محمد الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 1335 - 2005 / 10 / 2 - 10:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
6) هل هي الغاية من دسترة الدين و اللغة و العرق هي خلق شروط المطالبة بدسترة الطائفية ؟
إن دسترة الدين تفرض القول بالاختلاف في تأويل الدين و شرعنة ذلك الاختلاف بالسماح بتأسيس أحزاب على أساسه. و أي تأويل ليس إلا قراءة للنص الديني انطلاقا من المصلحة الطبقية للجهة المؤولة. و بالتالي فإن المجتمع سينقسم إلى جماعات مختلفة، و متصارعة بناء على التأويل الخاص للدين.
و إذا ثبت الإقرار بوجود جماعات مؤدلجة للدين، فإن جماعات أخرى ستقوم على أساس ادلجة اللغة، أو اللهجة، أو العرق، أو الجهة. و بالتالي فإن هذه الطوائف جميعا يصبح من حقها أن تبني أحزابا على أساس لغوي أو عرقي أو جهوي لا فرق في ذلك بينهم و بين الجماعات القائمة على أساس ديني.
و معلوم أن المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان تدعو إلى عدم اعتماد المعتقدات و اللغات، و الأعراق، و الجهات منطلقا لتأسيس أحزاب دينية أو عرقية، أو لغوية، أو جهوية، لأن ذلك لا يؤدي إلا إلى قيام صراع غير مشروع في المجتمع العربي. و الدساتير العربية المدسترة للدين، و المحفزة على تأسيس الأحزاب و النقابات و الجمعيات على أساس ديني هي دساتير تهدف إلى خلق شروط قيام الطوائف الدينية. و العمل على دسترة تلك الطوائف بشكل أو بآخر. و هي بذلك تتناقض مع المواثيق الدولية بتمسكها بشروط تكريس التخلف، و بناء على ذلك :
7) فهل يمكن اعتبار أن دسترة الطائفية رجوعا إلى الوراء، و تحريفا للصراع الطبقي ؟
إن طبيعة الطبقات الحاكمة الهجينة و المتخلفة بسبب أصولها غير الشرعية، يفرض أن تركب أي مركب من اجل جعل الواقع في خدمة مصالحها الطبقية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، فهي تؤدلج الدين، و تدستر تلك الادلجة، و تسمح بقيام أحزاب دينية، و عرقية، و لغوية، و جهوية، و تعرض مستقبل الشعب العربي من المحيط إلى الخليج للكثير من المخاطر الناجمة عن جعل العرب من المحيط إلى الخليج ينشغلون بالألقاب الطائفية التي لا حدود لها بدل أن تنشغل بالاستغلال الطبقي الممارس عليها و الذي يهضم كل حقوقها الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية التي تعوضها بالدخول في عملية المطالبة بالحقوق المتعلقة بالطوائف المختلفة، الدينية و العرقية، و الجهوية، الأمر الذي يشكل ضمانة كبرى لتأبيد سيطرة الطبقة الحاكمة في كل بلد عربي على الاقتصاد، و على توجيه الاجتماع، و الثقافة، و التحكم في السياسة، و في إطار انصياعها لارادة الرأسمالية العالمية، و لتعليمات مؤسساتها المالية الدولية.
و لذلك نرى أن دسترة أساس قيام الطائفية و رعايتها على ارض الواقع يعمل على تحريف مفهوم الصراع الطبقي في أبعاده الإيديولوجية و السياسية و التنظيمية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و الفكرية، ليصير صراعا دينيا دينيا، أو عرقيا عرقيا، أو لغويا لغويا، أو قائما بين جهة و أخرى. و بناء على ذلك، فالأحزاب القائمة على أساس الصراع بين الطبقات المتناقضة في المجتمع تفقد قيمتها لتحل محلها الأحزاب الدينية و العرقية و اللغوية، و يغيب الوعي الطبقي ليحل محله الوعي الزائف. ليكون تحريف الصراع الطبقي عن مساره الصحيح أكبر إنجاز تقوم به الطبقات الحاكمة في البلاد العربية لحماية مصالحها، و ضمان سيطرتها و تأبيد تلك السيطرة.
#محمد_الحنفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟