|
هل صحيح أن الكورد حفروا قبرهم بأياديهم و هل أن أمريكا تريد وحدة العراق؟؟
هشام عقراوي
الحوار المتمدن-العدد: 1336 - 2005 / 10 / 3 - 10:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ليس الغرض من هذه المقالة أنتقاد القيادات الكوردية و لا مدح أمريكا و لكن وضع بعض النقاط على الحروف من منظور المراقب الغير منحاز بين الحين و الاخر ضروري كي لا تضيع الحقيقة بين الهلاهل و التصفيق و العداوات و الكراهية و بين ركام السيارات المفخخة و حواجز المنطقة الخضراء. يقال أن الحكومة تصيد الارانب بالعربانات، و أن السياسة بحر لايمكن أن يجتازها الى السّباح الماهر... ما حصل ويحصل في العراق.. و ما حصل و يحصل للدور الكوردي في العراق يثبت صحة هاتين المقولتين على الحالة العراقية و الكوردية على الاقل... فأمريكا كحكومة أصطادت الكورد و العرب الشيعة بالعربانة و تحاول الان اصطياد العرب السنه. و ليس هناك بين الاحزاب العراقية من استطاع قراءة السياسة الامريكية و التصرف وفقها كي لا تتحول الى ذنب للسياسات الامريكية بل تفرض على أمريكا على الاقل التحالف معها. و نتيجة لعدم قراءة السياسة الامريكية على وجة صحيح و عدم مهارة الاحزاب العراقية التي تتدعي الصداقة مع أمريكا في معرفة أستراتيجية و تكتيكات أمريكا، نرى الكثيرين منهم يتسابقون لاسترضاء أمريكا. هذا لا يعني بأنني أدعوا الى معادات أمريكا ابدا، بل الى خلق سياسة متوازنة بين العراقيين و أمريكا و بين الكورد وأمريكا و أنهاء سياسة الوصي وولي الامر لطفل قاصر لا يستطيع تصريف اعمالة بنفسه، التي تمارسها أمريكا مع العراقيين و سياسة الغريق المتمسك بالقشة الامريكية التي تمارسها مع القيادات الكوردية .. عدم ثقة العراقيين ببعضهم البعض ساعدة و تساعد أمريكا على الاستمرار في تنفيذ سياساتها في العراق.. تحويل العراق الى جبهة بين أمريكا و الارهاب هو نجاح أخر على المستوى العالمي للسياسة الامريكية. فأمريكا استطاعت استدراج منظمة القاعدة الى مستنقع العراق و الى الشرق الاوسط و بهذا العمل سهلت على أمريكا المواجهة وأدارة الحرب و أعطتها المبرر لا للبقاء في العراق فقط بل حتى الانتشار في المنطقة. فأمريكا صاحبة سياسة محاربة الارهاب المعلنه اينما وجد.. و أمريكا بسياستها تلك تنازلت عن أستراتيجيتها و استطاعت أن تختار ساحة المعركة الملائمة بدل الذهاب الى حيث يتواجد الارهابيون. قديما كان القادة العسكريون يتمركزون في أنسب مكان كي يستدرجوا العدو الية، و هذا ما فعلتهة أمريكا... وهذا يعني بأنه حتى الارهابيون أخطأوا في قراءة السياسة الامريكية في المنطقة. فهم اي الارهابيون و الاحزاب العراقية يعطون أمريكا اسباب البقاء في المنطقة كما يعطونها مبررات السيطرة و التسلط.. من الثوابت التي لا يختلف عليها الكثيرون أن أمريكا لم تأتي الى العراق من أجل سواد عيون العراقيين ، بل أنها أتت لحماية مصالحها في العراق و المنطقة ومن أجل تحويل جبهة القتال ضد الارهاب الى الشرق الاوسط بدلا من أمريكا أو أدغال أفغانستان وتورا بوار و باكستان و جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق... فتلك الادغال و بالذات جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق و باكستان تخيف أمريكا و القتال في تلك الجبهات مكلف للغاية و من الصعب ضمان الفوز فيها كما أن تلك الارض ملائمة للقاعدة أكثر منها ملائمة لامريكا ووجود أمريكا يثير شعوب تلك المنطقه... ولكن الذي يختلف عليه الكثيرون، هو العلاقة بين الكورد وأمريكا و أن كانت أمريكا تريد الحفاظ على وحدة العراق و في هذا يصف بعض القوميون العرب و الاسلاميون المتطرفون وحتى بعض اليسارييون المتطرفون، القيادات الكوردية على أنها حلفاء لامريكا و أن كوردستان هي اسرائيل ثانية في المنطقة ويقولون ايضا أن أمريكا أتت لتمزيق العراق.... وهم في هذا يخلطون بين ما تتمناه القيادات الكوردية و ترسم لها و بين واقع يختلف كثيرا عن تمنيات القيادات الكوردية.. ولتبسيط هذا الامر أقول، أن القيادات القومية و الاسلامية العربية المتطرفة تحاول أستغلال القضية الكوردية من أجل اثارة الشارع العربي ضد أمريكا و أستخدام القضية الكوردية كورقة ضغط على أمريكا من أجل كسب المؤييدين لهم في حربهم ضد أمريكا..وهم في هذا يخسرون الشعور الكوردي و لكنهم يعرفون أن تناقضهم الرئيسي و خلافهم الاسترتيجي هو مع أمريكا وهدفهم هو الانتصار في تلك الحرب و في هذا لا يعيرون هم أهمية للتكتيك الممارس من أجل الوصول الى الهدف. فعندما يصل الامر الى قتل المدنيين من أجل السيطرة، عندها يكون أتهام الكورد بالعمالة لامريكا واسرائيل ليس ذات قيمة لديهم... الامر المحير هو تصديق بعض القيادات الكوردية لمزاعم بعض القومجيين العرب و الاسلاميين و العنصريين في تركيا حول رغبة أمريكا في تأسيس الدولة الكوردية و ينسون أن تأسيس الدولة الكوردية هو ليس في صالح أمريكا و هو ضد المصالح الامريكية. واذا كانت بعض القيادات الاسرائيلية تريد اشغال العرب و المسلمين عنها باثارة قضية الدولة الكوردستانية ، فأن أمريكا لا تستطيع حتى التقرب من فكرة تكوين الدولة الكوردستانية في العراق... فعندما نقول أن أمريكا تريد تكوين دولة كوردية في العراق يجب أن نؤمن ايضا بأن أمريكا ستعمل ضد مصالحها بتلك الخطوة و أنها تريد الحاق الضرر بنفسها و هذا مخالف للفرضية الاولى التي تقول أن أمريكا هي دولة مصالح و ليست دولة افكار و قيم... قد تريد أمريكا الجمع بين المصالح و القيم و لكنها تفضل المصالح على القيم في حالة تعارض الاثنين مع بعضهما البعض. فأمريكا حسب كل الدلائل لا تريد تكوين دولة كوردية و هي ليست في المنطقة من أجل تلك الدولة بل أن المصالح و الحرب ضد الارهاب هما الدافعان الرئيسيان لتواجد أمريكا في العراق و بالتالي في الشرق الاوسط. ولكي تحافظ أمريكا على مصالحها من الافضل لها أن تتحالف مع دول المنطقة العربية و مع تركيا وايران لاحقا بعد أنهيار أو سقوط أو تغيير النظام الاسلامي في ايران. ولكي تحارب أمريكا الارهاب و تنتصر في حربها ضد الارهاب يجب أن تقلل من العوامل التي تدفع الى زيادة التأييد و شعبية الارهابيين.. و بما أن القضية الكوردية و تاسيس دولة كوردستان هي أحدى تلك العوامل التي تستغلها الاحزاب المعادية لامريكا في حربهم، لذلك سوف تعمل أمريكا على تقليل تلك المخاوف لدى الدول العربية و تركيا و الاحزاب التطرفة و القومية و الاسلامية و التراجع قدر الامكان عن تأييدها المصطنع للكورد.. وهذا يعني أن مايسمى بالتحالف الكوردي الامريكي هو ليس سوى مرحلة محدودة استفادت منها مؤقتا بعض القيادات الكورية الا أن تلك العلاقة هي لصالح امريكا و الارهابيين و الجهات الاخرى في العراق و المنطقة فقط وسوف لن يستطيع الكورد بناء اي شئ على تلك العلاقة او الاستفادة النوعية من ذلك التحالف المؤقت و القصير المدى. فأمريكا استطاعت من خلال تخويف الاطراف العراقية الشيعية و السنيه من بعبع الدولة الكوردية، أن تزيد من تعاون تلك الاطراف مع أمريكا لابل المضي قدما نحو تشكيل تحالف قوي قد يغير خارطة التحالفات في المنطقة. كما استفاد الارهابيون من دعاية تكوين الدولة الكوردية بجمع التأييد لهم و الاستمرار في حربهم ضد امريكا... فأمريكا هي بصدد ترسيخ التحالف مع القوى الشيعية و تعميق الخلاف بينهم و بين ايران وبهذا ضمنوا بقاءهم في جنوب ووسط العراق كما هم بصدد زيادة الخلاف بين التيارات الشيعية المشددة كمقدتى الصدر و بين التيارات السنية المتشدد و جماعات الزرقاوي و بهذا يكونون قد ضمنوا قطبا شيعيا معاديا للارهاب و متعاونا الى حد ما مع أمريكا... وعلى جبهة العرب السنه، تحاول أمريكا أن تتحول الى تلك الجهة التي تريد ضمان حقوق العرب السنة في الدستور و ضمان وحدة العراق و الوقوف ضد تكوين الدولة الكوردية و الحفاظ ايضا على عروبة العراق. هذا الدور أن كان صعبا ممارستة قبل معارك الدستور و الاعتداءات الارهابية على المدن و المواطين الشيعة، فأنه اصبح أمرا من السهل مناله بعد رجوع ممثلي العرب السنه الى أمريكا من أجل أن تضمن لهم حقوقهم في الدستور.. وهذا يعني أن أمريكا هي في طريقها الى أن تتحول الى مرجع للعرب السنه ايضا... وبما أنها مرجع للقيادات الكوردية منذ زمن طويل، فأنها ستتحول الى الطرف الذي يأتمن له القيادات الكوردية و الشيعية و السنيه. وبهذا تكون قد ضمنت بقاءها في العراق و التحول الى الدولة التي تريد وحدة العراق بدلا من تمزيقة. كما ستحصل أمريكا على اطراف اسلامية مستعدة لمحاربة الارهابيين و معادات كل من يتعاون معهم... وهذا ما تبحث عنه أمريكا فأمريكا لاتريد أن تحارب الارهاب بجنودها بل تريد أن تكوّن أطراف اسلامية من أجل محاربة الارهاب الاسلامي المتطرف. وهي نفس السياسة التي مارستها أمريكا حيال الاحزاب و الدول الشيوعية.. والتي كانت تتلخص بمحاربة الشيوعية بالشيوعيين أنفسهم... المطلون أمريكيا في العراق هي دولة موحدة تخاف من التمزيق في كل دقيقة.. و المطلوب ايضا دولة مقسمة الى ثلاثة مناطق ممنوع عليهم الاستقلال و ممنوع ايضا عليهم التوحد بشكل كامل و كلها في نفس الوقت متحالفة مع أمريكا و تريد منها المساعدة ضد القسم الاخر، والاطراف الثلاثة تشارك في حربها ضد الارهاب و تأمن مصالح أمريكا في المنطقة.. وبهذا تضمن تواجدها السهل و الغير مكلف في العراق كما ستضمن دعما كبيرا في حربها ضد الارهاب... وأخير اقول أن ألارتماء الغير مشروط للقيادات الكوردية في أحضان أمريكا سوف لن يجلب للكورد الدولة الكوردستانية ولا الفدرالية المعهودة وهذه السياسة هي ليست سوى عملية تسهيل الامور لامريكا كي تنفذ سياساتها في المنطقة. تلك السياسات التي لا تعني بالضرورة الاعتراف بالحق الكوردي . لذا فأن ما تمارسة القيادات الكوردية من سياسة في العراق و من توجهها الى المركز و تأسيس دولة بالشكل الحالي هي ليس سوى عملية حفر قبر لانفسهم و يوم وقوعهم في ذلك القبر متعلق بمدى تقبل القوى السنية و الشيعية بتنفيذ السياسات الامريكية في المنطقة و الحفاظ على المصالح الامريكية، كما أنة متعلق بمدى أنتصار أمريكا في حربها ضد الارهاب..
#هشام_عقراوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل سيصدّق دستور أقليم كوردستان في بغداد
-
القوى العراقية لا تطالب بحقوقها بقدر ما تطالب برفض حقوق بعضه
...
-
دخول الجيش التركي الى كوردستان (العراق)، هو لصالح الكورد
-
الطالباني، الحكم و ليس الخصم
-
وأخيرا أدركت شهريار أن الفدرالية نعمة للشيعة ايضا
-
نيات قائمة التحالف الشيعية سيئة و الافعال تفند الاقوال
-
ابعاد عراقيي الخارج و التهرب من التعداد السكاني في العراق
-
ما وافق عليه الدكتاتور صدام للكورد ترفضة القيادات الجديدة
-
الحكم على صدام بغسل الملابس حتى الموت
-
تركيا بين جنة أوربا و نار عبدالله اوجلان و حقوق الكورد
-
كلما شاهدت التحقيقات مع الارهابيين أتذكر جلادي صدام
-
الدفاع عن حرس صدام و جحوشه و معادات البيشمركة
-
أحلام عصافيريه لوكالة أخبار النعامة
-
الذي يرفض كردستانية كركوك اليوم سيرفضها حتما غدا ايضا
-
المافيا و تجارة المجرمين
-
ما بين المعارضة و الارهاب و القتل المبرمج.
-
أخطاء قائمة (السيستاني) فوائد لدى البراغماتي علاوي
-
الجعفري أنهزم أمام معظلة كركوك قبل أن يستلم المنصب
-
السيد الجعفري بين التناقضات و التحديات
-
حقوق المسيحيين و الئيزديين لدى (بعض) اَيات الله الطاهرين
المزيد.....
-
الجيش الأوكراني يتهم روسيا بشن هجوم بصاروخ باليستي عابر للقا
...
-
شاهد.. رجل يربط مئات العناكب والحشرات حول جسده لتهريبها
-
استبعاد نجم منتخب فرنسا ستالوارت ألدرت من الاختبار أمام الأر
...
-
لبنان يريد -دولة عربية-.. لماذا تشكّل -آلية المراقبة- عقبة أ
...
-
ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى تشيفا: من الغضب إلى الترحيب
-
قصف إسرائيلي في شمال غزة يسفر عن عشرات القتلى بينهم نساء وأط
...
-
رشوة بملايين الدولارات.. ماذا تكشف الاتهامات الأمريكية ضد مج
...
-
-حزب الله- يعلن استهداف تجمعات للجيش الإسرائيلي
-
قائد الجيش اللبناني: لا نزال منتشرين في الجنوب ولن نتركه
-
استخبارات كييف وأجهزتها العسكرية تتدرب على جمع -أدلة الهجوم
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|