أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - غاستون باشلار ونافذة الصريفة














المزيد.....

غاستون باشلار ونافذة الصريفة


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4798 - 2015 / 5 / 6 - 23:08
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


(هكذا أن التأملات الشاردة ليست فراغا ذهنيا .أنها بالحري عطاء ساعة تعرف كمال الروح )

غاستون باشلار

كتب غاستون باشلار في جماليات المكان الى ما لانهاية وكأنه يدرك تماماً أن الروح هي المكان الذي يطفو في بحيرة الزمان ومتى يلتقيان في الذاكرة يشكلان مجسما عن طبيعة ما ، ومن هذه المجسمات يكون البيت شيء من حصيلة ما نكسبهُ ونعيشهُ وننتجهُ .
مرة عندما كانت الحرب تشتعل في الحدود وكنت انا واغلب مواليدنا قد تم إعفاءهم منها وعدنا لنمارس مهنتنا بوظيفة معلم في مدرسة التي تغفو وتصحوا على اديم الماء وضفادعه واسماكه والسماء وطيورها ، فيما تعودنا على ذلك العرض الصباحي البسيط لأطفال صغار يرتدون (الدشاديش) الداكنة ، وهم يقفون في البرد والحر وسط الساحة الترابية يستمعون إلى ارشادات بسيطة من المدير وغير بعيد عنهم بأمتار هناك عرض لمسير قطيع الجواميس الذاهب الى قيلولته اليومية.
ذات يوم أتى أحد المعلمين بأول كتاب اقرأه لواحد ملهمي ثقافتي ( غاستون باشلار ) وكان الكتاب قد صدر بجزئين ضمن منشورات مجلة الاقلام الادبية وعنوانه ( جماليات المكان ).
يومها قرأت الكتاب لأكثر من مرة واكتشفت أن باشلار اعتنى بالمكان والبيت الاوربي وأشياءه ، وأنا اليوم عندما اعيش في المانيا اتلمس وارى واشاهد كل الاشياء التي تلمسها باشلار بتلك الانعكاسات الروحانية ، وكنت اتذكره بمرحه في مساءات ربيع القرية حين تمرق بصدفة نادرة فراشة برتقالية تمنح المكان بهجة تلك التفاسير التي كان يضعها الرائي الفرنسي عندما تكون هذه الكائنات جزء من تأثيث جمالية طبيعة هذه الأرض ، وكأنه يعيد ذلك الهايكو الياباني الذي يقول : بدون فراشات اشجار الكرز ، مثل كاهن فقد عزته.
عزة هذا المكان كما يقول احد المعلمين لا نراها إلا عبر نافذة الصريفة حيث قال احدنا :ما دام باشلار لن يكتب عن نافذة الصريفة فأن مشروعه الجمالي غير مكتمل.
ربما لو جاء الى قرية أم شعثه وعاش ولو اسبوعاَ واحدا حتما سيوقظ فيه هذا المتسع من الفضاء والزرقة الغامضة بين نافذة الصريفة والسماء أشياء يعرفه منها العلاقة الخفية بين الله والبشر.
والآن الليل الالماني بدون صريفة ، بدون تلك الفراشة الوحيدة التي ايقظت في ذلك المساء قصائد الحنين لدى المعلمين الذين تفرقوا الآن في جهات الارض مثلما تتفرق الجيوش المنكسرة ، وحتما ستكون الجهة لمأواها هو تلك النافذة الصغيرة من القصب.
والأن بين باشلار وفراشاته ونافذته الصريفة خيط وصل من حرير الحنين أمده باستقامة من هنا الى هناك لأعيد مديح احدهم يوم شاهد لأول مرة فراشة من فراشات باشلار من خلال نافذة صريفة: هذا الكائن الخرافي هو الوحيد الذي يجعل متعتي بالمكان متعة حس وجمال بل ويحولني شكلها وألوان أجنحتها إلى شاعر صغير يتنبأ بمولد الوجود الآخر لبشر غير أولئك البشر الذين يتصارعون لشيء لا يفهموا سره ، المهم انه سيقوا إلى هنا مثلما يسوق المعيدي جاموسته إلى المرعى .لقد كنت في كل حياتي أرى في النبوءة حافز لمشاهدة ما في الغد من خفايا . وأني افعلها الآن بمساعدة هذه الفراشات الزرق . أنها في طيرانها الليلكي هذا تعيد ألي بيت الشعر الساحر الذي كتبته ذات حلم : من النوافذ خطوة المشي ، وليس من ناصية الطرقات.



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجغرافيا والفيلم الهندي
- غداء العباس وفكتور جارا
- مايا بليسيتسكايا وذيل السمكة
- تمرين في الكتابة الروحية
- مُسعدْ يرسم ملاكاً
- شيء عن هويتنا الثقافية
- سكان قفص الكناري
- جاموسة الموسيقار المصري
- السيخ لا يأتون من المريخ
- محظيات شمشون الجبار
- الأهوار وناجي العلي
- البكاء الشيوعي .....!
- مكاتيب ياس خضر
- دشاديش توم وجيري
- قريتنا وعطر الهاواي
- أساطير البالطو
- حوار راكيل وعزرائيل
- من سماء بعاذرا الى مياه الأهوار
- الجاسوس الأكادي
- لصوص الدواب


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - غاستون باشلار ونافذة الصريفة