أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي (83)














المزيد.....

منزلنا الريفي (83)


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 4817 - 2015 / 5 / 25 - 05:21
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


جولة في القرى الجبلية

كلما عرجت على الأطلس المتوسط إلا وانقبض قلبي، ولا يتعلق هذا الشعور بالأطلس وحده، بل ينتابني كلما رغبت في مغادرة موطني الأصلي، إنني أتحدر من دوار بني كرزاز الواقع في الجنوب الغربي لمدينة بنسليمان، ولا أحد يعلم الحب الذي أكنه إلى هذه الأرض، فكلما ابتعدت عنها إلا وزاد تعلقي بها، لقد كنت أذمها في لحظات الغضب، لكن مع نضجي وتنامي شعوري باتت الأرض تكبر في كياني، وصرت أفرق بين الأرض والأهالي الذين يسكنون فيها، لئن كانت الأرض تحظى بقيمة كبيرة من طرفي، فإن الأهالي لا يستحقون أدنى قيمة، فهم لا يحترمون الأرض ولا تهمهم المصلحة العامة، فيكفي تنقيب بسيط في الموروث الشفهي الكرزازي، ويقارن المرء بين كرزازي الأمس وكرزازي اليوم حتى يدرك أن الأسلاف الكرزازيين كانوا متعلقين بالأرض، فلولا تضحيتهم ونضالهم وتصديهم للإقطاعي الشتوكي ما كان الأحفاد ليحصلوا على الأرض التي يستقرون فيها، وما كان هؤلاء ليتجرؤوا على بيعها بثمن بخس للجامعي وبيضاوة. منذ يوم، كنت في مدينة أزيلال، وأثناء عودتي ترددت على عديد القرى الجبلية، وبينما أنا ألاحظ القرى الرازحة على أقدام الجبال، ظلت قرية بني كرزاز الرابضة في أرض الشاوية عالقة في ذهني، فكل ما لاحظته حول القرى إلا وأقارنه بقريتي على اعتبار أن المقارنة طريق نحو الفهم، إن أهم ملاحظة انتابتني هي : (إن أهالي القرى الجبلية أكثر عملا وتعلقا واشتغالا وحبا لقراهم)، الشيء الذي دفعني إلى طرح السؤال التالي : (إذا كانت الأرض تعني شيئا لأهالي القرى الجبلية فهل تعني شيئا للأهالي الكرزازيين ؟)، إن ما استشفيته من هذه المقارنة هو أن الأرض لا تعني شيئا للكرزازيين، كيف ذلك ؟ إذا كانت قرية بني كرزاز قرية سهلية، تبتعد عن الدار البيضاء بأربعين كيلومتر، فإن هذا الامتياز أو ذاك لم يشفع لها لكي لا تحمل صفة الهشاشة والتهميش، فلا طرقات تفك العزلة، ولا ملاعب للشباب، ولا مكتبات ولا مستشفيات، ولا مدارس ثانوية، ولا جمعيات المجتمع المدني ... بينما الأهالي ومن يمثلونهم لا يحركون ساكنا، في حين تبقى قرية واويزغت في عمق الأطلس المتوسط مثالا للتنمية القروية، فرغم وعورة التضاريس وصعوبة المسالك، هناك شباب فاعل في منطقته، وتحتوي هذه القرية على مدارس تتضمن كل المستويات الدراسية، ناهيك عن الطرقات المجهزة، إضافة إلى مستشفى الولادة، زيادة على دور الشباب وجمعيات المجتمع المدني ...لقد ترسخ في ذهني مقت شديد للأهالي الكرزازيين الذين لا يكرهون أنفسهم في كل مناسبة دينية أو انتخابية وهم يستلمون ورقة نقدية أو كيسا من الدقيق في وضعية منحطة أشبه بالعبودية، أي فرق بينكم وبين أهالي القرى الجبلية ؟؟ أنتم قاومتم الاستعمار الفرنسي مثلما قاوموه هم، وواجهتم الإقطاع بالكيفية التي واجهوه بها، فلماذا هذا الخضوع والانبطاح ؟؟ وإذا كان أهالي القرى الجبلية قدموا لنا المساعدة سنة 1907م، فما كانت مساعدتهم ستؤدي مهمتها إلا بعزيمة أسلافنا الزيايدة في واقعة الفخيخات؟؟ فلماذا لا نقتدي بهم الآن ونسارع في تنمية منطقتنا القروية، ونتخلى عن ضراعتنا وتسولنا للجامعي وممثل الدوار في كل مناسبة؟؟ إن الأرض الكرزازية سوف ترفع رأسها عما قريب، ولكن بالتشبث بما تبقى من الأرض وعدم بيعها للجامعي أو غيره، والقطع مع التسول الانتخابي والضراعة للجامعي، وفي نفس الوقت بلورة وعي قروي بأهمية التنمية، فلا يمكن للتنمية أن تحصل إلا بشعور جماعي بأهميتها، فما أحوجنا أن نشكل جمعية تنموية محلية تأخذ على عاتقها المطالبة بإصلاح البنية التحتية، فلابد أولا من توعية الشباب المحلي بأهمية العمل الجمعوي، ثانيا ضرورة ترميم الطرقات والمسالك، ثالثا تشييد دور الشباب، رابعا بناء مستشفى ومدارس عمومية، رابعا تحسين النقل بتسعيرة مناسبة...
يبدو لي أن هذه المطالب أساسية في الوقت الراهن، لكن تحقيقها لن يحصل بين عشية وضحاها، كثير ممن لن يقرأ هذه المقالة، وقليل من سيقرؤها وسيتجاوب معها، غير أن ما أركز عليه هو أن يتبلور الوعي المنشود في غضون العقود المقبلة، وتجاوز الواقع الراكد والممل، وبداية هذا الإقلاع يجب أن يتحقق في الانتخابات المقبلة برفض جماعي للممثل الحالي، وفي نفس الوقت فرض الأهالي لمطالبهم على الممثل الجديد مع تحرك فعلي ممثلا في جمعية تمثيلية تراقب وتهتم بتنمية الدوار، هنا في هذه اللحظة سأرى ما إن كانت هناك حلحلة في البراكسيس الكرزازي .

عبد الله عنتار/ 25 مايو -آيار 2015/ بني ملال - المغرب



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى تعودين يا عشتروت ؟
- منزلنا الريفي (82)
- أنت أنا وأنا أنت
- تحت الصفر
- هوامات الحضيض
- أظمأ إلى وردة
- بارقة ضوء
- منزلنا الريفي (81)
- تغازوت*
- صلاة في حضرة الغروب
- في انتظار الخلاص
- الرماد
- رأيتك عارية
- أزهار قريتي
- حواء
- هو الشحرور
- أجرؤ على النظر هناك
- في البراري
- منزلنا الريفي (80)
- شظايا ومواخير


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي (83)