لاهاي جمال الدين العارف
الحوار المتمدن-العدد: 1331 - 2005 / 9 / 28 - 13:10
المحور:
حقوق الانسان
نعيش وسط عالم تغير فيه كل شيء ابتداء من الانسان الى الضواهر المحيطة به وانعكست افكار مسيري الشأن العام على الواقع الاجتماعي بما فيه صلاح للانسان نفسه ويبقى المخالفون لطبيعة الحياة وقوانين العقلاء من بني الانسان لضبط الحياة الادمية في كل مجتمع كضواهر شاذة من الناس يحكم عليهم بحرمانهم من الحرية التي اسائوا استخدامها بوضعهم بين أربعة جدران مضلمة الذين ابتكروا السجن ابتكروه عقابا للمسيئن الى المجتمع , الا ان العالم المتحضر قلب الموازين بخصوص العقوبة وارتأى ان تخسر المجتمات شخصا واحدا بدلا من شخصين , لذلك تم ايداع السجين في السجن على أساس تربيته واعادة تأهيله للعودة الى الحياة مرة ثانية لأن اوان عودته الى المجتمع حتمية ما لم يكن حكم عليه بالاعدام أو المؤبد فهل سجوننا نحن تعيد الناس الى رشدهم وتهذبهم بحيث يكملون مشوار حياتهم بيننا كمواطنين حين ؟ أم ان سجوننا مراكز تنتج المجرمين والحاقدين على المجتمع ؟
الواقع المغربي يشير الى تغليب التسائل الثاني عن الاول كيف ذلك ! الوضع الذي توجد عليه سجون المملكة مخزية لا تشرف المستقبل ولا الحاضر المغربي والحوادث التي تقع وترتكب فيه لا يمكنها الا أن تخرج مواطنين معوقين في الفكر والسلوك النفسي بهذا تكون رسالة السجن غير متوفرة في المغرب ويمكننا في هذه الحالة اطلاق المنفى على هذه الجدران الاربعة بدل السجن ولكي تتضح الصورة أكثر علينا الوقوف مليا امام ما يمكن ان يحدث في السجن .
الاكتضاض : مرة حضرت احدى المحاكمات بدافع الفضول واستدعي حراس السجن كمتهمين من قبل بعض السجناء أمام القاضي وسالهم هذا الأخير كم بكم في الغرفة أجاب أحد السجناء الاربعة نحن 38 القاضي لم يستوعب الرقم رددالسؤال كمن لم يسمع جيدا كم قلت قال 38 بدت على القاضي علامات الاندهاش لكنه تحاشي الموضوع ودخل فيما يليه , هذا العدد واكثر منه في غرفة واحدة تعني ان السجناء ليسوا مواطنين بل نزعت عنهم آدميتهم عدد من هذا الكم مختلط بهذا الشكل حتما ستنتج عنه افعال خطيرة مسيئة الى حد بعيد لنفسية الانسان علاوة على حرمانهم من شروط النوم والفراش الملازم والاكل النظيف والامن و سيادة القوي على الضعيف وما ينتج عنها من استعباد وتعرض للاغتصابات والاهانات والضرب والتهديدات ولنقف فقط عند حادث اغتصاب الانسان للانسان هل ستبقى نفسية المغتصب صالحة ومسالمة للمجتمع أثناء عودته الى الحياة الطبيعة ؟ ثم أضف اليها الممارسات المشينة التي يرتكبها حراس السجن والمخالفات التي تنتج عنهم بسبب تصرفهم بالشطط في حرمان السجين من تمرير المسموح به قانونيا بل مصادرته في غالب الاحيان , ضروف السجن المعنوية والمادية اذا كالمراحيض والبيوت والساحات مزرية للغاية عوامل كلها نفسية ومادية تلعب دورها في افقاد السجن وضيفته الاصلية فهل في مثل هذه الضروف يجب الابقاء على هذه المؤسسات التي تنتج المجرمين والحاقدين والمعوقين نفسيا وفكريا ؟ أم من الافضل اغلاقها والتفكير في بناء مؤسسات اخرى تناط بها عملية اصلاح السجناء . السجين ليس انسانا لا يرجى صلاحه فالسجن قد يدخله الشريف والفاضل والعاقل والمحترم والمثقف والمضلوم والمعتدى عليه فقط اذا أخذنا بعين الاعتبار أن الانسان خطاء بطبعه ؟
ثم أن وجود عناصر قديمة وشايخة في الفكر والسن لن يمكنها سوى انتاج ما هو ذا علاقة بالماضي والتخلف وبهذا الشكل لن يتقدم المغرب ما دام هؤلاء مسيطرون على زمام المسؤوليات في الادارت المغربية . فمن اين يأتي الاكتضاض المسبب لانعدام الادمية في السجون أذا ؟ وما يترتب عنها من كوارث مادية ومعنوية ؟ بغض النظر عن الجريمة ومسبباتها فأنه نابع أساسا من شلل حاصل في القضاء المغربي الذي يجتر قوانين الماضي دون التوقف والتفكير في المستقبل لاصلاح الاخطاء الفكرية التي تنتج قوانين متحجرة غير مسايرة للتطور الذي حققه الانسان المعاصر كيف ذلك ؟
عندما يكون لدينا قضاء بقوانين عتيقة ترغم القضاة على الانقياد لمعانيها ومضامينها في هذه الحالة لا يمكن لهذا الهيئات المشرفة على تنفيذ القانون سوى تتبع المساطر القانونية المتوفرة حاليا وهذه الترسانة القانونية لا تعرف سوى السجن كعقوبة على اسراف المواطنين في حرياتهم أو تجاوزهم لحدودهم في المجتمع المغربي وانعدام البديل يفقد لخزينة الدولة ميزانيات محترمة كما يسبب لها تشوهات بسبب تدهور حقوق الانسان في سجونها نتيجة الاكتضاض وما ينتج عنه من سلوكات منحرفة .
القضاء في الغرب تخلى الى حدود بعيدة عن عقوبة السجن في العديد من القضايا التي امتلات بها سجوننا فلم لايفكر وزير العدل المحترم في بدائل تخفف مصاريف الدولة وتجنب انتاج المنحرفين من سجوننا وتفيد خزينة الدولة ؟ هناك عقوبة الغرامات المالية التي انتهجتها أوروبا واعطت مردوديات كبيرة للغاية بدل ارسالهم الى السجن في قضايا قد لا يفيد فيها السجن اطلاقا فارغام الناس على غرامات مالية والتشدد في أدائها مع مضاعفتها في حالة التماطل والمصادرة للممتلكات كحل أخير مفيدة للغاية للجانبين الدولة تتخلص من تبعات السجون كالاموال التي تصرف على السجناء وتتخلص من الاكتضاض المسبب لمشاكل اضافية وتعفي السجين من تعلم حرف منحرفة ومنع الاعتداء الذي كان من المحتمل ان يتعرض له في ضل الضروف الماساوية التي تعيشها سجوننا والمواطن الذي اساء استخدام حريته من جهة أخرى يتربى باداء الغرامة دون التاثير عليه بتغيير سلوكه نحو الاسوء فللغرامة دور فعال في ردع النفوس البشرية وقد نجحت هذه السياسة في أوروبا الى حدود بعيدة حيث تمكنت من تخفيض اعداد السجناء الى مستوى يفوق النصف , لذلك لا يحكم بالسجن الا على مقترفي جرائم من نوع تستوجب السجن حقا بهذه الطريقة سيتمكن المغرب من السيطرة على سجونه بالضرب على الجيوب وليس على الايدي كما هو متعارف عليه فمصادرة المال اقسا على الانسان من مصادرته حريته فالكثير من المنحرفين في العديدمن المجتمعات يفضلون أاداء العقوبة سجنا على ادائها غرمات مالية وكلما حدث تماطل ما ازدادت قيمة الغرامة ويكون السجن كحل نهائي أخير . بل قد لايكون في مثل هذه الحالات ابدا اذا ترصدت الدولة باستمرار مسار المغرمين الى ان يتملكوا شيئا ثم تنقض عليهم الدولة لمصادرته منهم بهذه الطريقة يمكننا ان نتخلص من عار السجون الذي تلاحقنا اوضاعه وضروفه وما ينتج عنها من تشوهات للفكر والسلوك النفسي للسجناء المغاربة.
اقترح هذا على وزيرنا في العدل السيد محمد بوزوبع كحل يمكن تنفيذه ولا ادعوه الى ما وصلت اليه الدول المتقدمة مثل اقتراح وزير العدل الهولندي أمس في البرلمان بضرورة تطبيق قوانين جديدة تسجن السجناء في بيوتهم بدل السجون المعروفة بوضع قيد الكتروني في أقدامهم يلزمهم بالبقاء في البيوت ويطلق اشارات للشرطة في حالة مخالفة القانون . ياتي هذا المقترح مع ان السجون الهولندية هي بمثابة فنادق مصنفة في المغرب وقبل سنة فقط كان كل فرد بغرفته الا ان ارتفاع وتيرة الجريمة أرغمت الحكومة على وضع سجينين في كل غرفة لكن الغرفة ليست هي غرف السجون عندنا بل هي أفضل من بيوت بعض المواطنين لذلك يفضل العديد من السجناء من المدمنين على ارتكاب المخالفات القيام باقتراف مخالفات كوسيلة لأعادتهم الى السجن مرة أخرى فهل وصلت الرسالة ؟!.
#لاهاي_جمال_الدين_العارف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟