|
القاضي العراقي هل أنصفته الحكومة والجمعية الوطنية ؟
مظهر الزهيري
الحوار المتمدن-العدد: 1332 - 2005 / 9 / 29 - 09:45
المحور:
حقوق الانسان
القضاء هو الضمان الحقيقي للمواطن وهو الدعامة التي يتعكز عليها المظلوم . ومنذ أن ظهرت الحاجة إلى وجود طرف محايد يحتكم إليه الخصوم لفض منازعاتهم ظهرت وظيفة القضاء مؤطرة بهالة التقدير والتبجيل، ولم يقتصر الحال على مجتمع دون آخر بل في كل المجتمعات، وفي ظل الإسلام نال القضاء سموه العالي واعتبر القاضي خليفة الله في أرضه واجتهد علماء وفقهاء الشريعة الإسلامية في تبجيله وتعزيز مكانته لا لشخصه بل لعظمة رسالته ونبل مهمته ، فتكفل المشرع الإسلامي بشؤون القاضي وقدمها على كل المواقع والمناصب الدينية والدنيوية وأسبغ عليه نعم الله التي أجراها الخالق عز وجل لعباده المؤمنين . فترى القاضي في صدر الخلافة الإسلامية يتقاضى راتباً أعلى من راتب الخليفة الذي كان يمثل الرأس الأعلى للسلطة في الدولة الإسلامية كما تكفل بتامين مسكنه وقوت عياله وخدمه، والزم القائم بالأمر بتوفير وسائط النقل المتيسرة في حينه، وذلك من اجل ضمان حيادية ونزاهة القاضي من الميل تجاه الشهوات أو الميل تجاه ضغط الحاجة عليه، واستمر القضاء على هذا المنوال حتى يومنا الحاضر وفي البلدان الغربية ذات التطور والتحضر الصناعي نراها قد وفرت للقاضي ما لم يتوفر لأحد من المسؤولين في الحكومات من حيث الراتب والخدمات وما شابه ذلك من مستلزمات الحياة الكريمة، وفي بلدنا الذي عانى من قسوة السلطة وظلم الحكام وجور الطغاة كان القضاء أول الجهات التي تعرضت إلى سهام وحقد أعداء العدالة من حكام ومسؤولين، وفي ظل النظام المقبور كان للقضاء سهم كبير من ظلم هؤلاء فدخل بعض القضاة السجن لمواقفهم النبيلة تجاه شعبهم وعزل البعض الآخر فلم يكتفي النظام البائد بهذا بل سعى إلى تلويث اسم القضاء ببعض الإمعات حينما أدخلهم في هذا السلك الشريف. ومع كل هذا لم تثلم سمعة القضاء العراقي وبقى مع الحق يدور حيثما يدور العدل والإنصاف، وحينما يئس النظام المقبور من تسيير القضاء باتجاهاته المشبوهة ولمس إصرار القضاء على أن يكون العين الحارسة على تطبيق القانون، لجأ ذلك النظام المقبور إلى تشكيل هيئات خاصة به مكونة من أزلامه لتنفيذ رغباته . والشواهد على موقف القضاء العراقي في الحياد والبقاء مع الحق كثيرة منها قرارات أصدرتها المحاكم بإلزام الوزارات والوزراء في النظام المقبور بأداء أو تنفيذ الأحكام التي أصدرها والتي كانت تتعارض مع توجه السلطات آنذاك وهذا الأمر قد دعا النظام المقبور إلى إصدار قوانين منع فيها المحاكم من سماع بعض الدعاوى، وذلك لخوفه من عدالة القضاء العراقي ومواقفه المشرفة، كما إن موقف القضاء في الفترة التي تلت الانتفاضة الشعبانية المباركة حينما عرضت قضايا بعض الموقوفين من أبناء الانتفاضة على محاكم الجنايات والتي أصدرت قراراتها بالإفراج عن الذين عرضوا عليها مثلت صفعة قوية في وجه النظام . فهذه الأمور كلها تبين إن القضاء كان مظلوماً من قبل النظام المقبور ولم نشاهد حتى هذه اللحظة أي إنصاف له، وفي المرحلة الراهنة نرى ونلمس حرص القضاء العراقي على البقاء على ذات النهج بالاستقامة وتطبيق القانون دون تمييز أو تفرقة كما إن للقضاء العراقي موقفه المشهود في محاربة الإرهاب والفساد الإداري والمالي ومحاربة الجريمة من اجل ضمان حماية المجتمع والحفاظ على كينونته وانه قد قدم بعض منتسبيه من القضاة والادعاء العام قرابين من اجل إضاءة درب مسيرة الشرف التي اختطها القضاء العراقي بتاريخه الناصع والمشرف . وكان الشهداء من القضاة مصابيح تنير العتمة وتجلي الظلام وان زملائهم جادون في السير على خطاهم من اجل إحقاق الحق وإنصاف المظلوم . ومن ذلك نرى جسامة المهمة الملقاة على عاتق القاضي العراقي التي لا ينسجم معها حجم الدعم المقدم اليه، علما ان النظام المقبور سعى إلى تحديد راتب القاضي فأوصل الحال إلى الحد الذي لم يستطع فيه البعض من سد رمق عيشه وعيش عياله، وخصوصاً للقضاة من الشباب الذين عاهدوا أنفسهم على أن يسيروا على خطى اسلافهمم في إحقاق الحق وان دورهم الحالي في مكافحة الإرهاب واضح وبين من خلال القرارات الجريئة التي أصدرها بحق من سعى للعبث بأمن المواطن والوطن . ومع كل ما تقدم لم نجد أي دعم مادي لهم من قبل الحكومة أو الجمعية الوطنية فنرى أن رواتبهم الحالية تكاد لا تكفي نتيجة لارتفاع مستوى الأسعار وان الكثير منهم لا يملك دار أو قطعة ارض يسكن فيها مع عائلته وتبعده عن شبح الإيجارات وضغط الملاك من أصحاب العقارات وكذلك لم تمنح لهم وسائط النقل التي يتملكونها لحسابهم الخاص بواسطة تسهيلات تقدمها الحكومة لهم على الرغم من ان مجلس القضاء الأعلى وبقيادته الحالية أعطى وقدم الكثير للقضاة ومنها تخصيص سيارات حكومية لنقلهم ، لكن على الحكومة والجمعية الوطنية إن تفعل أكثر من ذلك ، حيث أن عفاف القضاة يمنع من السؤال أو طلب الدعم لان عفتهم وعزتهم تمنعهم من ذلك، لذا علينا أن نطالب لهم بالنيابة لان أمننا وضماناتنا بوجودهم وعدالتهم وان نسعى لنوفر لهم ما أمر به الإسلام من كسوة ووسيلة نقل ودار سكن وراتب يكفي لسد الحاجة، والأمل في حكومتنا وجمعيتنا الوطنية كبير من اجل دعمهم ومساندتهم لتمكينهم أداء عملهم الرباني والانصافي
#مظهر_الزهيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اللاجئون السودانيون.. مأساة لم ينهها عبور الحدود واللجوء
-
الأمم المتحدة تحذر: شبح المجاعة يهدد 40 مليون شخصًا في غرب أ
...
-
تظاهرات في تل أبيب مطالبة بصفقة للإفراج عن الأسرى
-
الشروق داخل معسكرات النازحين فى السودان.. حكايات الفرار من ا
...
-
استشهد زوجتي وإصابتي أفقدتني عيني
-
مصدر فلسطيني: عودة النازحين قضية رئيسية في المفاوضات وتوجد ع
...
-
دعوات إسرائيلية لمظاهرات تطالب بصفقة تعيد الأسرى
-
مندوب فلسطين بالجامعة العربية يدعو لتفعيل الفصل السابع من مي
...
-
عبد الرحمن: استقبال عناصر النظام البائد وتسوية أوضاعهم ممن ل
...
-
دعوات إسرائيلية لمظاهرات تطالب بصفقة تعيد الأسرى
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|