حسن الصفدي
الحوار المتمدن-العدد: 4810 - 2015 / 5 / 18 - 01:54
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ربما قرأ، من يدعو إلى محاربة العَلمانية، وما قاربها من مقولات..، أو بالأحرى سمع، لأنه يرفض القراءة، من خارج النص، إذ أنه يخشى أن تتزعزع عقيدته نتيجة قراءة ما هو غير معتمد، ربما قرأ شيئاً عن "دون كيشوت" الذي أضحى رمز المحاربين من البطولات العتيقة، ومعلوم أن الحنين الجارف إلى إعادة الأمور إلى سيرتها السالفة يوصف في علم النفس بأنه "نوستالجيا"، وله العديد من الشروح...
ذلك لأن العلمانية مفهوم، وأكثر من هذا، إنه بنية فكرية موغلة في التعقيد. وإذا عمد البعض إلى وصف نظام سياسي أو اجتماعي بـ"العَلمانية" فذلك لأخذ ذلك النظام بشيء من مقولاتها. أوضح مثال على ذلك: أخذُ الأحزاب الشيوعية، ومن ثم بلدان الاتحاد السوفييتي، ببعض ما أوردته الماركسية وفسّرته، لكن أحداً منها لا يمكن وصفه، مهما بلغت درجة التساهل، بأنه تمثّل الفكر أو المنهج الماركسي. بل يُقال إنه حاول العمل على تجسيد رؤيته وفهمه وما استقر في ذهنه من الماركسية. وطبعاً ينسحب ذلك على الإيديولوجيات الأخرى...
وعليه فمفاهيم كالعَلمانية والماركسية والليبرالية والرأسمالية والرجعية والتقدمية والتخلف وغيرها لا يُشابه شنّ الحروب عليها إلا معارك "دون كيخوته". فالمفاهيم لا تحارب وإنما تُدْرس عناصرُها الظاهرة والكامنة، وتحلل بُناها الفكرية وتُفسّر وتُفنّد، ومن ثم يُضاف محصول ذلك إلى الزاد المعرفي للبشرية. أليس هذا ما فعله الإمام الغزالي في قراءته للفلسفة، الأمر الذي نتج عنه ما يعدّ ذخراً لا يستغنى عنه لدى الأشعرية والماتريدية من أهل السنة والجماعة، غير أنه مبدئياً نهى عن الحديث فيها أمام العوام، في حين أن مُعظم فقهاء الحنابلة - إن لم نقل كلّهم - يحرصون على منع (تحريم) قراءة ليس فقط الفلسفة والمنطق- من تمنطق فقد تزندق "ابن تيمية"- بل دراسة وتدريس التوحيد (العقيدة الإيمانية) بحسب الأئمة الغزالي والأشعري والباقلاني وأبي المعالي الجويني.
كيف لفرقة ترى في نفسها الفرقة الناجية، أن تربح معركة هداية نيف وسبعين فرقة مخالفة، أو مختلفة، (لكنها ناجية هي الأخرى بطبيعة الحال) في مفردات (بعض جوانب) العقيدة من أركان الإيمان والشهادتين في الأساس العقيدي إلى تفاصيل علوم الأصول والفقه، وفي هذه الفرق جميعاً ترى وعّاظاً متشددين يعلنون جهاراً أنهم دعاة وحماة "الدين الصحيح".....
#حسن_الصفدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟