مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 1331 - 2005 / 9 / 28 - 13:57
المحور:
الادب والفن
أقامت مدينة " الناصرة " الفلسطينية, خلال الأسبوع الماضي , حفلا غنائيا .. وفنيّا , إكراما وتقديرا للفنانة الكبيرة فيروز ..
بمناسبة عيد ميلادها السبعين , التي غنّت لفلسطين الكثير الكثير . ., وكان يرافق كل أغنية من أغنياتها الخالدة .. الرائعة , لوحة فنيّة , تجسيدا لهذه الأغنية , باللون والروح .. , ك أغنية : راجعون , - وهذه الأغنية تعتبر أوّل أغنية غنتّها لفلسطين عام 1955 - سنرجع - يا قدس يا مدينة الصلاة - عشرون عاما - هديوني مزهريّة - خذوني إلى بلادي ) .... الخ , كذلك تعتبر فيروز أوّل من غنّى لفلسطين ومأساتها من الفنّانين .
كذلك .. أقامت فضائيّة : نور سات ( تيلي لوميير ) اللبنانيّة , حفلا ساهرا في بلدة " دوما " .. غناء ( أغاني فيروز ) .. وإنشادا , وسيرة حياة الرحابنة , بإشراف الشاعر : هنري زغيب , وعدد من الأدباء والمطربين والمطربات , وذلك إحياء وإكراما لهذه الذكرى .
ما أحوجنا اليوم .. وكل يوم لأغاني فنّانتنا السيّدة فيروز .. , لتزرع الإبتسامة والأمل على شفاه أطفالنا وشبابنا , وتمحي اّثار الاقدام البربريّة الهمجيّة التي تعبث بأمن وحياة الناس وفرحهم , وتسترخص الحياة , وتلوّن نهاراتنا بالدماء .. والبكاء .. والحزن
ما أحوجنا اليوم .. , إلى اغنية فيروز " للعروس " :
عروستنا الحلوة ...
من بيت .. لبيت
تتبارك خوابي الزيت
تتبارك العتبة ..
أما اليوم .. نرى مع الأسف المجرمين والسفّاحين والقتلة , يصبغون الشوارع والحارات والساحات والأسواق والمدارس .. وعتبات البيوت والمنازل ... ؟؟ !! بدماء الضحايا , البريئة.. ويغتالوا " العرائس " .. والمحبّين .. والأطفال .. والعذارى .. والكلمة .. بأيد أثيمة ...!
أنتهز هذه المناسبة الجميلة .. لأقدّم بدوري هذه الكلمة .. " فيروز قصيدة لا تنتهي " .. , أقدّمها هديّة للفنّانة فيروز .. وكلّ محبّيها
لماذا هذه الخطوة .. ؟
لمّا كانت الأغنية الرحبانية أغنية غزيرة .. عددا .. ومساحة - كمّا , ونوعا
أي عدد الأغاني ومساحة إنتشارها الواسع .. , أرى من واجبنا الإنساني , والوطني أن نتكلّم عنها
ومن حقّنا أن نقيّمها , ونعطيها جزءا من قيمتها , وتأثيرها الحضاري .. والثقافي .. والفنّي على مجتمعاتنا .. وأجيالنا -
ولذلك .. بدأت أغوص وأغوص عمقا ..
وأبحر في موج أغانيها الواسعة
لأجمع وأضمّ ما يقع في شباكي وقاربي ..
حتى أخذتني التيّارات .. والسفن .. والمحطّات , إلى هذه الدراسة .
لماذا ... ؟
لأنني أدافع عن حريّة الرأي .. وحريّة الكلمة .. , وبالتالي الإنسان
أينما كان .. وكيفما كان .. وأي كان رجلا أو إمرأة -
ليعبّر .. ويعطي كلّ ما في عقله , وفكره , وجسده
من علم ومعرفة ..فكر وسياسة .. وفن .. .. وجهد
من عمل وإبداع .. وتقدّم .. وتحرّر .
فأنا المربيّة التي تعلّم بالكلمة .. والحرف .. , وتساهم في توعية أبناء الوطن لينفضوا عنهم كاهل الجهل والتخلّف والطغيان
وأميّة الثقافة .. , والإستغلال السياسي , والإقتصادي , والفكري
ونتعلّم إحترام الإنسان ( ذكرا أم أنثى ) , وتحرير المجتمع .. لتتحرّر المرأة التي هي جزء من المجتمع العبودي الإستغلالي .. والإستهلاكي .
لننشر ثورة التغيير والتفاعل والإنفتاح على الغير والاّخر دون خوف ,
والتقدّم في عقل المرأة والرجل , لأنهما معا يشكّلان المجتمع الصحيح والسليم والقادر
وكل طبقات وشرائح الشعب المغيّبة المسلوبة الإرادة .. والمظلومة المقموعة .. والمهمّشة فيه , والتي هي بالنهاية دعامة المجتمع وتطوّره
نحو الأفضل والأرقى .. والأنقى .
هنا .. هنا بالذات .. إلتقيت مع فنانتنا السيدة فيروز.. " عشتروت الاغنية العربية " .
هنا بالذات .. وجدت أنّ قاسما مشتركا بيننا ,
نلتقي .. ونتشارك معا .. ونمشي على خطى .. ولحن واحد ,
بأغنيتها .. وصوتها .. ولحنها .. وكلماتها .. تغنّي
هي تغنّي لهذه السجينة التي هي .. .( المرأة ) -
المرأة المستغلّة - بضم الميم - جسديّا .. وفكريّا ووووو
تساءلت بيني وبين نفسي .. ؟
لا شئ يفصلني أو يبعدني عنها
هي تحارب وتنتقد .. في سبيل التغيير
هي تثقّف .. وتوعّي .. وتخلق .. وتربّي
تجدّد .. وتجذّر .. تعمّق .. وتطالب
من خلال الأغنية .. والموسيقى -
وأنا أغيّر .. وأعطي .. وأخدم بالكلمة .. بالمحاضرة
بالتربية الميدانية ..
بالنضال السياسي .. بالتوعية النظريّة والعمليّة ..
هنا ... وفي هذه النقطة بالذات .. في جذورها العميقة
وأبعادها الإنسانيّة ..
تشابكت , تضافرت , والتحمت الأهداف
ثمّ التقت , واشتركت الأفكار والهموم والاّمال , والجروح والأوجاع
. بعبقريّة اللحن .. والصوت .. والكلمة
تهزّ كيان نصف المجتمع .. تدفعه ليتحرّر من قيود الذلّ والعبوديّة
من الإستسلام والخنوع والضعف والسلبية .. وبيع الجسد
وإلغاء العقل
تدفعه إلى الصدق والشفافيّة والوضوح .. للوفاء للحبّ
تماما كما ينزل العمّال والعاملات إلى الشارع ليطالبوا بحقوقهم
ومطاليبهم المسروقة المستغلّة من قبل أصحاب وأرباب
المعامل والمصانع والشركات .. والأسياد والسلاطين .., إنهضن يا سجينات ...!؟
فحريّة العواطف .. وصدق القلب والمشاعر الإنسانيّة النبيلة .
المرأة ...؟
المرأة .. تحاكي المرأة
أغلى ما تملك في الحياة .. أحاسيسها .. ومشاعرها
فلماذا .. لماذا تصادر .. .... ؟
تعتقل , تسلب , تقهر , تسجن للسلطان , للأمير , للزوج .. للحاكم المستبدّ ؟
لصاحب المال والجاه , والعمل , والأوامر , والسلطة
والرجل الشرقي عموما هو الاّمر الناهي .. ! ؟
فحررّن أنفسكنّ ياسجينات
وليكن قراراكن نابعا من إرادتكنّ .. من وعيكنّ
من ثورتكنّ .. من ذكائكن .
دعوة جريئة .. صارخة .. وطنيّة .. ومتقدّمة على الأفكار السلفيّة الموروثة
التي تحذف المرأة , وتجعلها العنصر والإنسان الثاني في المجتمع , أو
الثالث .. والرابع .. وووووالجارية في كثير من المجتمعات .. والعائلات .. !
--
فيروز ... قصيدة لا تنتهي
لماذا أكتب ..؟
لماذا أكتب عن فيروز .. ؟
موضوع الكلام والكتابة عن الفنانة فيروز .. وأغنيتها .. " والرحابنة " - موضوع سهل .. وصعب في نفس الوقت .
موضوع كبير كبير .. وواسع ومعقّد وشائك , لايمكن أن نحيط به أو نعطيه ما يستحقّه من دراسة وإلمام , ولو في جانب منه ,
وخاصة إنني لست بفنّانة , أو ناقدة فنيّة , لست ضليعة وخبيرة في أبجديّة الغناء .. والموسيقى .. والطرب , أو الفن بصورة عامة .
بل بكلّ بساطة .. , أنا إنسانة عاديّة من محبّي الأغنية الفيروزية .. وعاشقة لصوتها ولحنها وكلماتها ,
مع تقديري الكبير لرسالة هذه الأغنية النموذجيّة .
ولمّا كانت الفناّنة فيروز .. , فنّانة الشعب , ولهذا فيحقّ لكلّ فرد .. ولكل إنسان .. ولكل مستمع .. , أن يتكلّم عنها ويعطي رأيه فيها ,
مهما كان موقعه , وأي كانت مهنته أن يكتب عنها ما يشاء .. , كلّ حسب رؤيته .
فالأغنية النموذجيّة الرائدة .. الخالدة .. , جديرة بأن تقيّم ويلقى عليها الضؤ , ضؤ المعرفة والدراسة , خدمة للأجيال , وخدمة للتاريخ .
فلا " تابو " على الكلام -
فالأبواب مفتوحة .. أمام الشخصيّات الرائدة الهامة التاريخيّة .. أو التجارب الثريّة في أي مجال , أن يتكلّم المرء ويبدي رأيه فيها .
وأن يعبّر عن أحاسيسه وحبّه وملاحظاته حول الأغنية الرحبانيّة .
وأنا واحدة من الجمهور العربي الواسع العريض .. المترامي في المساحة .. والعدد
ومن محبّات ومستمعات وعاشقات أغنية الفنّانة .. " فيروز " ..
ولذلك , ومن هنا .. فيحقّ لي أن أعطي رأيي فيها
ففيروز .. السيّدة .. الأمّ .. الفنّانة
فيروز " الأسطورة " .. كما يسمّونها
فيروز .. الرمز
فيروز التلميذة أوّلا .. والمعلّمة ثانيا .. والمدرّسة والمدرسة ثالثا
مدرّسة في مدرسة الرحابنة .. وخطّهم الفنّي الرائد الأصيل .. في الإبداع والتطوير .
لقد سمعت أغنيتها وأنا في سنّ المراهقة والشباب ..
فأحببتها كثيرا , وسكنت عقلي وقلبي بكلّ تلقائيّة وعفويّة ,
وبسرعة , وبسهولة .. تربّعت مساحة العاطفة والحبّ لديّ .
حفظت الكثير من أغانيها القديمة .. وكثيرا ما كنت أردّدها بيني وبين نفسي .
ولمّا كبرت .. ونضج فهمي للفنّ والأصالة والتراث , أصبحت أغنيتي المفضّلة .. وغذائي اليومي الروحي .
" الرياضة للجسد , والموسيقى للروح " .. كما يعلّمنا المعلّم والفيلسوف اليوناني أفلاطون .
وقد حافظت أغنيتها على تنقية فضاء الحبّ لديّ من الشوائب .. والأقذار .. والتلوّث .. والسموم
وسمت به إلى عالم اّخر .. عالم جديد فسيح .. وأخضر ..
عالم ورديّ .. يحاكي سحب الليلك
نظيفة نظيفة .. أغنيتها
ترفعنا إلى مستوى العقل .. والفكر .. والروح
والعواطف والمشاعر النبيلة
على أجنحة اللوحات الفنيّة الراقية .. الراقية
جدا .. جدا
فيذوب معها .. , أو يشتعل
أو يحترق
أو يثور
أو يتمزّق
أو يسمو
ويعود
إلى البدايات
إلى التكوين
إلى الغيمة الأولى
والفطرة الأولى
والولادة ...
ليبدأ العالم بين شفاهها
وعيونها
وحنجرتها
ونغمها
يرسل رعشات
وذبذبات
بين الروح .. والقلب
بين الشريان .. والدمّ
بين العيون .. والدموع
بين الكون .. واللون
فتقتحم كلّ الألوان -
بين الشفاه .. والنهد
بين السماء .. والأرض
بين الإيمان .. والخشوع
بين الله .. .. والإنسان
تقتحم كلّ الألوان والأكوان ..!
زهرة .. وقبلة في عيدك .. والعمر الطويل يا فيروز
الرحمة والخلود للفنّان عاصي الرحباني
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟