|
أضواء على التجربة الدستورية بالعراق الحديث 13
أحمد الناجي
الحوار المتمدن-العدد: 1335 - 2005 / 10 / 2 - 10:43
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
تتبدى صياغة الدستور في راهن العراق بنظر البعض كأنها غرس جديد بلا امتدادات أو جذور، ومنقطعة عن الماضي، وربما أتى هذا الانطباع انعكاساً لما تم في أروقة الجمعية الوطنية على مدى فترة كتابة مسودة الدستور عبر تجاهل الموروث القانوني والدستوري العراقي، دفعتني هذه الملاحظة للعودة الى الماضي لمعرفة بعض خبايا تجربتنا الدستورية المعاصرة، وهاجسي من استجلاء ماضي الحدث المنسي ينصب للمقاربة مع الحاضر، ولاستقرائه بمنظار عصري، وذلك ما أجده قريباً من رؤية المفكر علي حرب الذي رأى بأن صاحب الفكر الحي هو الذي يعيد التفكير بما أنتجه من المفاهيم والقيم أو القواعد والتقاليد ، فعند تشخيص الراهن تغدو الإمكانية متوفرة للمشاركة في صنع الحدث عبر توظيف الماضي، وغايتي من هذه المحاولة أن تكون مسيرة العراق نحو مستقبل واعد بدون تكرار للأخطاء، ودفع الأثمان الباهضة. نشأت بالعراق وصدرت أقدم الشرائع، وإذا كنت شريعة حمورابي معروفة ومشهورة على نطاق العالم، فان التنقيبات الأثرية عام 1947، أثبتت أن قوانين (لبث ـ عشتار) سبقت شريعة حمورابي في الزمن بنيف ومائة وخمسين سنة، واكتشف طه باقر عام 1948 في تنقيباته لتل حرمل شريعة اشنونا في لوحين مدونين باللغة البابلية لها أحقية القدم عن باقي الشرائع حيث سبقت شريعة حمورابي بقرنين، ومثلت هذه القوانين رسائل متنوعة، ومضامين مختلفة، إدارية وتجارية وعلمية، موزعة في مقدمة و61 مادة . وانعقد أقدم مجلس سياسي على ارض العراق، البلاد المعروفة قديما باسم سومر الواقعة بين نهري دجلة والفرات قبل نحو خمسة آلاف عام أي في حدود 3000 قبل الميلاد، مكون من مجلس الأعيان أي مجلس الشيوخ ومجلس النواب المؤلف من المواطنين الذكور القادرين على حمل السلاح، وكان برلمان حرب دعي للانعقاد ليتخذ قراراً في أمر خطير يخص الحرب والسلم . تعد عملية إعداد الدستور من منجزات التجربة الإنسانية، وتحديداً أنتجها العقل الغربي بالصيغة المنظمة والمكتوبة في الثورتين الأمريكية والفرنسية في القرن الثامن عشر، وأصبحت الدساتير المكتوبة على مدى القرنيين الماضيين هي القاعدة في جميع أنحاء العالم، وإما في الشرق الأوسط فقد دخلت الدساتير المكتوبة الحياة السياسية من خلال أول دستور للدولة العثمانية الذي صدر في 23 كانون الأول 1876، وقد تم تعليقه في 14 شباط 1878، إلا أنه أعيد إقراره والعمل بموجبه بانقلاب عام 1908. تفاعل العراقيون مع أحداث المطالبة بالدستور التي عرفت بإيران بالمشروطة 1905، وظلت أحداثها مستعرة الى أن تم إعلان الدستور في كانون الثاني 1907، وبتركيا بالمشروطية حيث تشكلت حكومة دستورية في 23 تموز1908، وانعكست معطياتها على الحياة السياسية والفكرية في العراق بشكل لافت، وتجلى ذلك في انقسام مواقف النخب السياسية والمراجع الدينية والناس بصورة عامة بسببها بين مؤيد ومعارض، فأحدثت نقلة نوعية في الحياة السياسية على مستوى الفكر والممارسة، وأشاعت مفاهيم جديدة مثل نظام الحكم الدستوري والنظام البرلماني بين الناس، معضدة حركة المطالبة بالاستقلال والحريات، ولذلك نجد بأن هاجس إقامة النظام الدستوري قد أطر نضالاتهم بعد احتلال بريطانيا للعراق، وكان حاضراً في مجمل الأحداث التي شهدتها تلك المرحلة، فقد اقترنت مفردة استقلال البلد بمفردة الدستور في مطالب الحركة الوطنية في استفتاء 1918، وثورة العشرين، ورفض الانتداب، وبيعة الملك فيصل، ورفض المعاهدة أو ما أعقبها من مداولات وتفاهمات متعلقة بشأن تحديد طبيعة نظام الحكم المقترح في العراق.
الأصول التاريخية لأول دستور عراقي معاصر سعت الحكومة الإنكليزية في بداية تأسيس الدولة العراقية وباندفاع واضح لصياغة الدستور العراقي، وبواعث ذلك الاندفاع لتوافر ما يشير اليه من نصوص صريحة جاءت بثلاثة تعهدات ألزمت الحكومة البريطانية نفسها بإنجازها، أولاً: المادة الأولى من لائحة الانتداب البريطاني على العراق، وثانياً: اشتراطات صيغة البيعة للأمير فيصل بملوكية العراق، وثالثا: ما تضمنته المادة الثالثة من المعاهدة العراقية - البريطانية الموقع عليها في بغداد 10 تشرين الأول 1922، والتي مثلت صيغة جديدة لهيمنتها على مقدرات العراق بديلاً عن الانتداب . ومهما تعددت الأسباب الموجبة لذلك كان تأسيس نظام حكم في العراق يرعى المصالح البريطانية هدفاً رئيسياً جعل وزارة المستعمرات البريطانية في لندن تعهد الى المندوب السامي ببغداد بالشروع لوضع لائحة الدستور العراقي، فتألفت لجنة قوامها، المندوب السامي نفسه، والميجر دبليو جي يونغ الموظف في دائرة الشؤون الشرقية في وزارة المستعمرات البريطانية الذي الحق بدار المندوب السامي، والمستر أيم اي دراورد المستشار القضائي في الدار المذكورة، وقدمت هذه اللجنة لائحة عدها الوطنيون بمثابة وسيلة من الوسائل السياسية للحفاظ على أحكام المعاهدة العراقية - البريطانية، وقد أرسلت هذه اللائحة الى وزارة المستعمرات مع الميجر يونغ في أوائل عام 1922، لتدقيقها من قبل الموظفين المختصين، أجرت الوزارة المذكورة تعديلات هامة عليها، وأعادتها الى مندوبها في العراق ليقدمها الى الحكومة العراقية، فلما تسلمتها الحكومة العراقية، ألفت لجنة لتدقيقها قوامها وزير العدلية ناجي السويدي، ووزير المالية ساسون حسقيل، ومستشار وزارة العدلية المستر دراورد، والمشاور الحقوقي في دار المندوب السامي نايجل دافيدسن، ثم انضم الى هذه اللجنة رستم حيدر ممثلاً للملك فيصل، وقد وجد العراقيون في هذه اللجنة أن اللائحة لا تنطبق على الأحوال السائدة في العراق، ولا تلائم أوضاعه العامة، وعلى هذا أعدت لائحة جديدة من قبلهم تضمنت التعديلات الضرورية التي رأت إدخالها على اللائحة الأصلية، وقد استمدت مفاهيمها من الدستور العثماني ومن بعض دساتير الأمم الأخرى ومنها اليابان، ونظراً لاختلاف وجهات النظر بين أعضاء اللجنة من العراقيين والبريطانيين حول تلك التعديلات فقد جرى تدوين اللائحتين الأصلية والجديدة في مذكرتين منفصلتين وأرسلتا الى وزارة المستعمرات في لندن لتقول كلمتها الأخيرة، فقامت بموائمة توافقية بين اللائحتين بعد الاستعانة بدساتير عديدة شرقية وغربية آخذة بنظر الاعتبار معظم التعديلات التي أرادها الوزيران العراقيان، ولِمَ لا مادامت هي التي توجه سياسة البلد الداخلية والخارجية بحسب رغباتها. وبعد أن أعادت الحكومة البريطانية لائحة الدستور بالصيغة المعدلة عهدت الحكومة العراقية بها الى لجنة خاصة بوزارة العدلية قوامها ثلاثة أعضاء من الحكام وثلاثة أعضاء من الحقوقيين برئاسة وزير العدلية، وهو يومئذ عبد المحسن السعدون، وإشراك المستشار القضائي، وكان السيدان ناجي السويدي ورؤوف الجادرجي مشاورين فيها، فرأت اللجنة ضرورة تعديل بعض المواد فيها، ودونت ملاحظاتها في مذكرة قدمتها الى مجلس الوزراء ليقرها، فتولاها مجلس الوزراء بالتدقيق والدرس أيضا، ولم تر الحكومة البريطانية مانعا من قبول هذه التعديلات المقترحة عليها. استغرقت المفاوضات والمراسلات بين بغداد ولندن حول لائحة الدستور العراقي أكثر من عامين، وبمحاذتها في ذات الفترة شهدت الحياة السياسية دوراً متميزاً للحركة الوطنية العراقية التي قادت نشاطات المقاطعة الشعبية لانتخابات المجلس التأسيسي التي وصفها عبد الرزاق الحسني بقوله سرت روحها في الشعب سريان النار في الهشيم ، فلا يمكن إغفال مفاعيلها المؤثرة على أروقة الأجهزة الرسمية سواء العراقية أو البريطانية التي اضطلعت بمهمة إعداد الدستور. وعرضت صيغة الدستور النهائية على المجلس التأسيسي الذي أجتمع لأول مرة في 27 آذار 1924، ليقرها مع المعاهدة العراقية - البريطانية وقانون انتخاب مجلس النواب. وقد أناط رئيس المجلس التأسيسي مهمة دراسة لائحة الدستور العراقي الى لجنة من أعضاء المجلس مكونة من خمسة عشر مندوباً يمثلون ألوية العراق كافة. فعقدت هذه اللجنة جلسات لتدقيق اللائحة، ولم تستطع الحكومة ولا وزارة العدلية تأمين ما طلبته اللجنة المذكورة سواء بشأن من ينوب عنها لتوضيح رأي الحكومة أو تمكين اللجنة الإطلاع على الأوليات والمعلومات المتعلقة بتنظيم اللائحة أو المراسلات والمخابرات التي جرت بصددها، ومع هذا فقد أذاعت لجنة الدستور بلاغا عاماً ناشدت فيه أرباب الدراية والمعرفة ان يوافوها بما لديهم من ملاحظات وانتقادات، ولكن أحداً لم يلبِ الطلب فشرع المندبون يلقون ما عندهم من إيضاحات وبيانات، وهي بنظر الأستاذ الحسني (لا تسمن ولا تغني من جوع)، ورغم ذلك كانت تلاقي رفض المندوب السامي الذي سعى في محاولات عديدة مفاتحاً الحكومة العراقية بعدم جواز التعديل والتصويت عليها قبل إطلاع حكومته، وحذر من ان التغيرات اللفظية تحدث التباساً أو إبهاما في وثيقة خطيرة كهذه، ونهج المندوب السامي وبعض الوزراء توجيه الاعتراضات خلال المناقشات على ما قدم من مقترحات للتعديل، وكثيراً ما كان المجلس يقر تعديلاً ثم لا يلبث ان يضطر الى إلغائه بعد بيان مطول يلقيه احد الوزراء، أو اعتراض خطير يرفعه المندوب السامي الى الملك فيصل، ومراجعة محاضر جلسات المجلس التأسيسي في مجلديه الأول والثاني يكاد يلمس الشواهد والأمثال الكثيرة على ذلك. وصادق مجلس النواب على الدستور بعد أن استغرقت المناقشات ثماني عشر جلسة انتهت في 10 تموز 1924 ، ولكن الملك فيصل أرجأ المصادقة عليه استجابة لمشورة الحكومة البريطانية بالتريث الى حين الانتهاء من المفاوضات بين الحكومة العراقية وشركة النفط التركية الجارية حول منحها امتياز التنقيب عن النفط في الأراضي العراقية لوجود فقرة في الدستور تحدد منح امتياز استثمار موارد البلاد بثلاثة سنوات فقط مما يستوجب فيما إذا زادت الفترة عن ذلك أن يقترن بقانون خاص، بمعنى أن التريث حصل تلافياً لعرض منح الامتياز المذكور على مجلس الأمة، وما أن تم منح المطلوب في التاسع من آذار 1925، حتى نشر الدستور العراقي في 21 آذار 1925. جاءت الصيغة النهائية للقانون الأساسي (دستور 1925)، في (123)، مادة موزعة على مقدمة وعشرة أبواب، وأحتوى على هيكلية وأسس الدولة العراقية، وإن العراق دولة ذات سيادة، وحكومته ملكية وراثية نيابية، والأمة هي صاحبة السيادة، والبرلمان هو مجلس الأمة ويتألف من مجلسين هما النواب والأعيان، يتكون مجلس النواب من أعضاء منتخبين على أساس نائب لكل عشرين ألف ناخب من الذكور، وأن الملك مصون وغير مسئول، ويختص مجلس الأمة مع الملك بوضع القوانين وتعديلها وإلغائها، وحدد الحقوق والواجبات للمواطن والشعب، وللسلطة والمجتمع ضامناً الفصل بين السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية، متضمناً بعض الأحكام والمبادئ المتقدمة، مثل النص على المساواة بين العراقيين وإن اختلفوا في القومية والدين واللغة، وصيانة الحرية الشخصية، وعدم إجبار مواطن على تبديل مسكنه، ومنع تعذيب ونفي المواطنين، وحرمة المنازل، ومنع نزع الملكية ومصادرتها، وحرية الرأي والنشر والاجتماع وتأليف الجمعيات، وحظر مراقبة البريد والهاتف . وقد نجح المجلس التأسيسي في وضع الخطوط العريضة للدولة، والأسس الثابتة لها، لكنه فشل في تحقيق أية مصالح وطنية بالرغم من وجود أصوات ديمقراطية قليلة لم يؤخذ بها .
#أحمد_الناجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تأملات من الضفاف في ذكرى صدور المدى
-
فوكوياما من نهاية التاريخ الى نهاية الإنسان
-
من أوراق ثورة العشرين.. مقاربات بين احتلالين 2-2
-
من أوراق ثورة العشرين.. في مدار مدينة الحلة 1-2
-
المثقفف أمام الاختيار بين أحضان السلطة أم الهامشية الايجابية
-
فاعلية المثقف العراقي في صياغة الدستور
-
نجم عبد خضير.. أحمد أدم في هيبة الموت الموشح برائحة الأرض وا
...
-
المبدع موفق محمد متألقاً في سويسرا
-
الجمعية الوطنية العراقية أمام مسؤولية تاريخية للارتقاء بالأد
...
-
القمم العربية من انشاص الى الجزائر
-
خذ معك كتاباً إذا دخلت مدينة الحلة
-
عرس الدم
-
البذرات الأولى لنهضة المرأة العراقية
-
نداء من أدباء ومثقفي بابل عن ما بعد الوحشية في التاريخ العرا
...
-
ثورة الإمام الحسين (ع) عطاء فكري متجدد
-
انطباعات عن يوم عراقي مشرق
-
قائمة (اتحاد الشعب) ضمانة ليسار عراقي معافى
-
هواجس أمام أنظار المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العر
...
-
الرقابة الانتخابية ضرورة لكسب ثقة الناخبين
-
النص الكامل لقصيدة فتاوى للإيجار للشاعر المبدع موفق محمد
المزيد.....
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|