مالك بارودي
الحوار المتمدن-العدد: 4815 - 2015 / 5 / 23 - 20:59
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هل كان محمّد بن آمنة الوحيدَ الذي نكحَ عائشة أم كان هناك رجالٌ آخرُون غيره؟ - ج1
ورد في صحيح البخاري: "وقالت عائشة رضي الله عنها: يحرم عليه فرجُها. 1826- حدّثنا سليمان بن حرب قال: عن شُعبة، عن الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النّبي صلّى الله عليه وسلّم يُقبِّلُ ويُباشِرُ وهو صائمٌ، وكان أمْلَكَكُم لإربه. وقال: قال إبن عبّاس: «مآرب» حاجات قال طاوُس: «غير أولي الإربة» الأحمق لا حاجة له في النّساء." (صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب المباشرة للصّائم).
كما ورد في صحيح مسلم ما يلي: "وحدّثنا محمّد بن المثنى حدّثنا أبو عاصم قال سمعت بن عون عن إبراهيم عن الأسود قال انطلقت أنا ومسروق إلى عائشة رضي الله عنها فقلنا لها أكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يُبَاشِرُ وهو صائمٌ قالت: نعم، ولكنّه كان أملككم لإربه أو من أملككم لإربه شكّ أبو عاصم." و"حدّثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قال يحيى أخبرنا وقال الآخران حدّثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود وعلقمة عن عائشة رضي الله عنها ح وحدّثنا شجاع بن مخلد حدّثنا يحيى بن أبي زائدة حدّثنا الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يُقَبِّلُ وهو صائمٌ ويُبَاشِرُ وهو صائمٌ ولكنّه أملكُكم لإربه." و"حدّثني علي بن حجر وزهير بن حرب قالا حدّثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عائشة رضي الله عنها أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يُقَبِّلُ وهو صائمٌ وكان أملككم لإربه." (صحيح مسلم، كتاب الصّيام، باب بيان أنّ القُبلة في الصّوم ليست محرّمة على من لم تُحرّك شهوته).
كما وردت أحاديث بنفس المعنى وبألفاظ مختلفة قليلا في كتب أخرى كثيرة. ويقول ضياء الدّين المقدسي عن هذه الأحاديث: "16- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ الْحَقِّ، أَنْبَا أَبُو الْحُسَيْنِ الْمُبَارَكُ، أَنْبَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ، أَنْبَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ، ثَنَا عَلِيٌّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لإِرْبِهِ». 17- وَقَالَ عَلِيٌّ، ثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لإِرْبِهِ». هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ عَائِشَةَ، وَهُوَ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ رِوَايَتِهِمْ مِثْلَ عَلْقَمَةَ، وَالأَسْوَدِ، وَمَسْرُوقٍ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَفِي بَعْضِ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيِّ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الأَشْيَبِ. وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى الْعَبْسِيِّ، كِلاهُمَا عَنْ شَيْبَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّحْوِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، فَفِي طَرِيقِ الْعَدَدِ كَأنَّ شَيْخَنَا سَمِعَهُ مِنْ مُسْلِمٍ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ، وَقَدْ أَخْرَجْنَاهُ فِي الْجُزْءِ الأَوَّلِ أَعْلَى مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ." (ضياء الدّين المقدسي، بلغة الطّالب الحثيث في صحيح عوالي الحديث)
أمّا عن معاني كلمة "إرب" الواردة في هذه الأحاديث فنقرأ في "معجم المصطلحات والألفاظ الفقهيّة" ما يلي: "الإربُ: بكسر الهمزة وسكون الرّاء وبفتحها: الحاجة الشّديدة والبغية والأمنية. والإربُ بالكسر أيضا: العضو المخصوص، ومنهُ: "السّجود على سبعة آراب" (المجمع 2 /124). فيجوز أن يكون هو المرادُ في الحديث: "فإنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان أملك لإربه منكُم". (أخرجه البخاري في "الحيض" [5]، ومسلم في "الحيض" [2]). فإنّ القُبلة داعية إلى تحرّك العضو وطلب الجماع، فهو – عليه الصّلاة والسّلام – كان قادرا على أن يردّ نفسهُ ويقهرها." (محمود عبد الرحمن عبد المنعم، معجم المصطلحات والألفاظ الفقهيّة، دار الفضيلة للنّشر والتّوزيع والتّصدير، القاهرة، مصر، ج1، ص130) وتقول المعاجم الأخرى أنّ: إرب (إسم): جمعُ آراب وأرآب. الإرب: العضوُ الكامل. قطّع الشّاة إربًا إربًا: عضوا عضوا. والإربُ: الحاجة. يُقال قضى فلانٌ إربه: قضى حاجته. الإربُ: العقل والدّهاء والفطنة.
أمّا بخصوص معنى اللّفظ الوارد في الأحاديث ككُلٍّ، فنقرأ في فتوى (رقم 13896) صادرة عن "اللّجنة الدّائمة للبحوث العلميّة والإفتاء"، منشورة على موقع "الرّئاسة العامّة للبحوث العلميّة والإفتاء" بالمملكة العربيّة السّعوديّة، وممضاة من طرف "عبد الله بن غديان" (عضو) و"عبد الرّزّاق عفيفي" (نائب الرّئيس) و"عبد العزيز بن عبد الله بن باز" (رئيس)، تحت عنوان "تقبيل ومباشرة الصائم"، ما يلي: "ثبتت الرّخصة للصّائم في القُبلة والمباشرة فيما دُون الجماع؛ إذا أمِنَ تحرّك وانتشار شهوته، وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يُقَبّل وهو صائم، ويُبَاشِرُ وهو صائم، ولكنّه كان أملككم لإربه. وثبت عن عمرو بن أبي سلمة رضي الله عنهما، أنه سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أيُقَبِّلُ الصّائم؟ فقال له: سلْ هذه لأمّ سلمة، فأخبرته أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يفعل ذلك، فقال: يا رسول الله: قد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر، فقال له: أما والله إنّي لأتقاكُم لله وأخشاكُم له. وقد صدر منا فتوى مفصّلة في حُكم القُبْلة والمباشرة للصّائم هذا نصّها: (من كان ذا شهوة وغلب على ظنّه أنّه إذا قبّل زوجته أو باشرها فيما دون الفرْج أمنى - حُرّم عليه ذلك وهو صائم في رمضان، ومن كان ذا شهوة ولا يغلبُ على ظنّه أنّه يُنزل لكنّه لا يأمن أن يحصل منه ذلك - كُره له التّقبيل ونحوُه من مقدّمات الجماع؛ وذلك لأنّ إتمامه لصومه ومحافظته عليه من الواجبات، ومباشرة امرأته بقُبلة ونحوها فيما دون الجماع ممّا يعرّضه لإفساد صومه في هاتين الصّورتين، وإن اختلفت درجة ذلك وإفساده لصومٍ واجبٍ - لا يجوز. أمّا من كان التّقبيل ونحوه لا يحرّك شهوته؛ لكونه يملك إربه، أو لكونه شديد الضّعف لمرض أو كبر سنٍّ - فلهُ أن يقبّل زوجته ويباشرها بما دون الجماع، وهذه الحالة هي التي يُحمل عليها ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يُقَبِّلُ وهو صائمٌ، وكان أملككم لإربه. رواه البخاري ومسلم. فإنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يملك شهوته ولا يخشى أن يُفضي ذلك منه إلى جماع وإنزال، فجاز التّقبيل ونحوه من مقدّمات الجماع، وجاز لمن كان في حُكمه من أمّته، وقد روى أبو داود عن أبي هريرة: أنّ رجلاً سأل النّبي صلّى الله عليه وسلّم عن المباشرة للصّائم فرخّص له، وأتاه آخر فسأله فنهاه؛ فإذا الذي رخّص له شيخٌ، وإذا الذي نهاه شابٌّ. وعلى كلّ حالٍ من فعل ذلك ولم يُنزل فصومه صحيح، ومن أمنى فسد صومه وعليه الغُسل والقضاء، أمّا من أمذى فلا يفسد صومه على الصّحيح."
---------
الهوامش:
1.. كتاب "ضياء الدّين المقدسي"، "بلغة الطّالب الحثيث في صحيح عوالي الحديث":
http://tinyurl.com/bolgha
2.. نصّ فتوى "تقبيل ومباشرة الصائم"، على موقع "الرّئاسة العامّة للبحوث العلميّة والإفتاء" بالمملكة العربيّة السّعوديّة:
http://tinyurl.com/fatwakiss
3.. للإطلاع على بقية مقالات الكاتب على مدوّناته:
http://utopia-666.over-blog.com
http://ahewar1.blogspot.com
http://ahewar2.blogspot.com
http://ahewar5.blogspot.com
4.. لتحميل نسخة من كتاب مالك بارودي "خرافات إسلامية":
http://www.4shared.com/office/fvyAVlu1ba/__online.html
#مالك_بارودي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟