أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - لحسن لحمادي - نزول المفكر للمجتمع














المزيد.....

نزول المفكر للمجتمع


لحسن لحمادي

الحوار المتمدن-العدد: 4814 - 2015 / 5 / 22 - 01:27
المحور: المجتمع المدني
    


نزول المفكر للدنيا تقتضيه ولابد ظروفه الفيزيولوجية و رغبته في الإنخراط في الروح الاجتماعية؛ في العيش مع الجماعة بمنطلقاتها ومعايرها غالبا، فمن أجل إعطاء معنى إنساني معين لإنسانيته بشكل عام ينزوي بنصف روحه مع العالم ولعله يترك النصف الآخر لنفسه، وقد ينزل بذاته كلها للواقع فيكون قلما مأجورا للقادة ورجال المال فيتناوب في شرائه السماسرة، لذلك غالبا ما يتحول المفكر إلى مسخ فاقد لصورته الخالصة، يكون المفكر بهذا بائعا لأفكاره بمقابل مادي أو رمزي كممتلكات أو سلط، وهو ما اعتبره ذوبان المفكر واختفاء طبيعته الأصلية.
المفكرين الشرفاء يبقون متربعين على عرش ملك الفكر ويتحولون لمرجعية حكيمة يعود لها كل راغب في التثقيف والاسترشاد في الحياة أو السير على سبيلهم، وهو ما يتجسد في الإسلام بمكانة الولي المرشد المعبر عنها في القرآن، وهي مكانة ولابد تمنح رغم كل خطابات الداعية للحقيقة والتحقق أو تلك التي تلازمها وتنشد الموضوعية، فالولي المرشد يبني أفكارا وتصورات تجسد روح التوحيد المتجددة في الإسلام فقمة الموضوعية والحقيقة في بعض المجتمعات تحدث عندما يجدون من يقدم لهم الحكمة والحلول لأزماتهم العيشية والمعيشية، فقمة الموضوعية والحقيقة عندما يجدون قائدا قادر على بدل التقدم وتحسين سبل عيشهم ويكنون في سبيله أتباع ومريدين ومناصرين ومقاتلين من أجله هذا إن لم يقاتلوا في سبيل حضارتهم ودولتهم.
وهذه الفكرة الأخيرة تجسدت بشكل أو آخر مع لينين ومن حملوا السلاح وقدموا الدماء من أجل نصرة مشروعه، وكذا أولئك الذين حاربوا مع ومن أجل القذافي في ليبيا لسنوات، وكذلك يحدث مع نظام بشار الأسد وما شابهه من نماذج عبر التاريخ من قتال الأطفال من أجل هتلر أوالمحاربين الذين ما يزالون يحاربون من أجل صدام حسين إلى حدود الساعة من ما تبقى من الألوية البعثية.
المفكر ينزل للواقع فيجد الكذب وهو الروح المعبرة عن الحقيقة، يجد العلاقات غير الشرعية وهو الكيان العفيف، يجد عند نزوله السرقات وهو المكتفي برزقه وهو الأمين، يجد العبودية وهو الحر، يجد النفاق وهو الصريح، يجد الكره وهو المحب للجميع...
معروف في كثير من الأحيان أنه يتم استغلال المفكر واللعب به وبقيمته التي راكمها في زمن طويل وربطه بدعم جهات سياسية أو أيديولوجية والأسوأ هو عندما يتحول إلى بوق حصري لاتجاهات محدثه كتلك التي تنادي بأمور مثل الإفطار العلني، والعري الفاحش، والمطالبة بمطالب نسائية هامشية بينما الأهم هو محاربة الدعارة و التجارة الجنسية بكل ألوانها، والنضال من أجل محاربة الجوع، هذا اعتبارا للمغرب أو ما يسمى بالمطالب الخبزية.
نزول المفكر للعالم يعرضه بسبب مواقف يتبناها صحبة أناس يعتبرونه مقدمهم إلى الموت، كفرج فودة الذي بالغ في مناظرته للإسلاميين وأكثر من جرح مشاعر المدينين بدين الإسلام في مصر فاستبيح دمه وقتل، وهو ما حدث مع سيد قطب حين ضم صوته لصوت الإخوان المسلمين وسدد ثمن دعوته لتهديم أركان النظام الناصري واغتيال قياداته...لقد كانت التصفية الجسدية هي الحل الأول للتخلص من المفكر للتخلص من برونو جوردانو؛ للتخلص من الحلاج؛ للتخلص من كوبيرنيكوس؛ للتخلص من أحمد ياسين وحسن البنا.
تنوعت عبر التاريخ اهتمامات المفكر وأرائه وحتى مجالات بحثه ولطالما هتف بالحرية مهما تحولت لعبودية، يعيش المفكر في العالم بين رغبته في كشف نفسه ورغبته في كشف العالم، بين رغبته بالتنوير وبين رغبته في الانزياح عن وضعه والانزواء والخلاص، بين رغبته في التعبير عن المسحوقين اجتماعيا وبين إغراءات السماسرة لشراء قلمه.
يذوب المفكر مثل الثلج في الدنيا، تخمد نار المفكر شيئا فشيئا حتى لا تبقى منها أي جذوة وحتى يخمد ويصبح رماد، يموت المفكر عالقا ومشنوقا في حبال أفكاره، يموت المفكر ويأتي من يسبه ويظهر من يمدحه، يبرز من ينتقده، ويتبين من يعتقد بأفكاره، يموت المفكر ليعيش في الضجيج و يموت ليبقى الضجيج.



#لحسن_لحمادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين والزمان
- السياسيات المقارنة
- قراءة في كتاب -فلسفة العلم، الصلة بين الفلسفة والعلم- لمؤلفه ...
- قراءة في كتاب -فلسفة العلم، مقدمة معاصرة- لمؤلفه أليكس روزنب ...
- التراجيديا من منظور نيتشه


المزيد.....




- دول تعلن استعدادها لاعتقال نتنياهو وزعيم أوروبي يدعوه لزيارت ...
- قيادي بحماس: هكذا تمنع إسرائيل إغاثة غزة
- مذكرتا اعتقال نتنياهو وغالانت.. إسرائيل تتخبط
- كيف -أفلت- الأسد من المحكمة الجنائية الدولية؟
- حماس تدعو للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية لجلب نتنياهو و ...
- وزير الدفاع الإسرائيلي يوقف الاعتقالات الإدارية بحق المستوطن ...
- 133 عقوبة إعدام في شهر.. تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان في إيرا ...
- بعد مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت.. سيناتور جمهوري يوجه تحذي ...
- قادة من العالم يؤيدون قرار المحكمة الجنائية باعتبار قادة الا ...
- معظم الدول تؤيد قرار المحكمة الجنائية باعتبار قادة الاحتلال ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - لحسن لحمادي - نزول المفكر للمجتمع