|
صفين المعركة قسمتنا إلى صفين
محمد الشريف قاسي
الحوار المتمدن-العدد: 4813 - 2015 / 5 / 21 - 18:30
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
صفين قسمتنا إلى صفين ما اشبه الليلة بالبارح، لدارس تاريخ المنطقة ومنذ خمسة عشر قرنا وبعد وفاة الرسول واختلاف الصحابة فيما بينهم ومن جاء بعدهم إلى معركة صفين بين الخليفة الراشدي الامام علي ووالي الشام معاوية الذي اصبح ملكا وامبراطورا على المسلمين بعد مقتل الامام، هذا في الجانب السياسي أم الاجتماعي فانقسم المسلمون الى شيعة معاوية وشيعة علي، إلى نواصب وروافض، إلى أصحاب مبادئ وأصحاب مصالح. وبين الشيعتين أغلبية ساكتة مراقبة معتزلة للجميع وإن كانت مستهدفة من الطرفين فالكل يريد ان يربح تعاطفها وصفها لتكون له الغلبة على الاخر. وبقي الصراع والتنازع بين شيعة علي وشيعة معاوية وتطور فقط مع تغير الوجوه مع بقاء المشروع نفسه. فكانت الدولة الاموية والعباسية والعثمانية والممثلتين لتيار حزب معاوية وفي المقابل ظهرت دول كالإدريسية والفاطمية والصفوية كممثلين لحزب علي في معركة صفين. إلى أن نصل إلى ليلتنا هاته والتي تشبه ليلة البارحة في معركة صفين ويبقى الصراع العلوي الاموي والممثل في ايران والسعودية وحرب صفين تتطور الى حرب باردة وساخنة أحيانا كما هو الصراع على اليمن اليوم وعاصفة الحزم الاموي في مواجهة النووي العلوي. ولم يخرج المسلمون من صراعاتهم التاريخية منذ معركة صفين التي انقسموا فيها إلى صفين الى اليوم فكانت صفين صفين حقيقة لا مجازا. وكما بقي أهل التصوف والعرفان في كهوفهم وجبالهم وبيوتهم يتعبدون ربهم ويعتزلون الفتنة والتي هي أشد من القتل ولا يتدخلون في الصراع السياسي الدائر منذ قرون، مازالوا يرفضون الفتنة ويعتبرون الدين فقط وفقط لمجاهدة النفس وتصفيتها وتزكيتها وصقلها وقهرها حتى تستقيم على الطريقة. وكما أولياء الله أهل تصوف وعرفان كان المعتزلة في ذلك الزمان في منزلة بين المنزلتين يمثلون دول عدم الانحياز، منذ أن اعتمدوا مبدأ تقديم العقل على النقل، فساقتهم عقولهم إلى معرفة حقيقة الصراع وأن القضية قضية مصالح وأطماع وشهوات كرسي وملك وظف واستغل فيها المقدس والدين والمذهب لخدمة السياسة المتمثلة في الحزبين المتصارعين، وإن كانوا في الحقيقة يميلون لحزب علي صاحب المبادئ والقيم الانسانية في صراعه مع أهل المصالح والشهوات على حساب الدين والمتمثل في حزب وشيعة معاوية وما الدين والمقدسات عندهم إلا غطاء وتورية وتقية مثل شعار قميص عثمان ورفع المصاحف على الرماح لتحكيم شرع الله وحكم الله كما يزعم ويظهر حزب معاوية اليوم في رفعه شعار ارجاع الشرعية في اليمن وإلا عاصفة الحزم وأسقاط الورود على اليمنيين والياسمين من السماء وذلك حبا وغراما وولها فيهم وتكرما عليهم. فالعقلانيون التنويريون في ذلك الزمان كان شعارهم الشعب يريد أمنا ولقمة ومسكنا وفرحا وسلاما لا حروبا ودماء وتيتيما وترميلا ولكن لا مستمع ولا مجيب كما هو حال معتزلة اليوم من كل الاديان والمذاهب والتيارات في دعواهم إلى الاهتمام بالتنمية والتعمير والبناء والأمن والمحبة والسلام، فهل من مجيب؟ لماذا يحاكم الفكر وحرية الرأي في مصر في قضية إسلام بحيري؟ حقيقة أن الأمة مصابة بمرض سلالي وراثي في عشق الدماء والانتقام وحب الشهوات على حساب المبادئ الانسانية والقيم العالمية. أمة عاطفية تعشق دغدغة العواطف لتهيج كالثيران المتصارعة، فلا ميزان للعقل والتدبر والتأمل في مصائر الامور ومستقبل شبابها كما هو الحال في أمة العم بوذا عليه الصلاة والسلام الأبدي الذي غرس بمبادئه العشر كيف نعيش بسلام. فصراع اليوم صراع تاريخي منذ معركة صفين والذي قسم المسلمين إلى سنة معاوية وسنة علي أم بتعبير أخر شيعة معاوية وشيعة علي، إلا أن الانتصار كان قديما لشيعة معاوية الذين كونوا حزب العامة (الرعاع والرعية) وبانتصارهم ملكوا أغلب الأراضي والتي دخلوها بالسيف والذبح طبعا كما هم اليوم وأصبحوا الناطقين بسم الدين الرسمي لا الشعبي وتحول حزب وأنصار علي إلى معارضة سلمية وتارة مسلحة (أول حزب إسلامي في التاريخ حزب شيعة علي) وإن حكم يوما يحكم في الاطراف كالأدارسة في المغرب الاقصى والفاطميون في المغرب الاوسط ومصر والصفويون في إيران والهند. أما قلب العالم الاسلامي الحجاز فكان من نصيب الأقوى المتحالف من الرومان الأمريكان المتمثلون في المملكة الاموية والعباسية والعثمانية واليوم آل سعود وداعش. فممثل حزب معاوية في صفين فيم يومنا هذا هم آل سعود وداعش وأذرعهما وخلاياهم النائمة في العالم مثل بوكو حرام والقاعدة وأنصار الشريعة وأنصار الخلافة وغيرهم. ومن لف لفهم من الدواعش المكرفتين في الجزيرة والعربية. فالخلايا النائمة والاذرع المنتشرة عبر دول وقارات تتقاسم الادوار ففي الدول الديمقراطية تشكل أحزاب دينية وسلفية (حزب النور والفيس وحمس في الجزائر) بهدف الانقلاب على الديمقراطية وتاسيس دولة الخلافة مثل المملكة السعودية في الحجاز، وفي الدول الضعيفة والمتزعزعة يكون العمل المسلح كجبهة النصرة وداعش وبوكو حرام وأنصار بيت المقدس في مصر، وأخيرا وفي البلدان والدول الموالية تخرج أئمة ومشايخ يلزمون الناس بطاعة ولي الامر في المنشط والمكره حتى ولو ضرب ضهرهم وأكل ظلما وعدوانا أموالهم وفعل في نسائهم وأمهاتهم. وهذا التلاعب ما نشاهده بالتلاعب بالدين والفتوى حسب الحاجة والحالة والطلب مثل فتوى جواز الاستعانة بالكفار الامريكان على العراق ومثل الجهاد الامريكي ضد الاتحاد السوفياتي في افغانستان. وهذا ما نلمسه في ظهور ثلاث (03) سلفيات عالمية وهي السلفية العلمية والسلفية الجهادية والسلفية الحزبية. وكل هذا التسميات تدخل تحت غطاء وحلف حزب معاوية في معركة صفين المتجدد. فإيران اليوم كممثل لحزب الإمام علي في صفين يقابله آل سعود وخليفة داعش في حزب معاوية وعمرو بن العاص. والتاريخ يعيد نفسه بوجوه جديدة فقط. وأمريكا واسرائيل (الخلافة الرومانية) يفرحهم هذا الصراع ويغذونه ويتمنون أن يكبر وينتشر حتى يبيعون اسلحتهم ويقبضون أكثر وتنجح سياستهم في المنطقة (الفوضى الخلاقة) وما فائدة ادخال عساكرهم للمنطقة فليدعوا ابنائها يقتلون بعضهم بعضا أما هم فما عليهم إلا التصفيق للمنتصر. وهذا ما كان يحذر منه المعتزلة والصوفية قديما وحديثا. وبما أن حزب معاوية تعاون وتحالف مع الرومان ها هو حزبه اليوم يتحالف مع الأمريكان (سلالة الرومان) في حربه على حزب الإمام علي بن أبي طالب، والمستقبل سوف يحكم ويجيبنا هل ينتصر حزب المصالح والحيل على حزب الحق والعدل والقيم كما وقع في معركة صفين وما بعدها أم حزب الوسط (الذي يشد العصا من الوسط في انتظار المنتصر دائما) يرجح كفة حزب الإمام علي ويتحرر غصن الزيتون ويعم سمائنا الحمام حمام السلام ولكم مني سلام.
#محمد_الشريف_قاسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا تلمه فهو مسير لا مخير
-
إعدام مرسي جريمة أخرى
-
الخروج على ولاة الأمور كفر وردة
-
الموت السريري بين قفص الفقه وسجن القانون
-
أوباما رضي الله عنه وأرضاه
-
كامب ديفيد الثالثة الأخرى (مخيم عمي دافيد)
-
الطيار المغربي كان في المكان الخطأ
-
الجماعات الارهابية بين الأيدولوجيا والتكتيك
-
بين البخاري الفارسي وابن رشد الأمازيغي
-
الدولة السعودية العظمى والدور الاقليمي الواجب الاعتراف به
-
المملكة العربية السعودية العظمى يجب الاعتراف بها كقوة اقليمي
...
-
نفاق الإعلام العربي (العبري)
-
الوهابية ...خطر على العالم أجمع
-
الشيعة والتشيع
-
الإرهاب الفكري في وسائل الإعلام والمنتديات التي يشرف عليها ا
...
-
إسلام بحيري ومحاكم التفتيش المصرية
-
المسلمون والعرب يمرون بمرحلة الاقتتال والحروب الطائفية والمذ
...
-
الحمد لله لقد اتفق العرب مؤخرا
-
حلف الدفاع العربي المشترك
-
الجزائر ضد العدوان على اليمن الشقيق
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|