|
الصراع بين المثقفين اكبر من الشرائح الاخرى
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4790 - 2015 / 4 / 28 - 15:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وفق كل المؤشرات و الدلائل التي استندنا عليها عمليا او استشرفنا منها تاريخيا، والفحص الدقيق لشريحة المثفين وما استنتجناه من خلال العلاقات المتوترة بين المثقفين في كل زمان و مكان تاكدنا على ان المثقفين هم الشريحة المتنافسة مع بعضه من الاخرين . للتاكد من ذلك بحثنا بدقة في ما سار عليه المثقفون من الزمن الغابر من حيث معايشتهم مع السلطات من جهة و تنافسهم مع البعض و وشاياتهم في اكثر الاحيان على البعض للتقرب من السلطات و الحصول على المكافئات حسب الخدمة من جهة اخرى . لم نشهد عصرا نموذجيا او مثاليا لتعايش المثقفين بهدوء مع البعض وفي تنافس عقلاني من اجل انتاج افضل و احسن اي التنافس الايجابي من اجل الثمرة المفيدة للعامة . كان الشعراء اكثر احتداما في الصراع من خلال كتاباتهم، حتى وصلت في اكثر الاحيان لمؤآمرات من خلال الوشايات و التقرب او التزلف للسلطات و انتقادهم لمنافسيهم لرايهم المعارض للسلطات حقيقة او تضليلا و زورا و بهتانا، و دفع المبدئيين اثمانا باهضة في مسيرتهم الثقافية . الادباء و الرواة والكتاب كمثقفي زمانهم كانوا على المسير ذاته و ان كان بشكل اخف نسبة الى الشعراء التي كانوا دائما قريبين من ابواب السلاطين و اكثرهم قربا اقربهم الى ان يعتاش من فتات و بقايا السلطان، و لا ننسى من دفع ثمن مواقفه و نفيه و ابعاده عن محل سكنه و وصلت حالات الى سجنه و حتى قتله خفية او اتهامه بشتى التهم و ما اكثر من ضربت سمعته الاجتماعية لاسباب سياسية . على الرغم انه كان الصراع السياسي مؤثرا على الصراع و التنافس الثقافي على مدى التاريخ الا انه ليس بقليل من المثقفين الذين دفعوا ثمن مواقفهم الفكرية الفلسفية و اكثر من السياسيين انفسهم . لقد اختلط احيانا ما بين المهنتين و كم من الوزراء كانوا شعراءا و ابدعوا في شعرهم و العكس صحيح ايضا، و كم من كتاب و ادباء و اهل العلم و المعرفة تنافسوا من اجل امور خاصة و تامروا و وصلت الحال بهم الى الغدر بالبعض . و ان استمر الحال و كما كانوا الى اليوم الا ان حدوث فصل بين المهن تلك و زيادة الاختصاصات في العمل ادت الى التنافس بين المثقفين ذاتهم و في مكان و ساحة عملهم اكثر من توافدهم لباب السلطان من اجل هدف خاص و لم ينقطع هذا حتى يومنا هذا . ان النرجسية التي يتمتع بها المثقف و حبه للحياة و طموحه التي تصل احيانا الى طمع و الاعتداد بالنفس لحد الغرور يدفعه الى المنافسة او الصراع المدوي احيانا . و عليه فان التوحد و الاتفاق ليس من خصال المثقفين في اكثر الاحيان و انما يمكن ان تستاثر اصحاب السلطات السياسية و المواقع العامة بهم و بامكاناتهم بسهولة تامة . فان النشاط الفكري العقلاني الذي يفرض مجموعة من الصفات و السمات المميزة سواء كانت سلبية او ايجابية على سلوك و اخلاقيات صاحبه لا يدع مجالا في اكثر الاحيان ان تتوحد اصحابها او تتعاون مع اببعض، لانهم كلما ازدادوا علما و امكانية و قدرة في اختصاصاتهم امتازوا بالتفرد و عدم الاعتماد على البعض في الوصول الى نتاجاتهم، هل سمعت بان شاعرا ساعد الاخر في كتابة شعر ما او كاتبا تعاون مع الاخر في كتابة ما، و هنا اقصد المحترفين وليس التربية و التعليم الثقافي التي تُعتمد احيانا كدورات لاصحاب الخبرات من اجل نشر ثقافاتهم الخاصة و ما يؤمنون به على الهواة . اما الشرائح و الطبقات الاخرى التي تعتمد على الجهد العضلي و العمل المستند على القوة كان او بتخطيط فكري، فانه يمكن ان تعتمد على البعض لتكامل عملهم و تحقيق اهدافهم من خلال المجموعة و ليس فرد، و على الرغم من الجهود الفردية التي تساعد في مساعدة الجميع على تسهيل العمل و الهدف الذي ينوون تحقيقه . و في مقدمتهم العمال او الطبقة العاملة المتكاملة المتسمة بخصائل الطبقة الخاصة بها و من بعدها الفلاحين و ان كانت التنافس كبير بينهم و صراعهم قوي مع البعض على العكس من العمال الذي يصارع اصحاب العمل و السلطة بشكل خاص . فان اكثرية المثقفين على وفاق في اكثر الاحيان مع السلطات في كل زمان و مكان الا ان المتضررين منهم لسبب ما معيشيا فهو حديث اخر، اما الشرائح و الطبقات الاخرى فانهم يصارعون و لا يمكن ان يكونوا على اتفاق كامل و تام مع السلطات و اصحاب العمل . لو تمعنا في احوال المثقفين بشكل دقيق سنرى انهم اما موالين بشكل كامل للسلطة و القليل منهم يعارض وفق المباديء العامة و ما لمصلحة الناس او يقود حركة ما لمصلحة فكرية فلسفية او هدف ايديولوجي يؤمن به و ليس صراعا طبقيا او خاصا بشرائح و قطاعات كافة المثقفين مع السلطة . لذا نجد ان الصراع و التنافس بمختلف اشكاله و انواعه موجود بين افراد الشريحة المثقفة نفسها اكبر من الاخرين و على مر العصور .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل تدوم زيادة ثروة الاغنياء طرديا مع زيادة الفقراء و اللاعدا
...
-
المجتمع و تحرر المراة
-
يجب ان يعتذر الكورد من ارمينيا رسميا
-
هل سيُعاد زمن الامبراطوريات في الشرق الاوسط ؟
-
كيف تتدخل امريكا في العالم من خلال التنمية البشرية ؟
-
اردوغان بين نارين
-
هل فوضى فكرية حقا ام غياب دولة في العراق ؟
-
حان الوقت لانبثاق اقليم البصرة ؟
-
ما يقصده العبادي من تصريحاته في امريكا
-
هل تركيا حليف السعودية و الغرب ام ؟
-
عراق الدولة ام المذهب
-
لماذا اكاديميا السياسة و الفكر الديموقراطي ؟
-
تداعيات الاتفاق النووي الايراني الغربي على محاربة داعش
-
منطقة الشرق الاوسط ما بعد لوزان و كامب ديفيد الجديدتين
-
هل هناك كامب ديفيد ثانية ؟
-
منفذ المرور الى العلمنة
-
الاعتراف بالخطا فضيلة يا المالكي
-
هل سيتحول الحشد الشعبي الى المهربين ؟
-
على الكورد ان يقفوا مع الامبراطورية الساسانية ام العثمانية ؟
-
سبل انقاذ العراق من محنته
المزيد.....
-
بعد إعلان حالة التأهب القصوى.. لماذا تشعر اليابان بالقلق من
...
-
-روتانا- تحذف أغنيتي شيرين الجديدتين من قناتها الجديدة على ي
...
-
منطقة حدودية روسية ثانية تعلن حالة الطوارئ مع استمرار تقدم ا
...
-
كييف تتحدث عن تقدم قواتها في كورسك وموسكو تعلن التصدي لها
-
هاري كين يكشف عن هدفه الأبرز مع بايرن ميونيخ
-
منتدى -الجيش - 2024-.. روسيا تكشف عن زورق انتحاري بحري جديد
...
-
وزير تونسي سابق: غياب اتحاد مغاربي يفتح الباب للتدخلات الأجن
...
-
أيتام غزة.. مصير مجهول بانتظار الآلاف
-
سيناتور روسي يؤكد أن بايدن اعترف بتورط واشنطن في هجوم كورسك
...
-
حصيلة جديدة لعدد المعاقين في صفوف القوات الإسرائيلية جراء حر
...
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|