عبد الحسين العطواني
الحوار المتمدن-العدد: 4793 - 2015 / 5 / 1 - 19:18
المحور:
المجتمع المدني
المراجعات المملة
مراجعة المواطن لدوائر الدولة امرا ملازما له , لكونه يرتبط بمجريات حياته وهي يمكن تقسيمها الى نوعين :
الاول : يتعلق بالهوية الوطنية وما الى ذلك من تحديث ملصقاتها الاربع , ولا اقول ( مستمسكات ) , وجوازات السفر , فضلا عن الشكاوى المختلفة , والمسائلات القانونية , وقضايا القتل والتزوير والاحتيال , وتلك بمراجعة مراكز الشرطة , والجنسية , والجوازات .
اما الثاني : فهو يختص بأدامة وتوثيق المتطلبات الاساسية للمواطن في دوائر العقار , والبلدية , والكهرباء , والمرور , ومراكز التموين , ولاجدل ان هذه الدوائر نادرما يفلت من مراجعتها أحد , اما الدوائر الاخرى كالزراعة , والتعاون , والتقاعد , ومؤسسات الشهداء , والمهجرين , والمصارف , والجامعات , فضلا عما يتبعها من مناقصات , وعقود , وكشوفات فهي قد تتحدد بفئات معينة من المجتمع .
اعتقد ان الصورة واضحة للجميع وتغنينا عن الدخول بتفاصيل أكثر عن مسميات الدوائر ,ولابوجد من كان بعيدا عن هذه المراجعات , وان كان بعضها كما اشرنا لايشمل الجميع , لكنه في نفس الوقت يشكل عبأ اضافي للمراجعات الاساسية .
وفيما تقدم لانهدف منه استعراض أسماء دوائر الدولة واختصاصاتها, بل لنوضح زخم المراجعات الملقاة على كاهل المواطن , وماتتخللها من صعوبات , من المؤلم والمؤسف جدا ان يسهم في تفاقمها بعض المديرون , او المسؤولون عن هذه الدوائر الخدمية , او الامنية , سواء كان ذلك بقصد , او بغير قصد , نتيجة لضعف الاشراف والمتابعة بما يدور حول الموظفين , او المنتسبين , من خلال عدد من السياقات القاسية والمتبعة في التعامل مع المراجعين ,سببها تراجع فيها الشعور الوطني , والقصور الاجتماعي بأرهاق المواطن بمراجعات , لاأول لها ولاآخر , قد تطول ايام , وبعض المعاملات قد يستغرق انجازها , او الحصول على النتيجة لشهور , لالسبب رئيس , او خلل معين يمكن ان يترك تخوفا , او ينعكس سلبا على أداء الموظف المختص , وانما افتراضات يجتهد بوضعها لاتخضع لآى نظم , او لوائح ادارية , اوقانونية , وهؤلاء الموظفون هم على قسمين :
القسم الاول : يتبجح بالبيروقراطية الادارية , او النزعة العسكرية بالنسبة لقوى الامن , المشحونة بالروتين الذى يجدون من خلاله فرض التسلط بدواعي الاخلاص للوظيفة وتعظيم هيبة الدائرة , وعدم المساومة على التعليمات الاساسية التي تنص على ذلك , هذا النوع من الموظفين اسهل واقرب الى المواطن من النوع الثاني الذى سيتم التحدث عنه لاحقا , لكونه يتصف بقدر من النزاهة ,ولكن بأجراءات حازمة تفوق المقرر , مما يجعل المراجع في شك من امره لئلا تكون اوراقه غير مستوفية للشروط .
اما القسم الثاني : فهم فئة الابتزاز والتعطيل المتعمد بغية الحصول على مكاسب مادية خارج الاطر الرسمية والشرعية للوظيفة , وهم اصحاب النفوس الضعيفة يتفننون بالمراوغة والمساومة, من خلال استخدام حجج واهية ومتعددة منها : ان الموظف / الموظفة المسؤولة عن تدقيق المعاملة متمتعة بأجازة , او المدير / المسؤول المخول بالتوقيع مكلف بواجب خارج الدائرة , او لديه اجتماع في مكان ما , او هو في ايفاد خارج القطر ووو... الخ , مع التلميح بتأخير عودته لكي يزرع اليأس والملل والاحباط في نفس المراجع ليترك الدائرة , ويعود في اليوم التالي بحماس على أمل الانجاز , لكنه يصطدم بنفس السيناريو , وكذا بالنسبة لباقي الايام , وهذه العمليةعادة ماتتم قبل استلام المعاملة , او البحث عنها اذا كانت مستلمة , فالفقدان او ضياع الاوراق امر طبيعي , بعدها يجرى التدقيق وتشخيص النواقص المفتعلة , والطلبات التعجيزية , منها على سبيل المثال لا الحصر : بأن المستمسكات قديمة الاصدار , او غير واضحة , او ان بعض الاوراق تحتاج الى صحة صدور , او البعض الاخر يتطلب مفاتحة مسقط الرأس , ولانعرف اذا كان مسقط الرأس في المحافظات , وكثير من الاساليب الملتوية التي ليس لها مبرر حقيقي , هذه الاجراءات تنطبق على الدوائر المدنية , وبعضها على مراكز الشرطة , مع ان هناك من تنفرد فيه مراكز الشرطة , مثلا : ان الامر يحتاج القبض على جميع المتهمين حتى يمكن البت بالقضية , او عدم حضور احد الشهود , او ان المتهم اعترف بالجريمة ( جزافا ) , او سيتم اعادة التحقيق بناء على طلب السيد القاضي , او ان التحقيق يحتاج الى وقت طوبل , او سيتم تسيير المتهم والشهود الاسبوع القادم الى القاضي , وهكذا ستكون الاجابة بالاسابيع القادمة , وكل ذلك يتحدد فيه مصير المتهم , اونتيحة اوراق القضية بمطالعة دائرة الشرطة المختصة من خلال مطالعة تقدم للقاضي الذى يتخذ قرارة بناء على المعلومات الواردة فيها والنتيجة التي خلص اليها ضابط التحفيق , لكن السؤوال المطروح تحت أى ظرف كتبت هذه المطالعة ؟, وكم هي المكاسب المادية من وراءها ؟ وهل هي فعلا معبرة عن حيثيات الحدث بشكل حقيقي دون ان يظلم احد تبعا لتأثيرات معينة ؟
نقول لماذاهذا الاحتيال والتجاهل والاجحاف بحق المواطن الذى لم يذق طعم الراحة والاستقرار
والامان على مد العصور , ونتسائل ايضا آلم يكن المدير , او المسؤول عن الدائرة محاسب امام الله اولا , وأمام الشعب ثانيا عن آى عمل من شأنه يجلب الضررعلى المواطن ونحن نعيش في ظل الديمقراطية وحرية الرآى , ولماذا لايتحسس الموظف معاناة المواطن في هذه الظروف الصعبة التي يقطع البعض عشرات الكيلومترات في الزحم المروى والتعرض للتفجيرات واجورالنقل لينجز معاملته , لكنه يواجه بالفشل , او قد يتعرض الى اقصى حالات التعذيب او والضغط النفسي والسجن دون ذنبا له سوى اتهام باطل, ولاطريق للخلاص الا عن طريق دفع الرشاوى التي تكلفهم احيانا بيع مقتنباتهم المنزلية .
فأى نوع من هذا التعامل المجرد من قيم السماء والانسانية الذى يمارسه هؤلاء الذين اعتادوا على آكل الحرام ( السحت ) وامتصاص دماء الفقراء .
واخيرا وليس اخرا ان يلتفت المسؤولون لهذه الظاهرة الخطيرة ومعالجتها بالطرق القانونية والرسمية والزيارات الميدانية المفاجأة وسد الطرق امام كل من تسول له نفسه الاعتداء على حقوق الاخرين والنيل من كرامتهم وابتزازهم بأستغلال الوظيفة , وبالتالي نحمي العباد من الظلم والاستعباد والمراجعات المملة , وحتى لانبخس الناس اشياءهم فأن هناك الكثير من الموظفين في دوائر الدولة هم بمستوى المسؤولية الوطنية والاخلاقية سعيهم دائما لخدمة الناس وتسهيل امورهم وتذليل الصعوبات التي تواجههم بكل سلاسة وتواضع , عليه يفترض تمييزهم وتقديم الشكر والتقديرتثمينا لاخلاصهم وتفانيهم .
#عبد_الحسين_العطواني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟