|
شمائل لا ينبغي لها أن تضيع
زيد كامل الكوار
الحوار المتمدن-العدد: 4817 - 2015 / 5 / 25 - 19:37
المحور:
المجتمع المدني
شمائل لا ينبغي لها أن تضيع
كان المجتمع في المنطقة التي يقع فيها العراق، على اختلاف مكوناته المجتمعية ، عربا وكردا ، على اختلاف دياناتهم ، مجتمعا منسجما يزخر بالتنوع الثقافي ويمتاز بوحدة أخلاقه على اختلاف دياناته ، فاليهود مثلا ، اشتهر منهم السموأل بن عادياء آية في وفاء الذمة ، عند العرب بصورة عامة يتمثلون بموقفه الغريد من امرئ القيس الشاعر ، والحادثة الشهيرة والتي خلدت بقصيدة السموأل التي تعد سفرا مليئا بآيات الفخر والنبل والتفرد ، وكذا النصارى وحكمتهم المعهودة ، حيث كانوا وعلى مر العصور خزنة وسدنة المكتبة العربية التراثية والعلمية ، بأديرتهم العامرة بالمخطوطات الفريدة النادرة . والعرب في عصر ما قبل الإسلام ، ولا أسميه عصر الجاهلية، كما هو متعارف عليه ، لان في ذلك تجن كبير على العرب الذين برعوا وأبدعوا في ساحة الحكمة والفصاحة والأدب ، وقد كان العرب أهل الحكمة والأخلاق الحميدة ، فهم أهل الكرم كما اشتهر عنهم ، ومن بين الأخلاق التي تشرف العرب بها، خلق السماحة والتسامح والوفاء ، مع أنهم اعتادوا الغزو والحروب في الأعم الأغلب ، وكانت الحرب أولى خيارات التفاهم عندهم ، ومن خصوماتهم المشهورة في تأريخهم ، حرب البسوس ، وغيرها الكثير منها من التي استمرت أربعين سنة ، لكنهم لا يلبثون أن يثيبوا إلى رشدهم ، ويتلافوا الخلل ويوقفوا رحى الحرب بحكمة الحكماء وإخلاص المخلصين ، فيحل السلام والوئام بينهم عوضا عن الحرب والموت والدم ، فتلك حرب داحس والغبراء التي راح ضحيتها العشرات بل المئات بين قتيل وجريح ، حتى تصدى لوضع نهاية مشرفة ، ومرضية لها ، رجلان من كرام العرب ، وقد خلد ذكريهما الشاعر العربي زهير بن أبي سلمى ، وهذان الرجلان هما الحارث بن عوف وهرم بن سنان ، اللذين تحملا ديات القتلى والجرحى في قبيلتي عبس و ذبيان ، من حر مالهما مع أنهما لم يشتركا في تلك الحرب ولم يذنبا فيها ذنبا ، حتى قال فيهما الشاعر : يمينا لنعم السيدان وجدتما * على كل حال من سحيل ومبرم تداركتما عبسا و ذبيان بعدما * تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم وقد قلتما إن ندرك السلم واسعا * بمال ومعروف من القول نسلم فأصبحتما منها على خير موطن * بعيدين فيها عن عقوق ومأثم عظيمين في عليا معد هديتما * ومن يستبح كنزا من المجد يعظم تعفى الكلوم بالمئين فأصبحت * ينجمها من ليس فيها بمجرم ينجمها قوم لقوم غرامة * ولم يهريقوا بينهم ملء محجم فإذا كانت أخلاق العرب بهذه العظمة في العصر الذي كان يسمى العصر الجاهلي ، فما بالكم بها بعد انصرام القرون ، وفتح آفاق العلوم جميعها أمام الإنسانية ، لينهلوا منها ما شاءوا ، ناهيكم عن الموروث التراثي الإنساني المليء بالمناقب الكريمة ، في التسامح والصلح ، بينهم على اختلاف مواردهم ومشاربهم ، فضربوا في ذلك أروع الأمثلة في حل أعقد المشاكل وأصعبها بالحكمة والكرم والسماحة والتسامح ، ولا أخص في هذا المجال شخصا دون آخر ، ولا دينا أو طائفة دون أخرى ، فحيثما كان الإنسان والمجتمع كانت الخلافات والمشاكل كما هو معلوم ، وخير الأدلة على قولي امتداد الحقبة التي عاشت فيها هذه المجتمعات معا ، فلو لم يكن الود والتآلف والتفاهم حاضرا أصيلا لما امتدت فترة التعايش إلى المئات بل الآلاف من السنين ، ومن حالات التسامح والتصالح الكبيرة في تأريخنا ما قام به الإمام الحسن بن علي عليهما السلام حين تصالح مع معاوية بن أبي سفيان ، لمنفعة رأى أنها أعم وأشمل فائدة لعامة المسلمين . فإن كنا قد يئسنا اليوم من رموز بوزن الحسن بن علي ( ع ) ، أفلا نرجو أن يكون فينا من الشيوخ الكرام والحكماء من علماء الدين وشيوخ العشائر ، رجالا يتولون هذا المسعى الكريم ، لإصلاح ذات البين العراقية ، ولا نقول أن يتحملوا الديات من خالص أموالهم ، ولكن نقول لهم اسعوا بين القبائل بجاهكم وهو كبير ، فلن تعدموا وسيلة ترقئون بها جرح العراق النازف ، فأنتم أهل الحكمة والعقل والجاه الكبير .
#زيد_كامل_الكوار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وصول عدد من الأسرى الفلسطينيين المبعدين إلى القاهرة (فيديو)
...
-
جدل واسع في إسرائيل بعد مشاهد تسليم الأسرى الإسرائيليين
-
صحف عالمية: تبادل الأسرى السبت كان الأسلس وحماس تسيطر على غز
...
-
ناد نرويجي يتبرع بعائدات مباراته ضد فريق إسرائيلي لإغاثة غزة
...
-
DW تتحقق من معلومات مضللة حول المهاجرين قبل الانتخابات الألم
...
-
DW تتحقق في معلومات مضللة حول المهاجرين قبل الانتخابات الألم
...
-
اقتحامات واعتقالات في الضفة الغربية
-
فنلندا: تراجع عدد طالبي اللجوء بنسبة 45% والسلطات توقف دراسة
...
-
لندن: اعتقال ستة أشخاص خلال مظاهرة لدعم زعيم منظمة يمينية مت
...
-
تبادل الأسرى بين غزة وإسرائيل.. خطوات منظمة تحت إشراف الصليب
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|