بيرفيز هودبهوي
الحوار المتمدن-العدد: 1333 - 2005 / 9 / 30 - 11:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
6 أغسطس 2005.
قرار هرس هيروشيما ونجازاكي لم يؤخذ في حالة غضب. الرجال البيض في زيهم الرسمي الرمادي اللون وزيهم العسكري، بعد كثير من التدبر والتفكير، قرروا أن الولايات المتحدة "تستطيع ألا تعطي اليابان أي تحذير؛ أننا نستطيع ألا نركز على مناطق مدنية؛ ولكننا يجب أن نبحث عن إحداث تأثير سيكولوجي عميق على أكبر عدد ممكن من السكان... [و] الهدف المرغوب بأقصى ما يمكن قد يكون مصنعا حربيا يستخدم عدد كبير جدا من العمال ومحاط بشكل لصيق بمساكن عمالية". (1) وكان منطقهم في الحوار أنه سوف يكون أرخص تكلفة لأرواح الأمريكيين أن يطلقوا الجني النووي من قمقمه. بجانب ذلك، إنه لسوف يكون أروع شيء يمكن استعراضه أمام الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين.
عناوين مثل "مدينة يابانية ليس أكثر" سرعان ما جاءت بالأنباء لأمة فرحة. تجمعت الحشود في ميدان التايمز للاحتفال؛ بقي على قيد الحياة عدد أقل من الأعداء. نادرا ما يعرقل المنتصرين تأنيب الضمير. أعلن الرئيس هاري ترومان: "عندما يتوجب عليك أن تتعامل مع حيوان مفترس عليك أن تعامله على أنه حيوان مفترس. إنه أمر مؤسف جدا ولكنه رغم ذلك أمرا حقيقيا". (2) وليس من المدهش، بعد ستة عقود ولت من الزمان، حتى الليبراليون الأمريكيون يظلون متعادلي الكفة بين مؤيد ومعارض لضرب المدينتين اليابانيتين بالقنبلة الذرية. الراحل هانز بيث، الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء لشهرة مشروع مانهاتن والاسم العلم على الرقابة على السلاح، أعلن أن "القنبلة الذرية كانت أعظم هدية نستطيع إهداءها لليابانيين". (3)
ولكن بعد أن نفضت الولايات المتحدة يديها من العمل في القنبلة الذرية وشرعت في صنع ما هو أحدث، في أماكن أخرى حطام المدينتين القتلى الذي تنطلق منه الأشعة الذرية النشطة نشر معه ليس فقط شعورا بالرعب، ولكن نشر معه أيضا الرغبة المهووسة في امتلاك الأسلحة النووية. دخل ستالين حلبة السباق وتقدم الصفوف ببرنامجه النووي، وبينما وضع ديجول تصوراته عن مشروعه "الضربة القاضية". ماو تسي تونج قرر بهدوء أنه يريد أيضا القنبلة رغم أنه سخر منها على أنها "نمر من ورق". في الدولة المستقلة حديثا إسرائيل، رئيس الوزراء ديفيد بن جوريون بوضوح "لم يساوره أي شك في احتياج إسرائيل إلى أسلحة دمار شامل"، كما يكتب أفنير كوهين، مؤرخ قنبلة إسرائيل النووية. أمر بن جوريون عملاءه بالبحث عن العلماء اليهود الأوروبيين الشرقيين الذين يستطيعون "إما زيادة طاقة القتل الجماعي أو التطهير الجماعي" (4).
نفخت الريح سحبها المسمومة بالخوف والحسد على بلاد أخرى من العالم الثالث أيضا: في 1948، أثناء مجادلات إنشاء إدارة للطاقة الذرية في الهند، أخبر رئيس الوزراء جواهر لال نهرو البرلمان، "أعتقد أننا يجب أن نطور [العلوم النووية] من أجل الأغراض السلمية". ولكنه أضاف، "بالطبع، لو اضطررنا كأمة إلى استخدامها من أجل أغراض أخرى، من المحتمل أن مشاعر الورع في أي منا لن تمنع الأمة من استخدامها في تلك الأغراض". (5) فقط مجرد ثلاث سنوات بعد هيروشيما ونجازاكي، كانت تلك "الأغراض الأخرى" واضحة كل الوضوح.
بعد أيام من الاختبارات النووية الباكستانية في مايو 1998، دعت اليابان وزير خارجية باكستان لزيارة متحف السلام في هيروشيما. بان على ملامح وجه الوزير التأثر مما رآه من الشواهد المؤلمة للدمار الجماعي. كان رد فعله: نحن صنعنا قنبلتنا النووية بالضبط حتى لا يصبح حدوث مثل ذلك أمرا ممكنا في الباكستان.
يتعجب المرء ماذا تعلمه بن لادن – والآخرون الذين هم من نحلته – من هيروشيما. نشرت النيويورك تايمز تقريرا قبل أحداث 11 سبتمبر بأن الولايات المتحدة استطاعت اختراق رسالة من رسائل القاعدة بأن بن لادن كان يخطط للقيام بعمل في الولايات المتحدة يشبه "هيروشيما". (6) في رسالة مؤخرا على شريط صوتي، نشر بالضبط قبل هجوم الولايات المتحدة على أفغانستان، استدعى بن لادن صورة قصف اليابان، مدعيا: "عندما يقتل أناس في أطراف الأرض، اليابان، بمئات الآلاف، شبابا وشيوخا، لا يعتبر ذلك جريمة حرب؛ ويقولون إنه أمر له مبرراته. ملايين الأطفال في العراق هم أيضا أمر له ما يبرره". (7)
أحد مؤيدي بن لادن المهمين كان واضحا بشكل تام فيما يشعر به. في حوار أخير، شوهد بشكل واسع على المستوى القومي على شاشات التلفزيون بيني وبين الجنرال حميد غول – القائد الإسلامي قوي النفوذ والرئيس السابق لوكالة الاستخبارات القوية في البلاد (ISI) – صاح خصمي في وجهي غاضبا: "أسيادك (يقصد الأمريكيون) سوف يدمروننا بالقنبلة النووية نحن المسلمون بالضبط كما ضربوا هيروشيما؛ الناس من أمثالك يريدون نزع سلاحنا النووي ونزع سلاحنا عموما في وجه وحش مفترس بربري انطلق يبتلع العالم".
نفث غول عن غضبه في هؤلاء – الذين هم من أمثالي – الذين يعارضون قنبلة باكستان النووية بوصفهم عملاء لأمريكا، وكافرين، وأعداء للإسلام، والدولة الباكستانية.
لن أثقل على القراء بإجاباتي على هذا الجنرال المتطرف. ولكنه أشار إلى نقطة يتردد صداها في أنحاء الكوكب ووضع كل هؤلاء الذين يعارضون الأسلحة النووية في وضع الدفاع على أسس أخلاقية. فالولايات المتحدة قد قصفت 21 بلدا منذ 1948، وقتلت مؤخرا عشرات الآلاف من الشعوب بذريعة ملاحقة أسلحة الدمار الشامل في العراق. الولايات المتحدة تدعي أنها تصبح قوة من أجل الديموقراطية وحكم القانون رغم تاريخها الطويل في دعم الحكام المستبدين الأكثر دموية وترفض المحكمة الجنائية الدولية. وهي الآن تهدد خصومها – هؤلاء الذين يملكون سلاحا نوويا أو بدون سلاح نووي – بشن هجوم نووي عليهم. تقرير "مراجعة الوضع النووي لعام 2002" الذي قدمه الرئيس بوش يميز أهداف محتملة مثل الصين وكوريا الشمالية والعراق وإيران وسوريا وليبيا. هذا التقرير أيضا ينصح باستهداف منشآت جديدة تستخدم لأغراض تصنيع قنابل نووية، وإجراء أبحاث نووية في مكامن مخفية، وأشياء أخرى لعام 2020.
أمريكا الإمبراطورية تتحرك
باثني عشر مجموعة من حاملات الطائرات المقاتلة ومئات القواعد العسكرية المنتشرة في أنحاء الكوكب، تنفق الولايات المتحدة حاليا 455 بليون دولار على قواتها المسلحة في 2005، بالإضافة إلى 82 بليون أخرى تنفق على حربها في العراق وأفغانستان. هذا المبلغ أكثر من كل مجموع إنفاق عسكري لـ 32 بلدا التالية في قائمة أكثر البلدان إنفاقا على التسليح العسكري، وهو ما يقارب 50% من الإنفاق العسكري الإجمالي في العالم كله. مذهب الولايات المتحدة العسكري قد تحول من المنع والوقاية إلى الاستباق، والتدخل العسكري الأحادي الجانب، ومحاربة عدة حروب في وقت واحد فيما وراء البحار. ينفذ الجيش الأمريكي "حالة الاستنفار الكوكبي" بناء على أمر من دونالد رمسفلد الذي طالبها بأن تكون مستعدة للهجوم على بلاد معادية تقوم بتطوير أسلحة دمار شامل، خصوصا إيران وكوريا الشمالية. العسكريون مطالبون بأن يكونوا قادرين على تنفيذ مثل تلك الهجمات خلال "نصف يوم أو أقل" من صدور الأمر لهم، وأن يستخدموا القوة النووية لهذا الغرض. (8)
هناك مطالب من القوات الجوية الأمريكية لمنحها سلطات وضع أسلحة في الفضاء. أحد رؤساء القوات الجوية السابقين شرح "أننا لم نصل إلى النقطة التي نبدأ منها القصف من الفضاء... رغم ذلك، نحن نفكر في تلك الاحتمالات". (9) السيطرة عبر كامل الطيف – في الأرض، الجو، البحر، والفضاء – من الضروري إحرازه هدف الهيمنة الكوكبية الكاملة.
تدين السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية في عالم ما بعد الحرب الباردة تدين بالكثير "لمشروع القرن الأمريكي الجديد" (PNAC)، مركز حكماء من المحافظين الجدد مقره واشنطن تأسس في عام 1997. كان المركز واضحا في أن الولايات المتحدة يجب عليها أن تحكم العالم: "[النظام العالمي الجديد] يجب أن يمتلك اسس مضمونة ومأمونة حول تفوق أمريكي عسكري غير قابل للمناقشة... عملية التحول إلى هذا الوضع سوف تكون طويلة على الأرجح، في غياب بعض الأحداث المسرعة له أو الكارثية عليه – مثل بيرل هاربور جديدة". (10) هذا الحدث الشبيه ببيرل هاربر المكتشفة بالمصادفة وقع في الحادي عشر من سبتمبر، 2001.
بعد 9 11 لم تعدم الأمبراطورية الأمريكية متحدثين باسمها. زبجنيو بريزينسكي، بلغة امبراطورية وقحة، الذي ترجع له المبادرة في إنشاء الجهاد ضد الاتحاد السوفيتي في أفغانستان، كتب أن الولايات المتحدة يجب عليها السعي لمنع "الصدام" والمحافظة على استمرار "الاعتمادية" بين التابعين، والاحتفاظ بالمنابع طيعة ومحمية، وأن نحتفظ بعدم انضمام البرابرة مع بعضهم البعض". (11)
للاحتفاظ "بالبرابرة" في جحر، يتحمل واضعو الخطط في البنتاجون مهمة ضمان السيطرة الأمريكية على كل جزء من أجزاء الكوكب. الميجور (ب) رالف بيتر، الضابط المسئول عن وضع التصورات للحرب وأدواتها في المستقبل في مكتب نائب رئيس الأركان في الاستخبارات، يبدو واضحا في مسألة احتياج بلاده لأن تحارب. (12)
لقد دخلنا عصر الصراع الدائم
نحن ندخل قرنا أمريكيا جديدا، فيه سوف نظل أكثر ثروة، وأقوى تأثيرا حضاريا، وأقوياء بشكل متزايد. سوف نثير كراهية عند الكثيرين غير مسبوقة.
لن يكون هناك سلام. عند أي لحظة في باقي عمرنا، سوف تكون هناك صراعات متعددة بأشكال مختلفة متغيرة في أنحاء الكون. الدور الذي يفرضه الواقع على الولايات المتحدة وقواتها المسلحة سوف يكون الاحتفاظ بالعالم آمنا لاقتصادنا ومفتوحا لثقافتنا وتقدمها. من أجل هذه الغايات، سوف نقوم بقدر طيب من القتل.
الآن، إذا ما تحدثنا عقلانيا، "قدر طيب من القتل" يمكن أن يتم أكثر من ناحية الولايات المتحدة بقنابلها التي تزود بالوقود في الجو، والمتفجرات التقليدية، وقذائف المدفعية، وهكذا. ومن هنا يصبح من الصعب فهم لماذا تسعى الولايات المتحدة في نهم من أجل السلاح النووي بالإضافة إلى كل هذا الذي تمتلكه. لماذا تريد استفزاز كل الأمم الأخرى نحو تصنيع القنابل النووية؟ وإلى ماذا تسعي لتحقيقه بالإعلان عن أنها قد تستهدف، لو احتاج الأمر إلى ذلك، خصومها حتى الغير نوويين؟
الإجابة واضحة: غرور إمبراطوري، عسكرية متهورة، عجرفة السلطة. الأسلحة النووية، في الرؤية التي خضعت للمراجعة في ظل جورج دابليو بوش، هي الآن ينظر إليها كأسلحة تستخدم أثناء الحرب. بل ربما حتى تستخدم في الضربات الأولى – لم تعد الأسلحة النووية ينظر إليها كالسلاح الأخير الذي يستخدم في المراحل الأخيرة من الحرب.
ولكن هناك هبوطا عاما إلى ذلك. والنتائج على المدى الطويل سوف لن تكون لصالح تقدم الولايات المتحدة لأن الاحتكار النووي يتم اختراقه. صنع الأسلحة الذرية – خصوصا الأسلحة البدائية – أصبح بشكل واسع أكثر بساطة من التي كان عليها أيام مشروع مانهاتن. المعلومات الأساسية متاحة بحرية في المكتبات الفنية خلال العالم كله وببساطة عند تصفح الانترنت يمكن لأي فرد الحصول على كميات هائلة من التفاصيل. المراجع العلمية المتقدمة والرسوم التخطيطية تحتوي على تفاصيل تمكن بشكل معقول العلماء والمهندسين الذين على درجة متقنة من العلم أن يظفروا بخطيطات "سريعة وقذرة" للمتفجرات النووية. فيزياء القنابل النووية يمكن تعلمها في وقت قصير للطلبة الخريجين. بواسطة سرقة المواد الانشطارية الموجودة في آلاف من القنابل السوفيتية السابقة التي تم وضع علامات عليها لتفكيكها، أو حتى جسيمات دقيقة من الكميات الواسعة لليورانيوم المخصب والبلوتونيوم المفصول الموجودة في مفاعلات الأبحاث ومواقع التخزين في أنحاء العالم، لم يعد ضروريا أن تمضي خلال عمليات معقدة لتخصيب اليورانيوم أو إعادة معالجة البلوتونيوم.
هل سوف يتطور الصدام الإسلامي-الأمريكي ليصبح نوويا؟
الغضب في البلاد الإسلامية على الولايات المتحدة لم يبلغ قدرا أعلى مما هو عليه الآن من قبل: التعذيب وإساءة معاملة المساجين في أبو غريب وجوانتا نامو بواسطة المحققين الأمريكيين، وحالات تدنيس القرآن أضافوا إلى اشكال الاستهجان الموجودة أصلا، وبشكل خاص جدا الدعم الأمريكي التام للاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية. الرغبة في الحصول على سلاح نووي لتحقيق الانتقام – وهو الأمر المرفوض تماما لكونه غير أخلاقي، وأبله، وانتحاري رغم ذلك – ليست رغبة عند المتطرفين فقط. القنبلة الإسلامية هي مفهوم يصبح أكثر فأكثر مفهوما شعبيا.
خرجت فكرة القنبلة الإسلامية للوجود قبل أحداث 9 11 بزمن طويل. من زنزانة الموت في سجنه بروالبندي، ومخاطبا الأجيال القادمة، كتب ذو الفقار على بوتو، مهندس برنامج باكستان النووي، في عام 1977: "نحن نعرف أن إسرائيل وجنوب أفريقيا لديهم قدرات نووية كاملة. حضارات المسيحيين، اليهود، الهندوس لديها تلك القدرات. القوى الشيوعية تمتلك هي أيضا هذه القدرة. فقط الحضارة الإسلامية كانت بدونها، ولكن الوضع كان على وشك التغيير".
زعيم مسلم آخر شدد على الحاجة إلى قنبلة تنتمي بشكل جماعي للإسلام. قال السيد آية الله مهاجراني نائب الرئيس الإيراني، مخاطبا مؤتمرا اسلاميا في طهران في 1992، "بما أن إسرائيل تستمر في امتلاك أسلحة نووية، نحن، المسلمون، يجب أن نتعاون في إنتاج قنبلة ذرية، بغض النظر عن جهود الأمم المتحدة لمنع انتشار السلاح النووي".
الجماعة الإسلامية، في الاحتفالات التي تلت الاختبارات النووية لعام 1998، استعرضت هياكل للقنبلة النووية والصواريخ ذات الرؤوس النووية في عرض مر خلال الشوارع في المدن الباكستانية. لقد أظهرت في القنبلة علامة أكيدة على عكس حظوظ وتعاسة الأمراض التي نكبت المسلمين منذ نهاية العصر الذهبي للمسلمين. عام 2000، صورت في شريط فيديو تصريحات عدد من الزعماء الجهاديين، وقادة الأحزاب اليمينية في الباكستان – مولانا خليل الرحمن ومولانا سامي الحق – الذين طالبوا أيضا بقنبلة من أجل المسلمين. (13)
رغم ذلك، من المستحيل أن نتصور أي دولة اسلامية تعلن أن لديها "قنبلة اسلامية" سوف تستخدم للدفاع عن "الأمة" ضد الولايات المتحدة أو إسرائيل (ولكن من الجدير ذكر هذا النوع من "الردع الممتد"، كما كان يسمى، قد مارسه بشكل عدواني كلا من القوتين العظميين أثناء الحرب الباردة، بما يتضمن ما حدث أثناء أزمة الصواريخ في كوبا). من وقت إلى آخر، كانت الميديا تنشر التقارير عن التكهنات بأن باكستان سوف تزود البلاد العربية "بمظلة نووية" في وقت الأزمة. ولكن لم يظهر شيء في تاريخ الباكستان أي صورة من صور الالتزام الملموس لقضية من قضايا العالم الإسلامي. باكستان، تلك الدولة الإسلامية الوحيدة بقدر بعيد، التي هي دولة نووية، ليس من المرجح أن تغامر بسلاحها النووي باستخدامه في الشرق الأوسط. تعاونها السري المبكر مع إيران – الذي ينسب رسميا إلى صفقات الدكتور عبد القدير خان وشبكته – انتهى منذ عقد من الزمان. وقد أعقب ذلك مبيعات إلى مماثلة إلى ليبيا والتي استمرت حتى 2003 وفضحت الشبكة مما أدى إلى اعتراف علني من قبل عبد القدير خان في أوائل عام 2004.
في رأيي، خطر الصدام النووي لا يتأتى من الدول الإسلامية، ولكن من أفراد راديكاليين من داخل هذه الدول. في اعقاب 11 سبتمبر: برغم اصرار الحكومة العسكرية الباكستانية على أنه ليس هناك خطر من أي سلاح نووي لديها ومن تسربه إلى أيدي الجماعات الإسلامية المتطرفة، ولا يترك ذلك لأي صدفة. العديد من تلك الأسلحة نقل عن طريق الجو كما ذكرت التقارير العديدة إلى أماكن أكثر أمنا ومواقع بعيدة معزولة من البلاد، بما فيها أماكن في المناطق الشمالية الجبلية تسمى جيلجيت. هذه العصبية ليس لها مبرر – جنرالان قويان من الجيش الإسلامي، وهم مساعدون قريبون من الجنرال مشرف تم إعفاءهم من مناصبهم. التذمر داخل الجيش على خيانة باكستان لطالبان كانت (وما تزال عميقة)؛ بين ليلة وضحاها تقريبا، تحت ضغط أمريكي شديد، خلعت الحكومة الباكستانية حمايته للنظام في أفغانستان ووافقت على إفناء هذا النظام.
المخاوف حول القوة النووية الباكستانية تعاظمت لاحقا بهواجس مثل أن مهندسين نوويين من كبار المهندسين، سيد بشير الدين محمود، ومهندس المواد المتخصص مثل شودري مجيد، قد سافرا في زيارة عديد من المرات إلى داخل أفغانستان عام 2000. كلا العالمان معروفين جدا باعتناقهما للآراء الإسلامية المتشددة. حتى وقد التقطت صور لبشير الدين محمود مع أسامة بن لادن.
الوقوف دون يوم القيامة
اليوم، تعيش الولايات المتحدة عن حق في خوف من القنبلة التي خلقتها لأن القرار باستخدامها – إذا ما أصبح محتملا وفي ذلك الوقت – قد تم اتخاذه فعلا. ولكن هذه المرة سوف يغيب أصحاب الملابس الرسمية الرمادية اللون. رجال أتقياء ذوي لحى سوف يقررون متى وأين على الأرض الأمريكية سوف تستخدم الأسلحة النووية. مجموعات الظل، المدفوعة كالطلقة بمشاعر الكراهية المتطرفة، يجوبون العالم من أجل المواد الانشطارية. إنهم ليسوا في عجلة من أمرهم؛ الوقت في صالحهم. إنهم بلا شك واثقون من أنهم سوف يخترقون في يوم من الأيام حصون أمريكا. هل سوف يكون ذلك في نهاية القرن؟ أو أقرب من ذلك؟
احتمالات هجمات نووية ليس مقصورة على ما يسمى قنابل الحقائب المسروقة من ترسانة دولة نووية. في الحقيقة، إن ذلك أكثر صعوبة من استخدام أجهزة نووية مصنعة خصيصا من اليورانيوم العالي التخصيب، ويتم تركيبها في نفس الأماكن التي سوف تستخدم فيها. وما زال الاحتمال الأقرب هو هجوم على مفاعل نووي سهل الاختراق أو مستودع وقود نووي مستنفذ.
بعض خبراء السلاح النووي (لست في حل من ذكر أسماءهم) يعتقدون في سريرة أنفسهم أن السؤال ليس ما إذا ولكن السؤال هو متى سوف يحدث الهجوم النووي. قد يكون ذلك متشائما جدا، ولكن من الواضح أن سياسات حازمة ورقابة على المواد النووية حازمة (مع تخفيض سريع للمخزون) وتقييد المعرفة النووية يجب أن تكون هي الخطوة الأولى. يجب ألا يكون هناك أقل تأجيل لذلك. ولكن هذا أبعد من أن يكون كافيا. ولكن إذا استمر اعتبار السلاح النووي بواسطة الدول النووية أسلحة مقبولة وشرعية للردع والحرب، فإن انتشار السلاح النووي على المستوى الكوكبي – سواء بواسطة الدول التي ليست نووية حتى الآن أو اللاعبين الآخرين الذين هم ليسوا دول – هذا الانتشار يمكن إبطاءه فقط في أفضل الأحوال. منع انتشار السلاح النووي القسري لن يجدي في صرف الطلب عليه. منع انتشار السلاح النووي بالتعاون والاتفاق لن ينجح طالما أصرت الولايات المتحدة على الاحتفاظ بترسانتها النووية وتطويرها – بواسطة أي حجج معقولة يمكنك إقناع الآخرين بالتخلي عن، أو عدم حيازة السلاح النووي؟
إذا ما كنا نقبل بفكرة أن المتطرفين الدينيين يخططون للقيام بهجمات نووية وأنهم قد ينجحون في ذلك فعلا، إذا ماذا؟ سوف يندفع العالم إلى هوة لا قاع لها من الفعل ورد الفعل الذي سوف يخلف أهوال لا يطيق العقل البشري إدراك أبعادها. ضد من سوف تثأر الولايات المتحدة؟ هل سوف تقصف الولايات المتحدة مكة بالصواريخ النووية؟ عاصمة الدول المسلمة؟ ما الذي سوف تفعله الولايات المتحدة وحلفاؤها حيال خوف شعوبهم من مزيد من الهجمات اللاحقة لذلك، هل سوف يطردون المسلمين من أمريكا وأوروبا أو سيفعلون بهم مثلما فعلوا بالأمريكان من أصل ياباني في الحرب العالمية الثانية، يسوقونهم كالقطعان إلى معسكرات اعتقال في الصحراء؟
هيروشيما كانت علامة على الفشل البشري، وليس فقط فشل أمريكا. تطور التكنولوجيا فاق تماما ولمسافات بعيدة قدرتنا على استخدام هذه التكنولوجيا المتطورة بحكمة. مثل جماعة من القردة المتشاحنة على قارب متهالك ملئ بالثقوب، ومسلحين بقضبان الديناميت، نحن الآن على ظهر مركب في رحلة مشكوك في نهايتها. تكمن أحسن فرص بقاء الإنسانية في خلق محرمات ضد الأسلحة النووية، مثل ما هو حادث فعلا مع الأسلحة البيولوجية والكيماوية، وأن نعمل سريعا نحو إنهاء وجودهم على مستوى الكوكب. لن نتحمل العيش في مستقبل بربري يقوم على كلاب تنهش كلابا. بدلا من ذلك، نحن نجرؤ على تخيل وعلى العمل بشكل عاجل نحو مستقبل يقوم على قيم علمانية انسانية وجدانية شاملة. حتى يحدث ذلك، العالم المتحضر سوف يكون عليه أن يخضع الغول التوأم معا: الإمبريالية الأمريكية والراديكالية الإسلامية.
برفيز هودبهوي عضو في مجلس باجواش وهو برفسور في الفيزياء النووية والطاقات العالية في جامعة القائد الأعظم، باسلام آباد.
[i] Notes of the Interim Committee, May 31, 1945, in Martin Sherwin, A World Destroyed: Hiroshima and the origins of the Arms Race, (Vintage Books, 1987), Appendix L, p.303..
[ii] Martin Sherwin, A World Destroyed: Hiroshima and the origins of the Arms Race, (Vintage Books, 1987), p. xvii.
[iii] I heard Bethe say these words at a meeting organized by the Union of Concerned Scientists at Cornell University in June, 1997. They provoked outrage among some in the audience. Bethe responded that more Japanese lives would have been lost if the fire-bombing of cities had continued.
[iv] Avner Cohen, Israel and the Bomb (Columbia University Press, 1998), p. 11.
[v] Cited in e.g. Zia Mian, “Homi Bhabha Killed a Crow”, in Zia Mian and Ashis Nandy, The Nuclear Debate- Ironies and Immoralities (RCSS, 1998), p. 12-13.
[vi] James Roisen, Stephen Engelberg, “Signs of Change In Terror Goals Went Unheeded”, The New York Times, October 14, 2001.
[vii] Anthony Shadid, “Bin Laden Warns No Peace for US” Boston Globe, October 8, 2001.
[viii] William Arkin , “Not Just A Last Resort? A Global Strike Plan, With a Nuclear Option”, Washington Post Sunday, May 15, 2005.
[ix] Tim Weiner, “Air Force Seeks Bush s Approval For Space Arms”, The New York Times, May 18, 2005
[x] Rebuilding America’s Defenses: Strategy, Forces and Resources for A New Century, Project for A New American Century, September 2000, p.51, On the web at http://www.newamericancentury.org/RebuildingAmericasDefenses.pdf
[xi] Charles William Maynes, "Two blasts against unilateralism", in Understanding Unilateralism in US
Foreign Policy, RIIA, London, 2000.
[xii] Ralph Peters, US War College Quarterly, summer 1997.
http://carlisle-www.army.mil/usawc/Parameters/97summer/peters.htm
[xiii] Pakistan and India Under the Nuclear Shadow, a video production of Eqbal Ahmad Foundation, 2001, available from [email protected]
#بيرفيز_هودبهوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟