مُسعدْ يرسم ملاكاً

نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4795 - 2015 / 5 / 3 - 22:54
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

مُسعدْ يرسم ملاكاً
نعيم عبد مهلهل
أغلب خواطرنا تسكنها مفردة الملاك ، وحتما هذا يعود الى ما يربطنا بأجفان امهاتنا وجداتنا في قصصهن القديمة عن الخير والشر والنار والجنة حيث تكون الملائكة بأشكالها المتخيلة وهي تطير بأجنحتها البيضاء وما تسمى في تلك القصص ( الحوريات ) لتشكل بعض من احلامنا المسافرة الى منطقة في السماء لانعرف مكانها وجهتها. وهي في تعريفها المعجمي ما نصه : ملاك أو مَلَكَ جمعها الْمَلائِكَة أو ملايكة، صيغة وجدت في العديد من المعتقدات الدينية. تعتبر على نطاق واسع رسل من السماء ، الله ، بعثها للقيام ببعض المهام. تختلف المعتقدات حول الملائكة من حيث الطبيعة الدقيقة ودورهم ومهامهم. المفاهيم المتعلقة ظهور الملائكة تختلف أيضاً، فإنهم غالباً ما ينظر إليها على أنها من حيث المظهر شبيهة بالبشر ولكنها مجنحة.
ذات يوم انقطع معلم العربية والاسلامية عن الدوام ، ويقال أنه سافر الى مصر ليكمل دراسته على حسابه الخاص قي جامعة عين شمس ، فتأخرت مديرية التربية في سد النقص في ملاكنا لحين اعتباره مستقيلا ، ولأن حصص درس الجغرافية والتأريخ قليلة اوكلت لي مهمة تدريس التلاميذ العربية والتربية الاسلامية ، وقتها كان علي أن ابتعد عن التضاريس والجغرافية وادخل في عالم التفسير وخصوصا مع الآيات القرآنية ، واهمها ما يلح فيه مُسعد أن أتحدث عن الملائكة ، لأن المعلم الذي قبلي اخبرهم أن الذين يحملون ارواح البشر الراحلين الى السماء هم الملائكة .
مُسعد التلميذ الذكي كان أكثر التلاميذ من يشغله هاجس الملاك ، لهذا اقدم ذات يوم بتجميع ريش اجنحة البط الخضيري الذي يصيده المعدان وصنع منه اجنحة وراح يدور في ساحة التلاميذ وهم يصفقون ويضحكون.
وقتها قلت له : ما الذي تفعله يا مسعد .؟
قال :أريد ان اكون مثل الملائكة .
قلت :انت في هذه الاجنحة تصير مثل الطيور ، ولكنك طير داجن مثل الدجاج لا تستطيع ان تطير.
قال :وكيف اصبحُ ملائكا.؟
كان من الصعب علي أن أفسرَ لمسعد أن الملائكة هم ابناء الله والاقربون اليه ولا يمكن لبشر ان يكون ملاكا إلا بتصرفه ، وحتى اتخلص من اسئلته قلت له :اغمض عينيكَ وتخيل أنكَ تتحول الى ملاك ، هذا فقط ما مسموح للبشر ليقتربوا من الملائكة.
لا أدري أن كان مُسعد قد اقتنع بهذه الفكرة ، لكني بعد مرور عشرات الاعوام في عودتي الاخرى لزيارة المكان .
تذكرت ملائكة المكان من الصغار في فطرتهم في رغبتهم ليكونوا بأجنحة ويطيروا مثل الملائكة ، وتذكرت مسعد واسئلته الذكية وقلت لاحدهم اين مسعد ، فروى لي قصة مُسعد التلميذ الفطن وكيف انتهت به الحياة لينتحر في سابقة لم يتعودها الناس هنا لينهوا حياتهم.
وقال محدثي : أن من بين حاجيات مسعد التي وجدوها في حقيبة له اوراق بيضاء كثيرة رسم فيها اشكالا لملائكة ومن بينها رسم له هو وابنة خالته وقد لبسا اجنحة زرقاء وهما متعانقين وطائرين في السماء البعيدة.

#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات