أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - رضا محافظي - الرقابة على الكتاب ، هل هي الحل ؟














المزيد.....

الرقابة على الكتاب ، هل هي الحل ؟


رضا محافظي

الحوار المتمدن-العدد: 1335 - 2005 / 10 / 2 - 10:44
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


احتضنت الجزائر منذ أيام قليلة معرضا دوليا للكتاب هو العاشر من نوعه و كان فرصة لعدد معتبر من دور النشر لعرض إنتاجها المتنوع على القارئ الجزائري . و من بين المواضيع التي طرحت قبل افتتاح المعرض موضوع الرقابة على الكتاب الديني المتطرف و ضرورة تأمين القارئ من مخاطره أو على الأقل عدم السماح للمعرض أن يكون أداة لإدخال ذلك النوع من الكتب إلى الجزائر أو الترويج له .

يجد هذا النوع من الاحتراز منبعه من عشرية دامية مرت بها الجزائر خلال سنوات التسعينات من القرن الماضي خلفت عشرات الآلاف من القتلى و أعدادا كبيرة من الجرحى و المعطوبين و المفقودين . عشرية لا تزال في مخيلة و ذاكرة من عايشها شبحا مخيفا و كابوسا مرعبا مجرد التفكير فيه يحيي في النفوس الآلام الموجعة السابقة و يفتح الجراح المؤلمة . و كان من أسباب تلك المأساة فكر ديني انتشر بين عامة الناس يكفر السلطة و الشعب معا و يجعل من الانقلاب الدموي على كليهما الحل الأمثل للانتقال إلى المجتمع الذي تراه تلك الفئة مثاليا و هدفا في الحياة .

و ما من شك في أن عددا كبيرا من الكتب و المنشورات المتنوعة كان وراء الترويج لذلك النوع من التفكير – بصورة مباشرة أو بصورة غير مباشرة - في ظل انفتاح من غير قيود على ما يرد من الخارج من كتب و مجلات و إصدارات مختلفة تسممت أذهان من اقترب منها لما احتواه البعض منها و للتفسير السيء و الخاطيء لما احتواه البعض الآخر . يأتي ذلك بعد سنوات من التقييد الصارم للكتاب الديني خلال سنوات عديدة خلق عطشا و نهما لمطالعته لدى الكثيرين و أوجد أرضا خصبة لكل من يريد أن يزرع أي فكر يشاء .

انفتحت الساحة بعد ذلك على كل وارد من الخارج و رحبت المطابع الوطنية بكل كتاب و منشور من ورائه ربح وفير. و هكذا كان السيف ذا حدين : طبقات اجتماعية متلهفة لقراءة كل ما له علاقة بالدين ، و ناشرون همهم الوحيد البيع و الربح فقط دون مراعاة لما سوى ذلك من الاعتبارات ، و يتوسطهما هواة الدعوة للدين و فقهاء الجهل و الضلال . وكانت نتيجة هذا التزاوج الغريب ضخ جرعات مسمومة من فكر متطرف هوت بالمجتمع ككل في غيابات جب عميق من التقتيل و الذبح و التدمير .

لكن هل التقييد على دخول الكتاب الديني المتطرف إلى البلاد هو الحل ، أو بصورة أوضح هول هو كل الحل ؟

بطبيعة الحال ، لا يمكن لأية دولة أن تتخلى عن واجبها المتمثل في حماية نفسها و شعبها من سموم قد تبث من طرف أعدائها . لكن الطريقة التي يتم بها ذلك الدفاع أهم بكثير من ضرورة القيام به بحد ذاته . نحن في زمن التغطية فيه على أي فكر مهما كان ضالا أو مفسدا شيئا قريبا إلى المستحيل بكثير . و الأمثل يكون بمقارعة نفس الفكر بفكر أصلب و أصلح . ليست الحكمة في منع الفكر من الولوج إلى داخل الحدود بقدر ما تكمن الحكمة في منعه من الوصول إلى قلوب الناس و يكسب أفئدتهم. الأهم في العملية تكريس خطاب سياسي راشد مصحوبا بخطاب ديني أرشد يعملان معا في توافق ( و ليس في نفاق و تلفيق ) على خدمة مصالح الوطن و الشعب العليا يتم في إطارها الوصول إلى درجة يكون الفرد فيها قادرا على قراءة أخطر الأفكار دون أن يتأثر بها بالصيغة التي يصير لها عبدا أو معولا . و ليس هذا بالأمر الغريب أو صعب التحقيق و يكفي هنا النظر إلى عدد من المجتمعات الحاضرة التي تتوفر على روح وطنية عالية و فكر إنساني خالص يتواجد بين أطنان من الآراء و الأفكار غير السوية المنشورة أو المصرح بها و لا تجدها تتأثر بما يضع الكيان ككل في خطر محدق . مجتمعات فتحت صدورها لكل الآراء و لكل الأفكار بعد أن كانت حضرت عقول و شعوبها لذلك و بعد أن أشربتها صنوف العلوم وفق مناهج عملية سليمة حصنتها من التأثر العاطفي المتهور لكل ما هو قادم .

و ان كانت العملية ليست بالمستحيلة فانها بالموازاة مع ذلك ليست بالعملية السهلة . انها سياسات متينة بعيدة المدى لا تقبل ملامسة أصابع الهواة لها و لا تقبل الدوران في في أدمغة تكل بعد ساعات قليلة من التفكير و العمل . هي مهمة مؤسسات كاملة و خبراء نزهاء تمتد على مدى سنين عديدة لكن ثمارها أكيدة .


رضا محافظي – الجزائر .



#رضا_محافظي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دول لا تحمي زعماءها !!!
- قمة عالمية أم عرس لإسرائيل ؟
- لغة الجزائري
- التكنولوجيا و الفساد
- كاترينا ، أوفيليا و الدرس
- المغلوب و الغالب
- أين هم بنوا آدم الحقيقيون ؟
- - رقان - في الذاكرة
- وداعا .......لالة مغنية
- البعد البشري للوجود الفرنسي بالجزائر :درس فرنسا لأحفادها من ...
- عصرنة الادارة أم عصرنة الاداريين ؟


المزيد.....




- لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء ...
- خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت ...
- # اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
- بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
- لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
- واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك ...
- البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد ...
- ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
- الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
- المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5 ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - رضا محافظي - الرقابة على الكتاب ، هل هي الحل ؟