|
هل سقط العراق واصبح مجرد مسرحاً لعرض مسرحية الإرهاب الأمريكية
عادل كنيهر حافظ
الحوار المتمدن-العدد: 4792 - 2015 / 4 / 30 - 22:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يبدو أن بلاد النهرين أو (فيزوبوتاما) أرض السواد ، كما ينعتها اليونانيون في لغتهم الخاصة ، أمست شحيحة العطاء وواهنة القوى ، ولا يمكن لأحد أن يتجاسر على القول ، بأنها سترتدي ثياب العافية ، في المدى المنظور ، ويرجع ذلك لجملة عوامل وأسباب ،منها موروثة من سياسة نظام البعث البائد ، ومنها ولدت من رحم الاحتلال الأمريكي المشئوم للعراق ، والذي تأتى بسبب سياسة ذلك النظام ، السياسة التي تركت داءً عضال ، في الطبيعة والمجتمع والعقل البشري العراقي , والأمر الأقسى على نفوس أحرار العراق على وجه الخصوص ، هو اعتبار الأمريكان أنفسهم ليس غزاة طامعين محتلين ، بهدف الاستيلاء على ثروة البلاد ، وإنما مخلصين ومنقذين , ولهم في ذلك الفضل الكبير على الشعب العراقي ، وان تدخلهم في رسم سياسة الدولة ، هو من باب ترشيد إدارة البلاد ....... . إلا أن واقع الحال ينبئنا عن أن الأمريكان يستحكمون استعمارهم للبلاد و يجرْونها إلى المآل الذي ينسجم مع رؤيتهم و يخدم مشاريعهم في المنطقة ويلبْي الأطماع الأقتصادية لشركاتهم ،لاسيما شركات تصنيع السلاح والعتاد الحربي . ويتجلى التحكم الاستعماري الأمريكي في أربعة مجالات أساسية ، أولها التدخل الأمريكي المباشر في التأثير على القرارات التي توجه وترسم سياسة الدولة الداخلية ، وعلاقاتها الخارجية ، وبما يخدم مصلحة أمريكا في المقام الأول ،ومصطلح (مصلحة أمريكا) هو تعبير محور لمصالح شركاتها المتحكمة بتلابيب صناع السياسة العامة للولايات المتحدة الأمريكية ، لاسيما شركات إنتاج السلاح ، التي أصبحت أرباحها تتجاوز 65 مليون دولار يومياً ،كما يقول روبرت فسك في الأنتي بندن ألندنية ، ولذلك ليس من مصلحة هذه المؤسسات صاحبة اليد الأطول في صنع القرار الأمريكي ،القضاء على داعش في مدى زمني قصير، وإنهاء القتال في العراق ،أو غيره من دول العالم . وعليه ليس من الغرابة بمكان، أن توقع الطائرات الأمريكية قرابة 23 عسكرياً عراقياً بين قتيل وجريح ، عندما كانوا يطاردون فلول داعش في الرمادي يوم 14 من شهر شباط ، و ما هوَ لعبٌ بريء ، ما كشف عنه رئيس اللجنة الأمنية ، في محافظة صلاح الدين ،الشيخ جاسم الجبارة ، والذي مفاده أن الطائرات العسكرية الأمريكية ،قد قامت بإسقاط أسلحة ومؤن بالمضلات على مواقع داعش في قضاء الدور ،ونفى الشيخ الجبارة نفياً قاطعاً ، كما نقلت عنه عراق بريس يوم أربعة شباط ، أن تكون الحادثة غير مقصودة ، كون الأمريكان يعرفون تماماً ، أن المنطقة تقع تحت سيطرة ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية في بلاد العراق والشام (داعش) وأكد الشيخ رئيس اللجنة الأمنية لمحافظة صلاح الدين ، أن حادثة إلقاء أسلحة ومؤن بالمظلات تكررت ،في قضاء الدور، كما أن مصادر وشهود عيان ثقات ، نقلوا لوكالة العراق بريس تكرار عملية إسقاط أعتده ولوازم ومؤن بالمظلات ، من طائرات مجهولة ، وآخرها يوم ثلاثة شباط ، بالقرب من حقول الدواجن في القضاء الذي يحكمه داعش . ومع تكرار حالة إلقاء المؤن على مواقع داعش من قبل سلاح الجو الأمريكي وفي أكثر من مكان في العراق وسوريا وتحديداً في كوباني (عين العرب)ورغم إنكار القيادة العسكرية الأمريكية لهذا الأمر، تتراكم علامات الاستفهام حيث يؤكد عموم الحال الشكوك التي أفصح عنها كثير من السياسيين والمتابعين للشأن العراقي ومنهم السيد حاكم الزاملي رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي ، وكذلك وزير المواصلات السيد حسن العامري ، حيث لمحَ وصرحَ الرجلان لوسائل الإعلام عن عدم قناعتهما بجدية الإدارة الأمريكية في محاربة الإرهاب , وهوَ ما أكده السيد عمار الحكيم في خطابه بالمنتدى الثقافي يوم السادس من آذار، مما يعيد إلى الأذهان حقيقة ما أعلنته وزيرة الخارجية الأمريكية هالري كلنتن ، وعلى رؤوس الأشهاد : أن الإدارة الأمريكية هي صاحبة فكرة استخدام المنظمات الإسلامية المتطرفة والمسلحة ،لتحقيق أغراض سياسية تتطلبها العناصر المكونة لسياسة أمريكا الكونية . وخلال فترة احتلالها الرسمي للعراق،لم تكتفي الإدارة الأمريكية ، بسرقة مليارات الدولارات وبطرق مختلفة من أموال الشعب العراقي المغدور، وإنما عملت لتشكيل نظام سياسي يتصف بالضعف والهشاشة لكي يكون بحاجتها دائماً . ثانياً- إستدامة ضعف النظام بتكريس المحاصصة الطائفية كآلية لإدارة الدولة ، مما يبخس روح المواطنة ، ويبعث على الاغتراب ، ثم يؤثر ويثلم الشعور الوطني للسكان ، حيث لا يعار الاهتمام للوطنية والنزاهة و الكفائة ولاختصاص ، وبالتالي تمزيق نسيج المجتمع العراقي ، حيث يسهل التدخل في قرارات توجيه الدولة ومواطنيها , الوجهة التي يريدون ، وما يطلق المدى للدور الأمريكي في العراق ، هوَ أنهم أسقطوا نظام صدام ونصبوا الحكام الجدد ، وجعلوا النظام العراقي الجديد ينصاع كجزء من النظام العربي الطيع في ماهية النظام الرأسمالي العالمي الجديد ، الذي تغلب فيه سياسة تحقيق المصالح الاقتصادية بوسائل عسكرية . ثالثاً- الاستثمار الأمريكي البشع لواقع التكوين الطائفي والعرقي المتنافر في العراق والمنطقة ، الذي لم ينسجم إلا مرغماً وعلى امتداد التأريخ القريب والبعيد ، حيث يظهرون تعاطفهم مع طائفة بهدف تطويع الطائفة الأخرى ،وهكذا وصولاً إلى شعور الجميع بضرورة وجودهم كضامن لوحدة المجتمع ،مما يسهْل ذهابهم بعيداً في التلاعب بشؤون العراق ، وحسب متطلبات مصالح الاحتكارات ، التي درجت على تسميتها زوراً مصالح أمريكا . رابعاً- وهو الأهم ، تكريس وجود جماعات وعناصر متباينة ومختلفة في الرؤى والأهداف لا وجود للثقة من مكان بل التآمر والتسقيط ، في تعامل بعضهم مع البعض الآخر، الحال الذي يقتل الوحدة ثم الإرادة السياسية في بناء الدولة ،ورعاية شئون المواطنين ،وينشئ فضاءً فسيح للفساد بكل مسمياته ، مما ينعكس سلباً على علاقة السلطة السياسية مع الشعب . لكي تلعب أمريكا ، دور الضامن والحكم والوسيط (والأخ الكبير) .ومن باب الميانة على الشعب العراقي قررت أن أخيراً تتعامل مباشرة مع مكوناته قبل التنسيق مع الحكومة المركزية !!! ومن عموم ما تقدم ، يتأهل المرء على القول : أن الأمريكان يسعون بجد لتنفيذ مخططاتهم في العراق ، كجزء من خطتهم لتفتيت بلدان الشرق الأوسط إلى دويلات صغيرة تابعة لهم ، وما ييسر لهم ذلك هوَ الخليط المتنافر من الساسة الذين على رأس السلطة العراقية ، الأمر الذي يفيد بمعاني ودلالات باذخة ، على أن العراق لن تقوم له قائمة ، إذا لم يخرج الشعب العراقي إلى الشوارع بمظاهرات عارمة ويأخذ مقاليد أموره بيديه ، ويغير الحال لصالحه ، وللمناسبة سئلَ تروتسكي , زعيم الحزب البلشفي فلادمير إليتش لينين في مؤتمر الحزب العاشر : ما العمل إذا وصلنا إلى حالة اليأس من العطاء للحكومة الحالية ؟ سنذهب إلى الشارع ، أجاب لينين بمنتهى التلقائية كما يصفه بوخارن . يعني اللجوء إلى الناس وتحريكهم صوب تحقيق مصالحهم . ونحن الآن في العراق ، لا يلومنا أحد إذا توجهنا إلى الشارع ،لأننا يئسنا تماماً من عطاء العملية السياسية وراعيها الرسمي العم سام .
• تروتسكي وبوخارن , هم أعضاء في قيادة الحزب البلشفي , الذي فجر وقاد ثورة أكتوبر العظمى في روسيا
#عادل_كنيهر_حافظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من يبني العراق ؟
-
لا للتجييش والتجييش المضاد
-
يجب ان يجري الحديث عن ابو الدواعش
-
ما بين ممثل العمال وممثل الآلهة
-
هل باتت حكومة المحاصصة , قدر العراقيين ؟ !!
-
إنتحابات العراق ازمة تلد اخرى
-
عواقب الانتخابات ومستقبل الدولة العراقية
-
الطبقة العاملة كانت ومازالت وستضل عصب الحياة ومنتج خيراتها .
-
بين الناخب والمرشح
-
قانون الاحوال الشخصية الحعفري
-
المرأة , هذا الكائن الجميل , هلمن سبيل لإنصافه
-
آفة الطائفية في العراق , إذا لن تجد من يتصدى لها ويقاتلها ست
...
-
يبدو ان الرئيس السوري بشار الاسد قد نجح في ادارة الازمة في س
...
-
لماذا يعوذ الإسلاميون بالله من كلمة علمانية ؟ الجزء الأخير
-
لماذا يعوذ الإسلاميون بالله من كلمة علمانية ؟ الجزء السادس
-
لماذا يعوذ الإسلاميون بالله من كلمة العلمانية ؟ الجزء الخامس
-
لماذا يعوذ الإسلاميون بالله من كلمة العلمانية ؟ الجزء الرابع
-
لماذا يعوذ الإسلاميون بالله من كلمة العًلمانية ؟ ألجزء ألثال
...
-
لماذا يعوذ الإسلاميون بالله من كلمة علمانية ؟ الجزء الثاني
-
لماذا يعوذ الإسلاميون بالله من كلمة العَلمانية ؟
المزيد.....
-
مصر: الدولار يسجل أعلى مستوى أمام الجنيه منذ التعويم.. ومصرف
...
-
مدينة أمريكية تستقبل 2025 بنسف فندق.. ما علاقة صدام حسين وإي
...
-
الطيران الروسي يشن غارة قوية على تجمع للقوات الأوكرانية في ز
...
-
استراتيجية جديدة لتكوين عادات جيدة والتخلص من السيئة
-
كتائب القسام تعلن عن إيقاع جنود إسرائيليين بين قتيل وجريح به
...
-
الجيشان المصري والسعودي يختتمان تدريبات -السهم الثاقب- برماي
...
-
-التلغراف-: طلب لزيلينسكي يثير غضب البريطانيين وسخريتهم
-
أنور قرقاش: ستبقى الإمارات دار الأمان وواحة الاستقرار
-
سابقة تاريخية.. الشيوخ المصري يرفع الحصانة عن رئيس رابطة الأ
...
-
منذ الصباح.. -حزب الله- يشن هجمات صاروخية متواصلة وغير مسبوق
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|