أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - التعصب الدينى والمذهبى والعداء للتحضر















المزيد.....

التعصب الدينى والمذهبى والعداء للتحضر


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4799 - 2015 / 5 / 7 - 15:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



شغل موضوع الحروب الإقليمية والحروب الأهلية عقول الفلاسفة والعلماء والمُـبدعين فى العصور القديمة والوسيطة والحديثة ، وتمنوا لو أنّ السلام يسود البشرية. وكان الغطاء الدينى هو الغطاء السائد فى معظم هذه الحروب والغزوات مثلما فعل العرب بحجة نشر الإسلام ، وكما فعل نابليون بونابرت عندما غزا مصر، بحجة تخليص شعبنا من المماليك، ورافعًا راية الدفاع عن الإسلام فأصدر الأزهر سبعة بيانات تأييدًا لبوناربت كما ورد فى تاريخ الجبرتى. وإنْ كنتُ أرى أنّ أخطر أشكال الحروب هى التى تقوم على أساس دينى ومذهبى ، منلما حدث بين الفرق المسيحية المختلفة والفرق الإسلامية المختلفة ، وكل ذلك بسبب أخطر أنواع الآفات العقلية أى الآفة (التعصب) الدينى والمذهبى .
وأخبرتنا التجارب أنه حتى أبناء الديانة الواحدة انقسموا إلى مذاهب (كما حدث مع أبناء الديانة العبرية : اليهودية/ المسيحية/ الإسلام) وأنّ أبناء المذاهب انقسموا إلى فرق الخ . ووفقــًا لما ورد فى كتب التراث العربى انقسم اليهود إلى 71 فرقة. والمسيحيين 72 فرقة. والمسلمين 73 فرقة. وبغض النظر عن تلك المتوالية الحسابية ، فإنّ وقائع التاريخ تؤكد على الانقسام الذى حدث داخل الديانة الواحدة والمذهب الواحد ، لدرجة أنّ النبى محمد (كما لو كان يمتلك القدرة على التنبؤ) قال ((ستفترق أمتى على ثلاث وسبعين فرقة. الناجية منهم واحدة والباقون هلكى)) ولما سُئل : من الناجية قال : أهل السنة والجماعة. ولما سُئل ما السنة والجماعة قال : ما أنا عليه وأصحابى)) وبغض النظر عن هذا الكلام الذى يعتمد على صيغة (المُطلق) ضد (النسبى) تأتى أجيال من (المسلمين المُوحدين) وكفــّروا جميع صحابة محمد ، من بين هؤلاء (أبى كامل) الذى أنشأ مذهب (الكاملية) والسبب من وجهة نظره أنّ الصحابة تخلوا عن على بن إبى طالب . وفى نفس الوقت انتقد على لأنه ترك حقه. وبعد أبى كامل جاء (العلياء ين ذراع الدواسى) فكان يُفضــّـل على بن أبى طالب على النبى محمد الذى نسب الدعوة الإسلامية لنفسه ، فى حين أنّ صاحبها الحقيقى هو على بن أبى طالب (الشهرستانى- الملل والنحل- طبعة هيئة قصور الثقافة- عام 2014- من ص368- 371)
وانقسم أتباع الحسن بن على بن أبى طالب إلى 11 فرقة. بعضها تقول إنه مات وبعضها تقول إنه لم يمت ولا يجوز أنْ يموت وأنه فى حالة (غيبة) ولما اعترض البعض عليهم قالوا ((أليس الخضر وإلياس يعيشان فى الدنيا من آلاف السنين ولا يحتاجان إلى طعام أو شراب . فلمَ لا يجوز ذلك على واحد من أهل البيت؟)) (المصدر السابق – من ص 352- 359)
وإذا كان النبى محمد حصل على توكيل من السماء يسمح له بإعطاء تأشيرة دخول الجنة فمنح عشرة من أصحابه تلك التأشيرة ، كان من بينهم الخليفة عثمان ، ولكن يأتى أتباع (الحسن بن صالح بن حى) ويسألونه : هل عثمان مؤمن أم كافر؟ لقد سمعنا الأخبار الواردة فى حقه وكونه من العشرة المُبشرين بالجنة. فقال زعيمهم : إذا رأينا الأحداث التى أحدثها من استهتاره بتربية بنى أمية. واستبداده بأمور لم توافق سيرة الصحابة ، قلنا يجب أنْ نحكم بكفره (319، 320) وعند واصل بن عطاء رئيس المعتزلة أنه لا تـُقبل شهاة (المتلاعنين) أى الذين شتموا ولعنوا بعضهم وبناءً على ذلك لا تجوز شهادة على بن أبى طالب وطلحة والزبير. وأنّ المتلاعنين فاسقون . وأنّ فريق على وفريق وطلحة والزبير من أهل النار(69، 70) مع ملاحظة أنهم من بين العشرة المُبشرين بالجنة. وإذن فالتعصب لهم منحهم تأشيرة دخول الجنة. والتعصب ضدهم سحب تلك التأشيرة وقذف بهم إلى النار. أما أصحاب مذهب الأزارقة الذى أنشأه (نافع بن الأزرق) فقد كفــّروا على بن أبى طالب وعثمان وطلحة والزبير وعائشة وعبد الله بن عباس وسائر المسلمين معهم وتخليدهم جميعًا فى النار. وأباحوا قتل أطفال المخالفين لهم وقتل النساء . وأنّ أطفال المشركين فى النار مع آبائهم (210) وقد أيدهم فى ذلك مذهب السليمانية (316)
والتعصب الدينى له أشكال عديدة مثل موقف عمر بن الخطاب الذى قال ((من قال أنّ محمدًا قد مات قتلته بسيفى هذا)) والتعصب الدينى جعل النبى محمد يقول فى حديث شهير ((لا يجتمع فى جزيرة العرب دينان)) لذلك أجلى عمربن الخطاب (أهل الذمة) عن الحجاز (الأحكام السلطانية والولايات الدينية- أبو الحسن البصرى البغدادى الماوردى- ص168) وفى سبيل تدعيم الدعوة لجأ محمد إلى تصفية الخصوم فأمر بقتل عبد الله بن سعد بن أبى سرح . وقتل امرأة اسمها (أم رومان) وفى عام الفتح أمر بقتل ستة ((ولو تعلقوا بأستار الكعبة)) وكان بينم امرأة (الماوردى- ص 55، 132)
والتعصب للدين هو الذى جعل النبى محمد يقول حديثه الشهير ((أمرتُ أنْ أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله. فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأولادهم)) وبمفهوم المخالفة فإنّ أى إنسان يرفض ما دعا إليه محمد يُهدر دمه. كما أنّ (العقوبة) تلحق أولاده حتى ولو كانوا أطفالا. وفى هذا الشأن ذكرتْ كتب التراث العربى/ الإسلامى أنه إذا أسلم الأبوان كان إسلامًا لصغار أولادهما (أى نقل أوتوماتيكى) وقال الإمام مالك ((يكون إسلام الأب إسلامًا لهم ولا يكون إسلام الأم إسلاما لهم)) وهنا نلاحظ أنّ التعصب الدينى انعكس على التعصب للرجل ضد المرأة. أما أبوحنيفة فقال ((إنّ إسلام الطفل إسلام وردته ردة ولا يُـقتل حتى يبلغ)) (الماوردى- ص 137) لهذه الدرجة يبلغ التعصب مداه فى التدخل فى حياة البشر بما فيهم الأطفال.
والتعصب هو الذى جعل أبو بكر يتصوّر أنّ الذين رفضوا أداء (الصدقة) التى كانوا يدفعونها لمحمد فأطلق عليهم (أهل الردة) فأمر بقتلهم وحرق ديارهم مع أنهم مسلمون موحدون . والتعصب الدينى ارتبط بالتعصب ضد حضارة المجتمعات الزراعية وهو ما عبّر عنه النبى محمد فقال ((لم أبعث تاجرًا ولا زارعًا . وإنّ شر هذه الأمة التجار والزراع)) (الماوردى- ص 44) وقال أيضًا لأتباعه ((إذا تبايعتم بالنسيئة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلــّـط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم)) (رواه أحمد وصححه الحاكم) لهذه الدرجة كان التعصب فيكون (الجهاد) أى الغزو ونهب ثروات الشعوب ، أفضل وأهم من إنتاج المحاصيل الزراعية. وكل ذلك فى تبرير من مرجعية دينية كما قال ((حتى ترجعوا إلى دينكم)) والتعصب الدينى هو الذى ولــّد عدم الإيمان بحرية الاعتقاد وهو ما عبّر عنه محمد فى حديثه الشهير ((لا يحل دم مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان ، أو زنا بعد إحصان ، أو قتل نفس بغير نفس)) مع ملاحظة أنّ هذا الحديث يعتمد على الحكم القيمى غير العلمى (تكفير المختلف) وعلى صعوبة التحقق من شرط (الزنا : وجود أربعة شهود رأوا الفعل) وعلى إمكانية تلفيق تهمة القتل لأسباب شخصية أو سياسية.
والتعصب الدينى هو الذى أنتج حديث محمد ((من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده ، ومن لم يستطع فبلسانه ومن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان)) (رواه أحمد ومسلم والنسائى والترمذى وابن ماجه)) فهذا الحديث يعتمد على صيغة المطلق (من رأى منكرًا) أى أنه تجاهل (تحديد المنكر) وتركه لتقدير كل شخص على هواه ، فقد يراه أحدهم فى عدم ارتداء المرأة الحجاب ، ويراه آخر فى عدم ارتداء الخمار ويراه ثالث فى عدم ارتداء النقاب ويراه رابع فى خروج المرأة من البيت ، لأنّ المرأة لا تخرج من بيت أبيها إلا مرتيْن : الأولى إلى بيت زوجها والثانية إلى قبرها ، وأنّ النبى قال ((المرأة عورة فإذا خرجتْ من بيتها استشرفها الشيطان)) وقد يرى البعض (المنكر) فى عدم تلبية رغبة الزوج دون مراعاة لظروفها الصحية أو النفسية تنفيذا لحديث النبى ((إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته لعنتها الملائكة حتى تـُصبح)) وقال أيضًا ((إذا باتتْ المرأة هاجرة فراش زوجها كان من فى السماء ساخطــًا عليها حتى يرضى عنها زوجها)) (فى الصحيحيْن والنسائى) والإنسان (الملتزم) بأحاديث محمد وبالتراث العربى/ الإسلامى مؤمن بأنّ المرأة ((كالمملوك للزوج فلا تتصرف فى نفسها ولا فى ماله.. وتكون مستعدة لتمتعه بها)) (الإمام شمس الدين الذهبى فى كتاب الكبائر- ص189) و(المنكر) قد يراه البعض فى فن التصوير والرسم تنفيذا لحديث محمد ((إنّ الذين يصنعون الصور يُعذبون يوم القيامة ويُـقال لهم أحيوا ما خلقتم)) وقال ((كل مصوّر فى النار)) (فى الصحيحيْن)
كما أنّ التعصب المذهبى لم يكتف بتكفير المختلف إنما وصل لدرجة القتل حتى بين أصحاب المذهب الواحد (الشهرستانى – 381) وكان المفكر إسماعيل مظهر على حق عندما كتب دراسة مهمة بعنوان (المذهبية والارتقاء) من 16 صفحة من القطع الكبير، انتهى فيها إلى أنّ الارتقاء والمذهبية عدوان . ولن يكون ارتقاء مع مذهبية. والمذهبية لن تختفى إلا مع الارتقاء (مجلة العصور- مايو29) فهل يأتى يوم على البشرية يتراجع فيه التعصب الدينى والمذهبى ؟ مع حق كل إنسان فى أنْ يعتقد ما يشاء دون تكفير؟ ويعيش البشر فى سلام وتتركز جهودهم على تنمية مواردهم الطبيعية ، فينعموا بالحرية والتقدم ؟
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلاقة بين التحضر والتراث الإنسانى
- نبذ التعصب فى موسوعة للشباب
- فصل فى التحريم : قصة قصيرة
- اليسار المصرى والعروبة
- الغزالى وابن رشد
- نصر أبو زيد : الواقع والأسطورة
- نوبار الأرمنى : عاشق مصر
- الأرمن : صراع الإبادة والبقاء
- شركات السلاح والمؤسسات الدينية
- تقدم الشعوب وتخلفها ونظرية التكيف
- العلاقة بين العروبة والإسلام
- خصوم لويس عوض والعداء للغة العلم
- الصهيونية أعلى مراحل اليهودية
- آفة الولاء السياسى والدينى
- الهوان العربى والفكر الأبوى
- اليمن بين الماضى والحاضر
- العروبة والجحيم العربى
- الشخصية القومية والدين (3)
- الشخصية القومية واللغة (2)
- الثقافة واللغة والدين والشخصية القومية


المزيد.....




- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...
- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - التعصب الدينى والمذهبى والعداء للتحضر