|
علاقة الريع التنظيمي بالفساد التنظيمي وبإفساد العلاقة مع المستهدفين.....5
محمد الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 4807 - 2015 / 5 / 15 - 15:21
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
إلـــــى:
الشهيد عمر بنجلون في ذكراه التاسعة والثلاثون.
محمد الحنفي
البديل المقدم إلى الدولة المخزنية، وأجهزتها المختلفة:
والدولة المخزنية عندما تجازف بالريع، لصالح التنظيمات الجماهيرية، فإنها لا تجازف به، هكذا، بقدر ما تجازف به مقابل التحول، الحاصل فعلا، في التنظيمات الجماهيرية المختلفة، التي تحولت من تنظيمات ديمقراطية تقدمية جماهيرية مستقلة، إلى تنظيمات لا ديمقراطية لا تقدمية لا جماهيرية لا مستقلة.
وهذا التحول الحاصل يتم تتويجه بالانتقال من مبدئية التنظيم الجماهيري، إلى لا مبدئيته.
وكامتداد للتحول عن المبادئ، وعن المبدئية، نجد تحول التنظيم الجماهيري إلى تنظيم بيروقراطي، يتمركز فيه كل شيء بين أيدي الجهاز البيروقراطي، الذي يقرر، وينفذ، بما يخدم مصلحته، ومصلحة الدولة المخزنية، ومصلحة أجهزتها المخزنية، على مدى انتشارها في ربوع هذا الوطن، كما نجد تحول التنظيم إلى إنتاج الممارسات الرجعية، مهما كانت هذه الممارسات، وأينما كانت؛ لأن الممارسات التقدمية التي عرف بها التنظيم الجماهيري، لم تعد واردة، ولا يعمل على إنتاجه،ا ويتحول كذلك من تنظيم جماهيري واسع، إلى تنظيم نخبوي، حتى يمكن للدولة المخزنية أن تحتويه، وأن تستجيب لمطالب كل النخب الجماهيرية، التي لا يهمها إلا تحقيق تطلعاتها الطبقية، بالإضافة إلى تحوله من تنظيم مستقل، إلى تنظيم تابع للدولة، بحكم تلقيه الريع المخزني، بالإضافة إلى تبعيته لهذا الحزب، أو ذاك، كما هو واضح من الخريطة الجماهيرية الحزبية.
وهذا التحول الذي تعرفه التنظيمات الجماهيرية، هو، في حد ذاته، أكبر خدمة تقدمها التنظيمات الجماهيرية للدولة المخزنية، وللأجهزة المخزنية، مانحة الريع، بالإضافة إلى أن هذه التنظيمات تنصاع في إرادتها، وفي قراراتها، وفي برامجها، وفي علاقاتها، وفي مواقفها، إلى إدارة الدولة المخزنية، مانحة الريع في مستواه الوطني، وإلى الأجهزة المخزنية مانحة الريع في مستواه المحلي، أو الإقليمي، أو الجهوي، بحيث يصير من المستحيل التحرر من إرادة الدولة المخزنية، ومن إرادة أجهزتها، في مستوياتها المختلفة. وإلا، فإن الريع المقدم إلى التنظيمات الجماهيرية، سوف يصير في خبر كان، كما يقولون.
وبالإضافة إلى ما ذكرنا، فإن المنتفعين بالريع المخزني، وفي مقدمتهم المتفرغون، الذين يوصفون ظلما بالمناضلين، إن لم يتحولوا، بعد تفرغهم مباشرة، إلى خدمة مصالح التنظيمات الجماهيرية، يضعون أنفسهم رهن إشارة الدولة المخزنية على المستوى الوطني، ورهن إشارة أجهزة الدولة المخزنية، محليا، وإقليميا، وجهويا، التي يتحولون إلى جزء لا يتجزأ منها، لكون مصلحتهم تقتضي ذلك، حتى يستفيدوا من الأجهزة المخزنية، كما استفادوا، ويستفيدون من التنظيمات الجماهيرية، ولأن عمالتهم للدولة المخزنية، وللأجهزة المخزنية، تفتح أمامهم آفاقا أرحب، وأوسع، من أجل إيجاد مجال أرحب، وأوسع للتحرك، في أفق تحقيق التطلعات الطبقية، التي هي الهدف الأسمى، من ممارسة أي شكل من اشكال العمالة الطبقية، وفي أي مستوى منه، نظرا لاستفحال أمر الفساد الإداري، والسياسي في البلاد، كما يدل على ذلك ما يجري في الحياة اليومية، وفي مختلف المحطات الانتخابية.
ومما يجب الانتباه إليه، أن الباحث عن التفرغ، لا يبحث عنه إلا لأنه يدرك أهميته على مستوى توظيف الإطار، الذي يتحرك فيه، ويتفرغ باسمه، ونجاعة ذلك التوظيف في خدمة تحقيق التطلعات الطبقية، وأهمية فسحه المجال أمام إمكانية ممارسة العمالة للدولة المخزنية، ولأجهزتها المختلفة، وأمام البحث عن موارد جديدة، تساهم بشكل كبير في تحقيق التطلعات الطبقية المختلفة، التي هي المبتدأ، والمنتهى، للباحث عن التفرغ، باعتباره امتيازا ريعيا، وبعد أن يتفرغ، يشرع في البحث عن العمل المدر للدخل، المساهم في تحقيق التطلعات الطبقية، وسعيا إلى تحقيق تلك التطلعات، وبكل الوسائل، ومهما كانت دنيئة، ومنحطة، وعلى حساب المستهدفين بالتنظيمات الجماهيرية.
وبناء على ذلك، فإن ما يجب التأكيد عليه، أن المتفرغ، سواء كان يقوم بعمله في الإطارات الجماهيرية، الذي تفرغ من أجل القيام به، أو انصرف للبحث عن عمل آخر مدر للدخل، فإنه لا يحسب مناضلا، لأنه لا يضحي لا بوقته، ولا بجزء من ثروته. فهو إما موظف في أي تنظيم من التنظيمات الجماهيرية، أو يعيش من الريع المخزني، كما تدل على ذلك العديد من الحالات، التي يمكن أن نقف عليها محليا، أو إقليميا، أو جهويا، أو وطنيا، وعلى حساب المستهدفين بعمل التنظيمات الجماهيرية، وما يجري الآن، أن المتفرغ يصير هو القائد، وهو الموظف لدى التنظيم الجماهيري، وهو الممثل للإطار الذي يمثله لدى الدولة المخزنية، ولدى أجهزتها الإدارية، ولدى القطاع الخاص، وهو المقرر، وهو المنفذ، وهذا ما يعني ترسيخ الممارسة البيروقراطية على يد المتفرغين، وبهم، في مختلف التنظيمات الجماهيرية، التي يتحكم فيها المتفرغون، ويوظفونها، لخدمة مصالحهم الخاصة.
المتفرغ الذي يعيش على الريع المخزني، لا علاقة له بالنضال:
إننا في التنظيمات الجماهيرية، نعيش أزمة، وهذه الأزمة ناتجة عن الخلط بين المتفرغ، وبين المناضل.
فهل المتفرغ، هو المناضل في الأصل، الذي اضطرته ظروف الإطار إلى التفرغ، من أجل خدمة مصلحة التنظيم الجماهيري؟
أم أن المناضل هو الذي يناضل بعيدا عن التفرغ، مضحيا بوقته، وبجزء من دخله، من أجل تفعيل التنظيم الجماهيري، وفي أفق تحقيق الأهداف المحددة؟
فإذا كان المتفرغ يقوم بعمل إضافي، اقتضى منه التضحية بجزء من وقته، وبجزء من ماله لصالح التنظيم الجماهيري، يتحول أثناء ممارسته للتضحية إلى مناضل، وإلا، فإنه يبقى مجرد موظف لدى التنظيم الجماهيري.
وقد آن الأوان، أن تعمل التنظيمات الجماهيرية: المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، إلى التمييز بين المناضل، وبين الموظف، حتى نتجاوز الخلط القائم الآن، بين المتفرغ الذي يعتبر موظفا لدى التنظيم الجماهيري، وبين المناضل.
وهذا التمييز يستوجب أن يلزم الموظف بالبقاء في إطار وظيفته، لا يتجاوزها إلى شيء آخر، وأن يكون رهن إشارة الجهاز الجماهيري، والقائد الجماهيري المناضل، والذي لا يعتبر متفرغا.
أما آن الأوان، أن نعمل على التمييز بين المتفرغ الذي يمارس وظيفته لدى التنظيم الجماهيري، وبين الموظف الذي ينصرف إلى البحث عن عمل آخر، مدر للدخل، حتى يستعين به على تحقيق تطلعاته الطبقية، سواء اشتغل سمسارا، أو تاجرا، أو مستخدما في شركة معينة، فإن ذلك كله، يصنفه في خانة من يعيش على الريع المخزني، مع خيانة الأمانة التي يحمل مسؤوليتها، تجاه التنظيم الجماهيري.
وهذا التمييز بين المناضل، وبين الممارس لوظيفته، وبين الخائن للتنظيم الجماهيري، الذي يعيش على الريع المخزني، صارت تقتضيه الضرورة، لتجاوز اللبس الحاصل بين المناضل، وبين المتفرغ، للقيام بوظيفته لدى التنظيم الجماهيري، وبين المتفرغ الخائن، الذي يعيش على الريع المخزني، لأن تجاوز اللبس في هذه الحالات الثلاث، يقتضي الوضوح اللازم للعمل الجماهيري، كما تقتضيه علاقة التنظيمات الجماهيرية، بالجماهير الشعبية الكادحة.
وإذا كان لا بد من الوضوح اللازم، فإن علينا أن نميز بين مستويات ثلاث:
أولا: مستوى المسؤولية في التنظيم الجماهيري، والتي لا يجب أن تتماهى مع التفرغ، من أجل ممارسة وظيفة العمل في التنظيم الجماهيري.
ثانيا: مستوى المتفرغ من أجل ممارسة وظيفة العمل في التنظيم الجماهيري، والتي يجب أن تكون رهن إشارة الأجهزة المسؤولة محليا، وإقليميا، وجهويا، ووطنيا، إذا كان التنظيم الجماهيري بكل هذه الأبعاد.
ثالثا: مستوى المتفرغ، الذي يتعامل مع التفرغ، على أنه ريع مخزني، لينسحب إلى حال سبيله، باحثا عن عمل آخر، مدر للدخل، مهما كان منحطا، نظرا لسعي المتمتع بريع التفرغ المخزني، إلى تحقيق تطلعاته الطبقية.
وانطلاقا من هذا التمييز، فإن المسؤولية لا يتحملها إلا المناضل، حتى يبقى المتفرغ رهن إشارته، ومن أجل أن يبقى التنظيم الجماهيري بعيدا عن التأثر بما يمارسه المتفرغ المسؤول، الذي لا يتورع عن استغلال التنظيم الجماهيري، في خدمة مصالحه الخاصة.
كما أن هذا التمييز، يقتضي من مسؤولي التنظيم الجماهيري، أن يحددوا موقفهم من المتفرغ، الذي يعيش على الريع المخزني، حتى يعيش المنتمون إلى التنظيم الجماهيري في كامل وضوح الرؤيا، إلى المتفرغ الذي يختلط في مفهومه التفرغ من أجل العمل في التنظيم، مع المتفرغ الذي يعيش على الريع.
والخلاصة، أن التمييز يجب أن يستهدف المسؤول الذي يتحمل المسؤولية، والمتفرغ الذي يقوم بوظيفته، والذي يجب أن يبقى بعيدا عن المسؤولية، وبين المتفرغ الذي يعيش على الريع المخزني، الذي يستوجب اتخاذ موقف منه، باعتباره موظفا شبحا.
ادعاء النضال، في ظل التمتع بامتياز الريع المخزني، وخدمة مصالح الدولة المخزنية:
إن النضال، إما أن يكون، أو لا يكون، وخاصة في الإطارات الجماهيرية. والمناضل الجماهيري، إما أن يكون مناضلا، وإما أن يكون كما يدعي، والمتفرغ إما أن يمارس وظيفته الجديدة في الإطار الجماهيري، أو لا يمارسها. والتنظيم الجماهيري إما أن يتخذ موقفا ضد المتفرغ باسمه، للتمتع بامتياز الريع المخزني، وإما أن يصير تنظيما منحرفا.
وفي ظل هذا الوضع السائد، في العديد من التنظيمات الجماهيرية، لا يوجد نضال، بقدر ما يوجد انعدام للنضال. فالمسؤول لا يمارس مسؤوليته، كما هي في الأنظمة الأساسية، والداخلية للتنظيمات الجماهيرية، ويدعون أنهم يناضلون، والمتفرغون لا يمارسون، في معظمهم، وظائفهم الجديدة في التنظيمات الجماهيرية، ويدعون أنهم مناضلون متفرغون، وتقديم الخدمات للدولة المخزنية من قبل المسؤولين في التنظيمات الجماهيرية، ومن قبل المتفرغين، ومع ذلك يدعون أنهم مناضلون، فكأن النضال مجرد علامة تجارية، يتم تسويقها إلى الجمهور، من أجل استهلاكها.
وهذا الوضع السائد في التنظيمات الجماهيرية، يحولها إلى مجالات لإنتاج كل أشكال الممارسات الانتهازية، التي تعمل على تخريب التنظيمات الجماهيرية، حتى لا تقوم بدورها لصالح الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
#محمد_الحنفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصيدة عبدو...
-
علاقة الريع التنظيمي بالفساد التنظيمي وبإفساد العلاقة مع الم
...
-
المناضل المثال والمناضل الانتهازي أو جدلية البناء والهدم في
...
-
هذي أنت يا كادحة...
-
المناضل المثال والمناضل الانتهازي أو جدلية البناء والهدم في
...
-
المناضل المثال والمناضل الانتهازي أو جدلية البناء والهدم في
...
-
المرأة: الواقع الحقوقي / الآفاق.....8
-
ليتني أستمد الجرأة...
-
المرأة: الواقع الحقوقي / الآفاق.....7
-
المرأة: الواقع الحقوقي / الآفاق.....6
-
المرأة: الواقع الحقوقي / الآفاق.....5
-
المرأة: الواقع الحقوقي / الآفاق.....4
-
المرأة: الواقع الحقوقي / الآفاق.....3
-
المرأة: الواقع الحقوقي / الآفاق.....2
-
المرأة: الواقع الحقوقي / الآفاق.....1
-
بين المهدي وعمر...
-
بيان الهجوم...
-
حفلة الحضور...
-
علاقة الريع التنظيمي بالفساد التنظيمي وبإفساد العلاقة مع الم
...
-
أحمد المشهود له يدخل التاريخ...
المزيد.....
-
25 November, International Day for the Elimination of Violen
...
-
25 تشرين الثاني، اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة
-
استلم 200000 دينار في حسابك الان.. هام للموظفين والمتقاعدين
...
-
هل تم صرف رواتب موظفي العراق؟.. وزارة المالية تُجيب
-
متى صرف رواتب المتقاعدين لشهر ديسمبر 2024 وطريقة الإستعلام ع
...
-
استعد وجهز محفظتك من دلوقتي “كم يوم باقي على صرف رواتب الموظ
...
-
-فولكسفاغن-.. العاملون يتخلون عن جزء من الراتب لتجنب الإغلاق
...
-
إضراب عام في اليونان بسبب الغلاء يوقف حركة الشحن والنقل
-
متى صرف رواتب المتقاعدين لشهر ديسمبر 2024 وطريقة الإستعلام ع
...
-
مفاجأة كبرى.. مقدار زيادة الأجور في المغرب وموعد تطبيقها ومو
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|