|
هل الحرب الأهلية على الأبواب؟
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 1336 - 2005 / 10 / 3 - 12:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ان من افدح الاخطار التي مرت على البلدان التي احتلت او قامت فيها حركات مسلحة تتصارع فيما بينها هو التطاحن بين تكوينات شعوب هذه البلدان حيث تعتبر طريقة " فتنمة الوضع المعين " التي وضعت اسسها الولايات المتحدة الامريكية في فيتنام اثاء عدوانها وحربها القذرة على هذا الشعب، ولنا عينة حية في منطقتنا في لبنان وما جرى اثناء الحرب الاهلية والتدخلات الخارجية وكيف خسر هذا البلد الكثير من قواه البشرية والمادية اضافة، ماجرى ويجري في بعض الدول الافريقية وفي مقدمتها الصومال وغيرها من حروب اهلية طاحنة لم يسلم منها اي طرف من الاطراف مهما ادعى بالانتصار فالخسائر التي اهدرت لايمكن اعادتها كحالتها الاولى وفي مقدمتها الخسائر البشرية، ولهذا يتخوف اكثرية العراقيين وفي مقدمتهم القوى الوطنية الديمقراطية وغيرها من القوى التي تؤمن بالحل السلمي والحوار والشعور بالمسؤولية تجاه الوطن من شبح الحرب الاهلية الذي يطل برأسه في كل لحظة وساعة، لأن الحرب الاهلية عبارة عن مأساة تجر ارادت ام لم ترد اطرافاً عديدة بالرغم من انوفها او تمسكها بالحياد بين الطرفين او الاطراف المتنازعة بالسلاح وهذا الوضع اذ لم نقل تم الولوج اليه اي بصراحة القول انها البداية لحرب اهلية قادمة، والمشاهد للاوضاع والمتتبع للقوى السياسية الدينية والاطراف الاخرى يشعر ان الاتجاه لتعويم الوضع في هذا الاتجاه او خلق حالة من التربص والانتظار له حقيقة لا يمكن ان ينكرها او يلغيها احد مهما حاول ان يتشبث بالوطنية والوحدة وغيرها من الكلمات التي تبقى حبر على ورق امام تدهور الاوضاع وانزلاقها في متهات لا نهاية لها وفي مقدمتها التوجه الارهابي السلفي والاصولي والبعثفاشي الذي يدفع الاوضاع نحو المجزرة الكبيرة القادمة ولا نخفي ايضاً تصوراتنا بخصوص القوى الاخرى التي لديها من السلاح والمليشيات ما يعادل جيش بلدان صغيرة وهي مستمرة في تقوية النزعة العسكرية والسيطرة على مناطق تواجدها وفرض هيمنتها وتفردها فيها بعيداً عن اية اعتبارات قد تؤدي الى حالة من حالات الانفجار وقد حدث ذلك بين هذه الاطراف لولا وجود قوات متعددة الجنسيات وتهديدات القوى الارهابية والتآمر الخارجي لعمت لغة السلاح وطردت لغة العقل والحوار وهذا ما يهدف اليه المخطط الارهابي بجميع الوانه واشكاله وسياسته ان يبدأ قتال داخلي بين الاخوة الاعداء ثم ينتشر رويداً رويداً الى الاطراف الاخرى ليتسم بطابع مذهبي او قومي او ديني وعند ذلك تتحقق الكارثة التي تنتظر البلاد. ولمجرد فحص الاوضاع السياسية والعسكرية يتسنى لنا وضع اصابعنا على تلك القوى التي تدعى الحرص على الوحدة الوطنية فنجدها سائرة بالاتجاه المعاكس لما تدعية او تقوله، الوضع السياسي المعقد والذي يتداخل معه التوجه الديني المستغل من بعض القوى وجعل سياسة الامر الواقع بفرض ولاية الفقيه من خلال زج اسم المرجعية الدينية الشيعية الى حلبة الصراع، ثم الصراع الداخلي بين تلك القوى وصراعها من اجل السيطرة على العراق بدون حسابات للقوى الاخرى يدفع الاوضاع الى الصراع الاكبر المرجح حدوثه اذا لم يكن هناك توجه حقيقي لنزع فتيل التوجه لحدوث حرب اهلية لا تبقي ةلا تذر كما يقال.. اما اذا تمعنا بالواقع المليشياتي والعسكري فقد نجد 1 ــ مليشيات الاحزاب القديمة التي قدمت بعد سقوط النظام واحتلال العراق وفي مقدمتها مليشيات بدر التابعة للمجلس الاعلى بقيادة عبد العزيز الحكيم . 2 ــ قيام مليشيات جديدة علنية او سرية قسماً منها يزود بالسلاح والمال من ايران وتتنوع تبعيتها ما بين احزاب الدعوة الثلاث وغيرها. 3 ــ تقسيم المناطق طائفياً والنزوع الى تاسيس مليشيات مسلحة بحجة الدفاع عن النفس مثلما اعلنها أحمد عبد الغفورالسامرائي امام وخطيب جامع ام القرى . 4 ــ المحاصصة الاولى في قيام الحكومة الطائفية القومية الضيقة، والسيطرة على الوزرات والدوائر والمرافق الاقتصادية التابعة للدولة من قبل بعض الاحزاب التي فازت في الانتخابات واعتبارها دوائر مغلقة لهم دون غيرهم 5 ــ وجود قوات متعددة الجنسيات التي تعمل في الكثير من الاحيان بعيداً عن رقابة الدولة 6 ــ الجيش والشرطة والمؤسسات الامنية الحديثة حيث ثبت ولاء البعض منهاللبعض من احزاب الائتلاف العراقي واختراق بعضها من قبل الارهابين والبعثفاشي 8 ــ المنظمات والقوى المسلحة التي تدعي مقاومة الاحتلال التي تم تأسيسها بواجهات دينية لكنها تابعة للاجهزة الامنية القديمة وحزب البعث العراقي مثل جيش محمد ووجيش المجاهدين وانصار السنة وجيش المعتصم بالله وغيرهما وهي ايضاً متصارعة فيما بينها لتضمن لنفسها الهيمنة وقرار التمثيل امام القوى الاخرى.. 9 ــ منظمات التطرف الاصولي والسلفي كمنظمة القاعدة في وادي الرافدين وقسم من جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر. 10 ــ توفر السلاح وبجميع اشكاله وانواعه التابع للنظام السابق او بواسطة التهريب من قبل المهربين او مؤسسات امنية لبعض الدول المجاورة وقد تأكد ذلك من خلال اطنان الاسلحة التي كبست وهي قادمة من ايران الى العراق. هذه الخريطة الماثلة امام الابصار واقع وليس من محط خيال يراد به تسويف وتضليل الناس وهي على الرغم من بساطتها تحمل في طياتها اخطاراً حقيقية منظورة للجميع، ففي اية لحظة ممكنة قد تؤدي الى اشعال فتيل الحرب الاهلية وبعد ذلك التوجه لتقسيم العراق وهيمنة الدول الخارجية حسب المصالح والتوجهات السياسية والاطماع لهذه الدول، وللحقيقة ان وجود مليشيات مسلحة علنياً وسرياً تجوب الشارع العراقي دلالة على وجود حرب سرية غير معلنة بين جميع المليشيات التي تحاول كل واحدة منها تثبيت مواقعها في المناطق المتنازع عليها، ثم هذا الكم الهائل من التفجيرات المختلفة الهادفة لأشعال حرب طائفية تمتد الى مناطق واسعة لتتحول بعد ذلك الى حرب اهلية لا يعرف المرء نتائجها الكارثية على العراق والمنطقة التي لن تكون آمنة منها لأنها ستمتد اليها رغبت ام لم ترغب مثلما يمتد الارهاب في الوقت الراهن الى مناطق لم يحسب لها حساب. ان الحرب الاهلية التي ربما لا يرى البعض تفاعلها واسباب قيامها المنظورة هي على الابواب ولن تنتظر القرار الرسمي او القرار السياسي لأنها تنطلق من شرارة ظاهرة العنف المسلح المتواجد وتصفيات الحسابات والتنافس على المواقع الحكومية والثروات الوطنية وعدم استيعاب المرحلة الراهنة والغاء التكيف الطبيعي من اجل العمل السياسي السليم وتفعيل سيادة القانون والنظام وعدم الغاء كافة المليشيات المسلحة لمنح هيبة للدولة ومؤسساتها المختلفة وتحديد مهمات ومهام المؤسسات والمسؤولين الحكومين واستقلالية المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية.. ان اول خطوة يجب الاسراع فيها هي حل كل المليشيات غير القانونية وعدم استخدامها في الخلافات السياسية واعتبارها خارجة عن القانون وهذه القضية تقع على عاتق الجمعية الوطنية التي يجب ان تشرع قانوناً يقضي بحل المليشيات القديمة والتي تشكلت حديثاً ويمنع انشاء مليشيات غير قانونية في المستقبل وبهذا القانون تلزم الهيئات التنفيذية بتنفيذه فوراً وتحويل المخالفين للقضاء ومحاكمتهم وانزال العقوبات القانونية المعمول بها في البلاد، والا ان النذير المشؤوم قادم لا ريب فيه وعند ذلك سوف تعض النواجذ والاصابع معاً،حيث لا ينفع العض ولا الندم لأن الدم سيكون كما يقال للركاب.. والخاسر الوحيد هم ابناء شعبنا العراقي وليس غيرهم.
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الانفراد بالحكم والقرارات الفردية سياسة غير صائبة.. مثال مذك
...
-
قانون الخدمة المدنية لسنة 1939 وتقرير لجنة النزاهة عن التجاو
...
-
ماذا يريد حكام ايران من العراق؟
-
آه.. يا أموال العراق أواه يا أموال الشعب العراقي
-
ستسمع لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي
-
دولة واحدة لا دويلات متداخلة حسب المصالح الحزبية
-
التصيد في المياه العكرة ومأساة جسر الأئمة
-
الدوائر الانتخابية ورؤية المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات
...
-
عمليات الفساد والتمييز ضد المواطنين والقوى الديمقراطية
-
مواقف سياسية وثقافية أكثر من مريبة
-
طارق عزيز بريء كلّ البراءة ونظيف اليدين زيادة
-
وأخيراً.. ها هي مسودة الدستور امامكم لعلكم تعقلون
-
هل ستضيع حقوق الناس بهدوء...! ولكن التاريخ لن يرحم
-
لا..للمساواة بين المــرأة والرجـــل
-
ايران ــ لماذا الإصرار على القنبلة النووية بحجة الطاقة؟
-
فيدراليــة للشيعة أم ضد مطالب الكرد وفيدراليتهم.. يكــاد الم
...
-
رحلـــة الكاتب حسن اللواتي للبحث عن الذات في الألم واللذة
-
ليكن الدستور القادم عراقياً فدرالياً تعددياً كي يبقى العراق
...
-
الطائفية المبررة في طلب الحصانة ومساعٍ أخرى للتشابه بثوب جدي
...
-
لتكن حقوق المرأة في الدستور مسؤولية كل الضمائر الحية
المزيد.....
-
التهمت النيران كل شيء.. شاهد لحظة اشتعال بلدة بأكملها في الف
...
-
جزيرة خاصة في نهر النيل.. ملاذ معزول عن العالم لتجربة أقصى ا
...
-
قلق في لبنان.. قلعة بعلبك الرومانية مهددة بالضربات الإسرائيل
...
-
مصر.. غرق لانش سياحي على متنه 45 شخصًا ومحافظ البحر الأحمر ي
...
-
مصدر يعلن موافقة نتنياهو -مبدئيًا- على اتفاق وقف إطلاق النار
...
-
السيسي يعين رئيسا جديدا للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام
-
ثلاثة متهمين من أوزبكستان.. الإمارات تكشف عن قتلة الحاخام ال
...
-
واشنطن تخطط لإنشاء قواعد عسكرية ونشر وحدات صاروخية في الفلبي
...
-
هايتي: الأطفال في قبضة العصابات مع زيادة 70% في تجنيدهم
-
تحطّم طائرة شحن في ليتوانيا ومقتل شخص واحد على الأقل
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|