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أَحْصَنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ، إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ ، أَوْ كَانَ الْحَبَلُ ، أَوِ الاِعْتِرَافُ )).
فالآيتان والروايات المنسوبة الى النبي تؤكد الحكم ، مما لا يتسرب الى ذلك الشك . وهذه الاحكام تناقض حقوق الانسان ، خصوصا وان الطرفين متفقان على فعل الزنى ، وغالبا ما يحدث مثل هذا في جنح الليل وبعيدا عن انظار الناس ، الا اذا كان فعل الزنى تحت التهديد والاغتصاب ، فأن العقوبة في الاحكام الوضعية تكون شديدة جدا .
ويرى الشيخ محمد ابو زهرة : ((ان بين الزنى وقتل النفس مناسبة ، أو جهة جامعة ، لأن في الزنى قتلا للنسل ، وفي جريمة القتل قتل واحدة ، فاذا كانت جريمة القتل اعتداء على شخص واحد ، فجريمة الزنى اعتداء على انفس كثيرة كانت تريد حياة كريمة ، فلم تنل الحياة ، او نالتها ذليلة مهانة )).
وهذا الكلام غير صحيح ولا دقيق ، لأن جريمة القتل جريمة ما بعدها جريمة ، لأنها تغيب انسانا تحت جدث الثرى ، اما الزنى فقد يأتي بانسان وان لم يكن شرعي . والآية تقول :{ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} المائدة/ 32. ولم تقل الآية الزنى ، والقتل ليس كالزنى . ثم ان الزنى ينتشر في المجتمعات المحافظة اكثر مما ينتشر في غيرها من المجتمعات الاخرى ، وذلك من باب الكبت والحرمان ، حتى وصل الى الاعتداء على المحارم في مجتمعاتنا الاسلامية بشكل لافت للنظر ، فلو ذهبت الى المحاكم العراقية على سبيل المثال لرأيت العجب العجاب ، وانا من خلال عملي المقرب من المحامين اسمع منهم كلاما تقشعر منه الابدان . جرائم لا يفعلها الغرب الذي يتهمه الاسلاميون بالكفر والانحلال .
والقانون الوضعي له رأي مختلف عن رأي الشريعة ، وهو الاصوب والاقرب الى العقل والواقع . يقول الدكتور عبد الكريم زيدان: ((وقانون العقوبات المصري ، لم يعتبر كل وطء محرم زنا يعاقب عليه ، وانما اعتبره زنا اذا حصل من احد الزوجين ، ولا يعاقب عليه الا اذا حرك الدعوى الجنائية الزوج الآخر . اما فيما عدا هذه الحالة فلا يعتبره زنا واما يعتبره وقاعها او هتك عرض . ولا يعاقب على الوقاع او هتك العرض اذا وقع بالتراضي ، كما انه يعاقب عليه ذا وقع باكرا او اذا كان رضا المفعول به معيبا بأن كان دون الثامنة عشرة من عمره ، وقانون العقوبات البغدادي سلك مسلك القانون المصري . واساس الاختلاف بين الشريعة الاسلامية والقوانين الوضعية ، ومنها القانون المصري والعراقي ، هو ان هذه القوانين تعتبر الزنا من المسائل الشخصية التي لا تمس مصلحة الجماعة ، فما دامت هذه الجريمة قد تمت بالتراضي فان القانون لا يهتم بها ولا يعتبرها جريمة الا اذا كان احد طرفي الجريمة زوجا ، فانه يعاقب على هذه الجريمة في هذه الحالة لحق الزوج الآخر وبشرط تحريك الدعوى من قبله . اما الشريعة الاسلامية فإنها تعتبر الزنا بجميع انواعه من الجرائم المضرة بمصلحة الجماعة ، لأنها اعتداء على كيان الاسرة التي هي اساس المجتمع ، ولهذا اعتبرت العقاب فيها لحق الله ، اي لحق المجتمع )).




#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إبن خلدون ... واقراره بالسحر
- لماذا الغزالي يكفّر الفلاسفة ؟!
- هل كان ابن كثير تكفيري؟
- السحر في فكر الرازي المفسر
- لبيد يسحر النبي !
- تعدد الزوجات نظام جاهلي
- الشذوذ الجنسي في الجاهلية والاسلام
- ما حقيقة وأد البنت التي اشار لها القرآن ؟
- ماذا يقولون عنه لو كان اينشتاين اسلامي ؟!
- كيف نثبت (عذاب القبر) عقلا ؟
- حول زواج المتعة
- التصفيات الجسدية في الاسلام (7)
- البغاء في الجاهلية والاسلام (1)
- الحلاج يُقتل بفتوى الدواعش
- التصفيات الجسدية في الاسلام (5)
- التصفيات الجسدية في الاسلام (6)
- التصفيات الجسدية في الاسلام (4)
- اواعدك بالوعد واسكيك يا كمون
- التصفيات الجسدية في الاسلام (3)
- التصفيات الجسدية في الاسلام (1)


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود السلمان - الحدود في الاسلام (1)