أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - طروب بعد الغروب














المزيد.....

طروب بعد الغروب


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4800 - 2015 / 5 / 8 - 20:14
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


واحدٌ من معلمي مدرستنا ، كنا نطلق عليه لقب ( برم برم برم بم بو ) وذلك لكثر ما كان مولعا بأغاني المطربة اللبنانية طروب وأغنيتها التي هي من أصل تركي وتتكرر فيها هذه العبارة التي لا لون لها ولا طعم ولا رائحة ، ولكن هذا المعلم يجد في سماعها بصوت طروب واحدة من مباهج حياته.
طقس سماعه لطروب كان بعد الغروب عندما ينفرد عنا في مكان قريب من حافة الماء ويفتح مسجلته ويتيه في تخيل حاله وقد انتقل من ضفاف الاهوار الى ضفاف بحر بيروت وامامه طروب ترتدي ثوبا احمرا شفافا تغني له وتداعب خواطر روحه وعبارته الشهيرة :كل شيء مع صوت طروب يذوب.
ولهذا فأنه يبقى يعيش مع هيام الصوت الراقص وقد سجل في كاسيتات كل اغانيها وكان يعرفهن جميعهن ، اربع وستين أغنية يدندن فيهن كل الليل ويصحو بنشاط معتقدا أن صوت طروب وضحكتها لا يستحق أن ننام في ليله ، وعندما كان مدير المدرسة يراه وهو يتثاءب أثناء تدريس تلامذته يتمتم ويقول :الله ينعل طروب والذي أتى طروب الى أم شعثه ، طروب وين والفقراء وين.
يصمت المعلم ، وحتى يبرر وجودها معه دوما يكون اسمها اول حروف يتعلمون خطها في درس تحسين الخط العربي.
ذات يوم وأنا أتحدث عن حياة مدحت باشا في العراق وعن زوجته الشركسية التي كانت تنتمي لواحدة من العوائل البغدادية ، فأنبري لنا عاشق طروب ليقول أن طروب ايضا شركسية وأسمها الحقيقي (أمل إسماعيل جركس ).
اليوم وأنا أسير في سوق السبت الشهير في مدينة فوبرتال الالمانية ، لم يخطر على بالي أن أتذكر زميلي في المدرسة الذي كان يهيم بوجه طروب ودلعها في الغناء عندما مررت على بائع لبناني متجول يبيع الزيتون والجبن اليوناني وقد وضع في مسجلة صوت اغنية طروب ( يا ستي يا ختياره ).
لحظها أتت ملامح صديقي القديم واستوطنت في حواسي تلك النقاشات الطويلة حول الهجرة القسرية التي جلبوا فيها القوميات الأسيوية المجاورة لروسيا القيصرية ، الشركس والقوقاز والطاجيك والارمن والتركمان والأذريين ليسكنوا في بلاد ميزوبوتاميا وليؤسسوا لهم اقليات ومحلات وجوامع ومقاهي.
وبالرغم من هذا شعرت بشيء من الذنب في كتابة رسائلي لأصدقاء الامس من معلمي المدرسة لم اكن اسأل عن عاشق طروب وأين انتهت مراكبه؟
وحين سألت عرفت انه احيل على التقاعد وأن اكبر اولاده هي بنتا اسمها طروب.
ذلك الزمن الخرافي الذي اودعنا عنده هوايتنا بكل غرابتها وسرياليتها .
زمن اللاعودة الذي سجل تفاصيل احلامنا مع صوت طروب وغيرها من الاصوات التي اسمع صدى موسيقاها الأن واتخيل مقدار تلك اللذة التي تسكن وجه صديقي عندما تتوجه اليه المطربة الشركسية وهي ترتدي ثوبها الاحمر الشفاف وتعانقه وهو مستلق على الرمال ولم يرتدي شيئا سوى شورت السباحة.
تمنيت أن اكتب الى ابي طروب لأستذكر معه ذلك العشق للصوت الشركسي. لكن اغنيتها قد توقفت ، وبائع الجبنة والزيتون سحب عربته الى بيته ، فلربما يكمل سماع اغنيتها مع أولاده ..



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التيزاب وخالد الأمين
- إنجيمهْ (الناي والقصبة )
- أمريكا ومنطق تغيير الهوية
- غاستون باشلار ونافذة الصريفة
- الجغرافيا والفيلم الهندي
- غداء العباس وفكتور جارا
- مايا بليسيتسكايا وذيل السمكة
- تمرين في الكتابة الروحية
- مُسعدْ يرسم ملاكاً
- شيء عن هويتنا الثقافية
- سكان قفص الكناري
- جاموسة الموسيقار المصري
- السيخ لا يأتون من المريخ
- محظيات شمشون الجبار
- الأهوار وناجي العلي
- البكاء الشيوعي .....!
- مكاتيب ياس خضر
- دشاديش توم وجيري
- قريتنا وعطر الهاواي
- أساطير البالطو


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - طروب بعد الغروب