أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - علي العبد الله - البرنامج السياسي للتجمع الوطني الديمقراطي في سورية قراءة نقدية















المزيد.....

البرنامج السياسي للتجمع الوطني الديمقراطي في سورية قراءة نقدية


علي العبد الله

الحوار المتمدن-العدد: 354 - 2002 / 12 / 31 - 20:07
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


 

أصدر التجمع الوطني الديمقراطي في سوريا (إئتلاف من خمسة أحزاب هي:حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي (صفة الديمقراطي أضيفت مؤخرا), والحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي وحزب العمال الثوري، وحزب البعث العربي الاشتراكي الديمقراطي (صفة الديمقراطي أضيفت مؤخراً) وحركة الاشتراكيين العرب (شق من الحركة، والشق الثاني مشارك في الجبهة الوطنية التقدمية التي أقامها النظام) برنامجاً سياسياً صدر بتاريخ (20/12/2001) حدد فيه رؤيته لما يجب أن يكون عليه الواقع السياسي والاقتصادي والسياسة العربية والدولية في سورية.
ولما كان التجمع الوطني الديمقراطي إطار المعارضة الوحيد المعلن على الساحة السورية، فإن ذلك يفرض أن يكون برنامجه، بما يتضمنه من رؤى ومطالب وأساليب عمل، مثار اهتمام الشارع السوري الذي يخاطبه البرنامج، والنظام الذي يطالب البرنامج بإصلاحه، على حد سواء.
لذا أصبحت قراءة البرنامج قراءة جادة ومناقشته مناقشة صريحة ضرورة وطنية.
جاء البرنامج في ديباجة وأهداف ومطالب عامة حددها في ثلاثة أقسام:
1- بناء الدولة الحديثة.
2- في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
3- في السياسة العربية والدولية.
عكس (التجمع) في ديباجة برنامجه فلسفته العامة القائمة على الاصلاح واخراج البلاد من أزمتها باعتماد الديمقراطية خياراً وطريقاً لإحداث الاصلاح المطلوب، وألمح الى الظروف التي مرت بها سورية في العقود الثلاثة الاخيرة التي "كادت أن تعصف بها وتهدد نسيجها الاجتماعي ووحدتها الوطنية" (ص2)، واعتماد النظام السياسة الأمنية التي ألحقت الأذى بالمواطنين. وأكد ايمانه بـ (حق جميع المواطنين في ممارسة السياسة، وبمشروعية المعارضة ومشروعية الاختلاف) (ص2) وربط بين "النهوض الديمقراطي والنهوض القومي (ص3). وأشار الى استمرار الأزمة وأسبابها: احتكار السلطة، فرض الوصاية على الشعب، نزع السياسة من المجتمع، مصادرة الحريات الأساسية، اطلاق أيدي المحاسيب والأزلام في الأموال العامة في سائر المرافق و..... وهذا أنتج حالة من الفساد، وانفصال الحكم عن الشعب، وحلول الامتيازات محل الحقوق، والولاءات المختلفة محل القانون ... (ص3)، وهذا بدوره جعل الأزمةشاملة والدولة "دولة أمنية" كل مواطن فيها متهم ... (ص3)، ودعا الى الحوار الوطني لايجاد حل سياسي للأزمة (ص4) الذي لابد أن يكون متدرجاً وعقلانياً (ص4) وتوقع مقاومة القوى المستفيدة لعملية الاصلاح.
استطاعت ديباجة البرنامج إبراز مدى ايمان (التجمع) وتمسكه بخيار الديمقراطية وابتعاده عن الأساليب غير الديمقراطية (الفوضوية أو الثورية) ومدى تحليه بالمسؤولية الاجتماعية والوطنية.
غير أن الخيار الديمقراطي أو العقلانية لا تستدعي أو تبرر التخفيف عن قتامة الصورة التي تعيشها بلادنا، فوصف (التجمع) لنتائج الأزمة التي سادت، ولا تزال، في بلادنا بـ "كادت أن تعصف بها – بسورية – وتهدد نسيجها الاجتماعي ووحدتها الوطنية" (ص2) غير دقيق وغير واقعي لأن الوضع أكثر سوءاً من ذلك بكثير، فالمعطيات العميقة تشير الى أن النسيج الاجتماعي السوري معطوب، بسبب الممارسات القائمة على الامتيازات وعلى التمييز بين الناس والمناطق والاختلال الخطير في توزيع الثروة والسلطة، والوحدة الوطنية مخترقة بأشكال الاستقطابات البدائية (القبلية، المناطقية، الطائفية...الخ) التي تجعل الوحدة الوطنية مظهراً خارجياً خادعاً. والانقسام العمودي حقيقة واقعة تتحين الفرصة لتذر قرن الفرقة والانقسام وتطيح بالطمأنينة والسكينة الزائفة.
نعم يجب أن نعترف – دون أن يلغي اعترافنا صحة الخيار الديمقراطي والحل التدرجي – بأن الأزمة قد عصفت بالنسيج الاجتماعي وبالوحدة الوطنية، وشلت جهاز التنبه الوطني والاجتماعي، أما القشرة الخادعة فسببها عجز المجتمع عن تحرير ارادته من إسار ثقافة الخوف والسلبية واللامبالاة، العجز الذي عمقه التفكك والتذرر الاجتماعي الذي كرس اختلال توازن القوى الاجتماعي وسمح بتكريس سيطرة النظام على المجتمع والدولة. وهذا يؤكد خطورة الهدوء الزائف الذي تعيشه بلادنا ويزيد الأوضاع سوءاً والاحتقان تعفناً والمستقبل قتامة. وهذا يستدعي تحركاً جاداً وسريعاً لإخراج البلاد من عنق الزجاجة ووضعها على طريق العافية والسلامة الحقيقية وطنياً واجتماعياً.
في القسم الاول "بناء الدولة الحديثة" ربط البرنامج قيام الدولة الحديثة "بوقف العمل بحالة الطوارئ والأحكام العرفية" و"ببناء العلاقات الاجتماعية والسياسية على أساس حرية الفرد وحقوق الانسان وحرية الفئات الاجتماعية والنقابية وأحزابها السياسية" و"بمنع التمييز" و"بالمساواة بين المواطنين (وهنا دعا البرنامج الى الغاء جميع الممارسات التمييزية إزاء المواطنين من غير العرب، ولا سيما المواطنين الأكراد وحل مشكلة المحرومين من الجنسية (في سورية ظاهرة "بدون" حيث يعيش أكثر من 200 ألف كردي دون جنسية). و"بالفصل بين السلطات" و"بتعديل الدستور ووضع دستور ديمقراطي للبلاد يتجاوز مبدأ الحزب القائد للدولة والمجتمع وصيغة (الجبهة الوطنية التقدمية) التي تحتكر الحقل السياسي، ومبدأ (الديمقراطية الشعبية) وتأكيد مبدأ سيادة الشعب وسيادة القانون" و"بإعادة الاعتبار لمبدأ الانتخاب الحر المباشر السري في جميع المستويات" و"بإطلاق الحريات العامة" و"بإقامة حكم محلي" و"بوضع قانون ديمقراطي جديد للإعلام" و"بإعادة تأهيل الجيش السوري للقيام بمهامه الوطنية" – حماية السيادة الوطنية واستعادة الأراضي المحتلة – و"أخيراً إنهاء عهد الدولة الأمنية" (ص5-6).
بهذه العناصر مجتمعة، كما يرى البرنامج، تقوم الدولة الحديثة.
تكشف صياغة القسم الاول عن خلل منهجي، فالبرنامج لا يميز بين الأساسي والثانوي، بين الأصول والفروع، حيث أن الاساسي في معظم المطالب الواردة هو الدستور وتحديد طبيعة الدستور التي تقود ضمناً الى تحديد مدى توفر بقية المطالب التي تعتبر مترتباً لطبيعة الدستور، فالدستور أساس النظام وأساس السلطات والرقابة والمحاسبة، فالمطالبة بدستور ديمقراطي وإنجازه يوفر الاساس القانوني لمعظم المطالب من الفصل بين السلطات الى الحريات العامة، مروراً بالانتخابات الحرة والاعلام الديمقراطي ... الخ، إنها مترتبات لقيام النظام الديمقراطي.
لذا كان على (التجمع) أن يحدد مطالبه بطريقة قابلة للتنفيذ تضع البلاد على طريق قيام الدولة الحديثة عبر المطالبة بتغيير الدستور بكامله أو تعديل بعض مواده بحيث يستجيب لمطالب محددة: الحريات العامة، المواطنة، حقوق الانسان، فتح الحقل السياسي أمام جميع القوى والفئات الاجتماعية وأمام الخيارات السياسية والاقتصادية ... الخ، كمدخل موضوعي لإخراج البلاد من أزمتها الراهنة وتحرير البلاد من نمط السياسة السائدة حيث يقوم النظام على مطابقة تامة بين أهدافه الخاصة وارادة الدولة، بينما ترتكز الدولة الحديثة على التمييز الواضح والقاطع بين الدولة والنظام/الحكومة، ووضع الدولة في مكانها: شخصية اعتبارية تهيمن على السلطات، تتجسد في الدستور الذي تقوم السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية بالخضوع له والسهر على تنفيذه في آن واحد. وهذا يستدعي تركيزاً خاصاً لإخراج سورية من حالة الخلط السائدة بين الدولة والنظام.
كما ترتكز ممارسة النظام على فلسفة تعتبر "السياسة أمن: وهذا يعطي دوراً بارزاً للقوة ولأجهزة الأمن في إخضاع المجتمع، بكل مكوناته السياسية والاجتماعية، لإرادة النظام، في حين يستدعي تحرير البلاد والعباد من قبضة أجهزة الأمن، إقرار فلسفة بديلة تقوم على اعتبار :الأمن سياسة" وإخضاع أجهزة الأمن للسياسة، وللمستوى السياسي في النظام، يكون دورها فيها حماية البلاد من الاختراقات الخارجية.
لقد قاد افتقاد البرنامج الى فلسفة محددة ومتماسكة والى منهجية، الى اضطراب المطالب وتناقضها، ففي الوقت الذي طالب فيه بإسقاط مبدأ قيادة الحزب للدولة والمجتمع واحتكار الجبهة الوطنية التقدمية للحقل السياسي ومبدأ الديمقراطية الشعبية، يطالب بإسناد مهمة "حماية النظام الديمقراطي" الى الجيش و"سيادة القانون" الى الاجهزة الامنية (فقرة 10 و11 ص6).
هل يعقل أن يطالب البرنامج "بالديمقراطية" و"بحماية الجيش للنظام الديمقراطي في آن واحد (؟!).
كنا نتوقع من البرنامج، كي يكون متسقاً مع دعوته، أن يطالب بتحرير الجيش من فلسفة الجيش العقائدي الذي يعتمدها النظام،وأن يدعو الى إبعاد الجيش عن السياسة وتحويله ثانية الى جيش للوطن، كل الوطن، والى التركيز على قضية تطوير قدراته القتالية والتخلص من السلبيات كي ينجح في القيام بمهامه الوطنية الكبرى: حماية أرض الوطن وسيادته وتحرير الأراضي المحتلة – سبق للدكتور جمال الاتاسي (رحمه الله) أمين عام التجمع السابق التنازل، خلال مباحثات تشكيل الجبهة الوطنية التقدمية مع النظام في بداية السبعينات، عن فلسفة الجيش الوطني لصالح فلسفة الجيش العقائدي ورضي بانفراد الحزب الحاكم – البعث – في العمل داخل الجيش وتأطير ضباطه وجنوده في صفوف الحزب، ولم يراجع موقفه هذا بعد خروجه من الجبهة.
إن تكليف الجيش بـ "حماية النظام الديمقراطي" يمنحه سلطات استثنائية تجعله الطرف القوي في المعادلة الداخلية (تجربة تركيا مع مجلس الأمن القومي ونيجيريا مع المجلس العسكري) في حين أن المطلوب هو إنهاء جميع حالات الاستثناء السائدة في حياتنا الوطنية كي يسود الاستقرار وتعمل آلية التفاعل الاجتماعي في موازنة علاقاتنا وإمكاناتنا وشروط حياتنا.
أما اعتبار "سيادة القانون" جزءاً من صلاحيات الأجهزة الأمنية فمثال آخر على تناقضات البرنامج – الذي يطالب بالحريات العامة والمواطنة وحرية الفرد وحقوق الانسان ...الخ – ما يسمح باستمرار سيادة فلسفة "السياسة أمن" وتسرب النظرة الشمولية – استخدام سيادة الدولة لتحقيق أهداف عقائدية خاصة – الى رؤى (التجمع)، في حين يقتضي خط (التجمع) الفكري والسياسي المعلن في برنامجه تحديد الاختصاصات ومحاربة كل تعويم أو توسيع للصلاحيات يقود الى التسلط والاستبداد وسيادة التجاوزات والانحيازات والامتيازات. فالمنطق يستدعي أن يكون القضاء والمحكمة الدستورية العليا صاحب الحق الوحيد في رعاية سيادة القانون.
 

*************

الرأي  نشرة سياسية  يصدرها الحزب الشيوعي السوري
العدد14/تشرين الثاني/ 2002



#علي_العبد_الله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثوابت الناصرية ومتغيراتها


المزيد.....




- هل تعاني من الأرق؟.. طريقة بسيطة تسحبك إلى نوم عميق
- ماذا نعرف عن العالم الخفي لمنجم ذهب تديره إحدى العصابات بجنو ...
- وزارة الصحة اللبنانية: مقتل 4 أشخاص وإصابة 23 في الغارة الإس ...
- ما هي الدول والشركات التي تبيع أسلحة لإسرائيل؟
- سلسلة غارات إسرائيلية على منطقة البسطا وسط بيروت
- تحليل لـCNN: كيف غيرت الأيام الـ7 الماضية حرب أوكرانيا؟
- هل الدفاعات الجوية الغربية قادرة على مواجهة صاروخ أوريشنيك ا ...
- كيف زادت ثروة إيلون ماسك -أغنى شخص في العالم- بفضل الانتخابا ...
- غارة عنيفة تهز العاصمة بيروت
- مراسلة RT: دوي انفجارت عنيفة تهز العاصمة بيروت جراء غارة إسر ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - علي العبد الله - البرنامج السياسي للتجمع الوطني الديمقراطي في سورية قراءة نقدية