أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راضى وديع خليل - العودة الثانية لمندوبى الحبورى الكبير















المزيد.....

العودة الثانية لمندوبى الحبورى الكبير


راضى وديع خليل

الحوار المتمدن-العدد: 4814 - 2015 / 5 / 22 - 13:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كان الحبورى الكبير شخصاً رقيق الحاشية مهاب الجانب و شديد البأس فى غير تضاد ، و لما كان قد ساءته أحوال و أفعال أهل العزبة التى يمتلكها ، تفكر ملياً ثم قرر أن يرسل إليهم أربعة من المندوبين تخيرهم بعنايته المعهودة ، يعقب كل منهم الآخر ، فإذا لم يفلح الأول فى إصلاح ما فسد من أمرهم أوفد الذى يليه .إستإذن أول المندوبين و يدعى بطران مولاه فى الذهاب لأداء المهمة الموكلة إليه بالعزبة على أن يرافقه أخاه ، حيث كان بطران يتلعثم فى حديثه . ذهب بطران بصحبة أخيه سمعان إلى العزبة ،ثم قصدا من فورهما دوار العمده كنعان الذى كان مجتمعاً بشيخ البلد و بعض الأعيان ، أطلع بطران الجمع على غرضه من القدوم إليهم ، ثم أسهب فى وصف سخط الحبورى الكبير علي أهل العزبة كبيرهم قبل صغيرهم ، مما دعاه لإيفاد بطران و تحميله العلاج الناجع لأسقامهم. بُهت الجمع مما سمعوه ، و كانوا قد غفلوا عن ذكر الحبورى الكبير و أنسوا ما قد يجلب رضاءه أو سخطه. بعد أن إستمع أهل العزبة جميعاً لما دعا بطران إلى القدوم لعزبتهم ، فإنهم قد ذهلوا فى الأيام التاليه من مواهب و قدرات بطران المذهله ، فضلا عن إعجابهم بفصاحة و طلاقة لسان سمعان . و لما إنتهى بطران من إداء مهمته ، فإنه حرص على أن يذكِّر أهل العزبة مجدداً بوصايا الحبورى. فى صباح اليوم التالى إحتشد أهل العزبة و فى مقدمتهم العمدة و الأعيان لتوديع بطران و سمعان اللذين سردا ملخصاً لرحلتهما الموفقة على أسماع سيدهما الحبورى الكبير الذى تهللت أساريره . و لما لم تمض بضع سنين على رحله بطران إلى العزبة حتى لاحظ الحبورى بحزن بادِ أن أهل العزبة قد عادوا لسابق سيرتهم ، فإنه قد قرر أن يجهز نُعمان ليوفده إليهم . عندما إستعد نعمان للرحلة ، فإنه قد ذهب للحبورى ليستأذنه فى بدء الرحلة فى صباح الغد . ما أن وطأت قدما نعمان أرض العزبة ، حتى قرر أن يبدأ مهمته دون اللجوء لمقابلة العمدة و الأعيان ، لكنه قصد من فوره أحد أسواق العزبة حيث يبتاع مرتادى السوق أغراضهم .. هناك رأى رجلان مسكينان أحدهما ضرير و الآخر أصابت عاهة ساقه اليمنى ، إستوقفهما نعمان و راح يصلى من أجلهما ، و من عجب أنهما قد برؤا من عاهتهما , فعادا فرحين مهرولين إلى منزليهما ’ و فى الطريق إلى منزليهما وقف الأهالى مشدوهين غير مصدقين شفاءهما ، لكن الرجلان المحظوظان قد قصا حكايتهما مع عابر سبيل يدعى نعمان . أصر الأهالى على إصطحاب الرجلين إلى السوق لرؤية نعمان و التعرف إليه . لم يُضع نعمانا الفرصه ، بل سرد على مسامعهم تكليف الحبورى له و مباركته لرحلته ، فصدقه كثيرون. لما رأى العمدة و الأعيان إزدحام الأهالى حول نعمان و ترشيح البعض له كى يصير العمدة ، فإنهم قد نصبوا له كميناً و قتلوه . لما وصلت أنباء مقتل نعمان إلى مسامع الحبورى الكبير ، فإنه قد أمر بأن يستعيد جثمانه لتتم مراسم الدفن اللائقة به بحديقة قصره .عاد العمدة و الأعيان إلى سابق ظُلمهم و تعسفهم و إشتدت وطأتهم على الأهالى المساكين . لم يطق الحبورى صبراً فأوفد غضبانا إلى العزبة ، و قد أوصاه باستعمال الشدة مع العمدة و الأعيان و أشياعهم من الأهالى المنافقين . فرح المساكين و عبيد العمدة فرحة عارمة بقدوم غضبان و إلتف كثير منهم حوله بعد الإنصات لمضمون المهمة التى أتى من أجلها . دبر العمدة و الأعيان المكيدة تلو الأخرى لغضبان حتى إضطروه للهجرة إلى ضاحية بعيدة من ضواحى العزبة , فأصر بعض الأهالى على مرافقته إلى منفاه . و لما إستقر به المقام بضاحية المنفى حرص على تعليم أتباعه فنون القتال جنبا إلى جنب مع وصايا الحبورى . لم يمض وقت طويل حتى كوّن جيشاً صغيراً أتاح له النجاح فى مهاجمة الضواحى المجاورة و ضم رجالها إلى صفوف جيشه . قرر غضبان أن يهاجم العزبة بدءاً ببيوت العمدة و الأعيان . إنهزم جيشه فى أول موقعة , لكن عزمه لم يلن فعاود الكر ببسالة حتى تحقق له النصر المؤزر . ذاع صيته و تكاثر أتباعه و المصدقين بما جاء به من عند الحبورى . لم يهنأ غضبان كثيرا بما تحقق على يديه ، فقد باغته الموت .أخيراً أوفد الحبورى مندوبه الأخير للعزبة و يدعى عرفان و كانت طباعه تجمع بين الخير و الشر مع سعة الحيله و موسوعية المعرفة، و إشتهر بين أهالى العزبة بإبتكار الأدوية و صناعة الأسلحة و الأدوات الجديدة كلياً ، فأطلقوا عليه وصف حكيم العزبة . لما عرف العمدة الجديد بأمر نبوغ عرفان ، فإنه قد كلفه بصنع سلاح جديد شديد التدمير, طلب عرفان من العمدة أن يخصص له داراً كبيرا أنيقاً و ألا يبخل فى الإنفاق على الإبتكار الجديد ، إستطاع عرفان أن ينجز وعده للعمدة بعد أن جن جنون الإخير من إنفاق الأموال الباهظة .. و أخيرا داهم الموت عرفان و لم تُجدِ مع علته ما برع فى صنعه من أدوية .
إستنام الحبورى الكبير إلى اليأس من العزبة كبيرها و صغيرها لما يربو على السبعين سنة . إنتبه الحبورى ذات يوم على ظاهرة عجيبة لم تدُر له بخلد ، فقد صار أتباع بطران بضع و خمسين شعبة لكل طقوسها و دهاقنتها ، و صار أتباع نعمان بضع و ستين شعبة تختلف فيما بينها ، كما بات أتباع غضبان بضع و سبعين شعبة تتناحر فيما بينها .. و من عجب أن أحدث تلك الشعب أطلقت على نفسها اسم داعش ، أما أتباع عرفان فحدث و لا حرج عن شعب ما أنزل الله بها من سلطان أحدثها هى شعبدة عبدة الشيطان !.
طال بالحبورى الفكر و السهد طلباً لحل ناجع لتلك المعضلات ،، بعد تفكير أسابيع طويلة مؤرقة أهدته قريحته حلاً معجزاً ألا و هو أن يبعث الروح فى جثامين مندوبيه الأربعة ليرسلهم مجدداً للعزبة بهدف محدد ألا و هو أن يقوم كل منهم بتوحيد أتباعه فى شعبة واحدة غير قابلة للتشرذم . توالى المندوبين فى الذهاب كل إلى أتباعه المتشعبون بالعزبة ، و من عجب أن فرداً واحدا من أتباع المندوبين الأربعة لم يصدق أن هذا الماثل بين يديه هو مندوبه الذى سبق الحبورى أن أرسله إليه . و لما ثار اللغط و علا ضجيج الأهالى و إستنكارهم لهذا الذى يدعى أنه المندوب . لذا فقد قرر العمدة أن يحاكم المندوبين المزيفين ، صدر الحكم على الأول (بطران) أن يُحرق حيأ ، و على الثانى (نعمان) بالإعدام شنقاً ، و على الثالث ( غضبان) بالرجم حتى الموت .. أما أعجب الأحكام فكانت من نصيب (عرفان) و هى أن يوضع بقفص حديدى فى ساحة العزبة و تُربط بقدمه قنبلة قديمة من صنع يديه يتم تفجيرها عن بعد .
تناهت لأسماع الحبورى الكبير ما آلت إليه مصائر مندوبوه ، فصب جام غضبه على العزبة ، فلم يبق بها حىٌ يتنفس .



#راضى_وديع_خليل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا سامح الله محمد الحلو!
- حيرة الإنسان بين الكُلى المُطلق و الجزئى النسبى
- كيف يتوصل العرب لحلول إبداعيه لمشكلاتهم, نظرية (تريز) مثالاً
- ألم يمل العرب الوقوف عند مرحلتى وصف المرض و تشخيصه؟
- هل نتوقف طويلا عند مرحلتى وصف المرض و تشخيصه؟
- هل ينتمى الاخوان (عقليا) للفكر الغربى, و(عاطفيا) لفكر ابن تي ...
- الانتماء العقلى و الانتماء العاطفى - دراسه للأسباب و النتائج
- حكايات الطيِّبَه - قصه قصيره
- جريمه هاتفيه - قصه قصيره
- سائق القطار - قصه قصيره
- أسئله تحير عقلى و تؤرق ضميرى


المزيد.....




- شوف الجديد كله.. طريقة تثبيت تردد قناة وناسة وطيور الجنة ورج ...
- ‌‏وزير الدفاع السعودي: التقيت قائد الثورة الاسلامية بتوجيه م ...
- المسيحيون يحتفلون ببدء أسبوع الفصح من الفاتيكان إلى القدس
- روسيا ترفع حركة طالبان من قائمة المنظمات الإرهابية
- عيد الفصح في بلدة سورية تتحدث لغة المسيح: معلولا بين ندوب ال ...
- ماما جابت بيبي..أضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي الفضائية على ...
- في عيد الفصح اليهودي.. استباحة كاملة للأقصى غابت عنها ردود ا ...
- لليوم الخامس مئات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى +في ...
- بعد الكشف عن خلية -ال16- هل هي بداية نهاية الإخوان المسلمين ...
- رأي.. بشار جرار يكتب عن إحباط الأردن -مخططات إرهابية لجماعة ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راضى وديع خليل - العودة الثانية لمندوبى الحبورى الكبير