|
قراءة في كتاب -فلسفة العلم، مقدمة معاصرة- لمؤلفه أليكس روزنبرغ
لحسن لحمادي
الحوار المتمدن-العدد: 4811 - 2015 / 5 / 19 - 19:01
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
مقدمة الترجمة: فلسفة العلم: الكتاب والكاتب. يحاول المترجم ربط موقفه من فلسفة العلم بموقف روزنبرغ ؛ ففي الوقت الذي قال فيه المؤلف "ليس من السهل تعريف فلسفة العلم" يؤكد المترجم أن الفلسفة يصعب تعريفها كذلك، فالعلم يصعب تعريفه في ظل علوم تتزيا بزي العلمية كقراءة الكف والطب التقليدي. معروف من الناحية التاريخية أنه لم يكن هناك فصل بين العلم والفلسفة على مدى 22قرن، إلا أن الفيزياء كانت مدشنة للاستقلال عن الفلسفة في القرن 17والكيمياء في القرن 18 والبيولوجيا في القرن 19، لتستقل في الأخير العلوم الإنسانية. حسب روزنبرغ فبعدما تحررت العلوم من حضيرة الفلسفة، ماذا تبقى لهذه الأخيرة؟ يجيب المؤلف، تبقى لها ما عجزت العلوم على الإجابة عنه من أسئلة خصوصا تلك التي تتعلق بالعلة والسببية. يخلص المؤلف لأن فلسفة العلم ما هي في جوهرها إلا نقد للعلم. وهناك من اعتبر أن العلم ليس بحاجة لفلسفة علم، أي أنه ليس بحاجة لانتقاده، وأبرز هؤلاء ريتشارد فينمان. 1ـ لماذا فلسفة العلم؟ نظرة عامة: فلسفة العلم هي محور مختلف العلوم وتعنى بالإجابة عن مختلف الأسئلة المستعصية التي لا يستطيع العلم الإجابة عليها. إن الفلسفة أمر لا يمكن تجنبه من قبل العلماء، فالفلسفة مطلب أساسي لفهم تاريخ وسوسيولوجيا العلم. 1ـ1ـ العلاقة بين العلم والفلسفة: العلم كما نعرفه، بدأ مع الإغريق وتاريخه هو تاريخ انشقاقات عن الفلسفة. بعد كل التحولات التي حدثت للفلسفة وخروج أبرز العلوم المعاصرة عنها، تمخض اهتمامها الطويل بالمنطق بظهور علم الكمبيوتر، غير أنه للفلسفة ما تعجز هذه العلوم على الإجابة عليه كسؤال من داخل الرياضيات؛ ما هو العدد؟ يحاول إبراز أن قياس الزمان والمكان نمثل عليه بالساعة والأمتار، بينما ليست هي إلا تمثيلات له، واعتماد الاستنباط والاستقراء كان نابعا دوما من علاقة المنطق بالفلسفة. الفلسفة مختلفة عن باقي العلوم فالفلسفة اليوم، رغم ما استقل عنها من العلوم مازالت تختص بدراسة ميادين شتى ومتفرعة: المنطق، الجمال، القيم، العدل، نظرية المعرفة والميتافيزيقا. إن الفلسفة تعنى بالإجابة عن الأسئلة التي عجزت العلوم عن الإجابة عنها وعن الأسئلة التي تدور حول سبب عدم تمكن العلوم من الإجابة عن الأسئلة. إن الأسئلة الزائفة حسب روزنبرغ تقوم على فهم طبيعة العلم والتي لا يقدمها العلم، والحجج التي تقدمها الفلسفة تستحضر مقدمات منطقية معيارية وليس واقعية كما بينها العلم، فلا فكاك عن الفلسفة رغم اعتبارهم أن العلم سيتمكن من الإجابة عن الأسئلة الحقيقية وهذا ادعاء تضمنه الحجج الفلسفية وحدها. 1ـ2ـ الأسئلة العلمية والأسئلة حول العلم: يعرض روزنبرغ هنا النقاش الذي دار في الغرب حول العلم التجريبي والعلم الزائف، ولكل هؤلاء الأطراف مناهج وشواهد لتقديم التفسيرات، وتقييم النظريات وكلاهما محتاجان إلى فلسفة العلوم. 1ـ3ـ العلم الحديث كفلسفة: العلم الحديث استند على البحث الفلسفي فكان العلم مصدر حماسة الفلاسفة. يعكس المؤلف في هذه الفقرات، كيف أن العلم الحديث مع نيوتن بالخصوص، انطلق كفلسفة متبتا حتميته في مواجهة رجال الدين وهو نفس الأمر الذي لحق نظرية داروين البيولوجية، ووضع أمام رجال الدين اللذين شعروا بأن تفسيراتهم الدينية للعالم والإنسان سرعانما تقوض. ومن وراء نيوتن وداروين قام المذهب الطبيعي والذي قوض جانبا كبيرا من الميتافيزيقا، وهدد فلسفة الأخلاق، لتهتز في القرن العشرين الثقة في المادية الفلسفية ولتنهار الحتمية ويظهر الكوانتم. هذه الفقرات تعكس أن كل ما أصبح يصب اليوم في ما هو لا حتمي جاء بناء عن دفع العلم بالفلسفة إلى الفيزيقية والحتمية، وهي نفس الحتمية التي تبناها ديكارت حول العقل وأتباعه العقلانيين. يربط روزنبرغ بين صعوبة تحديد ماهية العقل التي عجز عن تعينها العلم والعلوم الاجتماعية، التي تستعين بالعلوم الطبيعية، للتعقيد الحاصل في السلوك البشري ومسبباته، ووقع جدال في اعتبار العقل هو المخ. الحاسبة بدورها والحواسيب محدودة بالإمكانات العددية التي نبرمجها فيها، وهو ما أكده جورديل بالقول أن الحواسيب لا تشبه حاسبات البشر. نتيجة العلوم الحديثة تقول أنه لا يمكن دراسة العقل البشري بنفس الطريقة التي تناسب الأجسام المادية. ولقد نحث العلوم الحديثة وخصوصا الرياضيات إلى تقليص الثقة بأن العلم كفلسفة ممكن لنا. 1ـ4ـ العلم والحضارة الغربية: يرى روزنبرغ أننا لسنا في حاجة للقول بعلم غربي، لأنه لا يوجد غيره. والعلوم التي نشأت لدى الأمم الأخرى لم تكن جزء من دافع ذي طابع مؤسسي، يعمل على تحسين الفهم المنطقي غير الحدسي. يورد المؤلف طرح ديامنود الذي يبرر عوامل نشوء العلم لدى الحضارة الغربية، فالعلم المحض ظهر عند المجتمعات الأكثر تقنية وتقدما. يضع روزنبرغ أربع مؤشرات أوجبت ظهور علم غربي رائد في العالم: أـ توفر ظروف لم تظهر إلا في الغرب وحده. ب ـ قيم ثقافية وممارسة مجتمعية وسياسية واقتصادية دفعت لتبني المناهج العلمية. ج ـ أن الثقافات الأخرى تشارك الغرب في الاهتمام بتطوير التكنولوجيا. دـ هذه النقط تبرز أن مؤرخي وعلماء السوسيولوجيا ومفكري ما بعد الحداثة، يرون أن التقدم التكنولوجي ينعكس سبيل على الإنسان. يثمن المؤلف كل ما تقوم به سوسيولوجيا وسيكولوجيا العلم واقتصاديات وسياسات العلم، وهي علوم معاصرة جدا، وهي ميادين خطت خطوات مهمة في إظهار الصورة الجديدة للعلم، فمن المفيد التحول للدراسات الاجتماعية والسلوكية من أجل توضيح حقيقة قيمة المساهمة الغربية في حضارة العلم وهذا لا يكون إلا عن طريق فلسفة العلم. ملخص: للفلسفة علاقة بالعلم من حيث تتناول الفلسفة الأسئلة التي عجز العلم عن الإجابة عنها وأسباب عدم الإجابة عنها. وينتهي إلى أن العلم هو السمة المميزة للحضارة الغربية التي أخد عنها بقية العالم هذا العلم.
2ــــ التفسير والسببية والقوانين: نظرة عامة: إن فهم العالم حاجة يعبر عنها بالعلم. 2ـ 1ـ الوضعية المنطقية تضع جدول الأعمال: يبدي المؤلف هنا أهمية التفسير العلمي ذا القوة التفسيرية المفترضة والتي تصف الطريقة التي يجب أن تكون عليها الأشياء، وهذا نتج عنه بالنسبة لفلاسفة العلم أنه يتم التركيز على القوانين الناتجة على العلم كوسائل للتفسير. الوضعية المنطقية أو التجريبية المنطقية، حاولت الوضعية المنطقية تطوير فلسفة العلوم من خلال الجمع بين مصادر المنطق الرياضي الحديث مع نظرية معرفية تجريبية، ويرجع الفضل لهم في توسيع الجدل الدائر في هذا الخصوص أي في خصوص فلسفة العلم. وحسب هؤلاء العبارات الصادقة هي التي تكون مؤيدة بالخبرة، لقد استعان الوضعيين المناطقة بتطورات المنطق وأسس الرياضيات. 2ـ 2ـ تعريف التفسير العلمي: فلسفة العلوم التقليدية تتلمس مجموعة من الشروط، يستوفيها التفسير العلمي لتكون تفسيرا علميا. هذه الشروط تتطلب أساسا تحليلا فلسفيا، لينتج هذه التعريفات المحكمة والواقعية وهذا يتجلى فيه تأثير الوضعية المنطقية من حيث إعطاء تعريفات صريحة. السبب في أن التفسير يعتمد السببية هو أنه ساد لدى التجربيين أن السبب قائم على علاقة مع النتيجة ولهذا فهي محكومة بقانون. هناك اتفاق على أن الأسباب بشكل ما تجعل نتائجها تحدث بالضرورة. والوضعية المنطقية لم تكن معنية بالتفسير، بقد ما كانت معنية بالبيان التفصيلي لمفهوم التفسير، فكانت مشكلة التفسير بالنسبة للوضعيين المناطقة هي إيجاد العلاقة الموضوعية التي تؤكد العلاقة بين المعلل بكسر اللام والمعلل بفتحها. يورد المؤلف نموذج عن هذا الطابع التقليدي للتفسير المبني على تصور أفلاطون أي العلم كحقائق يجب اكتشافها، وكإضافة للوضعية المنطقية نذكر موقف كارل همبل الذي اعتبر أن المعلل أساس قوي لافتراض المعلل، فكان مطلب هذا الأخير هو: أـ أن يكون التفسير برهانا استنباطيا صحيحا. ب ـ أن يكون قانونا عاما. ج ـ وأن يكون قابلا للاختبار تجريبيا. د ـ أن تكون عبارات المعلل صادقة. هدف همبل من الشروط الأربعة التي ضمنها نظريته حول النموذج الاستنباطي النمولوجي إلى جعل العلمي خاضع لحقيقة محددة. تمت الإشارة إلى أن الفيزيائيون غير متفقين حول أي التخمينات هو الأفضل. وتمت الإشارة إلى أن القوانين العلمية والقوانين الطبيعية، فالشروط الأربعة تستحضر مفهوم القانون، فمقدرة التفسير وليدة القانون. 2ـ3ـ لماذا تفسر القوانين: ينفي المؤلف هنا أن الشروط المسوغة لتفسيرات القوانين مشابهة للمقولات المماثلة لها نحويا أن تملك نفس القوة التفسيرية، وقد بدأ المؤلف مثالين يعكسان مدى اختلاف القانون التفسيري عن المقولات. باستحضار رواد الوضعية المنطقية فقد كان الوضعيون يأملون تجنب الأسئلة الميتافيزيقية باستحضار مفهوم السببية كبديل في تحليلهم للتفسير. وانتهى المؤلف إلى أن تفسير القوانين للظواهر ضرورة سببية نومولوجية أي ناموس الطبيعة أو قانونها، أما الإجابة عن سؤال عن ماهية هذه الضرورة يظل حتى الآن بدون جواب. 2ـ4ـ الأمثلة المضادة وبرجماتية التفسير: يعكس المؤلف في هذا الجانب من الكتاب أن كل تفسير مقبول عقليا لا يعني تحوله لقانون. إن التفسير ليس مجرد أمر متعلق بالمنطق والمعنى بقدر ما هو متعلق ببرجماتيات اللغة، وهناك ثلاثة جوانب للغة حسب المؤلف: البناء والنحو و السيمانطيقا أي علم دلالات الألفاظ. إن البرجماتيات لا تنفصل عن التفسير العلمي، ففي الوقت الذي يقدم نموذج دـ ن السمات المميزة للتفسير العلمي، يقدم التفسير البرجماتي السمات المشتركة بين التفسيرات العلمية وغير العلمية. يكمن في اعتقادنا أن السببية تعمل إلى الأمام في الزمان، ولابد للتفسير أن يتبع اتجاه السببية. يعمل روزنبرغ على تقويض نموذج دـن والوضعية المنطقية. يشير هنا إلى أن تكرار نفس السؤال يحلل انطلاقا من التفسير البرجماتي على أساس افتراضات جديدة تعود مرفقة بالسؤال في كل مرة يتم تكراره، وهو ما يطلق فرانسيس بيكون "العلاقة ذات الصلة". إن التفسير البرجماتي يتركنا للتفسير دون أن نشعر بأنه قد اتضح لنا بشكل أكثر ما الذي يجعل التفسير علميا. وكل ما يقوله لنا هذا التفسير يكون علميا إذ تقبلها العلماء. ملخص: إن السببية ما هي إلا تتابع محكوم بقانون. يرفض فلاسفة آخرون كلا من نموذجي دـن ودوافعه ودوافعه وبدلا من البحث عن معيار موضوعي يقاس عليه مدى كفاءة التفسيرات العلمية. 3ـ التفسير العلمي ومواضع عدم الرضا: نظرة عامة: إن التفسير يستمر إلى حدود هذا الفصل، هو محو حديث روزنبرغ، وبطرح نموذج قوانين تحدد احتمالات حدوث الحادثة موضع التعليل، وهي صنفين تعميمات إحصائية والقوانين الأساسية للفيزياء الكمية. 3ـ1ـ القوانين غير الدقيقة والاحتمالات: في إطار النقاش الدائر حول مسألة الصلة الوثيقة بين الأسئلة والإجابات جاء موقف لويسلي سالمون فحسبه في التفسير العلمي تتحقق العلاقة أما موقف فريدمان فيقتدي سؤال ما لذي يقتدي هذه العلاقة، فالعلاقة نابعة من اعتقادنا بتلك التفسيرات أولا. زد على ذلك أن أرسطو يعتبر التفسير العلمي سببا محضا، ومن أبرز أنواع العلل، العلة الفاعلة في إطار الظروف التي تسمح علميا بهذه العلة وهي كثيرة. فلإحداث النتيجة يرى كافة فلاسفة العلوم أنه يجب اقتران الأسباب بالنتائج. وقالت نانسي كاراترايت أن القوانين العلمية التي كشقنا عنها بعد الحادثة المدروسة سوف تذكر كل الظروف الضرورية لنتائجها. الكوانتم يقول أن القوانين الأساسية للظواهر مجرد صياغات غاشمة للاحتمال. يرى فيليب كيتشر أن الاستنباط المنطقي سمة هامة من سمات التفسير العلمي، فمنه تتكون الوحدة. 3ـ2ـ السببية والغائية: إن التفسير العلمي محدود وهو ما كان عكسيا في عهد كل من ليبنز وكانط، اللذان نهضا بنفسيهما بمهمة تبيين أن معظم النظريات العلمية في زمانهم صادقة بالضرورة، ومما يخلص له روزنبرغ: 1/ بعد عرضه لموقف أرسطو الذي ارتبط بالغائية إلا أن الغائية تفسر الأسباب في ضوء نتائجها. 2/ روزنبرغ بعد تداوله لمسألة السببية والغائية من خلال المعقولية يخلص إلى أنه ليس تمت معنى أو معقولية يمكن اكتشافها في العالم، وقد يبقى عند العلماء مكان لله باعتباره العلة الأولى. 3/ ويستنتج روزنبرغ أن الفلاسفة الداعين للبحث في كل شيء، ويقفون في صف السؤال الموضوعي. هل نحن بحاجة لافتراض قوى أخرى قادرة على منحنا سر تفسير الطبيعة يضع هؤلاء في مقابل اللذين يخلعون المصداقية على الاعتبارات غير العلمية. 3ـ3ـ من المعقولية إلى الضرورة: قال كل من ليبنز وكانط بأن التفسير العلمي، كفيل بكشف الطبيعة والعلم، حري بتوضيح مثل هذه الضرورة في الواقع ولقد اعتبر ليبنز أنه باكتمال العلم سنجد كل قانون في مكانه. وقد استعان ليبنز في تفسيراته لحوادث طبيعية بحكمة الله في خلقه، بذلك جاءت معه الغائية الإلهية ففي الوقت الذي كان يعتبر فيه ليبنز بأن القوانين العلمية حقائق منطقية اعتبر كانط أن الحقائق العلمية ليست منطقية. غير أن كانط عمل على ضحض حجة دافيد هيوم القائلة بأن يمكن معرفة قوانين الطبيعة باعتبارها قبلية وبهذا يمكن معرفتها عن طريق خبرتنا، فالقانون يزعم أنه صادق في كل مكان وزمان، ويرى روزنبرغ أن كانط كان على صواب عندما قال أن قوانين الطبيعة قوانين تركيبية. لقد خلص حسب روزنبرغ فلاسفة العلم إلى اعتبار الحقائق التي يمكن اعتبار الحقائق التي يمكن اعتبارها صادقة قبليا هي التي تخلو من المحتوى الواقعي كالتعريفات. إن المشكلة المستعصية في فلسفة العلم هي القول بأن العلم لابد أن يكون قابلا للاختبار. ملخص: في ملخص هذا الفصل يعرض روزنبرغ أن الأسباب عادة هي شروط قبلية ضرورية، غير أنها ليست كافية لإنتاج نتائجها. أن التصورات المعاصرة للغائية ترى أن هذا ما هو إلا محض صورة معقدة ومقنعة من التفسير السببي. 4ــــ بنية وميتافيزيقا النظريات العلمية: نظرة عامة: يبدأ في هذا الفصل روزنبرغ حديثه عن المعنى الذي اكتسبته لفظة نظرية ودلالته. غير أن مفهوم "نظرية" في العلم له من الحمولة ما يكفي ليكون هو مجموع الفروض التفسيرية التجريبية. 4ـ1ـ كيف تعمل النظريات: إن أساسيات النظرية هي الفروض التي تدعمها النتائج المترتبة عليها وهذا ما يستلهمه النموذج المسمى بالفرضي الاستنباطي. 4ـ2ـ الاختزال، والإحلال وتقدم العلم: أعمال نيوتن شجعت على تطوير النظر للعالم ونظرية الميتافيزيقا. إن اختزال نيوتن لقوانين جاليليو وكبلر في قوانينه يدل على أن التاريخ الحديث تاريخ اختزال ناجع لنظريات أقل عمومية، ليأتي القرن العشرين بصياغة لقوانين أكثر عمومية من قوانين نيوتن، لتختزل قوانين نيوتن عن طريق الاستنباط لذلك فالتقدم العلمي يأتي بخطوات أوسع من خلال الاختزال. الاختزال في العلم عن طريق الاستنباط نموذج الاختزال في نظرية الوراثه عند مندل. 4ـ3ـ مشكلة المصطلحات العلمية والأشياء التي تدل عليها: عدم القدرة على تجاوز مفهوم الجاذبية. يستفيض روزنبرغ في الحديث عن إشكالية التسميات التي نطلقها على الأشياء كأوصاف. عدم ارتياح الفلاسفة الإنجليز بيركلي و هيوم لمفهوم الجاذبية والكريات لأنها لا محسوسة وسيظهرون من جديد تحت اسم الوضعيين المناطقة، وهم أنصار نموذج دـن للتفسير العلمي. وقد عارض التجريبيون من الفلاسفة استعمال المفاهيم الأصيلة في التعبير عن الحوادث العلمية والكشوفات وقالوا مع ذلك بأنه لا توجد مشكلة في الاستعانة بالكينونات النظرية أي المصطلحات الممكن تعريفها، إما عن طريق المشاهدة أو شابه ذلك. تم التركيز في هذا الجانب على مفهوم الخبرة فلا يمكن تقبل العلم كمعرفة إذا لم يمكن إخضاعه لاختبار الخبرة، ويتحدث كذلك عن نزع المصطلح من النظرية ويتناول إشكالية التوصيف. توفيق الوضعية المنطقية بخصوص القدرة التفسيرية للعلم وقيود الملاحظة التي تجري على العلم فيما يخص ربط المصطلح بالملاحظة، وخرج الوضعيون المناطقة؛ فدعوا لربط المصطلح بالممكن ملاحظته. ترجمة المصطلحات النظرية لمصطلحات يمكن ملاحظتها على عكس المفاهيم الخاطئة كألغاو السحر. ليجيء بديل الواقعية العلمية الدرائعية، حيث يقول هذا الاتجاه أن النظريات العلمية صكوك مفيدة. موقف بيركلي الدرائعي، وبهذا فالمصطلحات المستعملة في الملاحظة تكون عنده أجهزة لتقوية الذاكرة والملاحظة وبهذا فهدف العلم هو تحسين الاعتماد على أدواته دون العبأ بالواقعية. الأداتية والواقعية، بينما موقع وسط هو أنه في تصور العلماء فالنظريات العلمية ترمي لصياغة مزاعم حول العالم، وحول الآليات الكامنة التي لا يمكن مشاهدتها والتي تفسر المشاهدات، فهدف العلم هو تنظيم الخبرة، وقد أطلق على المزج بين الأداتية والواقعية اسم التجريبية البنائية، على يد فان فرايسن والقليل من الفلاسفة يرون التجريبية البنائية قادرة على إقامة اتزان في فلسفة العلم. 4ـ4ـ النظريات والنماذج: حسب روزنبرغ فإن النموذج البديهي للنظريات العلمية يواجه مشكلتين مباشرتين مرتبطتين هما: أن مفهوم النموذج لا يظهر التصور البديهي أما المشكلة الثانية بالنسبة للمنهج البديهي، ففي فهي الفكرة التي تقول أن النظرية مجموعة من العبارات التي بتنظيمها في نسق معين في شكل لغة رياضية. يعرف روزنبرغ النظرية باعتبارها مجموعة من الفرضيات تزعم أن مجموعة معينة من الأشياء في العالم تتحقق بدرجات مختلفة بواسطة مجموعة من النماذج، وهؤلاء يطلقون على تناولهم للنظريات العلمية إما السيمانطيقية أي الدلالي أو الأكسيوماتيكية أي البديهي، إن ميزة المنهج الدلالي هي أنه يركز اهتمامه على دور أهمية النماذج. سيقول الواقعي بأن المنهج السيمانطيقي يشترك مع المنهج البديهي في الالتزام بوجود نظريات مميزة ومختلفة. 4ـ5ـ حالة للدراسة: نظرية الانتقاء الطبيعي: اختار روزنبرغ حالة للدراسة نموذج نظرية الانتقاء الطبيعي ويرى أن لها مضامين فلسفية. وضع داروين نظريته في الانتقاء الطبيعي دون ضوابط حاكمة لها وهو موضع نقاش بين البيولوجيين والفلاسفة إلى اليوم. ويعطي مثال الانتقاء الطبيعي الزرافة وبقاءها الرهين بطول عنقها. يشير روزنبرغ إلى أن نظرية داروين عن الانتقاء الطبيعي، عامة جدا وتجريدية جدا. يبرز في نموذج الانتقاء الطبيعي روزنبرغ أن للنظرية الطبيعية أوجه قد تنفي أن التجريب هو الكفيل بجعلنا أمام الحقيقة الموضوعية. جاء هربرت سبنسر واصفا الداروينية بأنها نظرية البقاء للأصلح وبتكرار هذا ينتج التطور. إن قوانين الانتقاء الطبيعي عليها في النهاية مواجهة المشكلات التي يثيرها ذلك الدور الذي تلعبه الصلاحية كمتغير تفسيري محوري في النظرية الداروينية. ملخص: في الخلاصة يتحدث عن الكينونات النظرية أي ما يوظف لتفسير الظواهر. 5ــــ ابستيمولوجيا التنظير العلمي: نظرة عامة: يشير روزنبرغ لوضع العلوم التجريبية البريطانية تستخدم العلوم الحديثة طرق إحصائية لاختبار الفرضيات ومن منظور الفلسفة نتعرف درجة كفاءة هذا الاستخدام. 5ـ1ـ تاريخ موجز للتجريبية باعتبارها نظرية للمعرفة في العلم: إن الثورة العلمية توزعت على مناطق أوربية شتى، ففي الوقت الذي يمكن لاعتبار فيه أنها حدثت ثورة علمية، كذلك حدثت ثورة فلسفية، وهو ما بدأه لوك ضد ديكارت لتطويره للمذهب التجريبي. أما وجهة نظر بيركلي فإننا بدون التجريبية لا نستطيع أن نستخلص أي معنى من المعاني، إن اللغة تسمية للما هو حسي ويحسب السبق لدافيد هيوم حينما سعى لتطبيق التجريب للبحث في الفلسفة. ينتهي في هذا المحور روزنبرغ إلى اعتبار الوضعيون في محاولتهم لكشف وفهم منطق المنهج التجريبي، منتقلين من البيانات الأولية إلى الفروض، فليس هناك ما هو أكثر ضرورة للعلوم من التعلم من الخبرة، وهذا هو الطريق الذي اعتقدوا به كحل لمشكلة هيوم أو حجتهن والتي قال فيها "هناك طريقان لتبرير أية نتيجة البرهان الاستنباطي والبرهان الارستقراطي. 5ـ2ـ إبستيمولوجيا الاختبار العلمي: إن فهم القابلية للتكذيب هام بصفة خاصة لأن العلم قابل للخطأ، وكلما تعرض الفرض العلمي لاختبارات متزايدة الصرامة إلى أن يكذب ونصححه ونحسه، ويعطى لهذا مثال قانون الغازات المثالية. من منظور المنطق فالقانون العلمي لا يمكن إثباته تماما بالشواهد المتاحة، وبالنسبة لبوبر لا يجب على العلماء تأكيد الفرضيات بتكديس الأمثلة الموجبة، ويجب عليهم أن يحاولوا تكذيب فرضياتهم بالبحث عن أمثلة مضادة. 5ـ3ـ الاستقراء باعتباره مشكلة زائفة: مناورة بوبر: كارل بوبر أبرز فلاسفة العلم في القرن العشرين، فقد قال بمشكلة الاستقراء لدى هيوم، كونه مشكلة زائفة، ويرى بوبر أنه على العلماء أن يبحثوا عن أدلة سالبة، وليس عدا دالة موجبة على الفرض العملي، يرى بوبر بوجوب وضع فرضيات ثم إخضاعها للتكذيب أو تفنيدات. زعم بوبر أنه يختلف مع الوضعيين المناطقة في كثير من المسائل الفلسفية، فهم يقولون أنه لا يوجد منطق للاكتشاف، وطبقا لهذا المنطق العلمي وصف بوبر نظرية السييكوديناميكية لفرويد والجدلية لماركس؛ أنهما غير علميين مستخدما القابلية للتكذيب. يرى روزنبرغ أن بوبر لا يقدم تصورا يناسب الجميع، حيث يتم رفض النظرية القائمة وتخمين نظرية جدية، إن هذه الوصفة لا تقدم دائما الجواب الصحيح، وهو ما يحدث مع أينشتاين حينما قدم تصورا للحركة حل محل الجاذبية عند نيوتن، وتتجلى أهمية نظرية أينشتاين في أنه تم تأكيدها في العقود اللاحقة بأجهزة متطورة طابقت بين نتائجها ونتائج النسبية العامة. لقد حشد الدرائعيون أنفسهم إلى جانب بوبر في معارضته للاستقراء لصالح التكذيب. 5ـ4ـ الإحصاء والاحتمال طريق النجاة: إن فلاسفة العلم اللذين يرون نظرية الاحتمالات كافية لفهم الكيفية التي تقوم من خلالها البيانات باختبار الفرضيات، هؤلاء سوف يردون بأن تلك المشكلات تعكس التباين بين مفهوم الاحتمال والشواهد المفهومة. يتمسك هؤلاء الفلاسفة بالنظرية الرياضية للاحتمالات هي مفتاح فهم تأكيد النظرية العلمية. الفلاسفة والمشتغلين بالإحصاء يعتقدون أن التعليل الذي يستخدمه العلماء لاختبار فرضياتهم يمكن إعادة صياغته كاستدلال يتسق مع نظرية باييز. يقول روزنبرغ في الإجابة عن السؤال الميتافيزيقي، حول نوعية الحقائق المتعلقة باحتمالات العالم، فإن الاحتمالات المسبقة لا تسجل أي حقائق عن العالم أي عن العالم بشكل مستقل عن اعتقاداتنا. إن بعض البايزيين يقولون أن الاحتمالات تستطيع أن تتعامل مع بعض مشكلات التأكيد التقليدية. من المشاكل التي تواجه الباييزية وربما مفاهيم أخرى متعلقة بكيفية قيام الشواهد بتأكيد النظرية، هي مشكلة الأدلة القديمة. إن نظرية باييز لا تزيد من الاحتمال اللاحق للفرضيات إطلاقا. أن التزام منهج الباييزية بالذاتية جعل الفلاسفة والعلماء يعارضونها ولصعوبة تطويرها كتصور متعلق بالطبيعة الفعلية للاختبارات العلمية. إن الباييزية لا تمثل حلا لمشكلة الاستقراء لهيوم. 5ـ5ـ القصور عند التحديد: إن الإبستيمولوجيا الرسمية للعلم الحديث هي التجريبية، أي المذهب القائل بأن معرفتنا تبرزها الخبرة: الملاحظةـ جمع البيانات ـ التجربة، ومن المسلم به أن الموضوعية في العلم تعتمد على الدور الذي تلعبه الخبرة في الاختيار بين الفرضيات. يرى روزنبرغ في هذا الجانب أن التجريبية هي نظرية المعرفة التي ارتكزت على الملاحظة في توثيق المعرفة العلمية مع فلاسفة العلم البريطانيين، وجاء أصحاب الوضعية المنطقية للربط بين الإبستيمولوجيا التجريبية لأسلافهم وما بين التقدم الحاصل في المنطق ونظرية الاحتمالات ونظرية الاستدلال الإحصائي. استخدام نظرية الاحتمالات عرف كذلك مع الباييزية في القرن العشرين، وهي وجهة النظر التي تقول أن الاستدلال العلمي من الشواهد إلى النظرية يمضي إلى الأمام وقالوا أن احتمالات العلماء شبيهة بالرهانات. 6ــــ تحديات التاريخ وما بعد الوضعية: نظرة عامة: حسب روزنبرغ فإن توماس كون كان أول من سعى لكشف العوامل غير القابلة للملاحظة التي تفسر سبب اختيار النظرية، وإلى وضع تصور للكيفية التي تقوم من خلالها بالتبرير، وكتابه بنية الثورات العلمية سعى لاكتشاف طابع التغير العلمي، وهو ضد فكرة الاختزال في الحقائق العلمية، وهو الموقف الذي تبنته الوضعية المنطقية والتي تنص على أن ما هو خطأ يختزل في الظاهرة وما هو صحيح تبني عليه التصورات الجديدة. ومن النتائج الصادمة أنه نكتشف مع كون أن العلم عمل مثله مثل الرسم أو الموسيقى، يرى كون أنه في أيام أرسطو نحن أقرب إلى حقيقة الأشياء من الآن. وقد خرج ابستيمولوجي آخر وهو كواين وقد هاجم التجريبية من داخلها كما صرح. 6ـ1ـ مكان للتاريخ: إن العلم النمطي يدفع المعرفة إلى الوراء بتطبيق النموذج الأمثل على تفسيرات البيانات. تحدث الثورة كلما حل نموذج محل لآخر، ومع تقدم العلوم النمطية تستسلم ألغازها من خلال الممارسة، أو بتعبير كون من خلال ضبط النموذج، غير أن عددا صغيرا من الألغاز يظل متأبيا على الاستسلام. إن النماذج شديدة الشمول والفرق بينها هائل لدرجة أن كون كتب يقول إن العلماء الذين يتعاملون مع نماذج مختلفة يجدون أنفسهم في عوالم مختلفة بكل ما تعنيه الكلمة، عالم أرسطو في مواجهة عالم نيوتن في مواجهة عالم الكوانتم. والنماذج بتعبير كون غير قابلة للتطابق. بحسب كون فإن الثورات العلمي ليست إلا تغيرا في رؤية العالم. 6ـ2ـ لا مكان لفلسفة أولى: إنه من بين الأخلاقيات التي يستخلصها الكثيرون من بنية الثورات العلمية أن العلم ليس له أن يدعي أنه متفوق معرفيا، والحق أنه علينا أن ننظر لتتابع النماذج في العلم كتبادلها في الأدب والموسيقى والحركات السياسية البديلة. إن المعيار الذي يطرحه كواين لاختيار نظرية ما في الفلسفة وفي العلم هو الكفاءة التجريبية. لقد أصبح المذهب الطبيعي بين الفلاسفة خلفا للتجريبية والسبب هو تأثير كواين ومعتقداتها كما حددها كواين هي: أ ـ رفض الفلسفة كأساس وكحكم على مناهجه وكمحدد لطبيعته ومداه. ب ـ ارتباط العلم بحل المشاكل الفلسفية. ج ـ المصداقية الخاصة للفيزياء مقارنة بأكثر جوانب المعرفة البشرية رسوخا واستقرارا. د ـ الصلة الوثيقة بين نظريات علمية بعينها باعتبار أن لها أهمية خاصة في تقدم مفاهيمها الفلسفية. إن المذهب الطبيعي يبرر نظرية المعرفة والنطق والمنهجية، وهذه الميادين تنبني في نظر روزنبرغ على علوم ناجحة، فهي تقدم نتائج معقولة عن اشتغال العلم. مازال العلم الطبيعي لحد الساعة يحاول تكريس موضوعية العلم، ودعم وضعه باعتباره سعيا دائبا إلى تحسين المعرفة بطبيعة الأشياء. 6ـ3ـ هل برامج البحث العلمية عقلانية؟ لقد نفى توماس كون العقلانية والتراكم والتقدم على العلم، وكذلك كواين. حسب لاكاتوس يصر العلماء على تنقيح البرنامج البحثي طالما ظل تقدميا، ومع مرور الوقت عندما يتهالك البرنامج البحثي الأول ينشئون واحد جديدا، وقد اعتبر أتباع كون أن الاختلافات التي قدمها لاكاتوس ما هي إلا تجميل لتصور كون. يرى لاكاتوس أن العلوم تبحث عن نظريات لها محتوى تجريبي أكبر. موجز: تحدث أزمة للنموذج ويتعامل معها باعتبارها حالة شادة، وعندما تثير هذه الحالة الشادة العلماء تبدأ بوادر الثورة، وتتمثل الثورة في ظهور نموذج جديد، يحل المشاكل السابقة، لا يتم بالضرورة الحفاظ على مكاسب النموذج السالف، إن تعاقب النماذج لا يلزم أن يكون تغيرا تقدميا في اتجاه الاقتراب المطرد من الحقيقة. 7ــــ الطابع المختلف عليه للعلم: نظرة عامة: مؤدى نظرية كون تنتج النسبية، وهي النظرية التي تحرم العلم من موقع القوة، لقد نال فلاسفة ما بعد الحداثة دعما من المفسرين الراديكاليين لأراء كون. 7ـ1ـ من الفلسفة عبر التاريخ إلى ما بعد الحداثة: يرى روزنبرغ أن حل مشكلة فلسفة العلم يتطلب معاودة النظر في الموضوعات التي تنطوي في الفلسفة على نظرية المعرفة والميتافيزيقا وفلسفة اللغة. قال بول فييرابندد أنه لا يمكن اختزال الميكانيكا الأرسطية إلى نظرية نيوتن، وميكانيكا نيوتن إلى نظرية أينشتاين، وقال بصعوبة ترجمة المفاهيم الرئيسة في الميكانيكا، كقوة الدفع والكتلة المطلقة، واعتبر النتيجة "انعتاقا منهجيا"، لأنه انعتاق يحشد الأصالة والابتكار. انصب السوسيولوجيين إلى دراسة التفاصيل الحميمية المتعلقة بالأعمال العلمية، وأمثال برونولاتور وستيفن وولجار في كتاب الحياة العلمية قدم الكاتبان وصفا مسهبا للمواطنين في المعمل وأراد إظهار أن التجارب المعملية لا تتحدث عن نفسها بل تخلق، وأن المفاهيم مثل الصدق والأدلة والحقيقة أدوات تستخدم للفوز بالمعركة وهي النتائج التي توصل لها مرة أخرى كل من شابين و شافير حول بناء العلماء للحقائق. مفكري ما بعد الحداثة يصفون منهجهم بأنه تفكيك وهو يعكس هدفا مزدوجا من جانبهم. إن أدوات مفكري ما بعد الحداثة عرف بها في فرنسا في الربع الأخير من القرن العشرين كل من دريدا وفوكو وليتارد، غير أن روزنبرغ يرى أن الأدوات التي استعان بها مابعد الحداثين والتي جاء بها كل من كواين وكون لم يكونا يقبلان باستلهام ادواتهما ولكن ماتا الإثنين. إن ما بعد الحداثة عارضت كل مظاهر عدم المساواة. 7ـ2ـ تسبيح العلم والتعصب الجنسي وحقائق هامة: في هذا المحور يعتبر روزنبرغ أن العلم ومنجزاته قد أسيء استخدامها على مدى طويل من الزمن، فأضر الناس والكائنات الأخرى والبيئة. إن كل فلاسفة العلم التجريبيون النسويون متأثرون بكواين وكون فقام النسويون التجريبيون باعتبار أن التربية في عالم منحاز ضد النساء حال بينهم وبين الحقيقة العالمية أو الجوهرية، والمجتمع العلمي كذلك يمكن أن يكون متجاملا ويعمل على إغماض الأعين عن رؤية الحقائق التجريبية. يرى روزنبرغ أن النشاط العلمي شأنه في هذا شأن النشاطات البشرية المقصودة، يتحدد ليس فقط بما نعتقد بل أيضا بمت نريد. 7ـ3ـ التعامل مع النسبية: هل من الممكن أن تكون الأرض مسطحة؟ يخلص روزنبرغ إلى أن المدافعين عن موضوعية العلوم يحتاجون أن يبينوا أن التغيرات العلمية هي في الحقيقة تغيرات عقلانية وأنها ليست مرتبطة بوجهة نظر ما. ويحتاجون أن يبينوا أن التغيرات في النظرية التي تستدعيها بيانات جديدة ليست محض تغيرات متعسفة. موجز: إن السوسيولوجيين تبنوا رؤية توماس كون عن العلم كصورة للنسبية المعرفية. إن العلم في اعتقاد روزنبرغ مؤسسة اجتماعية، وهذا هو السبيل لفهمه هو النظر له كمؤسسة اجتماعية. خلاصة الكتاب: لماذا فلسفة العلم؟ الجواب هو أنها محور مختلف العلوم وتجيب عن ما استعصى على العلم الإجابة عليه، فالفلسفة مطلب أساسي لفهم تاريخ وسوسيولوجيا العلم، واعتماد الاستنباط والاستقراء في العلم كان نابعا دوما من علاقة المنطق بالفلسفة، فالحجج التي تقدمها الفلسفة للإجابة عن الأسئلة الزائفة تستحضر مقدمات منطقية معيارية ولا يمكن الإجابة عنها. أطراف نقاش العلم التجريبي والزائف كلاهما محتاجان إلى فلسفة العلوم، وكان مصدر حماسة الفلاسفة هو العلم التجريبي، بداية بنيوتن وداروين ليقوم العلم التجريبي مقوضا جانبا كبيرا من الميتافيزيقا وليظهر الكوانتم في الأخير، ولتنهار حتمية مركزية العقل، ووقع جدال في اعتبار العقل هو المخ، وأكد جورديل أن الحواسيب لا تشبه حاسبات البشر وظهر أنه لا يمكن دراسة العقل البشري كدراسة الأجسام المادية، فلا يوجد إلا العلم الغربي والعلم المحض ظهر عند المجتمعات الأكثر تقنية وتقدما، ويرى روزنبرغ أنه من المفيد التحول للدراسات الاجتماعية والسلوكية من أجل توضيح حقيقة المساهمة الغربية في حضارة العلم وهذا لا يكون إلا بفلسفة العلم. يعتبر روزنبرغ فلاسفة العلم يركزون على القوانين الناتجة عن العلم كوسائل للتفسير ويحسب كأول مرة للوضعية المنطقية أنها جمعت بين المنطق الرياضي والتجريبية لتطور الجدل الدائر بخصوص ما عرف بفلسفة العلم وحسب هؤلاء العبارة الصادقة هي التي تكون مؤيدة بالخبرة، تعريف التفسير العلمي يتطلب أساسا تحليلا فلسفيا والسبب في أن التفسير العلمي يعتمد السببية هو أنه ساد لدى التجريبيين أن السبب قائم على علاقة مع النتيجة، ولهذا فالنتيجة محكومة بقانون، كانت مشكلة التفسير بالنسبة للوضعية المنطقية هي إيجاد العلاقة الموضوعية التي تؤكد العلاقة بين المعلل والمعلل، والوضعية المنطقية مع همبل وحدت هذه الصلة بين المعلل والمعلل عبر أربعة مراحل، فكان همبل جعل التفسير العلمي خاضع لحقيقة محددة، فشروط همبل الأربعة تستحضر مفهوم القانون. يرى روزنبرغ أن تفسير القوانين للظواهر ضرورة سببية نومولوجية أي ناموس الطبيعة أو قانونها أما عن سؤال ماهية وجود القانون فيظل سؤالا دون جواب، إن التفسير العلمي يتشكل من أبعاد برجماتية دافعة للغة، ويعتبر موقف لويسلي سالمون أن التفسير العلمي يحقق العلاقة بين الأسئلة والإجابات في العلم، بينما يرى فريدمان أن العلاقة بين السؤال والإجابات نابعة من تلك التفسيرات. بعد تداوله لمسألة السببية والغائية من خلال المعقولية يخلص إلى أنه ليس تمت معنى أو معقولية يمكن اكتشافها في العالم، أن التصورات المعاصرة للغائية ترى أن هذا ما هو إلا محض صورة معقدة ومقنعة من التفسير السببي.يتحدث روزنبرغ في مستوى آخر عن ما اكتسبه مفهوم النظرية ليكون هو مجموع الفروض التفسيرية التجريبية، وليظهر الاختزال في النظرية عن طريق الاستنباط، يعرف روزنبرغ النظرية باعتبارها مجموعة من الفرضيات تزعم أن مجموعة معينة من الأشياء في العالم تتحقق بدرجات مختلفة بواسطة مجموعة من النماذج و يتحدث عن الكينونات النظرية أي ما يوظف لتفسير الظواهر،يحسب السبق لدافيد هيوم حينما سعى لتطبيق التجريب للبحث في الفلسفة، ففي الوقت الذي يمكن لاعتبار فيه أنها حدثت ثورة علمية، كذلك حدثت ثورة فلسفية، وهو ما بدأه لوك ضد ديكارت لتطويره للمذهب التجريبي؛ لقد حشد الدرائعيون أنفسهم إلى جانب بوبر في معارضته للاستقراء لصالح التكذيب. إن الإبستيمولوجيا الرسمية للعلم الحديث هي التجريبية، أي المذهب القائل بأن معرفتنا تبرزها الخبرة: الملاحظةـ جمع البيانات ـ التجربة، ومن المسلم به أن الموضوعية في العلم تعتمد على الدور الذي تلعبه الخبرة في الاختيار بين الفرضيات، حسب روزنبرغ فإن توماس كون كان أول من سعى لكشف العوامل غير القابلة للملاحظة التي تفسر سبب اختيار النظرية، وإلى وضع تصور للكيفية التي تقوم من خلالها بالتبرير، وكتابه بنية الثورات العلمية سعى لاكتشاف طابع التغير العلمي، وهو ضد فكرة الاختزال في الحقائق العلمية، وهو الموقف الذي تبنته الوضعية المنطقية والتي تنص على أن ما هو خطأ يختزل في الظاهرة وما هو صحيح تبني عليه التصورات الجديدة.
لقد نفى توماس كون العقلانية والتراكم والتقدم على العلم، وكذلك كواين. حسب لاكاتوس يصر العلماء على تنقيح البرنامج البحثي طالما ظل تقدميا، ومع مرور الوقت عندما يتهالك البرنامج البحثي الأول ينشئون واحد جديدا، وقد اعتبر أتباع كون أن الاختلافات التي قدمها لاكاتوس ما هي إلا تجميل لتصور كون. يرى لاكاتوس أن العلوم تبحث عن نظريات لها محتوى تجريبي أكبر. مؤدى نظرية كون تنتج النسبية، وهي النظرية التي تحرم العلم من موقع القوة، لقد نال فلاسفة ما بعد الحداثة دعما من المفسرين الراديكاليين لأراء كون. يخلص روزنبرغ إلى أن المدافعين عن موضوعية العلوم يحتاجون أن يبينوا أن التغيرات العلمية هي في الحقيقة تغيرات عقلانية وأنها ليست مرتبطة بوجهة نظر ما. ويحتاجون أن يبينوا أن التغيرات في النظرية التي تستدعيها بيانات جديدة ليست محض تغيرات متعسفة. إن السوسيولوجيين تبنوا رؤية توماس كون عن العلم كصورة للنسبية المعرفية. إن العلم في اعتقاد روزنبرغ مؤسسة اجتماعية، وهذا هو السبيل لفهمه هو النظر له كمؤسسة اجتماعية.
تم الاعتماد على الكتاب وحده كمرجع: "فلسفة العلم، مقدمة معاصرة" هو كتاب ابستيمولوجي من تأليف أليكس روزنبرغ، ترجمة وتقديم أحمد عبدالله السماحي وفتح الله الشيخ، راجعه وشارك في الترجمة نصار عبدالله، المركز القومي للترجمة، الطبعة الأولى 2011.
#لحسن_لحمادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التراجيديا من منظور نيتشه
المزيد.....
-
كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
-
إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع
...
-
أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من
...
-
حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي
...
-
شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد
...
-
اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في
...
-
القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة
...
-
طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
-
الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
-
الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|