|
العفو العام أهم لوازم المصالحة الوطنية
زيد كامل الكوار
الحوار المتمدن-العدد: 4820 - 2015 / 5 / 28 - 08:41
المحور:
المجتمع المدني
العفو العام أهم لوازم المصالحة الوطنية منذ عشرات السنين والعراق ما زال يعاني ظاهرة جائرة، وهي الاعتقال التعسفي ، والذي ينم عن الظلم والقسوة وهو أبعد ما يكون عن الإنسانية والتمدن والتحضر ، فالوطن العربي والعراق خاصة ، ومنذ العهد الملكي ، وبعده عصر المد القومي وثورات التحرر من الاستعمار الأجنبي ، وهو يشهد حكومات بوليسية تعتمد في تعاملها مع المواطن ، على أنه عنصر مشكوك في ولائه ووطنيته ، فهو مراقب ومحاصر بشتى أنواع الخطط الأمنية التي تحد من حريته الشخصية والفكرية ، بل حتى حريته العقدية ، فالاعتقاد في العراق منذ الأزل محددا بعقيدة السلطة التي تفرض اعتقادها على شعوبها بصورة غير مباشرة ، بل تصل في أحيان وظروف معينة ، إلى أن يكون فرض العقيدة والمعتقد بصورة مباشرة حين يظهر للعيان اضطهاد الحكومات الواضح والقاسي لمخالفيها في الرأي والعقيدة . فالاستبداد السياسي في الرأي واتخاذ القرارات الفردية على النمط الدكتاتوري ، كان المظهر العام والجامع الأول الذي اتفقت عليه كل الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق ، أما العدالة الاجتماعية التي تشكل حلم الإنسان الأول في كل المجتمعات البشرية على مر العصور ، لا في العراق فحسب ، بل في العالم أجمع ، فحرية الدين والمذهب والمعتقد السياسي والرأي والتي تعد اليوم من أهم مقومات وشروط تحقيق المجتمع الحضري المدني الديمقراطي ، وهي ما افتقده العراق ويفتقده طيلة هذه الفترة القلقة ، وقد زاد الطين بلة انتقال العراق من الدكتاتورية العلنية بعد انتهاء حقبة حكم البعث ، إلى العصر الجديد عصر التغيير الديمقراطي ، الذي عكر صفوه وشوه صورته الإرهاب من جهة والفساد المالي والإداري والنهج المحاصصاتي الطائفي المقيت من جهة أخرى ، والذي خلق ديكتاتوريات مقيتة متعددة مختبئة خلف ستار الشفافية المعتم الداكن ، وكل هذه الجزئيات من نتائج التغيير الذي حصل بيد غريبة محتلة غاشمة ، أحدثت في المجتمع العراقي زلزالا ، لم يدع للمواطن العراقي فرصة التقاط أنفاسه ليتأمل المشهد بروية ، وما زاد الموقف تعقيدا ، تداخل الصور في مسألة مقاومة الاحتلال التي أفرزت فصائل متعددة إسلامية على اختلاف مشاربها المتعددة التي تلونت بألوان مكونات العراق المتعددة ، وأخرى سياسية ، فكان هذا الطيف الواسع مدعاة قلق أمني كبير لدى السلطات المحتلة ، التي تلقت ضربات عنيفة موجعة ، وأمام عجز الاحتلال عن الخروج من الأزمة والورطة بحل دبلوماسي مشرف ، زرعت وبخبث ولؤم كبيرين بذرة الطائفية الأولى في الوسط السياسي العراقي الذي كان مؤهلا من البداية لهذه التسميات الطائفية والتوزيع المدروس المتفق عليه سلفا ، فكان الشد والتوتر الطائفي الذي عم العراق على مدى سنوات عدة ، وبعد خروج قوات الاحتلال الأمريكي وفق اتفاقية الانسحاب الكامل من العراق . فلما ترك الاحتلال الساحة العراقية شاغرة ألا من قوات أمنية بسيطة عدة وعددا وكفاءة ، ما ترك الشارع العراقي تحت رحمة السلاح غير الشرعي والمنفلت ، فوضعت هذه الأوضاع الشاذة المرتبكة الحكومة العراقية في موضع اتهام المواطن كل مواطن على انه موضع شك وريبة حتى يتم التحقق من أمره ، فبدأت الاعتقالات العشوائية ، في الأعم الأغلب ، وحبسهم احتياطيا على ذمة التحقيق بلا مذكرات قضائية ، وتركهم داخل المعتقلات لفترات طويلة ، وعضد هذا الخرق الديمقراطي الكبير انحياز السلطة القضائية وعدم حياديتها ، وتبعيتها الواضحة والعلنية للحكومة السابقة ، فقامت الحكومة بملء السجون بالمعتقلين الأبرياء وترهيبهم وإجبارهم عن طريق التعذيب القاسي على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها لتسجيل إنجاز أمني مزعوم بإعلان القبض المستمر على المجرمين . فالسجون العراقية تغص اليوم بعشرات الآلاف من المعتقلين الأبرياء الذين إن لم ينصفوا ويستردوا حريتهم وحقوقهم والتعويض الكامل ، فلا يتوقعن أحد أن ينسى هذا المعتقل ما حل به أو يغفر ، هذه واحدة من دواعي إقرار قانون العفو العام ، ناهيك عن الرحمة بالأبرياء المعتقلين أو بعائلاتهم ، التي عانت الأمرين طيلة فترة اعتقالهم ، لذا فقد أصبح العفو العام أهم لوازم المصالحة الوطنية ، التي تستدعي في شروط تحقيقها على أسس صحيحة ومتينة ، أن ترفع المظلوميات كلها وتحقق المحبة والتآلف بين مكونات العراق الجميلة المتنوعة .
#زيد_كامل_الكوار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المحاصصة مرض لا يرجى شفاءه
-
الهوية الجامعة العامة وأبهى ألوان الهويات الخاصة
-
شمائل لا ينبغي لها أن تضيع
المزيد.....
-
نادي الأسير الفلسطيني: إطلاق سراح 110 معتقلين من سجون الاحتل
...
-
وفد الصليب الاحمر يصل لمخيم جباليا لاستلام الاسيرة الاسرائيل
...
-
جيش الاحتلال يؤكد استلام الاسيرة آغام بيرغر من الصليب الاحمر
...
-
قناة ’العالم’ ترصد عملية تسليم الأسرى الاسرائيليين بخانيونس
...
-
بعد أن تعهد رؤساء أمريكيون بإغلاقه، ترامب يعتزم إنشاء مركز ا
...
-
الاحتلال يقتحم مخيم شعفاط بالقدس ويستدعي اهالي معتقلين سيحرر
...
-
القناة 13 العبرية: الصليب الاحمر في طريقه لاستلام المجندة آغ
...
-
النازحين يبدأون العودة إلى شمال قطاع غزة
-
قرار الاحتلال حظر -الأونروا- يدخل حيز التنفيذ اليوم
-
الحظر الإسرائيلي على -الأونروا- يدخل حيز التنفيذ.. ماذا يعني
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|