|
الهوية الجامعة العامة وأبهى ألوان الهويات الخاصة
زيد كامل الكوار
الحوار المتمدن-العدد: 4818 - 2015 / 5 / 26 - 11:49
المحور:
المجتمع المدني
الهوية الجامعة العامة وأبهى ألوان الهويات الخاصة
ما زلنا ونحن نعيش أحداث التغيير السياسي في العراق منذ الاحتلال الأمريكي عام ألفين وثلاثة ، نشهد تغييرات كبيرة طرأت على مرافق عديدة ، في المجتمع العراقي ففي مجال السياسة رأينا الكثير ، من التغيرات الجوهرية والجذرية في المشهد السياسي العراقي ، فقد رأينا ولأول مرة انبثاق أحزاب ومكونات سياسية وكتل لا حصر لها ولا عدد ، وقد كانت هذه الأحزاب والكتل السياسية وعلى مدى اثني عشر عاما تتقاطع وتختلف في ما بينها وما ذاك الاختلاف إلا لغياب الإستراتيجية الواضحة التي تضع الحزب أو الكتلة على طريق واضح وفق منهج مدروس ونظام داخلي واضح يشرح ويبين الأهداف والغايات والمبادئ التي تشكل على أساسها الحزب ، ويعلن في برنامجه بشفافية و وضوح مصادر التمويل التي يقوم عليها كيان الحزب المادي ، الأمر الذي أفرز الكثير من الحالات السلبية الشاذة ، والمشوهة ، حتى أصبحت بعض الأحزاب الدخيلة على السياسة والوطنية في غفلة من الزمن ( غفلة الشعب العراقي ) أوكارا لمافيات مرعبة تمسك بخيوط اللعبة ، فغسيل الأموال القذرة والتصفيات الجسدية الإجرامية لكثير من المنافسين أو المعارضين ، بواسطة مجاميع خطرة مدربة على فنون الإجرام والفساد المالي والإداري ، ففي غفلة الزمن عينها التي ذكرناها ، كانت بعض تلك الأحزاب تدرس الواقع المستقبلي للعراق على يد مراكز البحوث الإستراتيجية الأمريكية والغربية ، وتنفذ دورها المرسوم لها في التغيير المنشود ، وليس المنشود على وفق ما تشتهيه وتحلم به القوى الوطنية المخلصة الموجودة على الساحة العراقية وقليل ما هم ، فقد عملت تلك الأحزاب والكتل والمنظمات على دخول الساحة السياسية العراقية من أوسع الأبواب وأكثرها مشروعية ، فالتعددية الحزبية هي واحدة من أهم ركائز وأسس الديمقراطية التي تستند إليها في التطبيق والحياة السياسية الديمقراطية المفترضة ، وبما أن الساحة السياسية العراقية كانت خالية ، أو شبه خالية من التلون السياسي ، فقد صار لزاما على الإدارة الأمريكية صاحبة مشروع التغيير سيء الصيت بفكرتها الخبيثة اللئيمة التي أطلقت عليها في حينها اسم ، الفوضى الخلاقة ، فأحدثت في الشارع العراقي المتلهف لرؤية تغيير سياسي فعلي إيجابي ، ثورة من الرغبة السياسية النهمة ، بسبب الكبت السياسي طويل الأمد الذي عاناه العراق لعقود من الزمن خلت . كل هذه العوامل والمقومات الاستثنائية ، أفرزت كيانات متعجلة طارئة على السياسة ، ركبت موجة الفوضى الخلاقة بدعم أمريكي لا محدود ، بل والأكثر من ذلك أن تلك الكيانات الحزبية التي لا يصح بحال من الأحوال أن تسمى أحزاباً ، حصلت على الفرصة الأكبر والمدى الأوسع لأنها دخيلة وطارئة على السياسة ، لا تمتلك الرصيد الفكري ولا الخبرة السياسية التي تحصنها من الانجرار خلف المغريات المادية ، وقد كانت تلك الأحزاب المراهقة سياسيا تنفذ من حيث تعلم أو لا تعلم ، أخطر مفاصل التغيير الأمريكي في المجتمع العراقي المتجانس نسبيا ، فبدأ التغيير الأمريكي في المجتمع العراقي بواسطة الأدوات التي ذكرناها آنفا ، حيث حرصت أمريكا بخبثها المعروف ولؤمها على مغازلة مشاعر المكونات الاجتماعية التي كانت تعاني الحرمان ، على عهد النظام البائد ، ومنحها الفرصة الذهبية لتعويض ما فاتها ، فصورت العراق غنيمة على كل نبيه حذق لبيب أن يضرب ضربة العمر فيحصل على فرصته في اكتساب المغانم ، حتى وإن كان ذلك على حساب المكونات الأخرى تحت شعار إنهاء المظلومية وتحصيل الحقوق المستلبة ، وكل ذلك بلا شك على حساب الهوية الوطنية الجامعة ، التي حرصت أمريكا بكل ما تمتلك من خبث ومكر ودهاء عل تذويبها في الهوية الطائفية أو العرقية أو القومية المحترمة أيا كان مسماها ، وقد كان ما رأينا ونرى من تدهور في المنظومة القيمية العراقية ، بأشكال عديدة منها التوتر والشد الطائفي والقومي والديني المصطنع والدخيل على المجتمع العراقي . ولا أزعم أن علاج هذا التدهور والضعف في قوة الهوية الوطنية الجامعة ، سهل العلاج والتعديل ، فهو أمر يحتاج إلى الكثير من الجهد والعمل التطوعي المخلص من رؤوس المجتمع وأعيانه ، علماء الدين من جميع الأديان بمختلف مكوناتها الجميلة ، الأكاديميون من ذوي الاختصاص الاجتماعي ، والتربوي ، وعلم النفس ، وكل المثقفين الوطنيين الذين يدركون عظم المسؤولية وأهمية المسألة ، ورؤساء القبائل وشيوخ العشائر ، الذين طالما أبدعوا في حل أعقد المشكلات وأصعبها ، وهؤلاء تحديدا هم أبعد الناس عن الطائفية أو التشدد ، وأكثر المعول عليهم في انتشال العراق وهويته من التشوه والضياع .
#زيد_كامل_الكوار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شمائل لا ينبغي لها أن تضيع
المزيد.....
-
ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ
...
-
أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق
...
-
العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة ال
...
-
البيت الابيض يعلن رسميا رفضه قرار الجنائية الدولية باعتقال ن
...
-
اعلام غربي: قرار اعتقال نتنياهو وغالانت زلزال عالمي!
-
البيت الأبيض للحرة: نرفض بشكل قاطع أوامر اعتقال نتانياهو وغا
...
-
جوزيب بوريل يعلق على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنيا
...
-
عاجل| الجيش الإسرائيلي يتحدث عن مخاوف جدية من أوامر اعتقال س
...
-
حماس عن مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت: سابقة تاريخية مهمة
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|