محمد الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 1333 - 2005 / 9 / 30 - 11:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
3) و إذا كان هذا هو الأساس الذي تقوم عليه الطائفية في الدستور العراقي، فماذا عن الدساتير العربية ؟ هل توجد فيها نكهة طائفية ؟ و إذا وجدت، فما هو الأساس الذي تقوم عليه ؟ هل هو أساس عقائدي؟ و هل هو أساس عرقي ؟ و هل هو أساس لغوي ؟
إن الدساتير العربية من المحيط إلى الخليج بما فيها دستور العراق لا يمكن أن تكون بريئة من نكهة الطائفية، حتى و إن ادعت ذلك، و مهما حاولت إخفاء الشمس بالغربال كما يقولون، خاصة و أنها تتراوح بين أن تكون دساتير عشائرية، أو ملكية، أو جمهورية أو حزبوية.
و أنها تنص على أن دينا معينا هو دين رسمي للدولة، أو أن مذهبا معينا من جملة مذاهب دين معين هو مذهب الدولة. و هذا معناه أن العشيرة، أو العائلة المالكة، أو المنتمين إلى المؤمنين بدين معين، أو المتمذهبين بمذهب ديني معين يصيرون مدسترين، أي تصير لهم السيادة دون سائر الناس، أي أن طوائف معينة هي التي تصير حاكمة، و مالكة لوسائل الإنتاج و مستغلة للمجتمع ككل، و بالصفة المد سترة، لتصير بذلك الدساتير العربية دساتير طائفية، و مكرسة للطائفية و باعثة عليها. بالإضافة إلى كونها تقر قيام الأحزاب السياسية على أساس مذهبي، أو ديني، أو مؤدلج للدين الإسلامي أو أي دين آخر. و هو ما يعني أنها جميعا مخالفة للمواثيق الدولية، أو غير متلائمة معها في معظم بنودها. لأن تلك الملاءمة تتناقض مع مصالح العشائر أو الأسر الحاكمة، أو الأحزاب الدينية، المتمثلة في التسلط على رقاب البشر، و على الاقتصاد، و الاجتماع و الثقافة و على العلاقات الدولية من اجل توظيف كل ذلك في تحقيق الإثراء السريع، و في تنظيم الاستغلال المادي و المعنوي لمجموع أفراد الشعب في كل بلد عربي .
و في نظرنا فإن الدستور –أي دستور- و مهما كانت الجهة التي وضعته من غير الشعب المعني بذلك الدستور و بواسطة المجلس التأسيسي، فإنه يكون دستورا غير ديمقراطي و غير شرعي و غير معبر عن إرادة الشعب العربي في كل قطر من الأقطار العربية. فإنه لا يكون إلا دستورا طائفيا. و الدستور الطائفي لا يمكن أن يكون ديمقراطيا. و الأنظمة العربية من المحيط إلى الخليج لا يمكن أن توصف بغير كونها أنظمة طائفية، حتى و إن تعلق الأمر بالحزب الحاكم، الذي قد يكون المنتمون إليه من نفس العشيرة، و إلا فلماذا نجد أن الحاكم يوصي بتولي ابنه من بعده سواء في ذلك النظام الملكي أو النظام الجمهوري.
و الدساتير العربية لا تتجاوز نكهتها الطائفية إلا بصيرورتها دساتير ديمقراطية متلائمة مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، و مكرسة لسيادة الشعب على نفسه و ممكنة له من تقرير مصيره بنفسه.
#محمد_الحنفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟