محمد محبوب
الحوار المتمدن-العدد: 1336 - 2005 / 10 / 3 - 11:39
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
قطعت على نفسي عهدا بعدم الخوض في موضوع مجلس الجالية العراقية في ألمانيا الذي ولد ميتا بعد أن تبين لي أن أي كلام يقال فيه هو كالنفخ في قرب مقطوعة , ولكني ها أنذا أضعف أمام مقال أستاذنا الكبير الدكتور كاظم حبيب حول مجلس الجالية العراقية وأجد نفسي منهمكا في كتابة هذا الرد التوضيحي آملا أن تكون النفوس قد هدأت بعد طول تشنج وأصبح الحوار عملية ممكنة بعد طول غياب.
شعرت أن الدكتور كاظم حبيب يحاول من خلال مقاله هذا الدخول الى منطقة محرمة بعد تردد طويل , ولهذا فهو يستأذن في مطلع المقال في محاولة لإمتصاص غضب أو سوء فهم من طرف الأكراد العراقيين في ألمانيا الذين يتهمهم ( بلطف) بتحشيد قواهم والهيمنة على مجلس الجالية العراقية في برلين وهامبورغ داعيا أياهم ( بحنو ) الى الحفاظ على الصداقة العربية الكردية ووحدة النضال المشترك.
وقبل الخوض في هذا الموضوع أسوق حكاية صغيرة ذات صلة , لعلها تكون مدخلا مناسبا : في خضم إنتخابات يناير كانون الثاني قابلني أحد العرب العراقيين وكان عائدا للتو من مركز كولون الإنتخابي وكان غاضبا من الأكراد , مستاءا من تحويلهم للمركز الإنتخابي ومناسبة الإنتخابات الى مهرجان شعبي كردي , يرفعون علم كردستان في كل مكان ويرتدون الملابس الشعبية الكردية ويدبكون ويطلقون الأناشيد الوطنية الكردية ويصدحون بالأغاني الكردية , كان يتحدث عن هيمنة كردية على مراكز الإنتخابات وأقصاءا وإستخفافا بالعرب العراقيين .. ألخ.
وكان ردي ببساطة , هذا جيد , كل ماقام به الأكراد جيد , قلت له وأقول الآن لدكتورنا الفاضل , لاينبغي أن نعلق عجزنا وفشلنا على شماعات الأكراد , لاينبغي أن نأخذ على الأكراد توحدهم وإنسجامهم وحيويتهم وروحهم الإيجابية ومشاعرهم القومية وقدرتهم العالية على الترفع على مشاكلهم وخلافاتهم الفكرية والحزبية والشخصية من أجل المصلحة الكردية العامة التي توحدهم جميعا.
الأكراد في ألمانيا جالية حيوية يتحركون وينشطون في كل مكان , لهم منظمات ومراكز فعالة على الساحة الألمانية ونجحوا في بناء شبكة علاقات ممتازة داخل البرلمان الألماني ( بوندستاغ ) وبرلمانات الولايات ( لاندستاغ ) ومع الأحزاب الألمانية وكذلك مع المؤسسات والمنظمات الألمانية والدولية , تصدر لهم من ألمانيا أكثر من صحيفة باللغة الكردية , ولهم في ألمانيا قناة فضائية كردية وربما أكثر , ومدارس كردية , ولهم كل مايؤكد جديتهم وتعاونهم كأصحاب قضية سواء في ألمانيا أو في الدول الأوربية الأخرى.
هل مشكلتنا نحن عرب العراق في حيوية الأكراد أم في عجزنا وتفرق شملنا ؟؟؟؟؟؟
تلك هي المسألة !
ولنكن ياسيدي أكثر تحديدا ووضوحا ونطرح السؤال التالي : من هم هؤلاء العرب العراقيين في ألمانيا الذين يشكون من أضطهاد كردي ؟!
لا أعتقد أن الإجابة على هذا السؤوال تحتاج الى أحصاء أو أستطلاع وأنت الخبير بشؤون هذه الجالية , الوجود العربي السني محدود للغاية ويكاد لايذكر , أما مكونات الجالية الأخرى من كلدان آشوريين سريان وصابئة مندائيين وتركمان فأنهم كما كانوا في العراق فراشات سلام وكما يقول المثل الشعبي ( تحطهم على الجرح يطيب ).
المشكلة ياسيدي فينا نحن ذلك المكون الإجتماعي المسمى ( شيعة ) , نحن من يقتل القتيل ويمشي في جنازته باكين لاطمين شاجي الرؤوس ثم نتهم غيرنا ونلقي عجزنا وترددنا على شماعات الآخرين , هل مشكلتنا في توحد الكرد وحيويتهم , أم في عجزنا وإنقسامنا حتى صار بعضنا يأكل بعضنا , وبعضنا يتآمر على بعضنا , وبعضنا ينكل ببعضنا , وبعضنا يفتري على بعضنا وبعضنا يقصي بعضنا ..
نحن الشيعة لاتوحدنا سوى سلبيتنا , لا يوحدنا سوى ذلنا وضعفنا وبكائنا , لا توحدنا سوى المقابر الجماعية , نحن في ألمانيا كما نحن في العراق تماما , نحن منشغلون بزرع الإفخاخ لبعضنا , نحن منشغلون في تدبير المكائد لبعضنا , لانستطيع التفريق بين ماهو مصلحة عامة وبين ماهو أهواء شخصية , لانمتلك القدرة على الترفع على خلافاتنا وأمراضنا.
هناك مثل عربي يقول ( من حفر حفرة لإخيه وقع فيها ) , أنت تعلم ياسيدي إننا نحن من أطلق وأسس وروج لمشروع مجلس الجالية العراقية , نحن منظموا مؤتمر أسن المنعقد يوم 26 ـ 06 ـ 2004 , وأعلنا عن هذا المشروع في البيان الختامي للمؤتمر الذي مازال منشورا على بعض المواقع , كان هذا المؤتمر محاولة لجس نبض الجالية العراقية في ألمانيا بعد سقوط نظام الرعب الصدامي وتحررالناس من الخوف , كنا رغم الجهود التحضيرية الجيدة , نخشى أن يكون الحضور ضعيف وغير مشجع , لكننا فوجئنا بأفواج العراقيين والعراقيات تأتي من كل حدب وصوب , جاءوا من مدن بعيدة من أقصى شمال ألمانيا وجنوبها وشرقها , وكان ذلك المؤتمر فرصة لنا للتعرف على القوى الفاعلة والشخصيات المؤثرة في الجالية العراقية عن قرب وبصورة مباشرة , ومن هنا أنطلقت الدعوة وبصوت ( خادمكم ) لتأسيس مجلس للجالية العراقية يقوم على أسس اليمقراطية والعدالة ويوحد أطياف هذه الجالية المتنوعة.
لكن ماحصل أن أسافين دُقت وحفائر حُفرت ورحل المشروع الى برلين ولم يعد !
وقد كنت ياسيدي الفاضل وأقولها بأسف ( شاهد ..) في مؤتمر برلين ولعلك قمت بذلك بحسن نية حيث جرى إستثمار وجودك لإضفاء شرعية على ذلك المؤتمر , قالوا وأعناقهم مشرئبة , البروفسور الدكتور كاظم حبيب كان هناك , وحسنا فعل السفير العراقي عندما رفض حضور هذا المؤتمر.
ثم جاءت معمعة الإنتخابات ورأيت بعينك التزاحم على فلوسها لا على ثوابها وتقاسم المناضلين الأشاوس كعكة الإنتخابات ولم ينسوا ( الأقربون أولى بالمعروف ) فجاءوا بالإهل والأقارب والخلان والخليلات للعمل في الإنتخابات , ليس من ألمانيا فقط بل حتى من هولندا والسويد !!!.
ولا أريد اليوم فتح الدفاتر القديمة , ولكن هي دعوه محبة وصفاء لفتح صفحة جديدة وإصلاح مايمكن أصلاحه وترميم بيتنا الذي تصدع بإيدينا , دعوة للمحبة لا للكراهية , دعوة للتوحد لا للفرقة , دعوة للترفع على خلافاتنا من أجل المصلحة العامة للجالية والوطن.
أنت غادرت العراق معارضا منذ ربع قرن وهو زمن ليس بالقليل وتحملت ماتحملت وعانيت ماعانيت خلال هذه السنوات الطويلة , ولكني للأسف أجد بين الفينة والأخرى من يكيل لك الإتهامات لإنك كنت موظفا في الدولة العراقية قبل أكثر من ربع قرن من الزمان وحاولت أن تقدم خدمة لوطنك لا خدمة الى النظام , ولم تشفع لك كل سنيين الغربة والمعارضة.
وأنا ياسيدي لم يسمحوا لي بالعمل بوظيفة على الملاك الدائم في الدولة لإسباب أمنية , لإن أخوالا لي في أقصى أهوار الناصرية كانوا متمردين على النظام , وقد ظفرت أجهزة الأمن الصدامية بأحدهم فأردته شهيدا , كنت كما هو حال ( جبر ) في المثل العراقي المعروف , لم تمنع الأسباب الأمنية من فصلي من الكلية بسبب الهروب من المشاركة في الجيش الشعبي وسوقي الى الحجابات الأمامية في جبهات الحرب العراقية الإيرانية طبقا لقرار مجلس قيادة الثورة المشؤوم المرقم 720 , لن أنسى هذا الرقم ماحييت , كنت أتمرغ بدم الأموات لإنجو بنفسي , ولعل مشيئة الله هي التي حفظتني من موت محقق بعد أن تعرضت جبهتنا في قاطع البستين الى عدة هجمات إيرانية كاسحة , وفي أول أجازة هربت من الجيش وبقيت هاربا مطاردا حتى نهاية الحرب.
ومع ذلك أجد هناك من يحاول أن ينسبني الى جلادي صدام كما يفعلون معك , وقد كانت أجواء الخلافات التي صاحبت تأسيس مجلس الجالية العراقية مناسبة جيدة للضرب تحت الحزام بترويج مثل هذه الإتهامات الباطلة , كل من يختلف معهم في الرأي فهو مجرم صدامي ! ثم جاءت جهودي لتأسيس المركز العراقي الألماني في مدينة بون مناسبة أخرى للمروجيين والمشككين , تصور ياسيدي أن أشخاصا محسوبون على خطكم السياسي كانوا يتصلون بزملائي أعضاء مجلس أدارة المركز محاولين بشتى الطرق بالتشكيك تارة وبالإغراء تارة أخرى في محاولة لإبعادههم عني وأفشال المركز , ومع ذلك أقابل أصحابك هؤلاء وأبادئهم بالتحية وأقول سلاما .. سلاما أيها الأخوة.
أتابع عن بعد جهودكم لتحريك المياه الراكدة منذ أشهر طويلة وحدثني صديق عن أجتماعكم الأخير لتأسيس حركة دعم للديمقراطبة في العراق كما قرأت بيانكم المنشور , وكلي أمل أ ن تسهم لمساتكم الطيبة في أصلاح مايمكن أصلاحه.
#محمد_محبوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟