محمد علي عبد الجليل
الحوار المتمدن-العدد: 4799 - 2015 / 5 / 7 - 18:42
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أخي المؤْمِن،
اعلــمْ أنَّ مِن واجبي أنْ أحترمَــكَ كأخٍ لي في الإنسانية ومِن حقِّي بالمقابل أنْ أَسْـــخَـــرَ مِن معتقداتِكَ المُضحكةِ التي مِن حقِّـــكَ أنْ تعتنقَها وتعَضَّ عليها بالنواجذ.
إنَّ سخريتي من معتقداتِكَ ليست قِلَّةَ احترامٍ مني لشخصِكَ الكريمِ، بل هي فقط عدمُ احترامٍ مني للأفكار التي تقومُ عليها معتقداتُــكَ.
فأنا أحترمُ إنسانيتَـــكَ وفي الوقت نفسِه أَسْـــخَــرُ مِن "الحبَل بلا دنَس" و"شقّ البحر" و"شقّ القمر" و"البراق" و"الجنة والنار" و"آدم وحواء" و"أضحية إبراهيم" و"نيام أفسُس السبعة" ["أصحاب الكهف"] و"عذاب القبر" وأحكام الجَلد والقتل وغيرها... فهذه الأساطيرُ والأفكارُ التي يَـــلبسُها ذهنُـــكَ ليست أنتَ، بل هي رداءٌ فكري مهترئٌ ورثْــــتَـــه أنتَ -أخي المؤمن- عن أجدادكَ الذين كانوا يلبسونه منذ آلاف السنين.
أَسْخَرُ من معتقداتكَ لأنها تتنافى مع أبسط قواعد المنطق والتجربة (إلَّا إذا فُهِمَتْ على المعنى الرمزي) وأرفضُها رفضاً قاطعاً وأحاربها بوسائلَ لاعنفيةٍ في حالِ سوَّلَتْ لكَ نفسُـــك فَـــرْضَها علَيَّ. واعلمْ أنَّ مِن حقّي أنْ أواجِهَ معتقدَكَ الذي تريدُ أنْ تطعنَـني به بسخريتي التي أريد أنْ أصُدَّ بها طعنةَ معتقدِكَ.
وبالتالي فإنني أعتبرُكَ أكبرَ وأقْدسَ من أفكارِكَ ومعتقداتِكَ وموروثاتِكَ التي تسجن نفسَــكَ المسكينةَ فيها. فأنا أَسْخَـرُ من سِجْـنِكَ لا مِنكَ أنتَ.
بينما أنتَ تعتبرُني كالأنعام بل أضلَّ منها لمجرَّد أنني سخِرْتُ من سجونِكَ الفكرية والنفسية. وبالتالي قد يصلُ بكَ الأمرُ إلى أنْ تُبيحَ لنفسِكَ أنْ تفعلَ بي ما تفعلُه بالأنعام.
واعلمْ –أخي المؤمن- أنني مستعدٌّ دائماً لأنْ أفعلَ ما بوسعي لمساعدتِكَ على فهمي أولاً وعلى تحرير نفسِكَ من هذا السجن ثانياً، هذا إن شئتَ أنتَ أولاً وأخيراً. وإنْ لم تشأْ فهذا حقُّـــكَ وخيارُكَ ويبقى ليَ الحقُّ في السخرية لا منكَ أنتَ -مَعاذَ اللهِ- بل من معتقداتٍ تقمَّصْــتَها أنتَ واعتبرتَها جزءاً منكَ.
واعلمْ أيضاً أنَّ ما ينطبق علَيَّ من حقوقٍ وواجباتٍ تُجاهَكَ ينطبقُ عليكَ تُجاهي سواءً في السخرية من أفكاري أم في احترام إنسانيتي.
أرجو منكَ، أخي المؤمن، أن تتقبَّـــلَ احترامي ومحبتي.
#محمد_علي_عبد_الجليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟