أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - المصطفى صباني من البيضاء المغرب - الموت و ما بعده















المزيد.....


الموت و ما بعده


المصطفى صباني من البيضاء المغرب

الحوار المتمدن-العدد: 4818 - 2015 / 5 / 26 - 00:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لقاء مع موريس غودولييه (Mourice Godelier)



إن التصورات الخيالية (les imaginaires) للعالم الأخروي هي جد مختلفة باختلاف الثقافات والأديان، لكنها تشترك جميعها في رفض اعتبار الموت شيئا آخر غير انتقال نحو شكل لحياة مختلفة.
إن موريس غودلييه هو ذاك الأنتروبولوجي الذي يحب مواجهة القضايا الكبرى بأداة الملاح المفضلة في أعالي البحار، الذي يسمح له منظاره (تلسكوب) بالاستدارة نحو الآفاق البعيدة، فضلا عن توجيه بؤرته ثانية نحو التطورات الأخيرة للمجتمعات الغربية، كما هي المقارنة حين تساوي زمنيا بين قبائل البارويا (Baruyas) في غينيا الجديدة السابقين والحاليين. بإتباعه النهج نفسه، فقد شحذ غودلييه نظرته في البحث عن ما يشكل اللازمة المتواترة داخل تنوع محير للممارسات والمعتقدات والمؤسسات الاجتماعية، أي بالبحث عن قوة التصورات الخيالية وثقل الرموز. قرابة ثلاثين سنة كشف غودلييه بشكل متواصل عن دوافع الهيمنة الذكورية (صناعة الرجال العظام 1982) وأسس الهبة الرمزية (لغز الهبة 1997)، تطور النسب في الأسرة الحديثة (تحولات القرابة 2004)، التصورات الخيالية للسلطة (في أس المجتمعات الإنسانية 2007)، وتقديم قراءة للمظاهر الأكثر أهمية في عمل كلود ليفي ستراوس (Claude lévi-struass) (ليفي سترواس 2013)، ومبحثه الأخير المطعم بإسهامات الأنتروبولوجيين والمؤرخين، ينصب على موضوع لا يمكن التقليل من كونيتــه : التصـــورات الخياليــة للمــوت والعالــم الأخــروي، الدرس الذي استخلصه - رغم حكمة مونتاني (montaigne) التي تعتبر التأمل الفلسفي تعلما للموت ـ أن الإنسانية تفضل في مجموعها اعتبار التفكير تعلما للإبقاء على الحياة.

• لماذا أرفقت تناولك للموت بعوالمه الأخروية ؟ فالأول ظاهرة طبيعية، بينما الأخرى اعتقاد نكون مخيرين للالتزام به من عدمه.
• موريس غودلييه : في الواقع، إن الأطباء هم الذين أثاروا هذه القضية حين يستفسرون عن الوسيلة الناجعة لمواجهة الموت، لأن حاليا المستشفى هو المكان الذي سيموت فيه عدد كبير من المسنين، والذين يكونون أحيانا فرادى تماما لمواجهة المحنة، لذلك خلقنا مصالح للرعاية المسكنة (palliatif) كي تكون عضدا للناس عند نهاية حياتهم. لكن الأمر يبدو مقلقا للأطباء المعاينين لهم، لأنهم عادة ما يرون دورهم مقتصرا على منح حياة جديدة للمرضى، بينما هم في الأجنحة المسكنة مفوضين لمرافقة المرضى نحو مثواهم الأخير، لذلك يكونوا مدعويين للعب أدوار الرفقاء والأهل والأقارب... إن البعض منهم طلب مني القيام بمبحث رفقة أنتروبولوجيين ومؤرخين حول الكيفية التي يمكن بواسطتها وصف الموت وعيشه في ثقافات ومراحل مختلفة. وقد التمست ذلك من عدد معين من الزملاء، وهو الذي أسهم في إبداع هذا المصنف من النصوص : أربعة عشر مقالا تصف ما نعرفه عن الموت والعالم الأخروي في مختلف مجتمعات العالم الغربي، الشرقي، الأوقياني والأمازوني، والبعض منها تنتمي للعصور القديمة والعصر الوسيط. إن العينة هي جزئيا مقسمة بدقة ومع ذلك غاب تصنيف إفريقيا.
في الواقع لا يجب الحديث عن الموت، بل الحديث عن مراحله : المشرف على الموت، لحظة سكرات الموت، وما بعد الموت. وبخصوص المشرفين على الموت هناك موقفان أساسيان : إما أن نهول من اللحظة فنبكي مسبقا موت الفقيد المقبل، وإما أن لا نبدي أي انفعال، ونظهر صمتا مهيبا، ورباطة جأش، ثم بعد ذلك تأتي الوفاة التي يجب أن يلقى فيها الجسد المسجى عناية، وإعدادا ضروريا. وهنا تتعدد أنواع الأساليب : الدفن، الحرق، التعريض (exposition)، تليها مرحلة الحداد، الذي هو سلوك اجتماعي لازم، لكنه كذلك اعتقاد ميتافيزيقي يؤمن باستمرار حياة الموتى في شكل معين وفي آخر مختلف عنه.
• أليست المعتقدات المعنية بالموتى كثيرة التنوع حسب الأديان ؟
• موريس غودلييه : بالطبع هناك اختلافات مهمة بين الأديان العشائرية (tribales) (لكل من سولكاس (sulkas) بارويا، الأستراليين وميراناس للأمازون) والأديان الوطنية (الرومان والإغريق) والأديان الكونية، توحيدية كانت أو غير توحيدية (من الهندوسية إلى الإسلام)، حتى وإن كانت أنساق العقائد جد مختلفة، فقد تبادر إلى ذهني عند قراءة ما كتبه جون كلود غالييه (Jean Claude Galey) عن طقوس الحرق في الهند، إمكانية تعميم ملاحظة أبداها بخصوص هذا الموضوع. وهو تصور أن الموت لا يتعارض مع الحياة ولكن مع الولادة التي يكون قلبا لها.
ففي السياق الهندي يرتبط الموت بالتناسخ المتجدد. فالأحياء تناسخ جديد، الذين بدورهم سيتم تناسخهم من جديد في جسد آخر بعد موتهم، لكن في حضارات أخرى التي ينعدم فيها الاعتقاد بـ "دورة الإحياء المتجدد" نعثر على نفس البنية التي يتعارض فيها الموت مع الولادة وليس مع الحياة، ما دامت جميع الأديان ـ وذلك عنصر ثابت تشترك فيه جميعا ـ تسلم بوجود حياة بعد الموت.
• عن أية عناصر تعني بقولك ؟
• موريس غودلييه : في العالم بأسره، وبدون قيد أو شرط، لا يعتبر الموت نهاية للحياة ولكن فصلا للعناصر المتحدة أثناء الولادة. وليست تلك العناصر شراكات جنسية فقط لرجل وامرأة، ولكن تشمل دائما مكونا صادرا عن الأسلاف أو من عالم الأرواح، أو كذلك عن الآلهة أو عن الإله الوحيد كما في الأديان الكبرى. ففي المنظور المسيحي ينبع ذلك المكون من الروح (âme). وهذا العنصر وعلى العكس من ذلك يستمر في الوجود عند الموت، بعد انفصاله عن العناصر الأخرى، فهو بمثابة بقية (reste) يمكن تسميته بالنفس (esprit)، الروح (âme) أو القرين (double)، أو نسميه أيضا بخلاف ذلك. عند الأباطرة الصينيين يتم التأكيد على امتلاك كل كائن إنساني لعشر أرواح، سبع ثقيلة، وثلاث خفيفة. عند الموت تصعد الثلاث الخفيفة نحو السماء، والسبع الثقيلة تظل في الأرض. إن الموت يفرق ما جمعته الولادة.
• لكن ما الذي يناظر هذه الفكرة التي يمكن أن تأتي على حين غرة ؟










• موريس غودلييه : إنها تنشأ عن رفض للموت الذي تراه مخالفا للطبيعة. ففي العديد من الأساطير يكون الموت نتاج حادث عارض أو خطأ إنساني. كان علينا انتظار ما تعرضه الطبيعة من مشهد كي يكف الناس عن الاعتقاد باختلافهم عن الحيوان والنبات وأن يعاينوا موتهم الدائم. لكنها نظرة تبسيطية للأمور، لأن المخيال يستحوذ كذلك على كل ما يخص الطبيعة. مثلا هناك أسطورة لغينيا الجديدة، وهي ليست الوحيدة من نوعها، وبحسب ما تذكر أن البشر قبل أن يكونوا فانين، كانوا شبيهين بالأفاعي، يبدلون دوريا جلدهم، وبذلك يحافظون على شبابهم الدائم. وبعد ذلك في يوم من الأيام، اقترفت امرأة عجوز خطأ فأضحى الناس فانين. في الواقع يعلم سكان غينيا الجديدة علم اليقين، أننا مثل الأفاعي سنموت يوما. لكن هذا التصور الخيالي الذي استمد من ملاحظة الطبيعة يسمح بالاعتقاد أن الناس ـ إذا استمرت الأمور كما في السابق ـ لن يصيروا فانين بشكل نهائي، وبذلك لن نكون في حاجة لبناء عوالم خيالية معقدة كي نفسر كيف يستمر الموتى بالوجود في أي شكل ممكن، في الميثولوجيا اليونانية، كانت مسؤولية ابيميثيوس (Epimethée)، الأخ المتهور لبروميثيوس (Promethée) في اصطحابه باندورا (Panadora) معه، سببا في أن يشيع بين الناس لزوم العمل ليطعموا أنفسهم، وأن يتزوجوا وبخاصة أن يموتوا. وهذه القصة تتناسب تقريبا مع قصة آدم وحواء اللذين طردا من الجنة لرغبتهما اختلاس ثمرة شجرة المعرفة.
• ومع ذلك ليست لكل هاته المحيكات قواسم كبرى مشتركة ؟
• موريس غودلييه : لا يجب أن يحدث التنوع والتعقيد اللامتناهي للطقوس والأساطير عرقلة أمام فهمها. إن الثابت الأساسي الذي هو تصور تعارض الموت والولادة، يستدعي وجوب تصور شكل مختلف للحياة مقارنة بحياة الأحياء. إنه في الأغلب وجود لا مادي، لكنه يستجيب لضغوط شبيهة تماما بتلك التي لعالم الدنيا. يجب تخيل مكان يستمر فيه وجود الموتى، وطقوس تحيط بالممر المؤدي نحو هذا المكان. لكن هذا ليس شأن كافة الموتى، فالأعداء والمحكوم عليه بالموت (condamnés) أو المنتحرون، أي كل ما يفترض أنهم لم يكونوا محاطين على أتم وجه بالعناية، يمكن أن يصيروا مؤكدا موتى شريرين، موتى يتلبسون الأحياء، ولا يترددون في الإساءة إليهم. نتحدث إذن عن موت الأقرباء. والذين، بعد موتهم، يستمر الأحياء في مراعاة العلاقة بهم.
• هناك تصورات عن العالم الأخروي تتميز بشدة بخصوص يوم الحساب وعقاب الأشرار بالجحيم، ومكافأة الأخيار بالنعيم، فهل لهذا الاختلاف أهمية ؟
• موريس غودلييه : كثير من الأديان هي في الواقع غير مكترثة لمفهوم الحساب، ولا تعتقد أن قدر الموتى متوقف على الحياة التي عاشوها، فالناس جميعا أو تقريبا أغلبهم هم في الهم سواء، يتصورون وجود مكان وحيد يقيم فيه الموتى، تلك حالة أغلب الأديان العشائرية التي لم تهتد إلى ديانة كونية مثل الإسلام والمسيحية والبوذية، في أوقيانيا (Océanie) يكون هذا المكان غالبا جزيرة أو قرية نائية.
تعتبر الأديان الكبيرة والقديمة، الفيدية مثلا (Védisme)، أن مصير الموتى يكون نتيجة أفعالهم الماضية. ففي البوذية مثلا، يتوقف التناسخ المتجدد على المزايا والمثالب التي راكمها الفرد في حياته. في حين تكون النرفانا (Nirvana) من نصيب الميت الذي بلغ درجة اليقظة الكاملة، ويمكن أن تكون طريقة محاكمة الموتى هاته مرتبطة بمرحلة تطور الدول والأمبراطوريات حيث نعاين عجز ملوك الأرض عن إقامة عدالة حقيقية وأن الآلهة وحدها هي القادرة على ذلك.
إن اليهودية والمسيحية والإسلام وما بعد ذلك، تتصور الإله يحاسب النفوس على قدر ما اقترفته من خطايا، وعلى حسب أعمالها الخيرة، وبناء على ذلك تخلد عذابا في الجحيم، أو تنال السعادة الأبدية والدائمة. ذلك هو مبدأ الخلاص الذي يختلف تماما عن مبدأ التخليص (delivrance). فقد ابتدعت المسيحية في زمن متأخر المطهر (Purgatoire) الذي يسمح بدفع سكوك الغفران. وكيف ما كان الأمر فإن هذه الأديان تتقاسم مبدأ يقضي بأن الموت ليس نهاية للوجود، بل قلبا (Inverse) للولادة.
• إذن هناك أديان لا يحاسب فيها الآلهة الموتى على قدر مزاياهم، أفلهذا الأمر كان العالم الأخروي قليل الأهمية ؟
• موريس غودلييه : كان ذلك في الأديان التي توجد فيها آلهة، لكن في تلك التي يكون للأسلاف فيها مكانة كبرى داخل الحياة اليومية، والذين يكون باستطاعتهم ـ وفق الشعيرة التي تشيد بهم ـ حماية أو عقاب الأحياء. ولنا من الأسباب المعقولة كي نعتقد أنه مع الزراعة وتربية الماشية كان الناس معرضين أكثر لمصادفات الطبيعة مقارنة بأسلافهم القناصة القطاف، والذين ـ نقول عنهم ونحن مارين على ذلك مرور الكرام ـ نادرا ما أقاموا شعيرة الأسلاف وكانت لهم أشكال أخرى للعلاقة بالموتى. وبذلك نرى الآلهة تتعدد ومجمع الأرباب (Panthéons) تظهر، أو مجمعات لآلهة متراتبة. وتصور أن للموتى سلطة معيارية وأنه من الضروري مراعاة العلاقة بهم، كانت تلك الفكرة إذن جد قديمة، فالموتى يحمون ويعاقبون في نفس الوقت. أنهم شركاء على قدم المساواة مع الآخرين الأحياء.
• ألم يكن التضرع بالعالم الأخروي ذريعة لساسة الناس، أي أنه باختصار إيديولوجية؟
• موريس غودلييه : بالطبع، يمكن أن يسخر ذلك لساسة الناس، فالتهديد بسوء التناسخ أو التهديد بالجحيم هو في عداد الوسائل المتخيلة التي تسخرها السلط الدينية لتبرير المتطلبات الأخلاقية والاجتماعية. وخلافا لما قلناه، فقد كتب كانط الذي لم يكن على وجه الخصوص ورعا، أن الاعتقاد ببقاء الروح كان مسلمة للعقل العملي الخالص، أي إيمانا ضروريا بالخير المطلق. وذلك يعني أننا إذا كنا غير مقتنعين بوجود العالم الآخروي والخلاص الممكن فهذا يترتب عنه تملصنا من كل واجب أخلاقي. إنه تصور مغرق في المسيحية وقصاصي، لكن بالنسبة له فهو تصور متعلق بالعقل. وكانط يجهل كل المجتمعات العشائرية التي تفترض أديانها بقاء البشر بعد الموت لكنها تستبعد أي حساب بعده
• بعبارة أخرى كانت التصورات الخيالية للعالم الأخروي ردودا على تساؤلات وجودية ؟
• موريس غودلييه : جوهريا أعتقد أن هناك شيئا متعذرا قبوله في الإلزام بوجوب الموت، وهذا يعني رفضا عميقا لقبول شرطنا [الوجودي]، فهذا الرفض كوني ويتخطى التاريخ (Transhistorique). لقد ميز سيغموند فرويد بين قوتين في الإنسان : إيروس وتاناتوس (Eros et thanatos). و هما عنصران مختلفان نعايشهما، الموت الذي هو نهاية الاستمتاع بالحياة، ورفض الموت الذي هو رغبة في إحراز لذائد الحياة. إن على الحكم المتسامية أن تجعل الموت مثاليا (Idealiser) لكي يحظى بالقبول، وعليها أن تقترح شيئا معينا، قيمة، ومن ثمة شكلا للوجود. إن بعض المتصوفة المسيحيين (mystiques) كانوا مقتنعين بأن الموت هو بداية الحياة الحقيقية وذلك ما يستوجب على تلك الحياة التي تأتي بعد الموت أن تكون أجمل من الحياة الدنيا، وعليه إذن يجب الاستعداد. وقد كان ذلك خلاصة تخيل قوي يطمح مرة أخرى لرفض الموت، لذلك لا يجب أن يثير استغرابنا إذا ما كانت هناك صعوبة في الإعلان عن موت الإله واستئصال كل المعتقدات، لأن الإنسانية في حاجة إلى الاعتقاد بإمكانية تحقق المستحيل.
• أسيكون من المتعذر مواجهة ذلك التصور الذي يعتبر أن كل شيء ينتهي بعد الموت؟
• موريس غودلييه : من الناحية الذهنية يمكن تصور ذلك بالطبع، لقد فكر في ذلك بعض فلاسفة العصور الإغريقية واللاثينية القديمة، ومثلا وقف أفلاطون ضدهم بالإصرار على وجود جزء من الروح كان خالدا. لقد كانت فكرة [الموت كنهاية] دائمة الحضور لكنها كانت مرفوضة. وفي الوقت نفسه نجد تصورات خيالية أخرى منافسة مثل تناسخ الأرواح. لكن إذا تفحصنا المواقف الأكثر شيوعا في العالم، نرى أن هناك رفضا للموت كنهاية للحياة. إن القرن 18 الذي شهد ظهور فلاسفة الأنوار في أوربا وما أعقب ذلك من انفصال الدولة عن الدين في فرنسا، بل كذلك الترويج للفردانية كطريقة للعيش، وتفكك روابط الأسر الممتدة، كل ذلك دفع كثيرا من الناس لإبداء موقف غامض حيال الموت. في المجتمع المعاصر هناك ميل لإقصاء الموت وحد طقوس الجنازة وإفراغها من بعدها الميتافيزيقي. لكن لا يمكن أن نمنع أنفسنا من تعيين مكان [دفن] الموتى، وزيارتهم وتقديم الزهور لهم. فذلك شكل للاعتقاد بوجودهم. ففي المجتمعات المشبعة بطقوس عديدة تقدم للموتى أطعمة، ويحرق الصينيون الأوراق النقدية نذرا للموتى بل حتى صور الحواسب المحمولة والسيارات.
• أليس باستطاعتنا أن نكون بصدق ماديين ؟


• موريس غودلييه : إن الاعتقاد بوجود حياة بعد الموت هو قطعا مخالف للحدس. فلا أحد على الإطلاق رأى روحا تغادر جسد ميت. لكن أن تعتقد بهذا فذاك حتما خلق لممارسة موجهة نحو الموتى والتي ليست كلها ذات صلة بالدين. إن العمل على احترام كلام المتوفين بشكل موسوس فيما يتعلق بالإرث وطقوس الجنازة هو رمزيا على قدم المساواة مع الاعتقاد بوجود روح. فإذا كان المتوفون يفقدون حينئذ باقي حقوقهم فإن هذا الأخير يصان والذي هو شكل للإبقاء على الحياة. إن لنا جميعا علاقات عاطفية بالأشياء التي خلفها أقاربنا والتي لن نستعملها أبدا لكن نحتفظ بها، إنها ضمن تلك الأشياء التي لا يمكن بيعها ولا وهبها. حاليا توجد في بعض المقابر إمكانية ولوج الموقع الشخصي للفقيد، ذلك الموقع الذي وضع فيه صوره وموسيقاه المفضلة وأثار صداقاته. وحتى بغياب تصور خيالي متطور بخصوص العالم الأخروي، فإن رمزية مواقفنا وممارساتنا تؤيد شكلا لوجود الموتى بيننا.
Sciences Humaines. Mensuel N° 267, Février 2015 p 22.



#المصطفى_صباني_من_البيضاء_المغرب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- ماما جابت بيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 لمشاهدة أفضل ...
- ماذا نعرف عن منفذ هجوم نيو أورليانز المشتبه بتبنّيه لأفكار ا ...
- من -البعثية- إلى -الإسلاموية-...كيف تفاعل رواد مواقع التواصل ...
- السيد الحكيم: الأمة الإسلامية تمر بمنعطف حساس
- شرطة الاحتلال تقتحم حي سويح ببلدة سلوان جنوب المسجد الاقصى ا ...
- “ضحك طفلك وابسطه الان” تردد قناة طيور الجنة الجديد على الأقم ...
- الإدارة السورية المؤقتة تلغي مواد تعليمية لا تناسب -الشريعة- ...
- الاحتلال يداهم مدنا بالضفة ويؤمن اقتحام المستوطنين شمال سلفي ...
- السعودية تدين -الاعتداءات الغاشمة- على حرمة المسجد الأقصى
- أنا البندورة الحمراء ????.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 ...


المزيد.....

- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - المصطفى صباني من البيضاء المغرب - الموت و ما بعده