قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4808 - 2015 / 5 / 16 - 16:43
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
الدراويش المشهورون ، هم أولئك الأشخاص الذين يتّبعون احدى الطرق الصوفية ، يقودهم شيخ ، لا يحيدون عن أوامره ونواهيه قيد أنمُلة . "يُدروشون " بمعيته ويجلسون خاشعين في حضرته ... وبما أن المُريد أو قلبه بين يدي الشيخ ،هو كالميت يُقلبه كيف يشاء ، أي أن المريد – الدرويش ، لا رأي له ، "ولا عقل"، تحوّر في اعقاب هذا ، إستعمال كلمة درويش ليَصِفَ الشخص البسيط الساذج ، عميق الإيمان بالشيخ وبالطريقة بحيث لا يتزحزح عن ولائه ولا يُساوره شك في مصداقية الطريق أو الطريقة ..!! ولو كانت منافية لكل قوانين المنطق والطبيعة ، ولا يَشُّكُ لطرفة عين ببركات الشيخ ، ولو أثبتَ العلمُ عكس ذلك .
هذا هو معنى كلمة "درويش" في راهننا ..
وللتوضيح فالمعنى لا يعني الإهانة والإساءة ، بل يحمل أحيانا تقريظا ومديحا للشخص الذي يتم نعته ب"درويش " .. فهذا يعني بأنه إنسان بسيط و"على نِيّاته " ، لا يعرف الكذب ، الغُشّ ولا الخداع (اللي بقلبه على راس لسانه )، إضافة الى أنه موصوف بالمُسالم ، القنوع المُكتفي بما لديه ، غير حسود ولا سرَّاق (لص ) ..
لكن بالمُقابل ، فهذه المعاني كلُها ،تحمل في وجهها الآخر معنى السذاجة والهَبل ، إضافة إلى الإنقطاع أو فُقدان الصٍلة بالواقع ... وهذه نقائص في الشخص ، كُلَّ شخص وأيُّما شخص ..!!
لكن ما مُناسبة الحديث عن الدروشة والدراويش ؟؟ عن البُسطاء وعن السُذّج والمنقطعين عن الواقع ؟؟
ومُناسبة هذا الحديث هي بأنني كنتُ قد قرأتُ خبرا عن قيام أعضاء الحزب الشيوعي، في مدينة عمالية ، بتوزيع وردة حمراء لكل عاملٍ مَرّ في الطريق بمناسبة الأول من أيار ..!!
الفكرة رائعة والتنفيذ حسن ..!! لكن ...
كتبَ ، أحدُ المعقبين على الخبر، عن أعضاء الحزب الذين شاركوا في هذا النشاط الجميل ، كتب واصفا إياهم ب "دراويش القرن الحادي والعشرين " ..!!
تُرى ما الذي قصده بوصفه هذا ؟؟ هل كان هذا الوصف بمثابة المدح في صيغة الذم ؟؟ أم كان ذمّا بصيغة المدح ؟ وهل ينطبق هذا التوصيف على شيوعيي القرن الحادي والعشرين ؟؟
في رأيي كان التعقيب "عبقريا " ، رغم أن كاتبه لم يتطوع بذكر إسمه مع التعقيب ..
فرغم أن الواقع "الموضوعي " يؤكد على خسارة الكتلة التي مًثّلت "الطبقة العاملة " ونطقت بإسمها .
كما وأن تجربة الحكم بإسم الطبقة العاملة ، كانت "ضد " الطبقة العاملة وضد طموحاتها ..
رغم هذا الإنهيار المُدوي فما زال هناك ورغم كل شيء مَن يُؤمنُ بالطبقة العاملة والفكر الذي "مَثّلّ" الطبقة العاملة لعقود طويلة ..
فهل هم دراويش عصر ما بعد الحداثة ؟؟!!
أم أنهم يمثلون فكرا جديدا مُتجددا بحيث يُخرجهم هذا التجديد من زمرة الدراويش ليضعهم مع زمرة المُتفائلين ؟؟
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟