أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - لستُ يهوديًّا ولا مسيحيًّا ولا مسلمًا














المزيد.....

لستُ يهوديًّا ولا مسيحيًّا ولا مسلمًا


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4799 - 2015 / 5 / 7 - 13:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"وبدلاً من أن يُفني المتدينون المتعصبون ذواتِهم في حب الله، ويجاهدون أنفسَهم، تراهم يحاربون أُناسًا آخرين، يولّدون موجةً إثر موجة من الخوف. وينظرون إلى الكون كله بعيون يشوبها الخوف. ولا عجب أنهم يرون أشياء كثيرة مما يخافها الناس. فعندما يحدث زلزالٌ أو جفاف، أو تقع كارثة، يعتبرون هذا دليلاً على غضب الله، وكأن الله لا يقول صراحة: "إن رحمتي سبقت غضبي". وعندما يغضبون من أحد لسبب أو لآخر، فإنهم يتوقعون أن الله سبحانه وتعالى سوف يتدخل بالنيابة عنهم ويثأر من أجلهم. وتغمر حياتهم حالة متواصلة من المرارة والعداوة، ويلاحقهم سخطٌ كبير أينما ذهبوا، مثل غيمة سوداء، فيسود ماضيهم ومستقبلهم.
يوجد شيء في الإيمان يجعل المرء غير قادر على رؤية الغابة لأنه يرى الأشجار. إن الدين بكُليته أعظمُ وأعمق بكثير من الأجزاء الصغيرة المكونة له؛ ويجب قراءة كل قاعدة في إطار القواعد كلها. والقواعد الكاملة تتوارى في الجوهر. لكن بدلاً من البحث عن جوهر القرآن، وأخذه ككل، ينتقي المتعصبون آية أو آيتين بعينهما، ويمنحون الأولوية للأوامر الإلهية التي يرون أنها تتناغم مع أسلوب تفكيرهم وعقولهم التي يسكنها الخوف. ولا يكفون عن التذكير بأن البشر جميعًا سيُرغمون على السير يوم القيامة على الصراط، الأرفع من شعرة، والأحدّ من سيف. وعندها يسقط المذنبون الذين لا يستطيعون اجتياز الصراط، يسقطون في قعر جهنم، ويعانون إلى الأبد. أما الذين عاشوا حياة نقية فسيتمكنون من عبور الصراط حتى نهايته، وسيُكافأون بفاكهة لذيذة، ومياه عذبة، وحوريات حسناوات. هذه هي، بإيجاز، فكرتهم عن الحياة الآخرة. أهوالٌ ونارٌ، وفاكهةٌ ونساء! وفي سعيهم الدائب للوصول إلى المتع الأبدية، ينسون الله!
ألا يعرفون هذه القاعدة من القواعد الأربعين؟ إن جهنم تقبع هنا والآن، وكذلك الجنة. ليتهم يتوقفون عن التفكير بجهنم بخوف أو الحلم بالجنة بطمع، لأنهما موجودتان في هذه اللحظة بالذات. ففي كل مرة نحبّ، نصعد الى السماء. وفي كل مرة نكره، أو نحسد، أو نحارب أحدًا، فإننا نسقط مباشرة في نار جهنم، هذا ماتقوله القاعدة الخامسة والعشرون.
هل يوجد جحيم أسوأ من العذاب الذي يعانيه الإنسان عندما يعرف في أعماق ضميره أنه اقترف ذنبًا، ذنبًا جسيمًا؟ اسألْ ذلك الرجل، فإنه سيخبرك ماهي جهنم. هل توجد جنة أفضل من النعمة التي تهبط على الإنسان في تلك اللحظات النادرة من الحياة عندما تُفتح فيها مزاليج الكون، ويشعر بأنه يمتلك كل أسرار الخلود ويتحد مع الله اتحادًا تامًا؟ إسأل ذلك الرجل، فإنه سيخبرك ماهي الجنة.
لماذا كل هذا القلق مما سيحدث بعد الحياة، مستقبل متخيّل ، عندما تكون هذه اللحظة بالذات هي الزمن الوحيد الذي نستطيع أن نشعر حقًّا وبصورة كاملة بوجود الله وغيابه في حياتنا؟ إن الصوفيين يحبون الله، لا خوفًا من العقاب في نار جهنم، ولا رغبة في الثوب والمكافأة في الجنة، بل يحبون الله لمجرد محبته الخالصة، محبة نقية وسهلة، غير ملوثة، خالية من أي مصلحة .
الحب هو العِلّة. الحب هو المعلول. فعندما تحب الله، وعندما تحب كل مخلوقاته من أجله، وبفضله، تذوب جميع الانقسامات وتختفي. ومن هنا، لا يعود هناك شيء يدعى "أنا" وكل ماتبلغه هو صفر كبير يغطي كيانك كله. قبل أيام، كنت أنا وجلال الدين الرومي نُمعن التفكير في هذه الأمور، عندما أغمض عينيه فجأة وردد الأبيات التالية: "لست مسيحيًّا ولا يهوديًّا ولا مسلمًا، لست بوذياً ولا هندوسيًّا، ولا صوفيًّا ولا من أتباع زِن . لا أتبعُ أي دين أو نظام ثقافي. لست من الشرق ، ولا من الغرب. إن مكاني هو اللامكان، أثر اللاأثر".
يظن الرومي أنه لا يمكن أن يكون شاعرًا، لكن يوجد شاعر في داخله. شاعر رائع! وقد برز ذلك الشاعر الآن. نعم، إن الرومي على حق، فهو ليس من الشرق ولا من الغرب، إنه ينتمي إلى مملكة الحبّ. إنه ينتمي إلى المحبوب.”
مقطع ورد على لسان الدرويش المتصوف "شمس الدين التبريزي" من رواية “قواعد العشق الأربعون" تأليف: إليف شافاق.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل جئتَ في الزمن الخطأ؟
- أصول داعش في جذور مصر
- هاني شاكر، الطائر الحزين
- غدًا تتحرر سيناء
- الراقدةُ في غفوتِه
- العروس
- هل أنت واحد أم كثير؟!
- أيام الإرهاب الوسطي الجميل
- هل تذكرون راتشيل كوري؟
- الذهبُ الزائفُ على قمم التلال
- درسُ الثراء للصغار
- نحنُ أبناءُ الحياة
- نحن العدوّ الخطأ، أيها الأشاوس
- الزبون دائما على حق
- قدِّموا الأطفالَ للمحاكمة
- آن أنْ أكتبَ عن العصفور
- علامَ يُحاكَم إسلام البحيري!
- عبثيةٌ لم يكتبها بيكيت
- سعفةُ نخيل من أجل مصر
- هل لحرية التعبير قيود؟


المزيد.....




- ضابط إسرائيلي سابق يقترح استراتيجية لمواجهة الإسلام السني
- المتطرف الصهيوني بن غفير يقتحم المسجد الأقصى
- اكتشافات مثيرة في موقع دفن المسيح تعيد كتابة الفهم التاريخي ...
- سياسات الترحيل في الولايات المتحدة تهدد المجتمعات المسيحية
- مفتي البراميل والإعدامات.. قصة أحمد حسون من الإفتاء إلى السج ...
- إسرائيل تكثف غاراتها على غزة وتقصف المسجد الإندونيسي
- استقبلها الآن بأعلى جودة .. تردد قناة طيور الجنة TOYOUR EL-J ...
- منظمة: 4 من كل 5 مهاجرين مهددين بالترحيل من أميركا مسيحيون
- جدل حول اعتقال تونسي يهودي في جربة: هل شارك في حرب غزة؟
- عيد الفطر في مدن عربية وإسلامية


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - لستُ يهوديًّا ولا مسيحيًّا ولا مسلمًا