أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماجد ع محمد - انزياحات المفاهيم في مديح الحرية الشخصية














المزيد.....

انزياحات المفاهيم في مديح الحرية الشخصية


ماجد ع محمد

الحوار المتمدن-العدد: 4798 - 2015 / 5 / 6 - 11:07
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


"المادِح كثيراً ما يكون عدواً مستقبلياً"
إميل سيوران
جرت العادة في بلادنا أنه ولمجرد أن يدلي أحدهم برأيه في موضوعٍ ما، أو يستهجن ظاهرة معينة تلبست بعض الناس، ولو كان الرأي المفوه به كان بالهمسِ حتى ترى العشرات يدافعون عن الذي أشير إليه بأصابع الاستنكار على تصرفٍ أو اسلوبَ حياةٍ أو هندام، وكله بدعوى الدفاع عن الحرية الشخصية التي يتطلب من الواحد منا عدم الاقتراب من حدودها، ولا يحق للمرء رفض ما يُزاوله هذا النفر أو ذاك، ولا يحق لكَ الامتعاض من غرائبية حالاتهم التي تراهم عليها، ولا يسمح لك عُرف الحرية حسب مفهوم الحرية الشخصية لديهم انتقاد سلوكيات أو ممارسات أو أية حركة من حركات الذين كُنتَ بصدد انتقادهم، ومطلوب منك احترام خصوصياتهم وعدم التدخل في شؤون الغير، وربما حضك بعضهم للسعي الى تحقيق ما يحبه هذا المُنجرف أو ذاك المُنزاحُ كالسكران الذي تأخذه الخمرة بالاتجاه الذي تريد.
والشعار لا يزال هو هو أي احترام خصوصية الناس، وعدم المساس لا من قريب ولا من بعيد بحراشف الحدود الشخصية لهم، وذلك حتى لا تُجرح المُتدَخِل مسننات الحرية وشيفراتها التي تحميهم من التطاول عليهم، حيث تمنعهم الحصانة أياً كانوا الدنو من تخوم مضاربهم.
أما أن يُعبر أحد الأشخاص المُعتبرين ممن لهم حضور آثر في المجتمع عن رأيه في موضوعٍ ما فسيظهر حينها المئات ممن يُسَخفون القول الذي صدر عن ذلك الشخص المُعتبر، ويستهجنون صراحته في إعلان الحب أو الكراهية التي عبر عنها الشخص بدون مواربة كأي مواطن يحب ويكره، أما أن يلبس الشب أغرب الألبسة ويروج لأردأ الألحان ويرتاد أرذل الأماكن ويقترف أعظم الموبقات فلا حرج عليه، ولا أحد يُعاتبه بدعوى أنه لا يزال يمارس حريته الشخصية، وكذلك الأمر عينه لدى الصبية، فأن تتعلق البنت بنجمٍ غنائي أو سينمائي أو رياضي وتزرع الدار بأشيائه، وتوزع صوره على كل جدران وخُزن غرفتها، ويصبح النجم هو معبودها الأول والآخر، فالكل سيقول لا بأس بذلك طالما أنها تمارس حريتها الشخصية. ولكن حين يأتي مسؤول في الدولة أو قائد من قادة الرأي أو شخص حزبي أو إنسان له حضوره الآثر في المجتمع ويُعبر صراحةً عن ميوله وإعجابه بخطط او أفكار أو سياسة زعيمٍ من الزعماء اسوةً بحب البنت لنجمها المفضل، فسنرى حينها عشرات المثقفين يتهمونه بتعظيم القادة والمساهمة في نشر الثقافة التمجيدية، وعلى أنه غدا عنصراً فاعلاً في معمل صناعة الدكتاتورية، أما أن يتعلق الفردُ كالمجذوبِ بفنانٍ لا قيمة تذكر لكل انتاجه ولا أهمية لمجمل ما يبوح به، فلا أحد يلومه على ذلك باعتباره يمارس حريته، وسيقولون بأن المشهور لم يُجبر الناس على التعلق به بالتالي السير خلفه فراداً أو جماعات، أما أن تضع صورة رجلٍ معاصر أو فلنقل راحل غيَّر مصير شعبٍ بأكمله وقدَّم للأمة أضعاف أضعاف ما تقدمه مطربة أو ممثلة أو ما يخطهُ كاتب لم يكن هدف الكتابة لديه يتجاوز إطار عدة أشخاص معني بهم ومعنيون به هو وليس المجتمع، فهذا في عُرف المثقفين احتفاءٌ بمبدعٍ أضاع جل عمره على دروب الإبداع، علماً أن كل هدفه الابداعي قد لا يتجاوز تحقيق الابهة من خلال البروز الإبداعي أو الوصول من خلال العمل الفني الى أهداف جد بسيطة أو حتى من الممكن أن تكون سخيفة ولا تعني سواهُ من أبناء المجتمع، أما إن ذكرت رجلاً في محفلٍ ثقافي استطاع أن يُحدث تغييراً في بنية مجتمع بأكمله فسيعتبرون ذلك بمثابة تقريظ سياسي مستحقر، أما ما هو الميزان الذي يتبعونه في هذه المقارنة فهو لا يزال غير معروف، لأنه لا يزال قائماً في إطار الكيل بمكاييل تتراقص بين مزاجية وموقف المبدع من هذا أو ذلك السياسي، عموماً فثمة شعور متبادل بين المثقف والسياسي في المنافسة على الجمهور، ومن سيحظى به أكثر من سواه، ومن سيكون كفيلاً بجرهم خلفه كلما اشتاق لرؤية الطوابير خلفة، ومن هو الجدير بأن يكون أهلاً للاحتفاء من قِبل العامة، لئن ضمنياً كلا الطرفين في حالة حسد مستمر من الجهة الأخرى، فالمثقف يشعر بالغيرة من السياسي على اعتبار أنه يستحوذ على الجمهور من دون وجه حق، وذلك من خلال تحكمه بالكثير من المنابر ضمن الدولة وكذلك قدرته بالتحكم بوسائل الإعلام، والساسة تغيظهم حالة فنان من الفنانين الذين يرى واحدهم خلال أغنية أو لوحة أو عرض فيلم يغدو نجماً ويصبح قدوةً لفئاتٍ بأكملها من المجتمع الذي هو منه، إذا أن هذا الوضعُ يغيظه ويشعره بالحنق لأن الموقف يُشعرهُ بأنه أخذ حصته من الناس، هذا طبعاً إذا لم يكن الفنان أو الشاعر من أوبته ويحوم في فضائه السياسي، أما إذا كان على خلافٍ مع توجهه فحسب وجهة نظر السياسي فإن ذلك النجم ليس له القدرة على إفادة أقرب الناس إليه، فكيف سيكون مفيداً بدوره للمجتمع برمته، وهكذا فدوامة التزاحم بين السياسي والمبدع لا تنتهي، ولكننا من وجهة نظرٍ أخرى قد نستغرب بدورنا ليس من موقف الحزبي فقط، ولا من تصرف الشخص الذي غدا نجماً في المجتمع على ما لديهما من شعور خفي أو ظاهر يدل على المزاحمة، إنما من هذه الازدواجية التي تسمح للشاب والبنت بالخروج عن القانون بدعوى الحرية الشخصية وترى عشرات المثقفين يدافعون عنهم، ليس حباً بهم ولكن ربما بدافع الرغبة الداخلية لمحاكاتهم، باعتبار أن أهل الفن الابداع عموماً لا يميلون لاتباع الاصول والانضباط في المجتمع، أما الشخص الاعتباري فإن نطق بما يتوافق مع السجية فسيكون المثقفين أول من يتناولونه، فلا يسمحون له حتى بالتعبير عن عواطفه تجاه أشياء مجتمعه والمُجاهرة بموقفه من قضية إشكالية أو مجاهرته بحب أدميرالٍ ما، إذ تراهم فوراً يلصقون به تهمة المعاداة أو الترويج للدكتاتورية، مع أنه حتى وإن كانت كذلك، فهي لا تزال أهدأ وأقل ضرراً من دعوات الطائشين ودكتاتورية الحرية التي يحب المراهقون العيش في ظلالها.



#ماجد_ع_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابحثوا عمن جعلني الطاغوت
- التضحية كُرمى المتخيل والتهرب عن أداء واجب الموجود
- ما بعد الاغتصاب
- جراثيم الأسد
- السكوت علامة الرفض
- صورة من صور الحقائق المشوهة (3)
- صورة من صور الحقائق المشوهة(2)
- صورة من صور الحقائق المشوهة (1)
- مسؤولية الارتكاس الثوري
- لو أني امرأة
- اسطورة كردية
- مبعوث السخائم
- اليوم معكم وغداً عليكم
- كوباني غراد
- المقدام
- استراتيجية الحقد والتسامح
- سرطان التطرف في سوريا وعقدة كوباني
- كوباني تغيِّر المعادلات
- ما قدسية ضريح سليمان شاه بالنسبة لتنظيم داعش؟
- السوريون بين خطابات الساسة وتصرفات الشارع التركي


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماجد ع محمد - انزياحات المفاهيم في مديح الحرية الشخصية