|
ما هو دور ميلس في التغيير الديموقراطي السوري
عمار ديوب
الحوار المتمدن-العدد: 1331 - 2005 / 9 / 28 - 08:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
انتهى ميلس من التحقيق في جريمة اغتيال الحريري وسيرفع تقريره في الثالث والعشرين من الشهر القادم ، وقد بدأت السيناريوهات بالتفريخ لنظام سوريا المستقبلي ، وأكثرها يميل إلى أن نهايته قد صارت قريبة ويحتاج الرجل أي ميلس لتمثال ، وأقلها يقول بحدوث صفقة يمكن أن تديم وجوده ويتلون كالحرباء ولكن مع عزلةٍ دولية وإقليمية ، إذا ما ثبت اشتراك البعض من الأمنيين السوريين والسياسيين في تلك الجريمة ، وطبعاً هناك سيناريوهات كثيرة وأصوات ومشاريع جديدة للخروج من الوضع الحالي ، وفيها شبه اتفاق على ضرورة التغيير الديمقراطي حصراً ،مع الخصخصة والانفتاح على السوق العولمية ،حيث تحشد هذه القوى والأحزاب والمجموعات وتدخل بعض القوى الطائفية السياسية معها في نفس الاتفاق ، لهذا الشكل من التغيير ، حيث يعلن أصحابه أيضاً بأنهم يستهدفون قيام دولة تعددية ، تحقق للمواطنين المساواة القانونية في الواجبات والحقوق، دون تحديد موقفهم من مسألة الشريعة المهيمنة في سوريا على شرائع الأقليات الدينية الإسلامية والمسيحية وكذلك علاقة المهيمنة بالسلطة لجهة الأحوال الشخصية أو بما يخص الزواج بين الطوائف أو دورها في الدستور أو في التعليم أو في السياسة والدولة ككل أي في مؤسسات الدولة بشكل عام ، الشيء الواضح أن أصحاب هذا الاتفاق يتجاهلون الحوار الذي دار بين السوريين عن العلاقة بين التغيير الديمقراطي والعلماني ، وضرورة أن تكون العلمانية متلازمة مع الديمقراطية في برنامج التغيير السياسي المنشود .... رغم خطورة ما يطرح فإن المشكلة الفعلية تأتي من المخطط الأمريكي المعد للمنطقة العربية بخصوص النظام السياسي الذي يتحول واقعياً إلى ديمقراطية طائفية ، وإثنية وعشائرية ، لا علاقة لها بالديمقراطية وفق العرف الغربي ، ونحن هنا لا نربط بين أصحاب التغيير الديمقراطي الوطني والمخطط الأمريكي ، ولكن مجريات تطور الأحداث تطابق بين ما تطرحه أمريكا إعلامياً عن الديمقراطية ، وما يطرحه بعض قوى المعارضة في الداخل أو الخارج ..... نحدد أكثر لا يشك أحد في صدقية القوى الوطنية الديمقراطية في هدفها نحو تحقيق الديمقراطية ، ولكن لا يشك أحد أيضاً - باستثناء بعض الاستثناءات - بأن المخطط الأمريكي للمنطقة متضمناً الضغوط عليها ، مخطط يخدم مصالحها بالدرجة الأولى ومصالح شريكتها إسرائيل وبعض المافيات العربية وإنقاذ جزء من هذا النظام العربي عبر توسيع قاعدة شرعيته .. فالتطور الديمقراطي اذن غير ممكن لهذه لأسباب ولأنه يفترض بداية المساواة القانونية على السيادة الوطنية ، والاستقلال في اتخاذ القرارات على صعيد مستقبل الدولة ،وتأسيس المؤسسات الديمقراطية الخادمة للشعب كل الشعب باعتباره مصدر السلطات ، وباعتبار هذا الشكل الذي نقصده يفترض استقلالاً كاملاًً ، فإن أي نزوع فعلي نحوه هو نزوع متصادم مع المخطط الأمريكي ، هذا الوضع هو الذي يجعل الاستعمار الأمريكي يحاول بأشكال متعددة التدخل في كل مجريات تطور العالم العربي والكردي وكل شعوب المنطقة الأصليين ، والذي يشهد ظهور قوى وتجمعات وجمعيات وأحزاب سياسية تسعى نحو التغيير الديمقراطي العلماني بفعل التأزم الكلي لبنية مجتمعاتنا ،وبميلس أو بدونه ، وبالتالي التدخل الأمريكي لا تستفيد منه الشعوب العربية ، بل هو يحاول تشويه هذه القوى بتدخله ، و هو يستهدف إقامة أنظمة ذات شرعية أوسع من الأنظمة الحالية التي انتهت مدة خدمتها ، فالشرعية الجديدة والمقبولة أمريكيا هي الملوثة بأصول طائفية وعرقية وعشائرية بالضرورة ، هدفها تثبيت كل ما هو متخلف وتشويه كل ما يخص التعدد الديني الطبيعي وكذلك تشويه المحاولات الجارية نحو الديمقراطية ، هذا الأمر ليس قبل 11 أيلول وإنما بعد 11أيلول ، ونقصد هنا خطأ التحليلات التي تأكد على أن أمريكا قد غيرت سياساتها وصارت دولة مناصرة للديمقراطية بعد أن كانت مناصرة للأنظمة الاستبدادية والديكتاتورية .. نؤكد أن أمريكا هي هي وقد صارت أكثر شراسة وعدائية واستعماراً للعالم وبالنسبة للعالم العربي فقد فرضت حصارً على ياسر عرفات المنتخب ديمقراطيا ورفضت التعامل معه، بعد 11 أيلول وليس قبل، وأعادت وجددت للأسرة المالكة في العربية السعودية التي تملك أكثر من ثلث نفط العالم ، وطبّعت العلاقات مع ليبيا ألقذافي وقذاف الدم بعد دفع المستحق ، وتسليم كل ما يخص مشاريعه النووية ، وصار نظاماً ديمقراطياً ؟ وهناك العشرات من الأمثلة في أنحاء العالم ،وهذا يعني أن التغيير الديمقراطي وفق الصيغة المطروحة لن تكون من نتائجه إلا ديمقراطية طائفية ، نظراً للإرث الذي تركته الأنظمة العربية والنظام السوري منها في التجييش الطائفي والعشائري والقومي ، والذي تحبذ أمريكا، بغزو عسكري أو بدونه، وجوده ،وتجعل منه المتحكم في النظام السياسي المستقبلي ،وبين التجييش والنظام فارق لابد من ملاحظته، عندها ستكون صورة المنطقة وفق المخطط الأمريكي منطقة ديمقراطيات طائفية ، تلغي مفهوم الأمة العربية والفكرة القومية من جهة وتفتت المجتمع إلى مجموعات طائفية وعرقية وعشائرية وغيرها وتفرض نظام بوليسي أمني يؤمن مصالح التجار ورجال الأعمال العولميين ومصالح المخطط الأمريكي المتحالف معها ، فتصير المنطقة العربية مقسمة إلى منطقة يهودية في إسرائيل وسنيّة في سوريا وشيعيّة في العراق ، ولابد للشيعة من تدريس تاريخ الحسن والحسين والسنة تدرس تاريخ بني أمية واليهود تاريخ التوراة ، وباعتبار هذه الدول بها أقليات مختلفة كثيرة وقليلة تصير الفوضى والحروب والنعرات والفتن الطائفية هي المشكلة الحاسمة بين أبناء المنطقة العربية وليس أمريكا أو إسرائيل أو النظام العربي أو المافيات الاقتصادية ، وهذا يؤدي للقول أن السوريين المتبنين فكرة التغيير الديمقراطي سيصلون إن تم التغيير وفق صيغة التغيير المطروحة إلى التغيير الطائفي السياسي الديمقراطي ، وهو ما يفرض على القوى السياسية والجمعيات الحقوقية والباحثين المستقلين التنظير لمشكلات تخلفنا وتقديم تحليلات وتفاسير وبرامج سياسية واقتصادية واجتماعية لصيرورة التحول المجتمعي في سوريا ، ومآلات التحول الديمقراطي. وهو ما يفرض أيضاً تشكيل تجمعات وتحالفات ديمقراطية علمانية وقومية وماركسية ، بعيداً عن الحسابات الضيقة ، تحدد موقفها من السلطة الحالية بكونها مستبدة وتناضل من أجل التحول الديمقراطي العلماني ،وكذلك تحدد موقفها من المخطط الأمريكي ومن كونه مخطط تدميري لمستقبل العالم العربي والكردي معاً بل لكل أمم المنطقة ، عبر الفوضى والاقتتال الأهلي والطائفي ، والاستعمار المباشر .. فالتحول السوري المشار إليه هو تكملة لما يجري في العرق و لبنان والأردن وغيرها ،وبالتالي لن تتعافى سوريا إن لم تكن قواها السياسية قوى علمانية ديمقراطية ويسارية ذات توجهات شعبية ، وتحافظ على السيادة الوطنية وتناهض الاستبداد الداخلي ،الداخل في غيبوبة عن العصر والاستعمار الخارجي ،الساعي إلى التهام العالم العربي في مشروع الشرق الأوسط الكبير ....
#عمار_ديوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جريمة هدى أبو عسلي بين العلمانية والطائفية
-
الزرقاوي مذيعاً للأخبار
-
مخاطر تبني الضغوط الخارجية
-
عماد شيحة في موت مشتهى
-
العلمانية والديموقراطية والمساواة الفعلية
-
مقاربة أولية لافكار برهان غليون بخصوص الليبرالية والديموقراط
...
-
هل من خيار لموريتانيا
-
ديموقراطية عبد الله هوشة أم ليبراليته
-
توصيات المؤتمر التاريخي
-
المعارضة الديموقراطية بين الاخوان ورفعت الاسد
-
اليمين واليسار يمينين
-
الطبقة العاملة بين الوعي الطبقي والوعي الطائفي
-
العلاقات السورية اللبنانية واشكالية اليسار
-
الماركسية والانتخابات التسعينية
-
الديموقراطيات المتعددة والهيمنة الأمريكية
-
الحرية الحرية ما أجملك أيتها الكلمة
-
الحاجة الى الحوار الماركسي
-
من أجل حوار متمدن مستمر
-
ليبرالية قيادات الحزب الشيوعي أم اشتراكيتها
-
هل دبلوم التأهيل التربوي دبلوم التأهيل التربوي
المزيد.....
-
كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
-
محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
-
لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|