|
ست ساعات للعمل وعشرة للتجدد ويومين للحياة
عربي الطاهر
الحوار المتمدن-العدد: 4795 - 2015 / 5 / 3 - 01:49
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
اللذة فعل تناقض لا كثافة، الأول من أيار يوم اضراب عمالي عام لا عطلة رسمية يعلنها الناطق الرسمي بإسم الحكومة البرجوازية ليسرق كذبابة الفاكهة لب هذا الاضراب العالمي العظيم بينما يبقيهِ براقاً ونضراً من الخارج! 1856 ليست 2015، الانتقال من الانسان الملازم للمكنة إلى المكنة الملازمة للانسان لم تحرر الانسان بل حولتهُ في سياق الاغتراب المتقدم للعولمة الرأسمالية وشروط إدارتها الحديثة إلى جسد ديناميكي واحد مستلب في قلب ميكانزمات العمل، حتى يستطيع لينين أن يبتسم من قبرهِ بينما تسقط ورقة التوت عن أسطورة التكنولوجيا الرأسمالية الحديثة ودورها في تحرير العمال!
إذاً هو الاضراب من جديد حتى تستعيد الفكرة السعيدة في الاحتفال بيوم للبروليتاريا ألقها، ولكن من أجل ماذا؟ بالضرورة ،من أجل توقف تام عن العمل يقرره العمال بأنفسهم بتاريخ جديد يناسبهم ويزيدهم ايماناً بقوتهم و يجعلهم أكثر شجاعة في بناء متراسهم وخندقهم الخاص الشرس في مواجهة السياسة البرجوازية الناعمة، خندق مطالب العمال في العالم عام 2015، المحددة بست ساعات للعمل وثمانية للنوم و عشرة للتجدد ويومين كاملين “للحياة”!
ست ساعات للعمل وعشرة للتجدد ويومين للحياة
يعرض أحد المواقع العربية الشهيرة بالتوظيف31 نتيجة إجابة على سؤال متعلق بأكثر عدد “مناسب”لساعات العمل اليومية بالإضافة إلى إحصائية غير محددة بعدد العينة مثلت فيه نسبة96%عن قناعة تامة بأن عدد الساعات “المناسبة” للعمل اليومي محددة ب 8 ساعات عمل و4% فقط من هذه الاجابات حددت 6 ساعات للعمل كعدد مناسب لساعات العمل اليومي.
تعكس هذه الإحصائية بصورة جلية اغتراب العمال وتشتتهم على عدة مستويات حداثية، فإذا كان الاغتراب المتكون في جولات الإقصاء والطرد المستمرة منذ القرن التاسع عشر حتى اللحظة بين العامل والسلعة التي ينتجها ولا يستطيع شرائها، وبين توزيع الأعمال داخل المنشأة الإنتاجية بشكل تقني مجتزء للقيام بمعالجات ميكانيكية محددة تنتهي بالعامل لنسج علاقة عدائية مع ساعات العمل ووقت الدوام الرسمي، ذلك أن للتكرار الآلي للعمل الجزئي مع الوقت أثره في مكننة العامل “الانسان” وتحويل الآلة والانسان الى جسد ديناميكي أو آلي واحد، بحيث لا يعود من المجدي إطلاق سراحهُ للقيام بوظائف حياتية/إنسانية أخرى غير العمل!
فبعد الساعات المحدودة التي يقضيها العامل في تمالك نفسهِ يجدُ نفسهُ عاجزاً عن الانخراط في أي نشاط اجتماعي ذو صفة إنسانية أو إبداعية، وذلك ما يدفعني لمقاربة سلوكي الفردي في مراحل العمل الأولى أو لنقل بوضوح مرحلة ما قبل التحرر من أوهام العمل فكرياً لا موضوعياً ، وهو ما يعكس الرغبة الآسرة لدي في الانعتاق _في ظل تكالب الموضوعي على الذاتي_ من العمل بصورة كلية! أذكر جيداً وفي المراحل الأولى من العمل بدأ إحساس بالعجز يتعمق، إحساس بعدم القدرة على إدراك أوقات الراحة أو يوم الاجازة مترافقاً مع موجات تأنيب ضمير حادة للجلوس في المنزل أو في الحديقة العامة دون القيام بالوظيفة الميكانيكية المحددة!
الاغتراب مرتبط إذا ليس بالعامل والسلعة التي لا يستطيع تملكها وليس فقط بالوحدة الديناميكية بين الإنسان والتقنية المستخدمة في العمل، إنهُ مرتبط بشكل كلي بساعات العمل الذي ينتج السلعة ويمكنن الإنسان ويدفعه لتقليد الدور بشكل متكرر ولانهائي لأطول مدة ممكنة بحيث تتجرد الوظيفة من موضعيتها المادية لتتحول إلى هوية وجودية منفصلة وتلقيهِ في غياهب الاغتراب الإنساني ليتحول إلى لقب “ميكانيكي أو مواسرجي معلم أو مهندس” ما يمنعهُ موضوعياً من التجدد سوى في سياق العبودية للعمل الآلي كمسنن أو كماكينة!
“إعادة الخلق” كما رفع في لوحة الاحتجاجات الأولى التي رفعها روبيرت اوين مطالبة بيوم عمل من ثماني ساعات وثمانية للتجدد ! تغدو مستحيلة في ظل علاقات الانتاج الرأسمالية التي لا تنتج إلا الاغتراب بغض النظر عن عدد ساعات العمل! ومهما بلغ ذكاء العامل في تنظيم وقتهِ بعد نهاية ساعات العمل!
من هُنا تبدو الإجابة عن السؤال المطروح في الموقع واحدة، سواء كانت الاجابة 6 ساعات أو ثمان ، لأن المشكلة الأساسية تكمن في علاقات الانتاج بذاتها، ودون التدمير الكامل والكلي لبنية العلاقات الرأسمالية، المنتجة للاستلاب و الاغتراب والقهر الحديث، يستوي أمر الإجابة ويغدو الاحتفال ناقصاً ويوم البروليتاريا العالمي ناقصاً أيضاً لذلك، فإننا إذ نقترب من العمال نقترب من ماركس، وإذ نقترب من الأول من أيار نقترب من الإضراب لا إلى الإجازة الرسمية، وإذ نقترب من الست ساعات نركل الساعات الثمانية، و إذ نقترب من التجدد نطلق النار على الاغتراب، وإذ يقصينا الاغتراب نثور على الرأسمالية.
#عربي_الطاهر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
آخر اخبار رواتب المتقاعدين شهر يناير العراق 2025 .. موعد صرف
...
-
مدير الصحة بغزة: العالم صار يتعامل بلا مبالاة مع الفظائع الت
...
-
صرف رواتب المتقاعدين في العراق شهر يناير 2025 بزيادة!!.. وزا
...
-
موعد صرف رواتب المتقاعدين شهر يناير 2025 والسلم الجديد
-
متقاعدو الأرجنتين يتظاهرون ضد تدابير التقشف التي فرضها الرئي
...
-
احتجاجات عمالية غير مسبوقة: ستاربكس تواجه إضرابًا شاملًا قبل
...
-
وزارة المالية العراقية توضح حقيقة زيادة رواتب المتقاعدين في
...
-
100 ألف دينار زيـادة رواتب المتقاعدين في العراق شهر يناير !!
...
-
وزير التجارة السوري: زيادة الرواتب 400% مع تحرير السوق ورفع
...
-
زيادة رواتب التقاعد في العراق 2025 حقيقة ام خيال هيئة التقاع
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|