|
ازدواج الجنسية و تعدد الولاءات .
سلمان مجيد
الحوار المتمدن-العدد: 4814 - 2015 / 5 / 22 - 23:25
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ان اي موضوع لايستحق البحث او الدراسة الا اذا ما كان يمثل مشكلة لأطرافه ، او لعدم منطقيته مع ما يتعلق به من ظروف او متغيرات تاثر على نتائجه ، او ان يكون ذلك الموضوع يتسم بالغموض مما يستوجب الكشف عن ذلك الغموض ، وذلك بتسليط الضوء على ما كان غامض من زواياه الغير مرئية بالنسبة للبعض . و موضوعنا هذا من الناحية الشكلية لا يستحق عناء البحث و الدراسة لانه موضوع واضح من حيث معناه و عوامله و متغبراته ، اضافة الى انه يتناغم مع طبيعة الانسان الذي فطر على الحرية في التنقل و الاقامة اينما تطابقت رغباته مع مصالحه ، وهناك دلائل من التاريخ تثبت هذه الحقيقة فالانسان في مناطق الشرق عرف عنه بانه يتجول و يقيم في اي منطقة شاء ، استنادآ الى الشروط الخاصة و الموضوعية للاقامة هنا او هناك ، اضافة الى عدم وجود تلك الموانع التي تحول بين الشخص و تنقله و الاقامة و المتمثلة بالموانع السياسية او العسكربة التي تلعب ــ الان ــ دورآ فاعلا في منع هذا التنقل او الاقامة الا بالشروط القانونية او السياسية او العسكرية ايضآ و التي تضعها احدى الدولتين او احداها على اقل تقدير و التي يتنقل او يقيم فيها ذلك الشخص ، و لم تكن الفوارق الثقاقية او القومية او الدينية في يوم من الايام ان تكون سببآ لمنع تنقل او اقامة الافراد في المنطقة او المناطق التي تختلف عن ما تختلف فيه المناطق الام التي ينتسب اليها هؤلاء الافراد الذين يرغبون في الانتقال او الاقامة في مناطق غير التي ينتسبون اليها و الا لفقد الانسان الصفات المشتركة التي تجمعه مع الانسان الاخر في اي مكان ، و ما يبقى مشتركآ بينهما سوى الكتلة المادية التي لا تغني عن ضرورة ان يكون الانسان اخو الانسان و الذي هو احد افراد الشعوب التي جعلها الله تعالى شعوبآ و قبائل لكي يتعارفوا ،او ان يكون الانسان نظير اخيه الانسان بالخلق ان لم يكن اخوه بالعقيدة . الذي اريد ان اقوله ان الكتابة عن عملية ازدواجية الجنسية استنادآ الى ما تقدم ليس مهمة جدآ على مدى تاريخ الانسان ، ولكن ما يجعلها مهمة في عصرنا الحالي ، عصر الصراعات بين الدول و الامم التي اخذت شكل ( صراعات حضارية ) لذلك يتوجب ان نلقي ولو نظرة مجتزأ ة عن اثار هذه الازدواجية ن وقبل ذلك لابد من التعريف ( ب ازدواج الجنسية ) ، ان ابسط تعريف بأزدواج الجنسية هو : ان يحمل الشخص اضافة الى جنسية بلده الام الذي ولد فيه يحمل جنسية او جنسيات لبلد او بلدان اخرى غير تلك التي ولد فيها ــ حتى لو كانت تلك البلدان تختلف عن بلده الام لغويآ او ثقافيآ او دينيآ ، وفي هذه الحالة سيكون الشخص قد حمل جنسيتين او اكثر في آن واحد ، ومن اهم الاسباب و الحالات التي تجعل الشخص ان يكون حاملا الجنسية اضافة الى جنسيته الام هي : 1 / ان يكون ذلك الشخص قد ولد في بلد غير البلد الام الذي ينتسب اليه والديه ، وهذا الامر متعارف و متفق عليه من قبل معظم دول العالم حيث يمثل حقأ من حقوق الانسان في ان يكون له حق الانتساب الى الارض التي يولد عليها و يتمتع بالحقوق و عليه نفس الواجبات التي للذين ولدوا على تلك الارض ، حتى لو كان مختلفآ عنهم بامور كاللغة او الدين او الثقافة . 2 / او ان يكون هذا الحق ( اي حق الحصول على الجنسية الاخرى ) بسبب النسب الذي يربطه بوالديه الذين يحملون جنسية ذلك البلد ، حتى لو كانت ولادته في غير البلد الذي ينتسب اليه الوالدان . 3 / كذلك الزواج يعطي الحق بالحصول على جنسية البلد الذي ينتسب اليه احد طرفي ( الزواج ) للطرف الاخر . 4 / هناك حالات اخرى يحصل من خلالها الشخص على جنسية البلد الاخر ، وذلك من خلال منح هذه الجنسية و قد يكون لأسباب سياسية او اقتصادية او انسانية ،وفي هذه الحالة سيتمتع هذا الذي منح هذه الجنسية بكامل حقوق و اجبات مواطني البلد الذي منحه الجنسية اضافة الى جنسيته الاصلية ، اي جنسية البلد الذي ولد فيه . و الملاحظ ان هذه الحالات ليست متاحة في جميع البلدان حيث انه هناك بلدان تمنع مواطنيها من الحصول على جنسية بلد اخر ، ومن يعمل خلاف ذلك فانه يعرض نفسه الى العقوبات القانونية و التي اقلها حرمانه من جنسيته الام ، و ان تبرير ذلك انما يعود الى امور عدة : منها المحافظة على القيم الثقافية من ان تتعرض الى التأثر بثقافات البلدان التي يحمل بعض مواطنيها جنسيات تلك البلدان ، و لكن الاخطر من ذلك الذي يدفع تلك البلدان التي تمنع او تحرم مواطنيها من الحصول على جنسيات بلدان اخرى هو المحافظة على المصالح السياسية او الاقتصادية او العسكرية ، احدها او كلها لذلك قد تصل العقوبة في التفريط في هذه المصالح الى عقوبة الخيانة العظمى . خلاصة ما يمكن التأكيد عليه فيما يتعلق بازدواجية الجنسية ــ و هو شئ اكيد ــ ان الحاصل على اكثر من جنسية في آن واحد ، حتمآ ومن البديهي ان يكون خاضعآ للولاء للبلد الذي يحمل جنسيته ، و اهم تلك الولاءات هو الدفاع عن مصالح هذا البلد في كافة انواعها ، وخاصة تلك التي تمس السيادة الوطنية ، فعندما تكون للفرد اكثر من جنسية فألشئ المؤكد ان يكون خاضعآ لكل الالتزامات الدستورية و القانونية للبلد او البلدان التي يحمل جنسياتها ، وهذا قد يكون لابأس به من الناحية الشكلية ، ولكن المشكلة تكمن في حالة تعارض او تصادم مصالح الدولتين او الدول التي يحمل ذلك الشخص جنسياتها ، ففي هذه الحالة سيقع ذلك الشخص في مشكلة مخالفته لقوانين و مصالح الدولتين او الدول التي يحمل جنسياتها ،ففي حالة التزامه لواجباته القانونية لأحدى الدول التي ينتسب اليها ، حينها سيكون مخالفآ لقوانين الدولة او الدول الاخرى حتمآ ، و اذا ما كانت تلك المخالفة تتعلق بالسيادة الوطنية و الامن القومي التي قد تجعله يتعرض الى عقوبة الخيانة العظمى ، لذلك فأن ازدواج الجنسية في عصرنا الحالي تبقى مشكلة ليس بالنسبة للأشخاص الذين يحملون اكثر من جنسية ، بل للبلدان التي يحملون جنسياتها ، و خاصة عندما يكون هؤلاء يتقلدون مناصبآ سياسية مهمة في احدى البلدان التي يحمل جنسياتها ، فنحن في العراق مثلآ ان معظم السياسين يحملون اكثر من جنسية في ان واحد لأسباب تتعلق بلجوئهم الى البلدان التي حصلوا على جنسياتها ابان فترة النظام السابق و استمروا بالمحافظة على جنسياتهم تلك حتى بعد عودتهم الى البلد و تسلمهم مناصب تعد من اهم و اخطر المناصب السيادية ، ومنهم مثلآ من تسلم منصب رئيس الدولة و رئيس الحكومة و الكثير من الوزراء و اعضاء البرلمان ، لذلك فان هذه الازدواجية في المحافظة على اكثر من جنسية انما هي مشكلة حقيقية لابد من الانتباه اليها وعلى اقل تقدير ان يشترط على الذي يتسلم مركزآ حكوميآ سياديآ ان يتخلى عن جنسية البلد الاخر حتى لايقع البلد و المسؤول السياسي في آن واحد في مشكلة ازدواجية المواقف في تعامله مع مصالح بلده الام والبلد او البلدان الاخرى التي يحمل جنسياتها ، وفي اقل الاحوال يجنب نفسه و بلده من النفاق السياسي، و الامر لايتعلق بالمسؤلين الذين يحملون اكثر من جنسية ، بل يتعدى ذلك حتى الى المواطنين العادين ، فأن البعض منهم ــ و بسبب خضوعهم الى قوانين البلدان التي يحملون جنسياتها ــ يسبب مشاكل لهم وللبلدان التي يحملون جنسياتها وذلك بسبب تعارض قوانين تلك البلدان ، فمثلآ ما يتعلق بالخدمة العسكرية فقد تكون في احد البلدين التي ينتسب اليها الشخص ( الزامية ) وفي البلد الاخر غير ( الزامية ) او ما يتعلق بالجرائم او المخالفات القانونية التي يقترفها الشخص في احد البلدين التي ينتسب اليهما ، ثم ينتقل الى البلد الاخر مما يسبب مشاكل بين البلدين خاصة اذا ما كانت هذه المخالفات تصل الى حد الجرائم الخطيرة و التي تتطلب اجراء محاكمات محلية او دولية ، لذلك فأني ارى ان الحصول على اكثر من جنسية ( بدعة ) لا اعلم مدى فائدتها او ضرورتها اذا ما اتفقت الدول على تسهيل الانتقال و الاقامة للأشخلص في اي بلد على ان يبقى الشخص حاملآ لجنسية بلده الام ( فقط ) او ان يشترط عليه في حالة رغبته في الحصول على جنسية بلد ما ان يتخلى عن الجنسية او الجنسيات الاخرى التي يحملها ، وهذا الامر يسهل الامر على الدولة في رعاية شؤون مواطنيها ، وان الشخص في هذه الحالة يكون اكثر التصاقآ بذلك البلد الذي ينتسب اليه دون ان يكون مشتتآ في ولاءاىته و انتماءاته التي قد تشكل له مشاكل تعدد الولاءات . انتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
#سلمان_مجيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
(( الوليد الغريب )) قصة قصيرة حقيقية مستوحاة من مأساة النازح
...
-
حقوق الأنسان و الدعوة الى الأباحية
-
العراق (( الجغرافية و التأريخ و السياسة )) و مخاطر التقسيم .
-
(( مالتوس )) ونظريته العرجاء .
-
بعض وسائل و ادوات البحث الأجتماعي عند ( علي الوردي )
-
ثورة ( الحسين ) أيقونة ألتأريخ
-
علم النفس و مرض السرطان او (( تجربتي مع السرطان ))
-
قد تكون السياسة مرتعآ للفاسدين .
-
القيمة الذاتية و الموضوعية (( للعمل ))
-
(( وقفة في الذاكرة ))
-
( تكلم لأراك )
-
( لو كنت مكانه لأصبحت مثله )
-
الانسان ( حيوان اجتماعي بألطبع )
-
العراق و خارطته السياسية و احتمالات التغيير
-
( ساعات نصف نهار ) من يوم هزت العالم
-
( الشخصية التآريخية ) و مدى آنصاف ألتأريخ لها
-
مفهوم ( الخدمة الجهادية ) و قانون التقاعد الجديد
-
( الحياة ) هي الاصل
-
هل كان ( علي بن ابي طالب ) أشتراكيآ
-
مطالعات في كتاب (( فلسفتنا )) للشهيد / محمد باقرألصدر : ألقس
...
المزيد.....
-
مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل
...
-
متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح
...
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م
...
-
السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
-
مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
-
فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي
...
-
الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار
...
-
لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك-
...
-
-الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
-
بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|